(ولما برزوا لجالوت وجنوده) أي ظهروا لقتالهم وتصافوا (قالوا ربنا أفرغ) أصبب (علينا صبرا وثبت أقدامنا) بتقوية قلوبنا على الجهاد (وانصرنا على القوم الكافرين)
قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله: "ولما برزوا لجالوت وجنوده"، ولما برز طالوت وجنوده لجالوت وجنوده.ومعنى قوله: "برزوا" صاروا بالبراز من الأرض، وهو ما ظهر منها واستوى. ولذلك قيل للرجل القاضي حاجته تبرز، لأن الناس قديما في الجاهلية، إنما كانوا يقضون حاجتهم في البراز من الأرض، فقيل: قد تبرز فلان ، إذا خرج إلى البراز، من الأرض. وذلك كما قيل: تغوط ، لأنهم كانوا يقضون حاجتهم في الغائط من الأرض، وهو المطمئن منها، فقيل للرجل: تغوط أي صار الى الغائط من الأرض.وأما قوله: "ربنا أفرغ علينا صبرا"، فإنه يعني أن طالوت وأصحابه قالوا: "ربنا أفرغ علينا صبرا"، يعني: أنزل علينا صبرا.وقوله: "وثبت أقدامنا"، يعني: وقو قلوبنا على جهادهم، لتثبت، اقدامنا فلا تنهزم عنهم، "وانصرنا على القوم الكافرين"، الذين كفروا بك فجحدوك إلها وعبدوا غيرك، واتخذوا الأوثان أربابا.
قوله تعالى : " ولما برزوا لجالوت وجنوده قالوا ربنا أفرغ علينا صبرا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين "
" برزوا " صاروا في البراز وهو الأفيح من الأرض المتسع ، وكان جالوت أمير العمالقة وملكهم ظله ميل ، ويقال : إن البربر من نسله ، وكان فيما روي في ثلاثمائة ألف فارس ، وقال عكرمة : في تسعين ألفاً ، ولما رأى المؤمنون كثرة عدوهم تضرعوا إلى ربهم ، وهذا كقوله : " وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير " إلى قوله : " وما كان قولهم إلا أن قالوا ربنا اغفر لنا ذنوبنا " [ آل عمران : 146 - 147 ] الآية ، و" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا لقي العدو يقول قي القتال : اللهم إني أعوذ بك من شرورهم وأجعلك في نحورهم " ، ودعا يوم بدر حتى سقط رداؤه عن منكبيه يستنجز الله وعده على ما يأتي بيانه في (( آل عمران )) إن شاء الله تعالى .
أي لما واجه حزب الإيمان, وهم قليل من أصحاب طالوت, لعدوهم أصحاب جالوت, وهم عدد كثير "قالوا ربنا أفرغ علينا صبراً" أي أنزل علينا صبراً من عندك "وثبت أقدامنا" أي في لقاء الأعداء, وجنبنا الفرار والعجز "وانصرنا على القوم الكافرين".
قال الله تعالى: "فهزموهم بإذن الله" أي غلبوهم وقهروهم بنصر الله لهم "وقتل داود جالوت" ذكروا في الإسرائيليات أنه قتله بمقلاع كان في يده, رماه به فأصابه فقتله, وكان طالوت قد وعده إن قتل جالوت أن يزوجه ابنته, ويشاطره نعمته, ويشركه في أمره, فوفى له ثم آل الملك إلى دواد عليه السلام مع ما منحه الله به من النبوة العظيمة, ولهذا قال تعالى: "وآتاه الله الملك" الذي كان بيد طالوت "والحكمة" أي النبوة بعد شمويل "وعلمه مما يشاء" أي مما يشاء الله من العلم الذي اختص به صلى الله عليه وسلم ثم قال تعالى: "ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض" أي لولا الله يدفع عن قوم بآخرين كما دفع عن بني إسرائيل بمقاتلة طالوت وشجاعة داود لهلكوا كما قال تعالى: "ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيراً" الاية, وقال ابن جرير: حدثني أبو حميد الحمصي أحمد بن المغيرة, حدثنا يحيى بن سعيد, حدثنا حفص بن سليمان عن محمد بن سوقة, عن وبرة بن عبد الرحمن, عن ابن عمر , قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله ليدفع بالمسلم الصالح عن مائة أهل بيت من جيرانه البلاء" ثم قرأ ابن عمر "ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض" وهذا إسناد ضعيف, فإن يحيى بن سعيد هذا, هو ابن العطار الحمصي, وهو ضعيف جداً, ثم قال ابن جرير: حدثنا أبو حميد الحمصي, حدثنا يحيى بن سعيد, حدثنا عثمان بن عبد الرحمن, عن محمد بن المنكدر, عن جابر بن عبد الله, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله ليصلح بصلاح الرجل المسلم ولده, وولد ولده, وأهل دويرته, ودويرات حوله, ولا يزالون في حفظ الله عز وجل, ما دام فيهم" وهذا أيضاً غريب ضعيف لما تقدم أيضاً, وقال أبو بكر بن مردويه: حدثنا محمد بن أحمد بن إبراهيم, حدثنا علي بن إسماعيل بن حماد, أخبرنا أحمد بن محمد بن يحيى بن سعيد, أخبرنا زيد بن الحباب, حدثني حماد بن زيد, عن أيوب, عن أبي قلابة, عن أبي أسماء, عن ثوبان رفع الحديث, قال "لا يزال فيكم سبعة بهم تنصرون, وبهم تمطرون, وبهم ترزقون, حتى يأتي أمر الله". وقال ابن مردويه أيضاً: وحدثنا محمد بن أحمد, حدثنا محمد بن جرير بن يزيد, حدثنا أبو معاذ نهار بن معاذ بن عثمان الليثي, عن أبي قلابة عن أبي الأشعث الصنعاني, عن عبادة بن الصامت, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الأبدال في أمتي ثلاثون, بهم ترزقون, وبهم تمطرون, وبهم تنصرون" قال قتادة, إني لأرجو أن يكون الحسن منهم.
وقوله "ولكن الله ذو فضل على العالمين" أي ذو من عليهم ورحمة بهم, يدفع عنهم ببعضهم بعضاً, وله الحكم والحكمة والحجة على خلقه في جميع أفعاله وأقواله.
ثم قال تعالى: "تلك آيات الله نتلوها عليك بالحق وإنك لمن المرسلين" أي هذه آيات الله التي قصصناها عليك من أمر الذين ذكرناهم بالحق, أي بالواقع الذي كان عليه الأمر المطابق لما بأيدي أهل الكتاب من الحق الذي يعلمه علماء بني إسرائيل, "وإنك" يا محمد "لمن المرسلين" وهذا توكيد وتوطئة للقسم.
وقوله: 250- "برزوا" أي صاروا في البراز وهو المتسع من الأرض. وجالوت أمير العمالقة. قالوا: أي جميع من معه من المؤمنين، والإفراغ يفيد معنى الكثرة. وقوله: "وثبت أقدامنا" هذا عبارة عن القوة وعدم الفشل، يقال: ثبت قدم فلان على كذا إذا استقر له ولم يزل عنه، وثبت قدمه في الحرب إذا كان الغلب له والنصر معه. قوله: "وانصرنا على القوم الكافرين" هم جالوت وجنوده. ووضع الظاهر موضع المضمر إظهاراً لما هو العلة الموجبة للنصر عليهم وهي كفرهم، وذكر النصر بعد سؤال تثبيت الأقدام، لكون الثاني هو غاية الأول.
250. " ولما برزوا " يعني طالوت وجنوده يعني المؤمنين " لجالوت وجنوده " المسركين ومعنى برزوا صاروا بالبراز من الأرض وهو ما ظهر واستوى " قالوا ربنا أفرغ علينا " أنزل واصبب " صبراً وثبت أقدامنا " قو قلوبنا " وانصرنا على القوم الكافرين "
250-" ولما برزوا لجالوت وجنوده " أي ظهروا لهم ودنوا منهم ." قالوا ربنا أفرغ علينا صبراً وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين " التجؤوا إلى الله سبحانه وتعالى بالدعاء ، وفيه ترتيب بليغ إذ سألوا أولاً إفراغ الصبر في قلوبهم الذي هو ملاك الأمر ، ثم ثبات القدم في مداحض الحرب المسبب عنه ،ثم النصر على العدو المترتب عليهما غالباً .
250. And when they went into the field against Goliath and his hosts they said: Our Lord! Bestow on us endurance, make our foothold sure, and give us help against the disbelieving folk.
250 - When they advanced to meet Goliath and his forces, they prayed: our Lord! pour out constancy on us and make our steps firm: help us against those that reject faith