26 - (الله يبسط الرزق) يوسعه (لمن يشاء ويقدر) يضيقه لمن يشاء (وفرحوا) أي أهل مكة فرح بطر (بالحياة الدنيا) أي بما نالوه فيها (وما الحياة الدنيا في) جنب حياة (الآخرة إلا متاع) شيء قليل يتمتع به ويذهب
قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره : الله يوسع على من يشاء من خلقه في رزقه فيبسط له منه : لأن منهم من لا يصلحه إلا ذلك ، "ويقدر" ، يقول: ويقتر على من يشاء منهم في رزقه وعيشه فيضيقه عليه ، لأنه لا يصلحه إلا الإقتار ، "وفرحوا بالحياة الدنيا" ، يقول تعالى ذكره : وفرح هؤلاء الذين بسط لهم في الدنيا من الرزق على كفرهم بالله ومعصيتهم إياه بما بسط لهم فيها ، وجهلوا ما عند الله لأهل طاعته والإيمان به في الآخرة من الكرامة والنعيم .
ثم أخبر جل ثناؤه عن قدر ذلك في الدنيا فيما لأهل الإيمان به عنده في الآخرة ، وأعلم عباده قلته فقال : "وما الحياة الدنيا في الآخرة إلا متاع" ، يقول : وما جميع ما أعطي هؤلاء في الدنيا من السعة ، وبسط لهم فيها من الرزق ورغد العيش ، فيما عند الله لأهل طاعته في الآخرة ، "إلا متاع" ، قليل وشيء حقير ذاهب ، كما :
حدثنا الحسن بن محمد قال ، حدثنا شبابة قال ، حدثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قوله : "إلا متاع" ، قال : قليل ذاهب .
حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ـ .
قال ، وحدثنا إسحاق قال ، حدثنا عبد الله ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : "وما الحياة الدنيا في الآخرة إلا متاع" ، قال : قليل ذاهب .
حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا جرير ، عن الأعمش ،عن بكير بن الأخنس ، عن عبد الرحمن بن سابط في قوله : "وفرحوا بالحياة الدنيا وما الحياة الدنيا في الآخرة إلا متاع" ، قال : كزاد الراعي يزوده أهله : الكف من التمر ، أو الشيء من الدقيق ، أو الشيء يشرب عليه اللبن .
قوله تعالى: " الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر " لما ذكر عاقبة المؤمن وعاقبة المشرك بين أنه تعالى الذي يبسط الرزق ويقدر في الدنيا، لأنها دار امتحان، فبسط الرزق على الكافر لا يدل على كرامته، والتقتير على بعض المؤمنين لا يدل على إهانتهم. ( ويقدر) أي يضيق، ومنه. " ومن قدر عليه رزقه " ( الطلاق: 7) أي ضيق. وقيل: ( يقدر) يعطي بقدر الكفاية. " وفرحوا بالحياة الدنيا " يعني مشركي مكة، فرحوا بالدنيا ولم يعرفوا غيرها، وجهلوا ما عند الله، وهو معطوف على ( ويفسدون في الأرض). وفي الآية تقديم وتأخير، التقدير: والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض وفرحوا بالحياة الدنيا. " وما الحياة الدنيا في الآخرة " أي في جنبها. " إلا متاع " أي متاع من الأمتعة، كالقصعة والسكرجة. وقال مجاهد: شيء قليل ذاهب، من متع النهار إذا ارتفع، فلا بد له من زوال. ابن عباس: زاد كزاد الراعي. وقيل: متاع الحياة الدنيا ما يستمتع بها منها. وقيل: ما يتزود منها إلى الآخرة، من التقوى والعمل الصالح، ( ولهم سوء الدار) ثم ابتداء. ( الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر) أي يوسع ويضيق.
يذكر تعالى أنه هو الذي يوسع الرزق على من يشاء, ويقتر على من يشاء, لما له في ذلك من الحكمة والعدل, وفرح هؤلاء الكفار بما أوتوا من الحياة الدنيا استدراجاً لهم وإمهالاً, كما قال: " أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين * نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون " ثم حقر الحياة الدنيا بالنسبة إلى ما ادخره تعالى لعباده المؤمنين في الدار الاخرة, فقال: " وما الحياة الدنيا في الآخرة إلا متاع ", كما قال: " قل متاع الدنيا قليل والآخرة خير لمن اتقى ولا تظلمون فتيلا ". وقال: " بل تؤثرون الحياة الدنيا * والآخرة خير وأبقى ". وقال الإمام أحمد: حدثنا وكيع ويحيى بن سعيد, قالا: حدثنا إسماعيل بن أبي خالد عن قيس, عن المستودر أخي بني فهر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما الدنيا في الاخرة إلا كما يجعل احدكم أصبعه هذه في اليم, فلينظر بم ترجع" وأشار بالسبابة, رواه مسلم في صحيحه. وفي الحديث الاخر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بجدي أسك ميت, والأسك الصغير الأذنين, فقال: "والله للدنيا أهون على الله من هذا على أهله حين ألقوه".
لما ذكر الله سبحانه عاقبة المشركين بقوله: "ولهم سوء الدار" كان لقائل أن يقول: قد نرى كثيراً منهم قد وفر الله له الرزق وبسط له فيه، فأجاب عن ذلك بقوله: 26- "الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر" فقد يبسط الرزق لمن كان كافراً، ويقتره على من كان مؤمناً ابتلاءً وامتحاناً، ولا يدل البسط على الكرامة ولا القبض على الإهانة، ومعنى يقدر: يضيق. ومنه -ومن قدر عليه رزقه- أي ضيق، وقيل معنى يقدر: يعطي بقدر الكفاية، ومعنى الآية: أنه الفاعل لذلك وحده القادر عليه دون غيره "وفرحوا بالحياة الدنيا" أي مشركو مكة فرحوا بالدنيا وجهلوا ما عند الله، قيل وفي هذه الآية تقديم وتأخير. والتقدير: الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض وفرحوا بالحياة الدنيا، فيكون وفرحوا معطوفاً على يفسدون "وما الحياة الدنيا في الآخرة إلا متاع" أي ما هي إلا شيء يستمتع به، وقيل المتاع واحد الأمتعة كالقصعة والسكرجة ونحوهما، وقيل المعنى: شيء قليل ذاهب، من متع النهار: إذا ارتفع فلا بد له من زوال، وقيل زاد كزاد الراكب يتزود به منها إلى الآخرة.
26- قوله عز وجل: "الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر"، أي: يوسع على من يشاء ويضيق على من يشاء.
"وفرحوا بالحياة الدنيا"، يعني: مشركي مكة أشروا وبطروا، والفرح: لذة في القلب بنيل المشتهي، وفيه دليل على أن الفرح بالدنيا حرام.
"وما الحياة الدنيا في الآخرة إلا متاع" أي: قليل ذاهب. قال الكلبي: كمثل السكرجة والقصعة والقدح والقدر ينتفع بها ثم تذهب.
26."الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر"يوسعه ويضيقه . "وفرحوا"أي أهل مكة "بالحياة الدنيا"بما بسط لهم في الدنيا ."وما الحياة الدنيا في الآخرة"أي فيجنب الآخرة"إلا متاع"إلا متعة لا تدوم كعجالة الركب وزاد الراعي ، والمعنى أنهم أشروا بما نالوا من الدنيا ولم يصرفوه فيما يستوجبون به نعيم الآخرة واغتروا بما هو في جنبه نزر قليل النفع سريع الزوال.
26. Allah enlargeth livelihood for whom He will, and straiteneth (it for whom He will); and they rejoice in the life of the world, whereas the life of the world is but brief comfort as compared with the Hereafter.
26 - God doth enlarge, or grant by (strict) measure, the sustenance (which he giveth) to whom so he pleaseth. (the worldly) rejoice in the life of this world: but the life of this world is but little comfort in the hereafter.