27 - (ولله ملك السماوات والأرض ويوم تقوم الساعة) يبدل منه (يومئذ يخسر المبطلون) الكافرون أي يظهر خسرانهم بأن يصيروا إلى النار
يقول تعالى ذكره : و لله سلطان السماوات السبع و الارض دون ما تدعونه له شريكاً و تعبدونه من دونه ، و الذي تدعونه من دونه من الآلهة و الأنداد في ملكه و سلطانه و جار عليه حكمه فكيف يكون ما كان كذلك له شريكاً أم كيف تعبدونه و تتركون عبادة مالككم و مالك ما تعبدونه من دونه " ويوم تقوم الساعة " يقول تعالى ذكره : و يوم تجيء الساعة التي ينشؤ الله فيها الموتى من قبورهم و يجمعهم لموقف العرض " يخسر المبطلون " : يقول : يغبن فيها الذين أبطلوا في الدنيا أقوالهم و دعواهم لله شريكاً و عبادتهم آلهة دونه وأن يفوز بمنازلهم من الجنة المحقون و يبدلوا بها منازل من النار كانت للمحقين فجعلت لهم بمنازلهم من الجنة ذلك هو الخسران المبين .
قوله تعالى : " ولله ملك السماوات والأرض " خلقاً وملكاً . " ويوم تقوم الساعة يومئذ يخسر المبطلون " ( يوم ) الأول منصوب بـ( يخسر ) و ( يومئذ ) تكرير للتأكيد أو بدل ، وقيل : إن التقدير وله الملك يوم تقوم الساعة ، والعامل في ( يومئذ ) ( يخسر ) ، ومفعول ( يخسر ) محذوف ، والمعنى يخسرون منازلهم في الجنة .
يخبر تعالى أنه مالك السموات والأرض والحاكم فيهما في الدنيا والاخرة, ولهذا قال عز وجل: "ويوم تقوم الساعة" أي يوم القيامة "يخسر المبطلون" وهم الكافرون بالله الجاحدون بما أنزله على رسله من الايات البينات والدلائل الواضحات.
وقال ابن أبي حاتم: قدم سفيان الثوري المدينة فسمع المعافري يتكلم ببعض ما يضحك به الناس, فقال له: يا شيخ أما علمت أن لله تعالى يوماً يخسر فيه المبطلون ؟ قال: فما زالت تعرف في المعافري حتى لحق بالله تعالى, ذكره ابن أبي حاتم ثم قال تعالى: "وترى كل أمة جاثية" أي على ركبها من الشدة والعظمة, ويقال إن هذا إذا جيء بجهنم فإنها تزفر زفرة, لا يبقى أحد إلا جثا لركبتيه, حتى إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام ويقول: نفسي نفسي نفسي! لا أسألك اليوم إلا نفسي. وحتى إن عيسى عليه الصلاة والسلام ليقول: لا أسألك إلا نفسي لا أسألك مريم التي ولدتني! قال مجاهد وكعب الأحبار والحسن البصري "كل أمة جاثية" أي على الركب. وقال عكرمة: جاثية متميزة على ناحيتها وليس على الركب, والأول أولى. قال ابن أبي حاتم: حدثنا محمد بن عبد الله بن يزيد المقرى, حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو عن عبد الله بن باباه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "كأني أراكم جاثين بالكوم دون جهنم" وقال إسماعيل بن أبي رافع المدني عن محمد بن كعب عن أبي هريرة رضي الله عنه, مرفوعاً في حديث الصور: فيتميز الناس وتجثو الأمم, وهي التي يقول الله تعالى: "وترى كل أمة جاثية كل أمة تدعى إلى كتابها" وهذا فيه جمع بين القولين ولا منافاة, والله أعلم.
وقوله عز وجل: "كل أمة تدعى إلى كتابها" يعني كتاب أعمالها كقوله جل جلاله: "ووضع الكتاب وجيء بالنبيين والشهداء" ولهذا قال سبحانه وتعالى: "اليوم تجزون ما كنتم تعملون" أي تجازون بأعمالكم خيرها وشرها كقوله عز وجل: "ينبأ الإنسان يومئذ بما قدم وأخر * بل الإنسان على نفسه بصيرة * ولو ألقى معاذيره" ولهذا قال جلت عظمته: "هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق" أي يستحضر جميع أعمالكم من غير زيادة ولا نقص كقوله جل جلاله: " ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون يا ويلتنا مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك أحدا " وقوله عز وجل: "إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون" أي إنا كنا نأمر الحفظة أن تكتب أعمالكم عليكم. قال ابن عباس رضي الله عنهما وغيره: تكتب الملائكة أعمال العباد ثم تصعد بها إلى السماء, فيقابلون الملائكة في ديوان الأعمال على ما بأيدي الكتبة, مما قد أبرز لهم من اللوح المحفوظ في كل ليلة قدر, مما كتبه الله في القدم على العباد قبل أن يخلقهم فلا يزيد حرفاً ولا ينقص حرفاً ثم قرأ "إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون".
لما ذكر سبحانه ما احتج به المشركون وما أجاب به عليهم ذكر اختصاصه بالملك فقال: 27- "ولله ملك السموات والأرض" أي هو المتصرف فيهما وحده لا يشاركه أحد من عباده. ثم توعد أهل الباطل فقال: "ويوم تقوم الساعة يومئذ يخسر المبطلون" أي المكذبون الكافرون المتعلقون بالأبطال يظهر في ذلك اليوم خسرانهم لأنهم يصيرون إلى النار، والعامل في يوم هو يخسر، ويومئذ بدل منه، والتنوين للعوض عن المضاف إليه المدلول عليه بما أضيف إليه المبدل منه، فيكون التقدير: ويوم تقوم الساعة، فيكون بدلاً توكيدياً، والأولى أن يكون العامل في يوم هو ملك: أي ولله ملك يوم تقوم الساعة، ويكون يومئذ معمولاً ليخسر.
27. " ولله ملك السموات والأرض ويوم تقوم الساعة يومئذ يخسر المبطلون "، يعني الكافرين الذين هم أصحاب الأباطيل، يظهر في ذلك اليوم خسرانهم بأن يصيروا إلى النار.
27-" ولله ملك السموات والأرض " تعميم للقدرة بعد تخصيصها . " ويوم تقوم الساعة يومئذ يخسر المبطلون " أي ويخسر يوم تقوم و " يومئذ " بدل منه .
27. And unto Allah belongeth the Sovereignty of the heavens and the earth; and on the day when the Hour riseth, on that day those who follow falsehood will be lost.
27 - To God belongs the dominion of the heavens and the earth, and the Day that the Hour of judgment is established that Day will the dealers in Falsehood perish!