(إن تبدوا) تظهروا (الصدقات) أي النوافل (فنعمَّا هي) أي نعم شيئا إبداؤها (وإن تخفوها) تسروها (وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم) من إبدائها وإيتائها الأغنياء أما صدقة الفرض فالأفضل إظهارها ليقتدى به ولئلا يتهم وإيتاؤها الفقراء متعين (ويُكَفِّرْ) بالياء والنون مجزوما بالعطف على محل فهو ومرفوعا على الاستئناف (عنكم من) بعض (سيئاتكم والله بما تعملون خبير) عالم بباطنه كظاهره لا يخفى عليه شيء منه
قال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه: "إن تبدوا الصدقات"، إن تعلنوا الصدقات فتعطوها من تصدقتم بها عليه، "فنعما هي"، يقول: فنعم الشيء هي، "وإن تخفوها"، يقول: وإن تستروها فلم تعلنوها، "وتؤتوها الفقراء"، يعني: وتعطوها الفقراء في السر، "فهو خير لكم"، يقول: فإخفاؤكم إياها خير لكم من إعلانها. وذلك في صدقة التطوع، كما:-
حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: "إن تبدوا الصدقات فنعما هي وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم"، كل مقبول إذا كانت النية صادقة، وصدقة السر أفضل. وذكر لنا أن الصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار.
حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع في قوله: "إن تبدوا الصدقات فنعما هي وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم"، قال: كل مقبول إذا كانت النية صادقة، والصدقة في السر أفضل. وكان يقول: إن الصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار.
حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله: "إن تبدوا الصدقات فنعما هي وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم"، فجعل الله صدقة السر في التطوع تفضل علانيتها بسبعين ضعفاً. وجعل صدقة الفريضة: علانيتها أفضل من سرها، يقال: بخمسة وعشرين ضعفاً. وكذلك جميع الفرائض والنوافل والأشياء كلها.
حدثني عبد الله بن محمد الحنفي قال، حدثنا عبد الله بن عثمان قال، حدثنا عبد الله بن المبارك قال، سمعت سفيان يقول في قوله: "إن تبدوا الصدقات فنعما هي وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم"، قال: هو سوى الزكاة.
وقال آخرون: إنما عنى الله عز وجل بقوله: "إن تبدوا الصدقات فنعما هي"، إن تبدوا الصدقات على أهل الكتابين من اليهود والنصارى فنعما هي، وإن تخفوها وتؤتوها فقراءهم فهو خير لكم. قالوا: وأما ما أعطى فقراء المسلمين من زكاة وصدقة تطوع، فإخفاؤه أفضل من علانيته.
ذكر من قال ذلك:
حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، حدثني عبد الرحمن بن شريح، أنه سمع يزيد بن أبي حبيب يقول: إنما نزلت هذه الآية: "إن تبدوا الصدقات فنعما هي"، في الصدقة على اليهود والنصارى.
حدثني عبد الله بن محمد الحنفي قال، أخبرنا عبد الله بن عثمان قال، أخبرنا ابن المبارك قال، أخبرنا ابن لهيعة قال: كان يزيد بن أبي حبيب يأمر بقسم الزكاة في السر، قال عبد الله: أحب أن تعطى في العلانية، يعني الزكاة.
قال أبو جعفر: ولم يخصص الله من قوله: "إن تبدوا الصدقات فنعما هي" [شيئاً دون شيء]، فذلك على العموم إلا ما كان من زكاة واجبة، فإن الواجب من الفرائض قد أجمع الجميع على أن الفضل في إعلانه وإظهاره، سوى الزكاة التي ذكرنا اختلاف المختلفين فيها، مع إجماع جميعهم على أنها واجبة، فحكمها في أن الفضل في أدائها علانية، حكم سائر الفرائض غيرها.
قال أبو جعفر: اختلفت القرأة في قراءة ذلك.
فروي عن ابن عباس أنه كان يقرؤه: (وتكفر عنكم) بالتاء. ومن قرأه كذلك فإنه يعني به: وتكفر الصدقات عنكم من سيئاتكم.
وقرأ آخرون: (ويكفر عنكم) بالياء، بمعنى: ويكفر الله عنكم بصدقاتكم، على ما ذكر في الآية، من سيئاتكم.
وقرأ ذلك بعد عامة قرأة أهل المدينة والكوفة والبصرة: (ونكفر عنكم) بالنون وجزم الحرف، يعني: وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء نكفر عنكم من سيئاتكم، بمعنى مجازاة الله عز وجل مخفي الصدقة بتكفير بعض سيئاته بصدقته التي أخفاها.
قال أبو جعفر: وأولى القراءات في ذلك عندنا بالصواب قراءة من قرأ : (ونكفر عنكم) بالنون وجزم الحرف، على معنى الخبر من الله عن نفسه أنه يجازي المخفي صدقته من التطوع ابتغاء وجهه من صدقته، بتكفير سيئاته. وإذا قرئ كذلك، فهو مجزوم على موضع الفاء في قوله: "فهو خير لكم". لأن الفاء هنالك حلت محل جواب الجزاء.
فإن قال لنا قائل: وكيف اخترت الجزم على النسق على موضع الفاء، وتركت اختيار نسقه على ما بعد الفاء، وقد علمت أن الأفصح من الكلام في النسق على جواب الجزاء الرفع، وإنما الجزم تجويزه؟.
قيل: اخترنا ذلك، ليؤذن بجزمه أن التكفير- أعني تكفير الله من سيئات المصدق، لا محالة داخل فيما وعد الله المصدق أن يجازيه به على صدقته. لأن ذلك إذا جزم، مؤذن بما قلنا لا محالة. ولو رفع كان قد يحتمل أن يكون داخلاً فيما وعده الله أن يجازيه به، وأن يكون خبراً مستأنفاً أنه يكفر من سيئات عباده المؤمنين، على غير المجازاة لهم بذلك على صدقاتهم. لأن ما بعد الفاء في جواب الجزاء استئناف، فالمعطوف على الخبر المستأنف في حكم المعطوف عليه، في أنه غير داخل في الجزاء. ولذلك من العلة، اخترنا جزم نكفر عطفاً به على موضع الفاء من قوله : "فهو خير لكم"، وقراءته بالنون.
فإن قال قائل: وما وجه دخول من في قوله: (ونكفر عنكم من سيئاتكم)؟.
قيل: وجه دخولها في ذلك بمعنى: ونكفر عنكم من سيئاتكم ما نشاء تكفيره منها دون جميعها، ليكون العباد على وجل من الله، فلا يتكلوا على وعده ما وعد على الصدقات التي يخفيها المتصدق، فيجترئوا على حدوده ومعاصيه.
وقال بعض نحويي البصرة: معنى من الإسقاط من هذا الموضع، ويتأول معنى ذلك: ونكفر عنكم سيئاتكم.
قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه : "والله بما تعملون" في صدقاتكم، من إخفائها، وإعلان وإسرار بها وجهار، وفي غير ذلك من أعمالكم، "خبير" يعني بذلك: ذو خبرة وعلم، لا يخفى عليه شيء من ذلك، فهو بجميعه محيط، ولكله محص على أهله، حتى يوفيهم ثواب جميعه، وجزاء قليله وكثيره.
ذهب جمهور المفسرين إلى أن هذه الآية في صدقة التطوع ، لأن الإخفاء فيها أفضل من الإظهار ، وكذلك سائر العبادات الإخفاء أفضل في تطوعها لانتفاء الرياء عنها ، وليس كذلك الواجبات . قال الحسن : إظهار الزكاة أحسن ، وإخفاء التطوع أفضل ، لأنه أدل على أنه يراد عز وجل به وحده .قال ابن عباس : جعل الله صدقة السر في التطوع تفضل علانيتها يقال بسبعين ضعفا ، وجعل صدقة الفريضة علانيتها أفضل من سرها يقال بخمسة وعشرين ضعفاً . قال : وكذلك جميع الفرائض والنوافل في الأشياء لها .
قلت : مثل هذا لا يقال من جهة الرأي وإنما هو توقيف ، وفي صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
"أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة" وذلك أن الفرائض لا يدخلها رياء والنوافل عرضة لذلك وروى النسائي عن عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
"إن الذي يجهر بالقرآن كالذي يجهر بالصدقة والذي يسر بالقرآن كالذي يسر بالصدقة" . وفي الحديث :
"صدقة السر تطفىء غضب الرب" .
قال ابن العربي : وليس في تفضيل صدقة العلانية على السر ، ولا تفضيل صدقة السر على العلانية حديث صحيح ولكنه الإجماع الثابت ، فأما صدقة النفل فالقرآن ورد مصرحاً بأنها في السر أفضل في الجهر ، بيد أن علماءنا قالوا : إن هذا على الغالب مخرجه ، والتحقيق فيه أن الحال في الصدقة تختلف بحال المعطي لها والمعطي إياها والناس الشاهدين لها . أما المعطي فله فيها فائدة إظهار السنة وثواب القدوة .
قلت : هذا لمن قويت حاله وحسنت نيته وأمن على نفسه الرياء ، وأما من ضعف عن هذه المرتبة فالسر له أضل .
وأما المعطى إياها فإن السر له أسلم من احتقار الناس له ، أو نسبته إلى أنه أخذها مع الغنى عنها وترك التعفف ، وأما حال الناس فالسر عنهم أفضل من العلانية لهم ، من جهة أنهم ربما طعنوا على المعطي لها بالرياء وعلى الآخذ لها بالاستغناء ، ولهم يها تحريك القلوب إلى الصدقة ، لكن هذا اليوم قليل .
وقال يزيد بن أبي حبيب : إنما نزلت هذه الآية في الصدقة على اليهود والنصارى ، فكان يأمر بقسم الزكاة في السر . قال ابن عطية : وهذا مردود ، لا سيما عند السلف الصالح ، قد قال الطبري : أجمع الناس على أن إظهار الواحب أفضل .
قلت : ذكر الكيا الطبري أن في هذه الآية دلالة على قول إخفاء الصدقات مطلقاً أولى ، وأنها حق الفقير وأنه يجوز لرب المال تفريقها بنفسه ، على ما هو أحد قولي الشافعي . وعلى القول الآخر ذكروا أن المراد بالصدقات ها هنا التطوع دون الفرض الذي إظهاره أولى لئلا يلحقه تهمة ، ولأجل ذلك قيل : صلاة النفل فرادى أفضل ، والجماعة في الفرض أبعد عن التهمة . وقال المهدوي : المراد بالآية فرض الزكاة وما تطوع به ، فكان الإخفاء أفضل في مدة النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم ساءت ظنون الناس بعد ذلك ، فاستحسن العلماء إظهار الفرائض لئلا يظن بأحد المنع . قال ابن عطية : وهذا القول مخال للآثار ، ويشبه في زماننا أن يحسن التستر بصدقة الفرض ، فقد كثر المانه لها وصار إخراجها عرضة للرياء . وقال ابن خويز منداد : وقد يجوز أن يراد بالآية الواجبات من الزكاة والتطوع ، لأنه ذكر الإخفاء ومدحه والأظهار ومدحه ، فيجوز أن يتوجه إليهما جميعاً . وقال النقاش : إن هذه لآية نسخها قوله تعالى : "الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية" الآية .
قوله تعالى : "فنعما هي" ثناء على إبداء الصدقة ، ثم حكم على أن الإخفاء خير من ذلك . ولذلك قال بعض الحكماء : إذا اصطنعت المعروف فاستره ، وإذا اصطنع إليك فانشره . قال دعبل الخزاعي :
إذا انتقموا أعلنوا أمرهم وإن أنعموا أنعموا باكتتام
وقال سهل بن هارون :
خل إذا جئته يوما لتسأله أعطاك ما ملكت كفاه واعتذرا
يخفي صنائعه والله يظهرها إن الجميل إذا أخفيته ظهرا
وقال العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه : لا يتم المعروف إلا بثلاث خصال : تعجيله وتصغيره وستره ، فإذا أعجلته هنيته ، وإذا صغرته عظمته ، وإذا سترته أتممته . وقال بعض الشعراء فأحسن :
زاد معروفك عندي عظما أنه عندك مستور حقير
تتناساه كأن لم تأته وهو عند الناس مشهور خطير
اختلف القراء في قوله "فنعما هي" فقرأ أبو عمرو ونافع في رواية ورش وعاصم في رواية حفص و ابن كثير فنعما هي بكسر النون والعين . وقرأ أبو عمرو أيضاً ونافع في غير رواية ورش وعاصم في رواية أبي بكر والمفضل فنعما بكسر النون وسكون العين . وقرأ الأعمش وابن عامر وحمزة و الكسائي فنعما بفتح النون وكسر العين ، وكلهم سكن الميم . ويجوز في غير القرآن فنعم ما هي . قال النحاس : ولكنه في السواد متصل فلزم الإدغام . وحكى النحويون في نعم اربع لغات : نعم الرجل زيد ، هذا الأصل . ونعم الرجل ، بكسر النون العين . ونعم الرجل ، بفتح النون وسكون العين ، والأصل نعم حذفت الكسرة لأنها ثقيلة . ونعم الرجل ، وهذا أفصح اللغات ، والأصل فيها نعم . وهي تقع في كل مدح ، فخففت وقلبت كسرة العين على النون وأسكنت العين ، فمن قرأ فنعما هي فله تقديران : أحدهما أن يكون جاء به على لغة من يقول نعم . والتقدير الآخر أن يكون على اللغة الجيدة ، فيكون الأصل نعم ، ثم كسرت العين لالتقاء الساكنين . قال النحاس : فأما الذي حكي عن ابي عمرو ونافع من إسكان العين فمحال . حكي عن محمد بن يزيد أنه قال : أما إسكان العين والميم مشددة فلا يقدر أحد أن ينطق به ، وإنما يروم الجميع بين ساكنين ويحرك ولا يأبه . وقال أبو علي : من قرأ بسكون العين لم يستقم قوله ، لأنه جمع بين ساكنين الأول منهما ليس بحرف مد ولين وإنما يجوز ذلك عند النحويين إذا كان الأول حرف مد ، إذ المد يصيرعوضاً من الحركة ، وهذا نحو دابة وضوال ونحوه . ولعل أبا عمرو أخفى الحركة واختلسها كأخذه بالإخفاء في بارئكم ـ و ـ يأمركم فظن السامع الإخفاء إسكاناً للطف ذلك في السمع وخفائه . قال أبو علي : وأما من قرأ نعما بفتح النون وكسر العين فإنما جاء بالكلمة على أصلها ومنه قول الشاعر :
ما أقلت قدماي إنهم نعم السعون في الأمر المبر
قال أبو علي : و ما من قوله تعالى : نعما في موضع نصب ، وقوله هي تفسير للفاعل المضمر قبل الذكر ، والتقدير نعم شيئاً إبداؤها ، والإبداء هو المخصوص بالمدح إلا أن المضاف حذف وأقيم المضاف إليه مقامه . ويدلك على هذا قوله "فهو خير لكم" أي الإخفاء خير . فكما أن الضمير هنا للإخفاء لا للصدقات فكذلك ، أولاً الفاعل هو الإبداء وهو الذي اتصل به الضمير ، فحذف الإبداء وأقيم ضمير الصدقات مثله . "وإن تخفوها" شرط ، فلذلك حذفت النون . "وتؤتوها" عطف عليه . والجواب "فهو خير لكم" . "ويكفر" اختلف القراء في قراءته ، فقرأ أبو عمرة و أبن كثير وعاصم في رواية أبي بكر و قتادة و ابن اسحاق ونكفر بالنون ورفع الراء . وقرأ نافع وحمزة و الكسائي بالنون والجزم في الراء ، وروي مثل ذلك أيضاً عن عاصم . وروى الحسين بن علي الجعفي عن الأعمش يكفر بنصب الراء . وقرأ ابن عامر بالياء ورفع الراء ، ورواه حفص عن عاصم ، وكذلك روي عن الحسن ، وروي عنه بالياء والجزم . وقرأ ابن عباس وتكفر بالتاء وكسر الفاء وجزم الراء . وقرأ عكرمة وتكفر بالتاء وفتح الفاء وجزم الراء . وحكى المهدوي عن ابي هرمز أنه قرأ وتكفر بالتاء ورفع الراء . وحكي عن عكرمة وشهر بن حوشب أنهما قرأ بتاء ونصب الراء . فهذه تسع قراءات أبينها ونكفر بالنون والرفع . هذا قول الخليل و سيبويه . قال النحاس قال سيبويه : والرفع ها هنا الوجه وهو الجيد ، لأن الكلام الذي بعد الفاء يجري مجراه في غير الجزاء . وأجاز الجزم بحمله على المعنى ، لأن المعنى وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء يكن خيراً لكم ونكفر عنكم . وقال أبو حاتم : وقرأ الأعمش يكفر بالياء دون واو قبلها . قال النحاس : والذي حكاه أو حاتم عن الأعمش بغير واو جزماً يكون على البدل كأنه في موضع الفاء . والذي روي عن عاصم ويكفر بالياء والرفع يكون معناه ويكفر الله ، هذا قول أبي عبيد . وقال أبو حاتم :معناه يكفر الإعطاء . وقرأ ابن عباس وتكفر يكون معناه وتكفر الصدقات . وبالجملة فما كان من هذه القراءات بالنون فهي نون العظمة ، وما كان منها بالتاء فهي الصدقة فاعلمه ، إلا ما روي عن عكرمة من فتح الفاء فإن التاء في تلك القراءة إنما هي للسيئات ، وما كان منها بالياء فالله تعالى هو المكفر ، والإعطاء في خفاء مكفر أيضاً كما ذكرنا ، وحكاه مكي . وأما رفع الراء فهو على وجهين :أحدهما أن يكون الفعل خبر ابتداء تقديره ونحن نكفر أو وهي تكفر ، أعني الصدقة ، أو والله يكفر . والثاني القطع والاستئناف لا تكون الواو العاطفة للاشتراك لكن تعطف جملة كلام على جملة . وقد ذكرنا معنى قراءة الجزم .فأما نصب ونكفر فضعيف وهو على إضمار أن وجاز وقد ذكرنا معنى قراءة الجزم . فأما نصب ونكفر فضعيف وهو على إضمار أن وجاز على بعد . قال المهدوي : وهو مشبه بالنصب في جواب الاستفهام ، إذ الجزاء يجب به الشيء لوجوب غيره كالاستفهام . والجزم في الراء أفصح هذه القراءات ، لأنها تؤذن بدخول التكفير في الجزاء وكونه مشروطاً إن وقع الإخفاء . وأما الرفع فليس فيه هذا المعنى .
قلت :هذا خلاف ما اختاره الخليل و سيبويه . و من في قوله : "من سيئاتكم" للتبعيض المحض . وحكى الطبري عن فرقة أنها ازائدة . قال ابن عطية : وذلك منهم خطأ . "والله بما تعملون خبير" وعد ووعيد .
يخبر تعالى بأنه عالم بجميع ما يفعله العاملون من الخيرات من النفقات والمنذورات, وتضمن ذلك مجازاته على ذلك أوفر الجزاء للعاملين لذلك ابتغاء وجهه ورجاء موعوده, وتوعد من لا يعمل بطاعته, بل خالف أمره, وكذب خبره, وعبد معه غيره, فقال "وما للظالمين من أنصار" أي يوم القيامة ينقذونهم من عذاب الله ونقمته.
وقوله: "إن تبدوا الصدقات فنعما هي" أي إن أظهرتموها فنعم شيء هي.
وقوله: "وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم" فيه دلالة على أن إسرار الصدقة أفضل من إظهارها, لأنه أبعد عن الرياء إلا أن يترتب على الإظهار مصلحة راجحة من اقتداء الناس به, فيكون أفضل من هذه الحيثية, وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "الجاهر بالقرآن كالجاهر بالصدقة والمسر بالقرآن كالمسر بالصدقة" والأصل أن الإسرار أفضل لهذه الاية, ولما ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "سبعة يظلهم الله في ظله, يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل, وشاب نشأ في عبادة الله, ورجلان تحابا في الله, اجتمعا عليه وتفرقا عليه, ورجل قلبه معلق بالمسجد إذا خرج منه حتى يرجع إليه, ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه, ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله رب العالمين, ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه", وقال الإمام أحمد: حدثنا يزيد بن هارون, أخبرنا العوام بن حوشب, عن سليمان بن أبي سليمان, عن أنس بن مالك, عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: قال "لما خلق الله الأرض جعلت تميد, فخلق الجبال فألقاها عليها, فاستقرت, فتعجبت الملائكة من خلق الله الجبال فقالت: يا رب هل في خلقك شىء أشد من الجبال ؟ قال نعم الحديد. قالت: يا رب فهل من خلقك شىء أشد من الحديد ؟ قال: نعم النار, قالت: يارب فهل من خلقك شيء أشد من النار ؟ قال: نعم الماء. قالت: يارب فهل من خلقك شيء أشد من الماء ؟ قال: نعم الريح ؟ قالت: يارب فهل من خلقك شيء أشد من الريح ؟ قال: نعم ابن آدم يتصدق بيمينه فيخفيها من شماله". وقد ذكرنا في فضل آية الكرسي عن أبي ذر, قال: قلت يا رسول الله, أي الصدقة أفضل ؟ قال "سر إلى فقير أو جهد من مقل" رواه أحمد ورواه ابن أبي حاتم من طريق علي بن يزيد عن القاسم, عن أبي أمامة, عن أبي ذر, فذكره وزاد, ثم شرع في هذه الاية "إن تبدوا الصدقات فنعما هي وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم" الاية, وفي الحديث المروي "صدقة السر تطفئ غضب الرب عز وجل" وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي, حدثنا الحسين بن زياد المحاربي مؤدب محارب, أنا موسى بن عمير عن عامر الشعبي في قوله: " إن تبدوا الصدقات فنعما هي وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم " قال: أنزلت في أبي بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما, أما عمر فجاء بنصف ماله حتى دفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له النبي صلى الله عليه وسلم "ما خلفت وراءك لأهلك يا عمر ؟" قال: خلفت لهم نصف مالي, وأما أبو بكر فجاء بماله كله يكاد أن يخفيه من نفسه, حتى دفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم "ما خلفت وراءك لأهلك يا أبا بكر ؟" فقال: عدة الله وعدة رسوله, فبكى عمر رضي الله عنه وقال: بأبي أنت وأمي يا أبا بكر, والله ما استبقنا إلى باب خير قط إلا كنت سابقاً, وهذا الحديث روي من وجه آخر عن عمر رضي الله عنه, وإنما أوردناه ههنا لقول الشعبي: إن الاية نزلت في ذلك, ثم إن الاية عامة في أن إخفاء الصدقة أفضل, سواء كانت مفروضة أو مندوبة, لكن روى ابن جرير من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في تفسيره هذه الاية, قال: جعل الله صدقة السر في التطوع تفضل علانيتها فقال بسبعين ضعفاً, وجعل صدقة الفريضة علانيتها أفضل من سرها فقال بخمسة وعشرين ضعفاً.
وقوله: "ويكفر عنكم من سيئاتكم" أي بدل الصدقات ولا سيما إذا كانت سراً, يحصل لكم الخير في رفع الدرجات ويكفر عنكم السيئات وقد قرئ ويكفر بالجزم عطفاً على محل جواب الشرط وهو قوله: " فنعما هي " كقوله: " فأصدق وأكن " وقوله: " والله بما تعملون خبير " أي لا يخفى عليه من ذلك شيء وسيجزيكم عليه.
271- قوله " إن تبدوا الصدقات فنعما هي" قرئ بفتح النون وكسر العين وبكسرهما وبكسر النون وسكون العين وبكسر النون وإخفاء حركة العين. وقد حكى النحويون في نعم أربع لغات، وهي هذه التي قرئ بها، وفي هذا نوع تفصيل لما أجمل في الشرطية المتقدمة: أي إن تظهروا الصدقات فنعم شيئاً إظهارها، وإن تخفوها تصيبوا بها مصارفها من الفقراء فالإخفاء خير لكم. وقد ذهب جمهور المفسرين إلى أن هذه الآية في صدقة التطوع لا في صدقة الفرض فلا فضيلة للإخفاء فيها بل قد قيل إن الإظهار فيها أفضل، وقالت طائفة: إن الإخفاء أفضل في الفرض والتطوع. قوله: "ويكفر عنكم من سيئاتكم" قرأ أبو عمرو وعاصم في رواية حفص بالياء والرفع. وقرأ الأعمش ونافع وحمزة والكسائي بالنون والجزم وقرأ ابن عباس بالتاء الفوقية وفتح الفاء والجزم. وقرأ الحسين بن علي الجعفي بالنون ونصب الراء. فمن قرأ بالرفع فهو معطوف على محل الجملة الواقعة جواباً بعد الفاء، أو على أنه خبر مبتدأ محذوف. ومن قرأ بالجزم فهو معطوف على الفاء وما بعدها. ومن قرأ بالنصب فعلى تقدير أن. قال سيبويه: والرفع ها هنا الوجه الجيد، وأجاز الجزم بتأويل وإن تخفوها يكن الإخفاء خيراً لكم ويكفر، وبمثل قول سيبويه قال الخليل. ومن في قوله: "من سيئاتكم" للتبعيض: أي شيئاً من سيئاتكم. وحكى الطبري عن فرقة أنها زائدة، وذلك على رأي الأخفش. قال ابن عطية: وذلك منهم خطأ.
وقد أخرج ابن جرير عن علي بن أبي طالب في قوله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم" قال: من الذهب والفضة "ومما أخرجنا لكم من الأرض" يعني من الحب والثمر وكل شيء عليه زكاة. وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن مجاهد في قوله: "أنفقوا من طيبات ما كسبتم" قال: من التجارة "ومما أخرجنا لكم من الأرض" قال: من الثمار. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد والترمذي وصححه وابن ماجه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والحاكم وصححه والبيهقي في سننه عن البراء بن عازب في قوله: "ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون" قال: نزلت فينا معشر الأنصار، كنا أصحاب نخل وكان الرجل يأتي من نخله على قدر كثرته وقلته، وكان الرجل يأتي القنو والقنوين فيعلقه في المسجد، وكان أهل الصفة ليس لهم طعام، فكان أحدهم إذا جاع أتى القنو فضربه بعصاه فيسقط البسر والتمر فيأكل، وكان ناس ممن لا يرغب في الخير يأتي الرجل بالقنو فيه الشيص والحشف وبالقنو قد انكسر فيعلقه، فأنزل الله: "يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه" قال: لو أن أحدكم أهدي إليه مثل ما أعطى لم يأخذه إلا على إغماض وحياء، قال: فكنا بعد ذلك يأتي أحدنا بصالح ما عنده. وأخرج عبد بن حميد عن قتادة قال: ذكر لنا أن الرجل كان يكون له الحائطان فينظر إلى أردئهما تمراً في تمراً فيتصدق به ويخلط به الحشف فنزلت الآية، فعاب الله ذلك عليهم ونهاهم عنه. وأخرج عبد بن حميد عن جعفر بن محمد بن أبيه قال: لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بصدقة الفطر فجاء رجل بتمر رديء، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم الذي يخرص النخل أن لا يجيز. فأنزل الله تعالى الآية هذه. وأخرج عبد بن حميد وأبو داود والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والدارقطني والحاكم والبيهقي في سننه عن سهل بن حنيف قال: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: من جاء بهذا؟ وكان كل من جاء بشيء نسب إليه، فنزلت: "ولا تيمموا الخبيث" الآية. ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لونين من التمر أن يوجدوا في الصدقة، الجعرور ولون الحبيق وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه والضياء في المختارة عن ابن عباس قال: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يشترون الطعام الرخيص ويتصدقون، فأنزل الله "يا أيها الذين آمنوا" الآية. وأخرج ابن جرير عن عبيدة السلماني قال: سألت علي بن أبي طالب عن قول الله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا أنفقوا" الآية، فقال: نزلت هذه الآية في الزكاة المفروضة، كان الرجل بعمد إلى التمر فيصرمه فيعزل الجيد ناحية، فإذا جاء صاحب الصدقة أعطاه من الرديء. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: "يؤتي الحكمة من يشاء" قال: المعرفة بالقرآن ناسخه ومنسوخه، محكمة ومتشابهة، ومقدمه ومؤخره، وحلاله وحرامه وأمثاله. وأخرج ابن مردويه عنه: أنها القرآن يعني تفسيره. وأخرج ابن المنذر عنه أنها النبوة. وأخرج ابن جرير وابن المنذر عنه قال: إنها الفقه في القرآن. وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي الدرداء "يؤتي الحكمة" قال: قراءة القرآن والفكرة فيه. وأخرج ابن جرير عن أبي العالية قال: هي الكتاب والفهم به. وأخرج أيضاً عن النخعي نحوه. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد قال: هي الكتاب يؤتي إصابته من يشاء. وأخرج عبد بن حميد عنه قال: هي الإصابة في القول. وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية قال: هي الخشية لله. وأخرج أيضاً عن مطر الوراق مثله. وأخرج ابن المنذر عن سعيد بن جبير مثله. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: "فإن الله يعلمه" قال: يحصيه. وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في نذر الطاعة والمعصية في الصحيح وغيره ما هو معروف كقوله صلى الله عليه وسلم: "لا نذر في معصية الله" وقوله: "من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه" وقوله: "النذر ما ابتغي به وجه الله" وثبت عنه في كفارة النذر ما هو معروف. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: "إن تبدوا الصدقات فنعما هي" الآية، قال: فجعل السر في التطوع بفضل علانيتها سبعين ضعفاً، وجعل صدقة الفريضة علانيتها أفضل من سرها بخمسة وعشرين ضعفاً. وكذلك جميع الفرائض والنوافل في الأشياء كلها. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: "إن تبدوا الصدقات" الآية، قال: كان هذا يعمل قبل أن تنزل براءة، فلما نزلت براءة بفرائض الصدقات وتفصيلها انتهت الصدقات إليها. وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله: "إن تبدوا الصدقات" الآية، قال: هذا منسوخ. وقوله: " في أموالهم حق معلوم * للسائل والمحروم " قال: منسوخ، نسخ كل صدقة في القرآن الآية التي في سورة التوبة "إنما الصدقات للفقراء" وقد ورد في فضل صدقة السر أحاديث صحيحة مرفوعة.
271. قوله تعالى:" إن تبدوا الصدقات " أي تظهروها " فنعما هي" أي : نعمت الخصلة هي و((ما)) في محل الرفع (( وهي )) في محل النصب كما تقول نعم الرجل رجلاً ، فأذا عرفت رفعت، فقلت : نعم الرجل زيد، وأصله نعم ما فوصلت ، قرأ أ هل المدينة غير ورش وأبوعمرو وابو بكر: فنعما بكسرالنون وسكون العين، وقرأ ابن عامر و حمزة و الكسائي بفتح النون وكسر العين ، وقرأ ابن كثير ونافع برواية ورش يعقوب وحفص بكسرهما، وكلها لغات صحيحة وكذلك في سورة النساء.
" وإن تخفوها " تسروها " وتؤتوها الفقراء " أي تؤتوها الفقراء في السر " فهو خير لكم "
وأفضل، وكل مقبول إذا كانت النية صادقة ، ولكن صدقه السر أفضل، وفي الحديث "صدقة السر تطفئ غضب الرب"
أخبرنا أبو الحسن السرخي، أخبرنا زاهر بن أحمد، أخبرنا ابو اسحق الهاشمي، اخبرنا أبو مصعب عن مالك عن حبيب بن عبد الرحمن عن حفص بن عاصم عن أبي سعيد الخدري أوعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : رسول الله صلى الله عليه وسلم " سبعة يظلهم الله في ظله يوم لاظل إلا ظله: إمام عادل ، وشاب نشأ في عبادة الله تعالى ورجل قلبه معلق بالالمسجد إذا خرج منه حتى يعود اليه ، ورجلان تحابا في الله اجتمعا على ذلك وتفرقا عليه ، ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله ، ورجل تصدق بصدقةفأخفاها حتى لاتعلم شماله ماتنفق يمينه ".
وقيل: الآية في صدقه التطوع، أماالزكاة المفروضة فإلاظهار فيها أفضل حتى يقتدي به الناس، كالصلاة المكتوبة في الجماعة أفضل ،والنافلة في البيت [أفضل ] وقيل :الآية في الزكاة المفروضة كان الأحفاء فيها خيراً على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أما في زماننا فالأظهار أفضل حتى لا يساء به الظن .
قوله تعالى : " نكفر عنكم سيئاتكم " قرأ ابن كثير وأهل البصرة وأبو بكر بالنون ورفع الراء أي ونحن نكفر، وقرأ أبن عامر وحفص بالياء ورفع الراء أي ويكفر الله ، وقرأ أهل المدينة و حمزة و الكسائي بالنون والجزم نسقاً على الفاء التي في قوله ((فهو خير لكم)) لأن موضعها جزم بالجزاء ، وقوله من سيائتكم، قيل((من )) صلة، تقديره نكفر عنكم سيئاتكم ، وقيل: هو للتحقيق والتبعيض، يعني : الصغائر من الذنوب، "والله بما تعملون خبير ".
271-" إن تبدوا الصدقات فنعما هي " فنعم شيئاً إبداؤها . وقرأ ابن عامر و حمزة و الكسائي بفتح النون وكسر العين على الأصل .وقرأ أبو بكر و أبو عمرو وقالون بكسر النون وسكون العين ، و روي عنهم بكسر النون وإخفاء حركة العين وهو أقيس . " وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء " أي تعطوها مع الإخفاء . " فهو خير لكم " فالإخفاء خير لكم ، وهذا في التطوع ولمن لم يعرف بالمال فإن إيداء الغرض لغيره أفضل لنفي التهمة عنه . عن ابن عباس رضي الله عنهما (صدقة السر في التطوع تفضل علانيتها سبعين ضعفاً ، وصدقة الفريضة علانيتها أفضل من سرها بخمسة وعشرين ضعفاً ) . " ويكفر عنكم من سيئاتكم " قرأ ابن عامر و عاصم في رواية حفص بالياء أي والله يكفر أو الإخفاء .وقرأ ابن كثير و أبو عمرو و عاصم في رواية ابن عياش و يعقوب بالنون مرفوعاً على أنه فعلية مبتدأة أو إسمية معطوفة على ما بعد الفاء أي : ونحن نكفر . وقرأ نافع و حمزة و الكسائي به مجزوماً على محل الفاء وما بعده . وقرئ بالتاء مرفوعاً ومجزوماً والفعل للصدقات . " و الله بما تعملون خبير " ترغيب في الإسرار .
271. If ye publish your alms giving, it is well, but if ye hide it and give it to the poor, it will be better for you, and will atone for some of your ill deeds. Allah is Informed of what ye do.
271 - If ye disclose (acts of) charity, even so it is well, but if ye conceal them, and make them reach those (really) in need, that is best for you: it will remove from you some of your (stains of) evil. and God is well acquainted with what ye do.