(يمحق الله الربا) ينقصه ويذهب بركته (ويربي الصدقات) يزيدها وينميها ويضاعف ثوابها (والله لا يحب كل كفار) بتحليل الربا (أثيم) فاجر بأكله أي يعاقبه
قال أبو جعفر: يعني عز وجل بقوله: "يمحق الله الربا"، ينقص الله الربا فيذهبه، كما:
حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال، قال ابن عباس: "يمحق الله الربا"، قال: ينقص.
وهذا نظير الخبر الذي روي عن عبد الله بن مسعود، "عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
الربا وإن كثر فإلى قل".
وأما قوله: "ويربي الصدقات"، فإنه جل ثناؤه يعني أنه يضاعف أجرها، يربها وينميها له.
وقد بينا معنى الربا قبل والإرباء، وما أصله، بما فيه الكفاية من إعادته.
فإن قال لنا قائل: وكيف إرباء الله الصدقات؟
قيل: إضعافه الأجر لربها، كما قال جل ثناؤه: "مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة" [البقرة: 261]، وكما قال: "من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة" [البقرة: 245]، وكما:
حدثنا أبو كريب قال، حدثنا وكيع قال، حدثنا عباد بن منصور، عن القاسم: أنه سمع أبا هريرة يقول: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله عز وجل يقبل الصدقة ويأخذها بيمينه فيربيها لأحدكم كما يربي أحدكم مهره، حتى إن اللقمة لتصير مثل أحد، وتصديق ذلك في كتاب الله عز وجل: "ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات" [التوبة: 104]، و"يمحق الله الربا ويربي الصدقات"".
حدثني سليمان بن عمر بن خالد الأقطع قال، حدثنا ابن المبارك، عن سفيان، عن عباد بن منصور، عن القاسم بن محمد، عن أبي هريرة -ولا أراه إلا قد رفعه- قال: إن الله عز وجل يقبل الصدقة، ولا يقبل إلا الطيب.
حدثني محمد بن عمر بن علي المقدمي قال، حدثنا ريحان بن سعيد قال، حدثنا عباد، عن القاسم، عن عائشة قالت: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله تبارك وتعالى يقبل الصدقة، ولا يقبل منها إلا الطيب، ويربيها لصاحبها كما يربي أحدكم مهره أو فصيله، حتى إن اللقمة لتصير مثل أحد، وتصديق ذلك في كتاب الله عز وجل: "يمحق الله الربا ويربي الصدقات"".
حدثني محمد بن عبد الملك قال، حدثنا عبد الرزاق قال، حدثنا معمر، عن أيوب، عن القاسم بن محمد، عن أبي هريرة قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن العبد إذا تصدق من طيب تقبلها الله منه، ويأخذها بيمينه، ويربيها كما يربى أحدكم مهره أو فصيله، وإن الرجل ليتصدق باللقمة فتربو في يد الله -أو قال: في كف الله عز وجل- حتى تكون مثل أحد، فتصدقوا".
حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا المعتمر بن سليمان قال، سمعت يونس، عن صاحب له، عن القاسم بن محمد قال، قال أبو هريرة: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله عز وجل يقبل الصدقة بيمينه، ولا يقبل منها إلا ما كان طيباً، والله يربي لأحدكم لقمته كما يربي أحدكم مهره وفصيله، حتى يوافى بها يوم القيامة وهي أعظم من أحد".
قال أبو جعفر: وأما قوله: "والله لا يحب كل كفار أثيم"، فإنه يعني به: والله لا يحب كل مصر على كفر بربه مقيم عليه، مستحل أكل الربا وإطعامه- "أثيم"، متماد في الإثم، فيما نهاه عنه من أكل الربا والحرام وغير ذلك من معاصيه، لا ينزجر عن ذلك ولا يرعوي عنه، ولا يتعظ بموعظة ربه التي وعظه بها في تنزيله وآي كتابه.
قوله تعالى : "يمحق الله الربا ويربي الصدقات والله لا يحب كل كفار أثيم" .
يخبر الله تعالى أنه يمحق الربا, أي يذهبه إما بأن يذهبه بالكلية من يد صاحبه, أو يحرمه بركة ماله فلا ينتفع به, بل يعدمه به في الدنيا ويعاقبه عليه يوم القيامة, كما قال تعالى: "قل لا يستوي الخبيث والطيب ولو أعجبك كثرة الخبيث" وقال تعالى: " ويجعل الخبيث بعضه على بعض فيركمه جميعا فيجعله في جهنم " وقال " وما آتيتم من ربا ليربو في أموال الناس فلا يربو عند الله " الاية, وقال ابن جرير: في قوله "يمحق الله الربا" وهذا نظير الخبر الذي روي عن عبد الله بن مسعود أنه قال: الربا وإن كثر فإن عاقبته تصير إلى قل, وهذا الحديث قد رواه الإمام أحمد في مسنده, فقال: حدثنا حجاج. حدثنا شريك, عن الركين بن الربيع عن أبيه, عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم, قال: "إن الربا وإن كثر فإن عاقبته تصير إلى قل", وقد رواه ابن ماجه: عن العباس بن جعفر عن عمرو بن عون, عن يحيى بن زائدة عن إسرائيل عن الركين بن الربيع بن عميلة الفزاري, عن أبيه عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم, أنه قال "ما أحد أكثر من الربا إلا كان عاقبة أمره إلى قل", وهذا من باب المعاملة, بنقيض المقصود, كما قال الإمام أحمد: حدثنا أبو سعيد مولى بني هاشم, حدثنا الهيثم بن نافه الظاهري, حدثني أبو يحيى رجل من أهل مكة, عن فروخ مولى عثمان, أن عمر وهو يومئذ أمير المؤمنين, خرج من المسجد فرأى طعاماً منشوراً, فقال: ما هذا الطعام ؟ فقالوا: طعام جلب إلينا, قال: بارك الله فيه وفيمن جلبه, قيل: يا أمير المؤمنين إنه قد احتكر, قال: من احتكره ؟ قالوا: فروخ مولى عثمان وفلان مولى عمر, فأرسل إليهما, فقال: ما حملكما على احتكار طعام المسلمين ؟ قالا: يا أمير المؤمنين نشتري بأموالنا ونبيع, فقال عمر: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من احتكر على المسلمين طعامهم ضربه الله بالإفلاس أو بجذام", فقال فروخ عند ذلك: أعاهد الله وأعاهدك أن لا أعود في طعام أبداً, وأما مولى عمر فقال: إنما نشتري بأموالنا ونبيع, قال أبو يحيى: فلقد رأيت مولى عمر مجذوماً, ورواه ابن ماجه من حديث الهيثم بن رافع به, ولفظه "من احتكر على المسلمين طعامهم ضربه الله بالإفلاس والجذام".
وقوله "ويربي الصدقات" قرئ بضم الياء والتخفيف, من ربا الشيء يربو وأرباه يربيه, أي كثره ونماه ينميه, وقرئ يربي بالضم والتشديد من التربية, قال البخاري: حدثنا عبد الله بن كثير, أخبرنا كثير سمع أبا النصر, حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار, عن أبيه عن أبي صالح عن أبي هريرة, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب, ولا يقبل الله إلا الطيب, فإن الله يتقبلها بيمينه ثم يربيها لصاحبها كما يربي أحدكم فلوه, حتى يكون مثل الجبل" كذا رواه في كتاب الزكاة, وقال في كتاب التوحيد: وقال خالد بن مخلد بن سليمان بن بلال, عن عبد الله بن دينار فذكره بإسناده نحوه, وقد رواه مسلم في الزكاة, عن أحمد بن عثمان بن حكيم, عن خالد بن مخلد, فذكره, قال البخاري ورواه مسلم بن أبي مريم, وزيد بن أسلم, وسهيل, عن أبي صالح, عن أبي هريرة, عن النبي صلى الله عليه وسلم, قلت: أما رواية مسلم بن أبي مريم, فقد تفرد البخاري بذكرها, وأما طريق زيد بن أسلم, فرواها مسلم في صحيحه, عن أبي الطاهر بن السرح عن أبي وهب, عن هشام بن سعيد عن زيد بن أسلم به, وأما حديث سهيل, فرواه مسلم عن قتيبة عن يعقوب بن عبد الرحمن عن سهيل به, والله أعلم, قال البخاري: وقال ورقاء عن ابن دينار عن سعيد بن يسار, عن أبي هريرة, عن النبي صلى الله عليه وسلم, وقد أسند هذا الحديث من هذا الوجه الحافظ أبو بكر البيهقي, عن الحاكم وغيره, عن الأصم, عن العباس المروزي, عن أبي النضر, هاشم بن القاسم, عن ورقاء وهو ابن عمر اليشكري, عن عبد الله بن دينار , عن سعيد بن يسار , عن أبي هريرة, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب, ولا يصعد إلى الله إلا الطيب, فإن الله يقبلها بيمينه فيربيها لصاحبها كما يربي أحدكم فلوه, حتى يكون مثل أحد" وهكذا روى هذا الحديث مسلم والترمذي والنسائي جميعاً, عن قتيبة, عن الليث بن سعد, عن سعد المقبري, وأخرجه النسائي من رواية مالك, عن يحيى بن سعيد الأنصاري, ومن طريق يحيى القطان, عن محمد بن عجلان, ثلاثتهم عن سعيد بن يسار أبي الحباب المدني, عن أبي هريرة, عن النبي صلى الله عليه وسلم , فذكره, وقد روي عن أبي هريرة من وجه آخر, فقال ابن أبي حاتم: حدثنا عمرو بن عبد الله الأودي, حدثنا وكيع, عن عباد بن منصور, حدثنا القاسم بن محمد قال: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول, الله صلى الله عليه وسلم "إن الله عز وجل يقبل الصدقة, ويأخذها بيمينه فيربيها لأحدكم كما يربي أحدكم مهره أو فلوه, حتى إن اللقمة لتصير مثل أحد" وتصديق ذلك في كتاب الله " يمحق الله الربا ويربي الصدقات " وكذا رواه أحمد, عن وكيع, وهو في تفسير وكيع, ورواه الترمذي, عن أبي كريب عن وكيع به, وقال: حسن صحيح, وكذا رواه الثوري عن عباد بن منصور به, ورواه أحمد أيضاً عن خلف بن الوليد, عن ابن المبارك, عن عبد الواحد بن ضمرة وعباد بن منصور, كلاهما عن أبي نضرة, عن القاسم به, وقد رواه ابن جرير, عن محمد بن عبد الملك بن إسحاق, عن عبد الرزاق, عن معمر, عن أيوب, عن القاسم بن محمد, عن أبي هريرة, قال: قال رسول, الله صلى الله عليه وسلم "إن العبد إذا تصدق من طيب يقبلها الله منه, فيأخذها بيمينه ويربيها كما يربي أحدكم مهره أو فصيله, وإن الرجل ليتصدق باللقمة فتربو في يد الله, أو قال في كف الله حتى تكون مثل أحد, فتصدقوا" وهكذا رواه أحمد: عن عبد الرزاق, وهذا طريق غريب صحيح الإسناد, ولكن لفظه عجيب, والمحفوظ ما تقدم, وروي عن عائشة أم المؤمنين, فقال الإمام أحمد, حدثنا عبد الصمد, حدثنا حماد عن ثابت, عن القاسم بن محمد, عن عائشة, أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" إن الله ليربي لأحدكم التمرة واللقمة كما يربي أحدكم فلوه أو فصيله حتى يكون مثل أحد" تفرد به أحمد من هذا الوجه وقال البزار حدثنا يحيى بن المعلى بن منصور حدثنا إسماعيل حدثني أبي عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن الضحاك بن عثمان عن أبي هريرة, عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن الرجل ليتصدق بالصدقة من الكسب الطيب, ولا يقبل الله إلا الطيب, فيتلقاها الرحمن بيده, فيربيها كما يربي أحدكم فلوه أو وصيفه" أو قال فصيله, ثم قال: لا نعلم أحداً رواه عن يحيى بن سعيد عن عمرة إلا أبا أويس.
وقوله "والله لا يحب كل كفار أثيم", أي لا يحب كفور القلب أثيم القول والفعل, ولا بد من مناسبة في ختم هذه الاية بهذه الصفة, وهي أن المرابي لا يرضى بما قسم الله له من الحلال, ولا يكتفي بما شرع له من الكسب المباح, فهو يسعى في أكل أموال الناس بالباطل, بأنواع المكاسب الخبيثة, فهو جحود لما عليه من النعمة, ظلوم آثم بأكل أموال الناس بالباطل ـ ثم قال تعالى مادحاً للمؤمنين بربهم, المطيعين أمره المؤدين شكره, المحسنين إلى خلقه في إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة, مخبراً عما أعد لهم من الكرامة, وأنهم يوم القيامة من التبعات آمنون فقال: "إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون".
قوله: 276- "يمحق الله الربا" أي: يذهب بركته في الدنيا وإن كان كثيراً فلا يبقى بيد صاحبه، وقيل: يمحق بركته في الآخرة. قوله: "ويربي الصدقات" أي يزيد في المال الذي أخرجت صدقته، وقيل: يبارك في ثواب الصدقة ويضاعفه ويزيد في أجر المتصدق، ولا مانع من حمل ذلك على الأمرين جميعاً. قوله: "والله لا يحب كل كفار أثيم" أي لا يرضى، لأن الحب مختص بالتوابين، وفيه تشديد وتغليظ عظيم على من أربى حيث حكم عليه بالكفر، ووصفه بأثيم للمبالغة، وقيل: لإزالة الاشتراك، إذ قد يقع على الزراع، ويحتمل أن المراد بقوله: "كل كفار" من صدرت منه خصلة توجب الكفر، ووجه التصاقه بالمقام أن الذين قالوا: إنما البيع مثل الربا كفار.
276. قوله تعالى: " يمحق الله الربا " أي ينقصه ويهلكه ويذهب ببركته، وقال الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما " يمحق الله الربا " يعني لا يقبل منه صدقة ولا جهاداً ولا حجاً ولا صلة " ويربي الصدقات " أي يثمرها ويبارك فيها في الدنيا، ويضاعف بها الأجر والثواب في العقبى " والله لا يحب كل كفار " بتحريم الربا " أثيم " فاجر بأكله.
276-" يمحق الله الربا " يذهب ببركته ويهلك المال الذي يدخل فيه . " ويربي الصدقات " يضاعف ثوابها ويبارك فيما أخرجت منه ، وعنه عليه الصلاة والسلام " إن الله يقبل الصدقة ويربيها كما يربي أحدكم مهره " . وعنه عليه الصلاة والسلام " ما نقصت زكاة من مال قط " . " والله لا يحب " لا يرضى ولا يحب محبته للتوابين . " كل كفار " مصر على تحليل المحرمات . " أثيم " منهمك في ارتكابه .
276. Allah hath blighted usury and made alms giving fruitful. Allah loveth not the impious and guilty.
276 - God will deprive usury of all blessing, but will give increase for he loveth not creatures ungrateful and wicked.