29 - (ثم ليقضوا تفثهم) أي يزيلوا أوساخهم وشعثهم كطول الظفر (وليوفوا) بالتخفيف والتشديد (نذورهم) من الهدايا والضحايا (وليطوفوا) طواف الإفاضة (بالبيت العتيق) أي القديم لأنه أول بيت وضع للناس
القول في تأويل قوله تعالى " ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق "
الموفية عشرون: قوله تعالى: " ثم ليقضوا تفثهم " أي ثم ليقضوا بعد نحر الضحايا والهدايا ما بقي عليهم من أمر الحج، كالحلق ورمي الجمار وإزالة شعث ونحوه. قال ابن عرفة: أي ليزيلوا عنهم أدرانهم. وقال الأزهري : التفث الأخذ من الشارب وقص الأظفار ونتف الإبط وحلق العانة، وهذا عند الخروج من الإحرام. وقال النضر بن شميل: التفث في كلام العرب إذهاب الشعث، وسمعت الأزهري يقول: التفث في كلام العرب لا يعرف إلا من قول ابن عباس وأهل التفسير. وقال الحسن : هو إزالة قشف الإحرام. وقيل: التفث مناسك الحج كلها، رواه ابن عمر وابن عباس. قال ابن العربي : لو صح عنهما لكان حجة لشرف الصحبة والإحاطة باللغة، قال: وهذه اللفظة غريبة لم يجد أهل العربية فيها شعراً ولا أحاطوا بها خبراً، لكني تتبعت التفث لغةً فرأيت أبا عبيدة معمر بن المثنى قال: إنه قص الأظفار وأخذ الشارب وكل ما يحرم على المحرم إلا النكاح. قال: ولم يجيء فيه شعر يحتج به. وقال صحاب العين: التفث هو الرمي والحلق والتقصير والذبح وقص الأظفار والشارب والإبط. وذكر الزجاج و الفراء نحوه، ولا أراه أخذوه إلا من قول العلماء. وقال قطرب: تفث الرجل إذا كثر وسخه. قال أمية بن أبي الصلت:
حفوا رؤوسهم لم يحلقوا تفثاً ولم يسلوا لهم قملاً وصئبانا
وما أشار إليه قطرب هو الذي قاله ابن وهب عن مالك ، وهو الصحيح في التفث. وهذه صورة إلقاء التفث لغة، وأما حقيقته الشرعية فإذا نحر الحاج أو المعتمر هديه وحلق رأسه وأزال وسخه وتطهر وتنقى ولبس فقد أزال تفثه ووفى نذره، والنذر ما لزم الإنسان والتزمه.
قلت: ما حكاه عن قطرب وذكر من الشعر قد ذكره في تفسيره الماوردي ، وذكر بيتاً آخر فقال:
قضوا تفثاً ونحباً ثم ساروا إلى نجد وما انتظروا عليا
وقال الثعلبي : وأصل التفث في اللغة الوسخ، تقول العرب للرجل تستقذره: ما اأتفثك، أي ما أوسخك وأقذرك. قال أمية بن أبي الصلت:
ساخين آباطهم لم يقذفوا تفثاً وينزعوا عنهم قملاً وصئبانا
الماوردي : قيل لبعض الصلحاء ما المعنى في شعث المحرم؟ قال: ليشهد الله تعالى منك الإعراض عن العناية بنفسك فيعلم صدقك في بذلها لطاعته.
الحادية والعشرون: " وليوفوا نذورهم " أمروا بوفاء النذر مطلقاً إلا ما كان معصية، لقوله عليه السلام:
" لا وفاء لنذر في معصية الله "، وقوله:
" من نذر أن يطيع الله فليطعه ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه ". " وليطوفوا بالبيت العتيق " الطواف المذكور في هذه الآية هو طواف الإفاضة الذي هو من واجبات الحج. قال الطبري : لا خلاف بين المتأولين في ذلك.
الثانية والعشرون: للحج ثلاثة أطواف: طواف القدوم، وطواف الإفاضة، وطواف الوداع. قال إسماعيل بن إسحاق: طواف القدوم سنة، وهو ساقط عن المراهق وعن المكي وعن كل من يحرم بالحج من مكة. قال: والطواف الواجب الذي لا يسقط بوجه من الوجوه، وهو طواف الإفاضة الذي يكون بعد عرفة، قال الله تعالى: " ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق ". قال: فهذا هو الطواف المفترض في كتاب الله عز وجل، وهو الذي يحل به الحاج من إحرامه كله. قال الحافظ أبو عمر: ما ذكره إسماعيل في طواف الإفاضة هو قول مالك عند أهل المدينة، وهي رواية ابن وهب وابن نافع وأشهب عنه. وهو قول جمهور أهل العلم من فقهاء أهل الحجاز والعراق. وقد روى ابن القاسم وابن عبد الحكم عن مالك أن طواف القدوم واجب. وقال ابن القاسم في غير موضع من المدونة ورواه أيضاً عن مالك : الطواف الواجب طواف القادم مكة. وقال: من نسي الطواف في حين دخوله مكة أو نسي شوطاً منه، أو نسي السعي أو شوطاً منه حتى رجع إلى بلده ثم ذكره، فإن لم يكن أصاب النساء رجع فطاف وسعى، ثم اعتمر وأهدى. وهذا كقوله فيمن نسي طواف الإفاضة سواء. فعلى هذه الرواية الطوافان جميعاً واجبان، والسعي أيضاً. وأما طواف الصدر وهو المسمى بطواف الوداع فروى ابن القاسم وغيره عن مالك فيمن طاف طواف الإفاضة على غير وضوء: أنه يرجع من بلده فيفيض إلا أن يكون تطوع بعد ذلك. وهذا مما أجمع عليه مالك وأصحابه، وأنه يجزيه تطوعه عن الواجب المفترض عليه من طوافه. وكذلك أجمعوا أن من فعل في حجه شيئاً تطوع به من عمل الحج، وذلك الشيء واجب في الحج قد جاز وقته، فإن تطوعه ذلك يصيرللواجب لا للتطوع، بخلاف الصلاة. فإذا كان التطوع ينوب عن الفرض في الحج كان الطواف لدخول مكة أحرى أن ينوب عن طواف الإفاضة، إلا ما كان من الطواف بعد رمي جمرة العقبة يوم النحر أو بعده للوداع. ورواية ابن عبد الحكم عن مالك بخلاف ذلك، لأن فيها أن طواف الدخول مع السعي ينوب عن طواف الإفاضة لمن رجع إلى بلده مع الهدي، كما ينوب طواف الإفاضة مع السعي لمن لم يطف ولم يسع حين دخوله مكة مع الهدي أيضاً عن طواف القدوم. ومن قال هذا قال: إنما قيل لطواف الدخول واجب ولطواف الإفاضة واجب لأن بعضهما ينوب عن بعض، ولأنه قد روي عن مالك أنه يرجع من نسي أحدهما من بلده على ما ذكرنا، ولأن الله عز وجل لم يفترض على الحاج إلا طوافاً واحداً بقوله: " وأذن في الناس بالحج "، وقال في سياق الآية: " وليطوفوا بالبيت العتيق " والواو عندهم في هذه الآية وغيرها لا توجب رتبة إلا بتوقيف. وأسند الطبري عن عمرو بن أبي سلمة قال: سألت زهيراً عن قوله تعالى: " وليطوفوا بالبيت العتيق " فقال: هو طواف الوداع. وهذا يدل على أنه واجب، وهو أحد قولي الشافعي ، لأنه عليه السلام رخص للحائض أن تنفر دون أن تطوفه، ولا يرخص إلا في الواجب.
الثالثة والعشرون: اختلف المتأولون في وجه صفة البيت بالعتيق، فقال مجاهد و الحسن : العتيق القديم. يقال: سيف عتيق، وقد عتق أي قدم، وهذا قول يعضده النظر. وفي الصحيح :
" أنه أول مسجد وضع في الأرض ". وقيل عتيقاً لأن الله أعتقه من أن يتسلط عليه جبار بالهوان إلى انقضاء الزمان، قال معناه ابن الزبير و مجاهد . وفي الترمذي عن عبد الله بن الزبير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إنما سمي البيت العتيق لأنه لم يظهر عليه جبار " قال: هذا حديث حسن صحيح، وقد روي عن النبي صلى الله عليه سولم مرسلاً. فإن ذكر ذاكر الحجاج بن يوسف ونصبه المنجنيق على الكعبة حتى كسرها. قيل له: إنما أعتقها عن كفار الجبابرة، لأنهم إذا أتوا بأنفسهم متمردين ولحرمة البيت غير معتقدين، وقصدوا الكعبة بالسوء فعصمت منهم ولم تنلها أيديهم، كان ذلك دلالة على أن الله عز وجل صرفهم عنها قسراً. فأما المسلمون الذين اعتقدوا حرمتها فإنهم إن كفوا عنها لم يكن في ذلك من الدلالة على منزلتها عند الله مثل ما يكون منها في كف الأعداء، فقصر الله تعالى هذه الطائفة عن الكف بالنهي والوعيد، ولم يتجاوزه إلى الصرف بالإلجاء والاضطرار، وجعل الساعة موعدهم، والساعة أدهى وأمر. وقالت طائفة: سمي عتيقاً لأنه لم يملك موضعه قط. وقالت فرقة: سمي عتيقاً لأن الله عز وجل يعتق فيه رقاب المذنبين من العذاب. وقيل: سمي عتيقاً لأنه أعتق من غرق الطوفان، قاله ابن جبير. وقيل: العتيق الكريم. والعتق الكرم. قال طرفة يصف أذن الفرس:
مؤللتان تعرف العتق فيهما كسامعتي مذعورة وسط ربرب
وعتق الرقيق: الخروج من ذل الرق إلى كرم الحرية. ويحتمل أن يكون العتيق صفة مدح تقتضي جودة الشيء، كما قال عمر: حملت على فرس عتيق، الحديث. والقول الأول أصح للنظر والحديث الصحيح.قال مجاهد : خلق الله البيت قبل الأرض بألفي عام، وسمي عتيقاً لهذا، والله أعلم.
قال ابن عباس : "ليشهدوا منافع لهم" قال: منافع الدنيا والاخرة, أما منافع الاخرة فرضوان الله تعالى, وأما منافع الدنيا فما يصيبون من منافع البدن, والذبائح والتجارات, وكذا قال مجاهد وغير واحد: إنها منافع الدنيا والاخرة كقوله: "ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلاً من ربكم". وقوله: "ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام", قال شعبة وهشيم عن أبي بشر , عن سعيد , عن ابن عباس رضي الله عنهما: الأيام المعلومات أيام العشر, وعلقه البخاري عنه بصيغة الجزم به. وروي مثله عن أبي موسى الأشعري ومجاهد وقتادة وعطاء وسعيد بن جبير والحسن والضحاك وعطاء الخراساني وإبراهيم النخعي , وهو مذهب الشافعي والمشهور عن أحمد بن حنبل .
وقال البخاري : حدثنا محمد بن عرعرة , حدثنا شعبة عن سليمان , عن مسلم البطين , عن سعيد بن جبير , عن ابن عباس , عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما العمل في أيام أفضل منها في هذه . قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله ؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل يخرج يخاطر بنفسه وماله فلم يرجع بشيء", رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه بنحوه. وقال الترمذي : حديث حسن, غريب, صحيح, وفي الباب عن ابن عمر وأبي هريرة وعبد الله بن عمرو وجابر , قلت: وقد تقصيت هذه الطرق, وأفردت لها جزءاً على حدته, فمن ذلك ما قال الإمام أحمد : حدثنا عثمان أنبأنا أبو عوانة عن يزيد بن أبي زياد عن مجاهد , عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد" وروي من وجه آخر عن مجاهد عن ابن عمر بنحوه. وقال البخاري : وكان ابن عمر وأبو هريرة يخرجان إلى السوق في أيام العشر فيكبران ويكبر الناس بتكبيرهما.
وقد روى أحمد عن جابر مرفوعاً أن هذا هو العشر الذي أقسم به في قوله: " والفجر * وليال عشر ". وقال بعض السلف: أنه المراد بقوله: "وأتممناها بعشر" وفي سنن أبي داود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصوم هذا العشر, وهذا العشر مشتمل على يوم عرفة الذي ثبت في صحيح مسلم عن أبي قتادة قال: " سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيام يوم عرفة, فقال: أحتسب على الله أن يكفر به السنة الماضية والاتية, ويشتمل على يوم النحر الذي هو يوم الحج الأكبر", وقد ورد في حديث أنه أفضل الأيام عند الله وبالجملة, فهذا العشر قد قيل إنه أفضل أيام السنة, كما نطق به الحديث, وفضله كثير على عشر رمضان الأخير, لأن هذا يشرع فيه ما يشرع في ذلك من صلاة وصيام وصدقة وغيره, ويمتاز هذا باختصاصه بأداء فرض الحج فيه. وقيل ذلك أفضل لا شتماله على ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر, وتوسط آخرون فقالوا: أيام هذا أفضل, وليالي ذاك أفضل, وبهذا يجتمع شمل الأدلة, والله أعلم.
(قول ثان) في الأيام المعلومات. قال الحكم عن مقسم عن ابن عباس : الأيام المعلومات يوم النحر وثلاثة أيام بعده, ويروى هذا عن ابن عمر وإبراهيم النخعي , وإليه ذهب أحمد بن حنبل في رواية عنه.
(قول ثالث) قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي , حدثنا علي بن المديني , حدثنا يحيى بن سعيد , حدثنا ابن عجلان , حدثني نافع أن ابن عمر كان يقول: الأيام المعلومات والمعدودات هن جميعهن أربعة أيام, فالأيام المعلومات: يوم النحر, ويومان بعده, والأيام المعدودات ثلاثة أيام بعد يوم النحر, هذا إسناد صحيح إليه, وقاله السدي , وهو مذهب الإمام مالك بن أنس , ويعضد هذا القول والذي قبله قوله تعالى: "على ما رزقهم من بهيمة الأنعام" يعني ذكر الله عند ذبحها.
(قول رابع) أنها يوم عرفة ويوم النحر ويوم آخر بعده, وهو مذهب أبي حنيفة . وقال ابن وهب : حدثني ابن زيد بن أسلم عن أبيه أنه قال: المعلومات يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق.
وقوله: "على ما رزقهم من بهيمة الأنعام" يعني الإبل والبقر والغنم كما فصلها تعالى في سورة الأنعام "ثمانية أزواج" الاية, وقوله: "فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير" استدل بهذه الاية من ذهب إلى وجوب الأكل من الأضاحي, وهو قول غريب, والذي عليه الأكثرون أنه من باب الرخصة أو الاستحباب, كما " ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نحر هديه أمر من كل بدنة ببضعة فتطبخ, فأكل من لحمها وحسا من مرقها " . قال عبد الله بن وهب : قال لي مالك : أحب أن يأكل من أضحيته, لأن الله يقول: "فكلوا منها" قال ابن وهب : وسألت الليث , فقال لي مثل ذلك, وقال سفيان الثوري عن منصور عن إبراهيم "فكلوا منها" قال: كان المشركون لا يأكلون من ذبائحهم فرخص للمسلمين, فمن شاء أكل ومن لم يشأ لم يأكل, وروي عن مجاهد وعطاء نحو ذلك.
قال هشيم عن حصين عن مجاهد في قوله: "فكلوا منها" قال: هي كقوله: " وإذا حللتم فاصطادوا " "فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض" وهذا اختيار ابن جرير في تفسيره, واستدل من نصر القول بأن الأضاحي يتصدق فيها بالنصف بقوله في هذه الاية: "فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير" فجزأها نصفين: نصف للمضحي ونصف للفقراء, والقول الاخر أنها تجزأ ثلاثة أجزاء: ثلث له وثلث يهديه وثلث يتصدق به, لقوله تعالى في الاية الأخرى: "فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر" وسيأتي الكلام عليها عندها إن شاء الله وبه الثقة.
وقوله: "البائس الفقير" قال عكرمة : هو المضطر الذي يظهر عليه البؤس والفقير المتعفف, وقال مجاهد : هو الذي لا يبسط يده, وقال قتادة : هو الزمن, وقال مقاتل بن حيان : هو الضرير. وقوله: "ثم ليقضوا تفثهم" قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس : وهو وضع الإحرام من حلق الرأس ولبس الثياب وقص الأظافر ونحو ذلك, وهكذا روى عطاء ومجاهد عنه, وكذا قال عكرمة ومحمد بن كعب القرظي . وقال عكرمة عن ابن عباس "ثم ليقضوا تفثهم" قال: التفث المناسك. وقوله: "وليوفوا نذورهم" قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس : يعني نحر ما نذر من أمر البدن. وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد "وليوفوا نذورهم" نذر الحج والهدي وما نذر الإنسان من شيء يكون في الحج. وقال إبراهيم بن ميسرة عن مجاهد "وليوفوا نذورهم" قال: الذبائح. وقال ليث بن أبي سليم عن مجاهد "وليوفوا نذورهم" كل نذر إلى أجل وقال عكرمة "وليوفوا نذورهم" قال: حجهم. وكذا روى الإمام أحمد وابن أبي حاتم : حدثنا أبي . حدثنا ابن أبي عمر , حدثنا سفيان في قوله: "وليوفوا نذورهم" قال: نذور الحج, فكل من دخل الحج فعليه من العمل فيه الطواف بالبيت وبين الصفا والمروة وعرفة والمزدلفة ورمي الجمار على ما أمروا به, وروي عن مالك نحو هذا.
وقوله: "وليطوفوا بالبيت العتيق" قال مجاهد : يعني الطواف الواجب يوم النحر, وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي , حدثنا موسى بن إسماعيل , حدثنا حماد عن أبي حمزة قال: قال لي ابن عباس : أتقرأ سورة الحج يقول الله تعالى: "وليطوفوا بالبيت العتيق" فإن آخر المناسك الطواف بالبيت العتيق, قلت: وهكذا صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه لما رجع إلى منى يوم النحر بدأ برمي الجمرة, فرماها بسبع حصيات, ثم نحر هديه وحلق رأسه, ثم أفاض فطاف بالبيت, وفي الصحيحين عن ابن عباس أنه قال: أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت الطواف إلا أنه خفف عن المرأة الحائض.
وقوله: "بالبيت العتيق" فيه مستدل لمن ذهب إلى أنه يجب الطواف من وراء الحجر, لأنه من أصل البيت الذي بناه إبراهيم, وإن كانت قريش قد أخرجوه من البيت حين قصرت بهم النفقة, ولهذا طاف رسول الله صلى الله عليه وسلم من وراء الحجر وأخبر أن الحجر من البيت ولم يستلم الركنين الشاميين لأنهما لم يتمما على قواعد إبراهيم العتيقة, ولهذا قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي , حدثنا ابن أبي عمر العدني , حدثنا سفيان عن هشام بن حجر عن رجل عن ابن عباس قال: لما نزلت هذه الاية "وليطوفوا بالبيت العتيق" طاف رسول الله صلى الله عليه وسلم من ورائه, وقال قتادة عن الحسن البصري في قوله: "وليطوفوا بالبيت العتيق" قال: لأنه أول بيت وضع للناس, وكذا قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم , وعن عكرمة أنه قال: إنما سمي البيت العتيق لأنه أعتق يوم الغرق زمان نوح, وقال خصيف : إنما سمي بالبيت العتيق لأنه لم يظهر عليه جبار قط.
وقال ابن أبي نجيح وليث عن مجاهد : أعتق من الجبابرة أن يسلطوا عليه, وكذا قال قتادة . وقال حماد بن سلمة عن حميد عن الحسن بن مسلم عن مجاهد : لأنه لم يرده أحد بسوء إلا هلك, وقال عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن ابن الزبير قال: إنما سمي البيت العتيق لأن الله أعتقه من الجبابرة, وقال الترمذي : حدثنا محمد بن إسماعيل وغير واحد, حدثنا عبد الله بن صالح , أخبرني الليث عن عبد الرحمن بن خالد عن ابن شهاب عن محمد بن عروة عن عبد الله بن الزبير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنما سمي البيت العتيق لأنه لم يظهر عليه جبار" وكذا رواه ابن جرير عن محمد بن سهل النجاري عن عبد الله بن صالح به, وقال: إن كان صحيحاً, وقال الترمذي : هذا حديث حسن غريب, ثم رواه من وجه آخر عن الزهري مرسلاً.
29- "ثم ليقضوا تفثهم" المراد بالقضاء هنا هو التأدية: أي ليؤدوا إزالة وسخهم، لأن التفث هو الوسخ والقذارة من طول الشعر والأظفار، وقد أجمع المفسرون كما حكاه النيسابوري على هذا. قال الزجاج: إن أهل اللغة لا يعرفون التفث. وقال أبو عبيدة: لم يأت في الشعر ما يحتج به في معنى التفث. وقال المبرد: أصل التفث في اللغة كل قاذورة تلحق الإنسان. وقيل قضاؤه ادهانه لأن الحاج مغبر شعث لم يدهن ولم يستحد، فإذا قضى نسكه وخرج من إحرامه حلق شعره وليس ثيابه، فهذا هو قضاء التفث. قال الزجاج: كأنه خروج من الإحرام إلى الحلال "وليوفوا نذورهم" أي ما ينذرون به من البر في حجهم، والأمر للوجوب، وقيل المراد بالنذور هنا أعمال الحج "وليطوفوا بالبيت العتيق" هذا الطواف هو طواف الإفاضة. قال ابن جرير: لا خلاف في ذلك بين المتأولين، والعتيق القديم كما يفيده قوله سبحانه: "إن أول بيت وضع للناس" الآية، وقد سمي العتيق لأن الله أعتقه من أن يتسلط عليه جبار، وقيل لأن الله يعتق فيه رقاب المذنبين من العذاب، وقيل لأنه أعتق من غرق الطوفان وقيل العتيق الكريم.
وقد أخرج عبد بن حميد عن ابن عباس في قوله: "والمسجد الحرام" قال: الحرم كله، وهو المسجد الحرام "سواء العاكف فيه والباد" قال: خلق الله في سواء. وأخرج ابن أبي شيبة عن سعيد بن جبير مثله. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في الآية قال: هم في منازل مكة سواء، فينبغي لأهل مكة أن يوسعوا لهم حتى يقضوا مناسكهم. وقال البادي وأهل مكة سواء، يعني في المنزل والحرم. وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الله بن عمرو قال: من أخذ من أجور بيوت مكة إنما يأكل في بطونه ناراً. وأخرج ابن سعد عن عمر بن الخطاب أن رجلاً قال له عند المروة: يا أمير المؤمنين أقطعني مكاناً لي ولعقبي، فأعرض عنه عمر وقال: هو حرم الله سواء العاكف فيه والباد. وأخرج ابن أبي شيبة عن عطاء قال: كان عمر يمنع أهل مكة أن يجعلوا لها أبواباً حتى ينزل الحاج في عرصات الدور. وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه قال السيوطي بإسناد صحيح عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قول الله ""سواء العاكف فيه والباد" قال: سواء المقيم والذي يدخل". وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مكة مباحة لا تؤجر بيوتها ولا تباع رباعها". وأخرج ابن أبي شيبة وابن ماجه عن علقمة بن نضلة قال: توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وما تدعى رباع مكة إلا السوائب، من احتاج سكن ومن استغنى أسكن. رواه ابن ماجه عن أبي بكر بن أبي شيبة عن عيسى بن يونس عن عمر بن سعيد بن أبي حفرة عن عثمان بن أبي سليمان عن علقمة فذكره. وأخرج الدارقطني عن ابن عمر مرفوعاً "من أكل كراء بيوت مكة أكل ناراً". وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور وابن راهويه وأحمد وعبد بن حميد والبزار وأبو يعلى وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه، وابن مردويه عن ابن مسعود رفعه في قوله: "ومن يرد فيه بإلحاد بظلم" قال: لو أن رجلاً هم فيه بإلحاد وهو بعدن أبين لأذاقه الله عذاباً أليماً. قال ابن كثير: هذا الإسناد صحيح على شرط البخاري، ووقفه أشبه من رفعه، ولهذا صمم شعبة على وقفه. وأخرج سعيد بن منصور والطبراني عن ابن مسعود في الآية قال: من هم بخطيئة فلم يعملها في سوى البيت لم تكتب عليه حتى يعملها، ومن هم بخطيئة في البيت لم يمته الله من الدنيا حتى يذيقه من عذاب أليم. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: نزلت هذه الآية في عبد الله بن أنيس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه مع رجلين، أحدهما مهاجر والآخر من الأنصار، فافتخروا في الأنساب، فغضب عبد الله بن أنيس، فقتل الأنصاري ثم ارتد عن الإسلام وهرب إلى مكة، فنزلت فيه "ومن يرد فيه بإلحاد بظلم" يعني من لجأ إلى الحرم بإلحاد، يعني بميل عن الإسلام. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه في قول "ومن يرد فيه بإلحاد بظلم" قال: يشرك. وأخرج عبد بن حميد والبخاري في تاريخه وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن يعلى بن أمية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "احتكار الطعام في الحرم إلحاد فيه". وأخرج سعيد بن منصور والبخاري في تاريخه وابن المنذر عن عمر بن الخطاب قال: احتكار الطعام بمكة إلحاد بظلم. وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن ابن عمر قال: بيع الطعام بمكة إلحاد. وأخرج البيهقي في الشعب عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "احتكار الطعام بمكة إلحاد". وأخرج ابن جرير والحاكم وصححه عن علي قال: لما أمر إبراهيم ببناء البيت خرج معه إسماعيل وهاجر، وذلك حين يقول الله: "وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت" الآية. وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عطاء "والقائمين" قال: المصلين عنده. وأخرج عبد الرزاق وابن جرير عن قتادة معناه. وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف وابن منيع وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في السنن عن ابن عباس قال: لما فرغ إبراهيم من بناء البيت قال: رب قد فرغت، فقال: "أذن في الناس بالحج" قال رب وما يبلغ صوتي؟ قال أذن وعلي البلاغ، قال: رب كيف أقول؟ قال: قل: يا أيها الناس كتب عليكم الحج إلى البيت العتيق فسمعه من في السماء والأرض، ألا ترى أنهم يجيئون من أقصى الأرض يلبون. وفي الباب آثار عن جماعة من الصحابة. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس "ليشهدوا منافع لهم" قال: أسواقاً كانت لهم، ما ذكر الله منافع إلا الدنيا. وأخرج ابن أبي حاتم عنه قال: منافع في الدنيا ومنافع في الآخرة، فأما منافع الآخرة فرضوان الله، وأما منافع الدنيا فمما يصيبون من لحوم البدن في ذلك اليوم والذبائح والتجارات. وأخرج أبو بكر المرزوي في كتاب العيدين عنه أيضاً قال: الأيام المعلومات: يوم النحر وثلاثة أيام بعده. وأخرج ابن جرير عنه أيضاً قال: الأيام المعلومات: يوم النحر وثلاثة أيام بعده. وأخرج ابن جرير عنه أيضاً قال: أيام التشريق. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عنه أيضاً في الأيام المعلومات قال: قبل يوم التروية بيوم، ويوم التروية ويوم عرفة. وأخرج ابن جرير عنه أيضاً قال: البائس الزمن. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن ابن عمر قال: التفث المناسك كلها. وأخرج هؤلاء عن ابن عباس نحوه. وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: التفث خلق الرأس والأخذ من العارضين ونتف الإبط وحلق العانة والوقوف بعرفة والسعي بين الصفا والمروة ورمي الجمار وقص الأظفار وقص الشارب والذبح. وأخرج ابن جرير وابن المنذر عنه "وليطوفوا بالبيت العتيق" هو طواف الزيارة يوم النحر، وورد في وجه تسمية البيت بالعتيق آثار عن جماعة من الصحابة، وقد أشرنا إلى ذلك سابقاً، وورد في فضل الطواف أحاديث ليس هذا موضع ذكرها.
29. " ثم ليقضوا تفثهم "، التفث: الوسخ والقذارة من طول الشعر والأظافر والشعث، تقول العرب لمن تستقذره: ما أتفثك: أي: ما أوسخك. والحاج أشعث أغبر، لم يحلق شعره ولم يقلم ظفره، فقضاء التفث: إزالة هذه الأشياء ليقضوا تفثهم، أي: ليزيلوا أدرانهم، والمراد منه الخروج عن الإحرام بالحلق، وقص الشارب، ونتف الإبط، والاستحداد، وقلم الأظفار، ولبس الثياب. قال ابن عمر وابن عباس: ((قضاء التفث)): مناسك الحج كلها. وقال مجاهد : هو مناسك الحج، وأخذ الشارب، ونتف الإبط، وحلق العانة، وقلم الأظافر. وقيل: التفث هاهنا رمي الجمار. قال الزجاج : لا نعرف التفث ومعناه إلا من القرآن.
قوله تعالى: " وليوفوا نذورهم "، قال مجاهد : أراد نذر الحج والهدي وما ينذر الإنسان من شيء يكون في الحج أي: ليتموها بقضائها. وقيل: المراد منه الوفاء بما نذر على ظاهره. وقيل: أراد به الخروج. عما وجب عليه نذر أو لم ينذر. والعرب تقول لكل من خرج عن الواجب عليه وفى بنذره. وقرأ عاصم برواية أبي بكر ((وليوفوا)) بنصب الواو وتشديد الفاء.
" وليطوفوا بالبيت العتيق "، أراد به الطواف الواجب عليه وهو طواف الإفاضة يوم النحر بعد الرمي والحلق.
والطواف ثلاثة: طواف القدوم، وهو أن من قدم مكة يطوف بالبيت سبعاً يرمل ثلاثاً من الحجر الأسود إلى أن ينتهي إليه ويمشي أربعاً، وهذا الطواف سنة لا شيء على من تركه.
أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أخبرنا أحمد النعيمي ، أخبرنا محمد بن يوسف ، أخبرنا محمد بن إسماعيل ، أخبرنا أحمد هو أبو عيسى ، أخبرنا ابن وهب ، أخبرنا عمرو بن الحارث ، عن محمد بن عبد الرحمن بن نوفل القرشي أنه سأل عروة بن الزبير فقال: قد حج النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرتني عائشة أنه أول شيء بدأ به حين قدم أنه توضأ ثم طاف بالبيت ثم لم يكن عمرة، ثم حج أبو بكر فكان أول شيء بدأ به الطواف بالبيت ثم لم يكن عمرة، ثم عمر مثل ذلك، ثم حج عثمان فرأيته أول شيء بدأ الطواف بالبيت.
أخبرنا عبد الوهاب بن محمد الكسائي ، أخبرنا عبد العزيز بن أحمد الخلال ، أخبرنا أبو العباس الأصم ، أخبرنا الربيع ، أخبرنا الشافعي ، أخبرنا أنس بن عياض ، عن موسى بن عقبة، عن نافع ، عن ابن عمر عن " رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا طاف في الحج أو العمرة أول ما يقدم يسعى ثلاثة أطواف ويمشي أربعاً، ثم يصلي سجدتين، ثم يطوف بين الصفا والمروة سبعاً ".
والطواف الثاني: هو طواف الإفاضة يوم النحر بعد الرمي والحلق، وهو واجب لا يحصل التحلل من الإحرام ما لم يأت به.
أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أخبرنا أحمد النعيمي ، أخبرنا محمد بن يوسف ، أخبرنا محمد بن إسماعيل ، أخبرنا عمر بن حفص ، حدثنا أبي، أخبرنا الأعمش ، أخبرنا إبراهيم عن الأسود عن عائشة قالت: " حاضت صفية ليلة النفر فقالت: ما أراني إلا حابستكم قال النبي صلى الله عليه وسلم عقري حلقى أطافت يوم النحر؟ قيل: نعم، قال: فانفري "، فثبت بهذا أن من لم يطف يوم النحر طواف الإفاضة لا يجوز له أن ينفر.
والطواف الثالث: هو طواف الوداع لا رخصة فيه لمن أراد مفارقة مكة إلى مسافة القصر أن يفارقها حتى يطوف بالبيت سبعاً، فمن تركه فعليه دم إلا المرأة الحائض يجوز لها ترك طواف الوداع.
أخبرنا عبد الوهاب بن محمد الخطيب ، أخبرنا عبد العزيز أحمد الخلال ، أخبرنا أبو العباس الأصم ، أخبرنا الربيع ، أخبرنا الشافعي ، أخبرنا سفيان ، عن سليمان الأحول ، عن طاووس عن ابن عباس، قال: أمر الناس أن يكون آخر عهدهم الطواف بالبيت إلا أنه رخص للمرأة الحائض.
والرمل مختص بطواف القدوم، ولا رمل في طواف الإفاضة والوداع.
قوله: " بالبيت العتيق " اختلفوا في معنى ((العتيق)): قال ابن عباس، وابن الزبير و مجاهد و قتادة : سمى عتيقاً لأن أعتقه من أيدي الجبابرة أن يصلوا إلى تخريبه، فلم يظهر عليه جبار قط. قال سفيان بن عيينة : سمي عتيقاً لأنه لم يملك قط، وقال الحسن و ابن زيد : سمي به لأنه قديم وهو أول بيت وضع للناس، يقال: دينار عتيق أي قديم، وقيل: سمي عتيقاً لأن الله أعتقه من الغرق، فإنه رفع أيام الطوفان.
29ـ " ثم ليقضوا تفثهم " ثم ليزيلوا وسخهم بقص الشارب والأظفار ونتف الإبط والاستحداد عند الإحلال . " وليوفوا نذورهم " ما ينذرون من البر في حجهم ، وقيل مواجب الحج . وقرأ أبو بكر بفتح الواو وتشيد الفاء . " وليطوفوا " طواف الركن الذي به تمام التحلل فإنه قرينة قضاء التفث ، وقيل طواف الوداع . وقرأ ابن عامر وحده بكسر اللام فيهما . " بالبيت العتيق " القديم لأنه أول بيت وضع للناس ، أو المعتق من تتسلط الجبابرة فكم جبار رسا إليه ليهدمه فمنعه الله تعالى ، وأما الحجاج فإنما قصد إخراج ابن الزبير منه دون التسلط عليه .
29. Then let them make an end of their unkemptness and pay their vows and go around the ancient House.
29 - Then let them complete The rites prescribed For them, perform their vows, And (again) circumambulate The Ancient House.