(قل) لهم (إن تخفوا ما في صدوركم) قلوبكم من موالاتهم (أو تبدوه) تظهروه (يعلمه الله و) هو (يعلم ما في السماوات وما في الأرض والله على كل شيء قدير) ومنه تعذيب من والاهم
قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: "قل" يا محمد، للذين أمرتهم أن لا يتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين، "إن تخفوا ما في صدوركم" من موالاة الكفار فتسروه، أو تبدوا ذلكم من نفوسكم بألسنتكم وأفعالكم فتظهروه، "يعلمه الله"، فلا يخفى عليه. يقول: فلا تضمروا لهم مودةً ولا تظهروا لهم موالاة، فينالكم من عقوبة ربكم ما لا طاقة لكم به، لأنه يعلم سركم وعلانيتكم، فلا يخفى عليه شيء منه، وهو محصيه عليكم حتى يجازيكم عليه بالإحسان إحساناً، وبالسيئة مثلها، كما:
حدثني موسى قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط، عن السدي قال: أخبرنا أنه يعلم ما أسروا من ذلك وما أعلنوا، فقال: "إن تخفوا ما في صدوركم أو تبدوه".
وأما قوله: "ويعلم ما في السماوات وما في الأرض"، فإنه يعني أنه إذ كان لا يخفى عليه شيء هو في سماء أو أرض أو حيث كان، فكيف يخفى عليه -أيها القوم الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين- ما في صدوركم من الميل إليهم بالمودة والمحبة، أو ما تبدونه لهم بالمعونة فعلاً وقولاً؟
وأما قوله: "والله على كل شيء قدير"، فإنه يعني: والله قدير على معاجلتكم بالعقوبة على موالاتكم إياهم ومظاهرتكموهم على المؤمنين، وعلى ما يشاء من الأمور كلها، لا يتعذر عليه شيء أراده، ولا يمتنع عليه شيء طلبه.
فهو العالم بخفيات الصدور وما اشتملت عليه ، وبما في السماوات والأرض وما احتوت عليه ، علام الغيوب لا يعزب عنه مثقال ذرة ولا يغيب عنه شيء ، سبحانه لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة .
نهى تبارك وتعالى عباده المؤمنين أن يوالوا الكافرين, وأن يتخذوهم أولياء يسرون إليهم بالمودة من دون المؤمنين, ثم توعد على ذلك, فقال تعالى: "ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء" أي ومن يرتكب نهي الله في هذا, فقد بريء من الله, كما قال تعالى: " يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق يخرجون الرسول وإياكم أن تؤمنوا بالله ربكم إن كنتم خرجتم جهادا في سبيلي وابتغاء مرضاتي تسرون إليهم بالمودة وأنا أعلم بما أخفيتم وما أعلنتم ومن يفعله منكم فقد ضل سواء السبيل ", وقال تعالى: " يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين أتريدون أن تجعلوا لله عليكم سلطانا مبينا ", وقال تعالى: " يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم " الاية, وقال تعالى بعد ذكر موالاة المؤمنين من المهاجرين والأنصار والأعراب "والذين كفروا بعضهم أولياء بعض إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير" , وقوله تعالى: "إلا أن تتقوا منهم تقاة" أي إلا من خاف في بعض البلدان أو الأوقات من شرهم, فله أن يتقيهم بظاهره لا بباطنه ونيته, كما قال البخاري عن أبي الدرداء : أنه قال: إنا لنكشر في وجوه أقوام وقلوبنا تلعنهم. وقال الثوري : قال ابن عباس : ليس التقية بالعمل إنما التقية باللسان, وكذا رواه العوفي عن ابن عباس : إنما التقية باللسان, وكذا قال أبو العالية وأبو الشعثاء والضحاك والربيع بن أنس . ويؤيد ما قالوه قول الله تعالى: " من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان " الاية. وقال البخاري : قال الحسن : التقية إلى يوم القيامة, ثم قال تعالى: "ويحذركم الله نفسه" أي يحذركم نقمته في مخالفته وسطوته وعذابه لمن والى أعداءه, وعادى أولياءه. ثم قال تعالى: "وإلى الله المصير" أي إليه المرجع والمنقلب ليجازي كل عامل بعمله. قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي , حدثنا سويد بن سعيد , حدثنا مسلم بن خالد عن ابن أبي حسين , عن عبد الرحمن بن سابط , عن عمرو بن ميمون , قال: قام فينا معاذ بن جبل , فقال:" يا بني أود, إني رسول رسول الله إليكم, تعلمون أن المعاد إلى الجنة أو إلى النار " .
قوله 29- "قل إن تخفوا ما في صدوركم" الآية فيه أن كل ما يضمره العبد ويخفيه أو يظهره ويبديه فهو معلوم لله سبحانه، لا يخفى عليه منه شيء ولا يعزب عنه مثقال ذرة "ويعلم ما في السموات وما في الأرض" مما هو أعم من الأمور التي يخفونها أو يبدونها، فلا يخفى عليه ما هو أخص من ذلك.
29-" قل إن تخفوا ما في صدوركم " أي قلوبكم من مودة الكفار"أو تبدوه" من موالاتهم قولاً وفعلاً " يعلمه الله " وقال الكلبي :إن تسروا مافي قلوبكم لرسول الله صلى الله عليه وسلم من التكذيب او تظهروه ، بحرية وقتاله ، يعلمه الله ويحفظه عليكم ، حتى يجازيكم ، به ثم لرسول الله صلى الله عليه وسلم قال :"ويعلم" رفع على الاستئناف " ما في السماوات وما في الأرض " يعني اذا كان لايخفي عليه شئ في السموات ولا في الارض فكيف تخفي عليه موالاتكم الكفار وميلكم الكيهم بالقلب؟" والله على كل شيء قدير ".
29"قل إن تخفوا ما في صدوركم أو تبدوه يعلمه الله" أي أنه يعلم ضمائركم من ولاية الكفار وغيرها إن تخفوها أو تبدوها. "ويعلم ما في السموات وما في الأرض" في علم سركم وعلنكم. "والله على كل شيء قدير" فيقدر على عقوبتكم إن لم تنتهوا ما نهيتم عنه. والآية بيان لقوله تعالى: "ويحذركم الله نفسه" وكأنه قال ويحذركم نفيه لأنها متصفة بعلم ذاتي محيط بالمعلومات كلها، وقدرة ذاتية تعم المقدورات بأسرها، فلا تجسروا على عصيانه إذ ما من معصية إلا وهو مطلع عليها قادر على العقاب بها.
29. Say, (O Muhammad): Whether ye hide that which is in your breasts or reveal it, Allah knoweth it. He knoweth that which is in the heavens and that which is in the earth, and Allah is Able to do all things.
29 - Say: whether ye hide what is in your hearts or reveal it, God knows it all: he knows what is in the heavens, and what is on earth. and God has power over all things.