29 - (إن الذين يتلون) يقرؤون (كتاب الله وأقاموا الصلاة) أداموها (وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية) زكاة وغيرها (يرجون تجارة لن تبور) تهلك
وأخرج عبد الغني بن سعيد الثقفي في تفسيره عن ابن عباس أن حصين ابن الحرث بن عبد المطلب بن عبد مناف القرشي نزل فيه إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة الآية
يقول تعالى ذكره: إن الذين يقرءون كتاب الله الذي أنزله على محمد صلى الله عليه وسلم " وأقاموا الصلاة " يقول: وأدوا الصلاة المفروضة لمواقيتها بحدودها. وقال: وأقاموا الصلاة بمعنى: ويقيموا الصلاة وقوله " وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية " يقول: وتصدقوا بما أعطيناهم من الأموال سراً في خفاء، وعلانية: جهاراً. وإنما معنى ذلك أنهم يؤدون الزكاة المفروضة، ويتطوعون أيضاً بالصدقة منه بعد أداء الفرض الواجب عليهم فيه. وقوله " يرجون تجارة لن تبور " يقول تعالى ذكره: يرجون بفعلهم ذلك تجارة لن تبور: لن تكسد ولن تهلك، من قولهم: بارت السوق: إذا كسدت وبار الطعام. وقوله " تجارة " جواب لأول الكلام.
قوله تعالى : " إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية " هذه آية القراء العاملين العالمين الذين يقيمون الصلاة الفرض والنفل ، وكذا في الإنفاق . وقد مضى في مقدمة الكتاب ما ينبغي أن يتخلق به قارئ القرآن . " يرجون تجارة لن تبور " قال أحمد بن يحيى : خبر (( إن )) (( يرجون )) . " ويزيدهم من فضله " قيل : الزيادة الشفاعة في الآخرة . وهذا مثل الآية الأخرى : " رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر " - إلى قوله - " ويزيدهم من فضله " ، وقوله في آخر النساء : " فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله " وهناك بيناه . " إنه غفور " للذنوب . " شكور " يقبل القليل من العمل الخالص ، ويثيب عليه الجزيل من الثواب .
يخبر تعالى عن عباده المؤمنين الذين يتلون كتابه ويؤمنون به, ويعملون بما فيه من إقام الصلاة والإنفاق مما رزقهم الله تعالى في الأوقات المشروعة ليلاً ونهاراً, سراً وعلانية "يرجون تجارة لن تبور" أي يرجون ثواباً عند الله لا بد من حصوله, كما قدمنا في أول التفسير عند فضائل القرآن أنه يقول لصاحبه: إن كل تاجر من وراء تجارته وإنك اليوم من وراء كل تجارة, ولهذا قال تعالى: "ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله" أي ليوفيهم ثواب ما عملوه ويضاعفه لهم بزيادات لم تخطر لهم "إنه غفور" أي لذنوبهم "شكور" للقليل من أعمالهم قال قتادة : كان مطرف رحمه الله إذا قرأ هذه الأية يقول: هذه آية القراء. قال الإمام أحمد : حدثنا أبو عبد الرحمن , حدثنا حيوة , حدثنا سالم بن غيلان قال: إنه سمع دراجاً أبا السمح يحدث عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: إنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الله تعالى إذا رضي عن العبد أثنى عليه بسبعة أصناف من الخير لم يعمله, وإذا سخط على العبد أثنى عليه بسبعة أضعاف من الشر لم يعمله" غريب جداً.
29- "إن الذين يتلون كتاب الله" أي يستمرون على تلاوته ويداومونها. والكتاب هو القرآن الكريم، ولا وجه لما قيل إن المراد به جنس كتب الله "وأقاموا الصلاة" أي فعلوها في أوقاتها مع كمال أركانها وأذكارها "وأنفقوا مما رزقناهم سراً وعلانية" فيه حث على الإنفاق كيف ما تهيأ، فإن تهيأ سراً فهو أفضل وإلا فعلانية، ولا يمنعه ظنه أن يكون رياء، ويمكن أن يراد بالسر صدقة النفل، وبالعلانية صدقة الفرض وجملة "يرجون تجارة لن تبور" في محل رفع على خبرية إن كما قال ثعلب وغيره، والمراد بالتجارة ثواب الطاعة ومعنى "لن تبور" لن تكسد ولن تهلك، وهي صفة للتجارة والإخبار برجائهم لثواب ما عملوا بمنزلة الوعد بحصول مرجوهم.
قوله تعالى: 29- "إن الذين يتلون كتاب الله"، يعني: قرأوا القرآن، "وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سراً وعلانيةً يرجون تجارةً لن تبور"، لن تفسد ولن تهلك، والمراد من التجارة ما وعد الله من الثواب.
قال الفراء: قوله: يرجعون جواب لقوله: إن الذين يتلون كتاب الله.
29 -" إن الذين يتلون كتاب الله " يداومون على قرائته أو متابعة ما فيه حتى صارت سمة لهم وعنواناً ، والمراد بكتاب الله القرآن أو جنس كتب الله فيكون ثناء على المصدقين من الأمم بعد اقتصاص حال المكذبين . " وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية " كيف اتفق من غير قصد إليهما . وقيل السر في المسنونة والعلانية في المفروضة . " يرجون تجارةً " تحصيل ثواب الطاعة وهو خبر إن . " لن تبور " لن تكسد ولن تهلك بالخسران صفة للتجارة وقوله :
29. Lo! those who read the Scripture of Allah, and establish worship, and spend of that which We have bestowed on them secretly and openly, they look forward to imperishable gain,
29 - Those who rehearse the Book of God, establish regular Prayer, and spend (in Charity) out of what We have provided for them, secretly and openly, hope for Commerce that will never fail: