29 - (يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله) بالإنابة وغيرها (يجعل لكم فرقاناً) بينكم وبين ما تخافون فتنجون (ويكفر عنكم سيئاتكم ويغفر لكم) ذنوبكم (والله ذو الفضل العظيم)
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: يا أيها الذين صدقوا الله ورسوله، إن تتقوا الله بطاعته وأداء فرائضه، واجتناب معاصيه، وترك خيانته وخيانة رسوله وخيانة أماناتكم، " يجعل لكم فرقانا "، يقول: يجعل لكم فصلاً وفرقاً بين حقكم وباطل من يبغيكم السوء من أعدائكم المشركين، بنصره إياكم عليهم، وإعطائكم الظفر بهم، " ويكفر عنكم سيئاتكم "، يقول: ويمحو عنكم ما سلف من ذنوبكم بينكم وبينه، " ويغفر لكم "، يقول: ويغطيها فيسترها عليكم، فلا يؤاخذكم بها، " والله ذو الفضل العظيم "، يقول: والله الذي يفعل ذلك بكم، له الفضل العظيم عليكم وعلى غيركم من خلقه بفعله ذلك وفعل أمثاله. وإن فعله جزاء منه لعبده على طاعته إياه، لأنه الموفق عبده لطاعته التي اكتسبها، حتى استحق من ربه الجزاء الذي وعده عليها.
وقد اختلف أهل التأويل في العبارة عن تأويل قوله: " يجعل لكم فرقانا ".
فقال بعضهم: مخرجاً.
وقال بعضهم: نجاة.
وقال بعضهم:فصلاً.
وكل ذلك متقارب المعنى، وإن اختلفت العبارات عنها، وقد بينت صحة ذلك فيما مضى قبل بما أغنى عن إعادته.
ذكر من قال: معناه: المخرج.
حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا جرير، عن منصور، عن مجاهد : " إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا "، قال:مخرجاً.
... قال، حدثنا أبي، عن سفيان، عن منصور، عن مجاهد : " إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا "، قال: مخرجاً.
حدثنا ابن حميد قال، حدثنا حكام، عن عنبسة، عن جابر، عن مجاهد :" فرقانا "، مخرجاً.
حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد : " فرقانا "، قال: مخرجاً في الدنيا والآخرة.
حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ، مثله.
حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا هانىء بن سعيد، عن حجاج، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد : " فرقانا "، قال: ((الفرقان))، المخرج.
حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله: " فرقانا "، يقول: مخرجاً.
حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا الثوري ، عن منصور، عن مجاهد : " فرقانا "، مخرجاً.
حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن رجاء البصري قال، حدثنا زائدة، عن منصور، عن مجاهد ، مثله.
حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا المحاربي، عن جويبر، عن الضحاك : " فرقانا "، قال: مخرجاً.
حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ قال، سمعت عبيداً يقول، سمعت الضحاك يقول: " فرقانا "، مخرجاً.
حدثنا أحمد بن إسحق قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا سفيان، عن منصور، عن مجاهد مثله.
حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا حميد، عن زهير، عن جابر، عن عكرمة، قال: ((الفرقان))، المخرج.
ذكر من قال: معناه: النجاة.
حدثنا ابن حميد قال، حدثنا حكام، عن عنبسة، عن جابر، عن عكرمة: "إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا "، قال: نجاة.
حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا إسرائيل، عن رجل، عن عكرمة و مجاهد في قوله: " يجعل لكم فرقانا "، قال عكرمة: المخرج، وقال مجاهد : النجاة.
حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي : " يجعل لكم فرقانا "، قال: نجاة.
حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: " يجعل لكم فرقانا "، يقول: يجعل لكم نجاة.
حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة : " يجعل لكم فرقانا "، أي:نجاة.
ذكر من قال فصلاً.
... " يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا "، قال:فرقان يفرق في قلوبهم بين الحق والباطل، حتى يعرفون ويهتدوا بذلك الفرقان.
حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحق : " يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا "، أي: فصلاً بين الحق والباطل، ليظهر به حقكم، ويخفي به باطل من خالفكم.
و((الفرقان)) في كلام العرب، مصدر من قولهم: ((فرقت بين الشيء والشيء أفرق بينهما فرقاً وفرقاناً)).
قد تقدم معنى التقوى. وكان الله عالماً بأنهم يتقون أم لا يتقون. فذكر بلفظ الشرط، لأنه خاطب العباد بما يخاطب بعضهم بعضاً. فإذا اتقى العبد ربه- وذلك باتباع أوامره واجتناب نواهيه- وترك الشبهات مخافة الوقوع في المحرمات، وشحن قلبه بالنية الخالصة، وجوارحه بالأعمال الصالحة، وتحفظ من شوائب الشرك الخفي والظاهر بمراعاة غير الله في الأعمال، والركون إلى الدنيا بالعفة عن المال، جعل له بين الحق والباطل فرقاناً، ورزقه فيما يريد من الخير إمكاناً. قال ابن وهب: سألت مالكاً عن قوله سبحانه وتعالى: "إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا" قال: مخرجاً، ثم قرأ "ومن يتق الله يجعل له مخرجا" [الطلاق: 2] وحكى ابن القاسم وأشهب عن مالك مثله سواء، وقاله مجاهد قبله. وقال الشاعر:
مالك من طول الأسى فرقان بعد قطين رحلوا وبانوا
وقال آخر:
وكيف أرجي الخلد والموت طالبي وما لي من كأس المنية فرقان
ابن إسحاق: فرقاناً فصلاً بين الحق والباطل، وقاله ابن زيد. السدي: نجاة. الفراء: فتحا ونصراً. وقيل: فيدخلكم الجنة ويدخل الكفار النار.
قال ابن عباس والسدي ومجاهد وعكرمة والضحاك وقتادة ومقاتل بن حيان وغير واحد "فرقاناً" مخرجاً, زاد مجاهد في الدنيا والاخرة, وفي رواية عن ابن عباس "فرقاناً" نجاة, وفي رواية عنه نصراً, وقال محمد بن إسحاق "فرقاناً" أي فصلاً بين الحق والباطل وهذا التفسير من ابن إسحاق أعم مما تقدم وهو يستلزم ذلك كله, فإن من اتقى الله بفعل أوامره وترك زواجره وفق لمعرفة الحق من الباطل, فكان ذلك سبب نصره ونجاته ومخرجه من أمور الدنيا وسعادته يوم القيامة وتكفير ذنوبه وهو محوها, وغفرها سترها عن الناس وسبباً لنيل ثواب الله الجزيل كقوله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نوراً تمشون به ويغفر لكم والله غفور رحيم".
جعل سبحانه التقوى شرطاً في الجعل المذكور مع سبق علمه بأنهم يتقون أو لا يتقون جرياً على ما يخاطب به الناس بعضهم بعضاً، والتقوى: اتقاء مخالفة أوامره والوقوع في مناهيه، والفرقان ما يفرق به بين الحق والباطل، والمعنى: أنه يجعل لهم من ثبات القلوب، وثقوب البصائر: وحسن الهداية ما يفرقون به بينهما عند الالتباس، وقيل: الفرقان المخرج من الشبهات والنجاة من كل ما يخافونه، ومنه قول الشاعر:
ما لك من طول الأسى فرقان بعد قطين رحلوا وبانوا
ومنه قول الآخر:
وكيف أرجى الخلد والموت طالبي وما لي من كأس المنية فرقان
وقال الفراء: المراد بالفرقان الفتح والنصر. قال ابن إسحاق: الفرقان الفصل بين الحق والباطل، وبمثله قال ابن زيد. وقال السدي: الفرقان النجاة. ويؤيد تفسير الفرقان بالمخرج والنجاة قوله تعالى: "ومن يتق الله يجعل له مخرجاً" وبه قال مجاهد ومالك بن أنس 29- "ويكفر عنكم سيئاتكم" أي يسترها حتى تكون غير ظاهرة "ويغفر لكم" ما اقترفتم من الذنوب، وقد قيل إن المراد بالسيئات الصغائر، وبالذنوب التي تغفر الكبائر، وقيل: المعنى أنه يغفر لهم ما تقدم من الذنوب وما تأخر "والله ذو الفضل العظيم" فهو المتفضل على عباده بتكفير السيئات ومغفرة الذنوب.
وقد أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: "يجعل لكم فرقاناً" قال: هو المخرج. وأخرج ابن جرير عنه قال: هو النجاة. وأخرج ابن جرير عن عكرمة مثله. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس قال: هو النضر.
29 - قوله عز وجل : " يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله " ، بطاعته وترك معصيته ، " يجعل لكم فرقاناً " ، قال مجاهد : مخرجاً في الدنيا والآخرة .
وقال مقاتل بن حيان : مخرجاً في الدين من الشبهات .
وقال عكرمة : نجاة أي يفرق بينكم وبين ما تخافون .
وقال الضحاك : بياناً . وقال ابن إسحاق : فصلاً بين الحق والباطل يظهر الله به حقكم ويطفئ باطل من خالفكم . والفرقان مصدر كالرجحان والنقصان . " ويكفر عنكم سيئاتكم " ، يمح عنكم ما سلف من ذنوبكم ، " ويغفر لكم والله ذو الفضل العظيم " .
. 29" يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقاناً " هداية في قلوبكم تفرقون بهابين الحق والباطل أو نصراً يفرق بين المحق والمبطل بإعزاز المؤمنين وإذلال الكافرين ، أو مخرجاً من الشبهات ، أو نجاة عما تحذرون في الدارين ، أو ظهوراً يشهر أمركم ويبث صيتكم من قولهم بت أفعل كذا حتى سطع الفرقان أي الصبح ." ويكفر عنكم سيئاتكم " وسترها. " ويغفر لكم " بالتجاوز والعفو عنكم .وقيل السيئات الصغائر والذنوب الكبائر . وقيل المراد ما تقدم وما تأخر لأنها في أهل بدر وقد غفرهما الله تعالى لهم . " والله ذو الفضل العظيم " تنبيه على أن ما وعده لهم على التقوى تفضل منه وإحسان ،وأنه ليس مما يوجب تقواهم عليه كالسيد إذا وعد عبده إنعاماً على عمل .
29. O ye who believe! If ye keep your duty to Allah, He will give you discrimination (between right and wrong) and will rid you of your evil thoughts and deeds, and will forgive you. Allah is of infinite bounty.
29 - O ye who believe if ye fear God, he will grant you a Criterion (to judge between right and wrong), remove from you (all) evil (that may afflict) you, and forgive you: for God is the Lord of grace unbounded.