3 - (فليعبدوا) تعلق به لإيلاف والفاء زائدة (رب هذا البيت)
وقوله : " فليعبدوا رب هذا البيت " يقول : فيلقيموا بموضعهم ووطنهم من مكة ، وليعبدا رب هذا البيت ، يعني بالبيت : الكعبة .
كما حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : ثنا هشيم قال : أخبرنا مغيرة ، عن إبراهيم ، أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، صلى المغرب بمكة ، فقرأ " لإيلاف قريش " فلما انتهى إلى قوله " فليعبدوا رب هذا البيت " أشار بيده إلى البيت .
حدثنا عمرو بن علي ، قال : ثنا عامر بن إبراهيم الأصبهاني ، قال :ثنا خطاب بن جعفر بن أبي المغيرة ، قال : ثني أبي ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، في قوله : "فليعبدوا رب هذا البيت " قال الكعبة .
وقال بعضهم : أمروا أن يألفوا عبادة رب مكة كإلفهم الرحلتين .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا عمرو بن عبد الحميد الآملي ، قال : ثنا مروان ، عن عاصم الأحول ، عن مكة ، عن ابن عباس ، في قوله " لإيلاف قريش " قال : أمروا با، يألفوا عبادة رب هذا البيت ، كإلفهم رحلة الشتاء والصيف .
أمرهم الله تعالى بعبادته وتوحيده، لأجل إيلافهم رحلتين. ودخلت الفاء لأجل ما في الكلام من معنى الشرط، لأن المعنى: إما لا فليعبدوا لإيلافهم، على معنى أن نعم الله تعالى عليهم لاتحصى، فإن لم يعبدوه لسائر نعمه، فليعبدوه لشأن هذه الواحدة، التي هي نعمة ظاهرة. والبيت : الكعبة. وفي تعريف نفسه لهم بأنه رب هذا البيت وجهان: أحدهما: لأنه كانت لهم أوثان فميز نفسه عنها. الثاني : لأنهم بالبيت شرفوا على سائر العرب، فذكر لهم ذلك، تذكيراً لنعمته. وقيل:" فليعبدوا رب هذا البيت" أي ليألفوا عبادة رب الكعبة، كما كانوا يألفون الرحلتين. قال عكرمة: كانت قريش قد ألفوا رحلة إلى بصرى ورحلة إلى اليمن، فقيل لهم:" فليعبدوا رب هذا البيت" أي يقيموا بمكة. رحلة الشتاء، إلى اليمن، والصيف: إلى الشام.
هذه السورة مفصولة عن التي قبلها في المصحف الإمام كتبوا بينهما سطر بسم الله الرحمن الرحيم, وإن كانت متعلقة بما قبلها كما صرح بذلك محمد بن إسحاق وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم , لأن المعنى عندهما حبسنا عن مكة الفيل وأهلكنا أهله لإيلاف قريش أي لائتلافهم واجتماعهم في بلدهم آمنين, وقيل المراد بذلك ما كانوا يألفونه من الرحلة في الشتاء إلى اليمن وفي الصيف إلى الشام في المتاجر وغير ذلك, ثم يرجعون إلى بلدهم آمنين في أسفارهم لعظمتهم عند الناس لكونهم سكان حرم الله, فمن عرفهم احترمهم بل من صوفي إليهم وسار معهم أمن بهم, وهذا حالهم في أسفارهم ورحلتهم في شتائهم وصيفهم, وأما في حال إقامتهم في البلد فكما قال الله تعالى: " أولم يروا أنا جعلنا حرما آمنا ويتخطف الناس من حولهم " ولهذا قال تعالى: " لإيلاف قريش * إيلافهم " بدل من الأول ومفسر له ولهذا قال تعالى: "إيلافهم رحلة الشتاء والصيف" قال ابن جرير : الصواب أن اللام لام التعجب كأنه يقول اعجبوا لإيلاف قريش ونعمتي عليهم في ذلك, قال وذلك لإجماع المسلمين على أنهما سورتان منفصلتان مستقلتان.
ثم أرشدهم إلى شكر هذه النعمة العظيمة فقال: "فليعبدوا رب هذا البيت" أي فليوحدوه بالعبادة كما جعل لهم حرماً آمناً وبيتاً محرماً كما قال تعالى: " إنما أمرت أن أعبد رب هذه البلدة الذي حرمها وله كل شيء وأمرت أن أكون من المسلمين " وقوله تعالى: "الذي أطعمهم من جوع" أي هو رب البيت, وهو الذي أطعمهم من جوع "وآمنهم من خوف" أي تفضل عليهم بالأمن والرخص فليفردوه بالعبادة وحده لا شريك له, ولا يعبدوا من دونه صنماً ولا نداً ولا وثناً, ولهذا من استجاب لهذا الأمر جمع الله له بين أمن الدنيا وأمن الاخرة, ومن عصاه سلبهما منه كما قال تعالى: "ضرب الله مثلاً قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغداً من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون * ولقد جاءهم رسول منهم فكذبوه فأخذهم العذاب وهم ظالمون", وقد قال ابن أبي حاتم : حدثنا عبد الله بن عمرو العدني حدثنا قبيص حدثنا سفيان عن ليث عن شهر بن حوشب عن أسماء بنت يزيد قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ويل لكم قريش لإيلاف قريش" ثم قال: حدثنا أبي حدثنا المؤمل بن الفضل الحراني حدثنا عيسى يعني ابن يونس عن عبيد الله بن أبي زياد عن شهر بن حوشب عن أسامة بن زيد قال " سمعت رسول لله صلى الله عليه وسلم يقول: " لإيلاف قريش * إيلافهم رحلة الشتاء والصيف " ويحكم يا معشر قريش اعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمكم من جوع وآمنكم من خوف" هكذا رأيته عن أسامة بن زيد وصوابه عن أسماء بنت يزيد بن السكن أم سلمة الأنصارية رضي الله عنها فلعله وقع غلط في النسخة أو في أصل الرواية والله أعلم. آخر تفسير سورة لإيلاف قريش ولله الحمد والمنة.
3- "فليعبدوا رب هذا البيت" أمرهم سبحانه بعبادته بعد أن ذكر لهم ما أنعم به عليهم: أي إن لم يعدوه لسائر نعمه، فليعبدوه لهذه النعمة الخاصة المذكورة، والبيت الكعبة. وعرفهم سبحانه بأنه رب هذا البيت لأنها كانت لهم أوثان يعبدونها، فميز نفسه عنها. وقيل لأنهم بالبيت تشرفوا على سائر العرب، فذكر لهم ذلك تذكيراً لنعمته.
وأمرهم بعبادة رب البيت فقال:
3- "فليعبدوا رب هذا البيت"، أي الكعبة.
3-" فليعبدوا رب هذا البيت " .
3. So let them worship the Lord of this House,
3 - Let them adore the Lord of this House,