30 - (وجعلوا لله أندادا) شركاء (ليضلوا) بفتح الياء وضمها (عن سبيله) دين الإسلام (قل) لهم (تمتعوا) بدنياكم قليلا (فإن مصيركم) مرجعكم (إلى النار)
يقول تعالى ذكره : وجعل هؤلاء الذين بدلوا نعمة الله كفراً لربهم أنداداً . وهي جماع ند ، وقد بينت معنى الند ، فيما مضى بشواهده بما أغنى عن إعادته ، وإنما أراد أنهم جعلوا لله شركاء .
كما حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : "وجعلوا لله أندادا" والأنداد . الشركاء . وقوله: "ليضلوا عن سبيله" ، اختلفت القرأة في قراءة لك ، فقرأته عامة قرأة الكوفيين "ليضلوا" ، يمعنى : كي يضلوا الناس عن سبيل الله بما فعلوا من ذلك . وقرأته عامة قرأة أهل البصرة ليضلوا ، بمعنى : كي يضل الناس عن سبيل الله بما فعلوا من ذلك . وقرأته عامة قرأة أهل البصرة ليضلوا بمعنى كي يضل جاعلو الأنداد لله عن سبيل الله . وقوله "قل تمتعوا" يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : قل يا محمد لهم : تمتعوا في الحياة الدنيا وعيداً من الله لهم ، لا إباحة لهم التمتع بها ، ولا أمراً على وجه العبادة ، ولكن توبيخاً وتهدداً ووعيداً ، وقد بين ذلك بقوله : "فإن مصيركم إلى النار" ، يقول : استمتعو في الحياة الدنيا ، فإنها سريعة الزوال عنكم ، وإلى النار تصيرون عن قريب ، فتعلمون هنالك غب تمتعكم في الدنيا بمعاصي الله وكفركم فيها به .
قوله تعالى: " وجعلوا لله أندادا " أي أصناماً عبدوها، وقد تقدم في ( البقرة). " ليضلوا عن سبيله " أي عن دينه. وقرأ ابن كثير وأبو عمرو بفتح الياء، وكذلك في الحج " ليضل عن سبيل الله " ( الحج: 9) ومثله في ( لقمان) و ( الزمر) وضمها الباقون على معنى ليضلوا الناس عن سبيله، وأما من فتح فعلى معنى أنهم هم يضلون عن سبيل الله على اللزوم، أي عاقبتهم إلى الإضلال والضلال، فهذه لام العاقبة. " قل تمتعوا " وعيد لهم، وهو إشارة إلى تقليل ما هم فيه من ملاذ الدنيا إذ هو منقطع. " فإن مصيركم إلى النار " أي مردكم ومرجعكم إلى عذاب جهنم.
قال البخاري: قوله " ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا " ألم تعلم, كقوله: "ألم تر كيف" "ألم تر إلى الذين خرجوا" البوار الهلاك, بار يبور بوراً, " قوما بورا " هالكين. حدثنا علي بن عبد الله, حدثنا سفيان عن عمرو عن عطاء. سمع ابن عباس "ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفراً" قال: هم كفار أهل مكة, وقال العوفي عن ابن عباس في هذه الاية, هو جبلة بن الأيهم والذين اتبعوه من العرب فلحقوا بالروم, والمشهور الصحيح عن ابن عباس هو القول الأول: وإن كان المعنى يعم جميع الكفار, فإن الله تعالى بعث محمداً صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين ونعمة للناس, فمن قبلها وقام بشكرها دخل الجنة, ومن ردها وكفرها دخل النار, وقد روي عن علي نحو قول ابن عباس الأول.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي, حدثنا مسلم بن إبراهيم, حدثنا شعبة عن القاسم بن أبي بزة, عن أبي الطفيل أن ابن الكواء سأل علياً عن "الذين بدلوا نعمة الله كفراً وأحلوا قومهم دار البوار" قال: هم كفار قريش يوم بدر, حدثنا المنذر بن شاذان, حدثنا يعلى بن عبيد, حدثنا بسام هو الصيرفي عن أبي الطفيل قال: جاء رجل إلى علي فقال: يا أمير المؤمنين من الذين بدلوا نعمة الله كفراً, وأحلوا قومهم دار البوار ؟ قال: منافقو قريش وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي, حدثنا ابن نفيل قال: قرأت على معقل عن ابن أبي حسين قال: قام علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقال: ألا أحد يسألني عن القرآن, فوالله لو أعلم اليوم أحداً أعلم به مني وإن كان من وراء البحار لأتيته, فقام عبد الله بن الكواء فقال: من الذين بدلوا نعمة الله كفراً وأحلوا قومهم دار البوار ؟ قال: مشركو قريش أتتهم نعمة الله الإيمان فبدلوا نعمة الله كفراً وأحلوا قومهم دار البوار.
وقال السدي في قوله: "ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفراً" الاية, ذكر مسلم المستوفى, عن علي أنه قال: هم الأفجران من قريش: بنو أمية وبنو المغيرة, فأما بنو المغيرة, فأحلوا قومهم دار البوار يوم بدر, وأما بنو أمية فأحلوا قومهم دار البوار يوم أحد, وكان أبو جهل يوم بدر, وأبو سفيان يوم أحد, وأما دار البوار فهي جهنم.
وقال ابن أبي حاتم رحمه الله: حدثنا محمد بن يحيى, حدثنا الحارث أبو منصور, عن إسرائيل عن أبي إسحاق, عن عمرو بن مرة قالا: سمعت علياً قرأ هذه الاية "وأحلوا قومهم دار البوار" قال: هم الأفجران من قريش: بنو أمية, وبنو المغيرة, فأما بنو المغيرة فأهلكوا يوم بدر, وأما بنو أمية فمتعوا إلى حين, ورواه أبو إسحاق عن عمرو بن مرة عن علي, نحوه, وروي من غير وجه عنه. وقال سفيان الثوري عن علي بن زيد عن يوسف بن سعد, عن عمر بن الخطاب في قوله: "ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفراً" قال: هم الأفجران من قريش: بنو المغيرة, وبنو أمية, فأما بنو المغيرة فكفيتموهم يوم بدر, وأما بنو أمية فمتعوا إلى حين, وكذا رواه حمزة الزيات عن عمرو بن مرة قال: قال ابن عباس لعمر بن الخطاب: يا أمير المؤمنين هذه الاية "ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفراً وأحلوا قومهم دار البوار" ؟ قال: هم الأفجران من قريش: أخوالي وأعمامك, فأما أخوالي فاستأصلهم الله يوم بدر, وأما أعمامك فأملى الله لهم إلى حين, وقال مجاهد وسعيد بن جبير والضحاك وقتادة وابن زيد هم كفار قريش الذين قتلوا يوم بدر, وكذا رواه مالك في تفسيره عن نافع عن ابن عمر.
وقوله: "وجعلوا لله أنداداً ليضلوا عن سبيله" أي جعلوا له شركاء عبدوهم معه, ودعوا الناس إلى ذلك, ثم قال تعالى مهدداً لهم ومتوعداً لهم على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم: "قل تمتعوا فإن مصيركم إلى النار" أي مهما قدرتم عليه في الدنيا فافعلوا, فمهما يكن من شيء "فإن مصيركم إلى النار" أي مرجعكم وموئلكم إلينا كما قال تعالى: "نمتعهم قليلاً ثم نضطرهم إلى عذاب غليظ", وقال تعالى: "متاع في الدنيا ثم إلينا مرجعهم ثم نذيقهم العذاب الشديد بما كانوا يكفرون".
30- "وجعلوا لله أنداداً" معطوف على: وأحلوا: أي جعلوا لله شركاء في الربوبية، أو في التسمية وهي الأصنام. قرأ ابن كثير وأبو عمرو "ليضلوا" بفتح الياء: أي ليضلوا أنفسهم عن سبيل الله، وتكون اللام للعاقبة: أي ليتعقب جهلهم لله أنداداً ضلالهم، لأن العاقل لا يريد ضلال نفسه، وحسن استعمال لام العاقبة هنا لأنها تشبه الغرض والغاية من جهة حصولها في آخر المراتب، والمشابهة أحد الأمور المصححة للمجاز. وقرأ الباقون بضم الياء ليوقعوا قومهم في الضلال عن سبيل الله، فهذا هو الغرض من جعلهم لله أنداداً. ثم هددهم سبحانه، فقال لنبيه صلى الله عليه وسلم "قل تمتعوا" بما أنتم فيه من الشهوات، وما زينته لكم أنفسكم من كفران النعم وإضلال الناس "فإن مصيركم إلى النار" أي مردكم ومرجعكم إليها ليس إلا، ولما كان هذا حالهم، وقد صاروا لفرط تهالكهم عليه وانهماكهم فيه لا يقلعون عنه، ولا يقبلون فيه نصح الناصحين جعل الأمر بمباشرته مكان النهي قربانه إيضاحاً لما تكون عليه عاقبتهم، وأنهم لا محالة صائرون إلى النار فلا بد لهم من تعاطي الأسباب المقتضية ذلك، فجملة "فإن مصيركم إلى النار" تعليل للأمر بالتمتع، وفيه من التهديد ما لا يقادر قدره، ويجوز أن تكون هذه الجملة جواباً لمحذوف دل عليه سياق الكلام، كأنه قيل: فإن دمتم على ذلك فإن مصيركم إلى النار، والأول أولى والنظم القرآني عليه أدل، وذلك كما يقال لمن يسعى في مخالفة السلطان: اصنع ما شئت من المخالفة، فإن مصيرك إلى السيف.
"وجعلوا لله أنداداً"، أمثالا، وليس لله تعالى ند، "ليضلوا"، قرأ ابن كثير وأبو عمرو بفتح الياء، وكذلك في الحج وسورة لقمان والزمر: "ليضل" وقرأ الآخرون بضم الياء على معنى ليضلوا الناس، "عن سبيله قل تمتعوا"، عيشوا في الدنيا، "فإن مصيركم إلى النار".
30."وجعلوا لله أنداداً ليضلوا عن سبيله "الذي هو التوحيد .وقرأ ابن كثر وأبو عمرو و رويس عن يعقوب بفتح الياء ، وليس الضلال ولا الإضلال غرضهم في اتخاذ الأنداد لكن لما كان نتيجته جعل كالغرض ."قل تمتعوا"بشهواتكم أو بعبادة الأوثان فإنها من قبيل الشهوات التي يتمتع بها، وفي التهديد بصيغة الأمر إيذان بأن المهدد عليه كالمطلوب لإفضائه إلى المهدد به ، وأن الأمرين كائنان لا محالة ولذلك علله بقوله: "فإن مصيركم إلى النار"وأن المخاطب لانهماكه فيه كالمأمور به من أمر مطاع.
30. And they set up rivals to Allah that they may mislead (men) from His way. Say: Enjoy life (while ye may) for lo! your journey's end will be the Fire.
30 - And they set up (idols) as equal to God, to mislead (men) from the path say: enjoy (your brief power) but verily ye are making straightway for hell