30 - (ولو ترى إذ وُقفوا) عرضوا (على ربهم) لرأيت أمرا عظيما (قال) لهم على لسان الملائكة توبيخا (أليس هذا) البعث والحساب (بالحق قالوا بلى وربنا) إنه لحق (قال فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون) به في الدنيا
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره : "لو ترى"، يا محمد، هؤلاء القائلين : ما هي إلا حياتنا الدنيا وما نحن بمبعوثين ، "إذ وقفوا"، يوم القيامة، أي : حبسوا، "على ربهم"، يعني على حكم الله وقضائه فيهم ، "قال أليس هذا بالحق"، يقول : فقيل لهم : أليس هذا البعث والنشر بعد الممات الذي كنتم تنكرونه في الدنيا، حقا؟ فأجابوا، فقالوا : بلى والله إنه لحق ، "قال فذوقوا العذاب"، يقول : فقال الله تعالى ذكره لهم : فذوقوا العذاب الذي كنتم به في الدنيا تكذبون ، "بما كنتم تكفرون"، يقول : بتكذيبكم به وجحدكموه الذي كان منكم في الدنيا.
قوله تعالى:" ولو ترى إذ وقفوا على ربهم " وقفوا أي حبسوا " على ربهم " أي على ما يكنن من أمر الله فيهم ، وقيل: على بمعنى عند أي عند ملائكته وجزائه وحيث لا سلطان فيه لغير الله عز وجل، تقول: وقفت على فلان أي عنده، وجواب لو محذوف لعظم شأن الوقوف " قال أليس هذا بالحق " تقرير وتوبيخ أي أليس هذا البعث كائنا موجوداً " قالوا بلى " ويؤكدون اعترافهم بالقسم بقولهم" وربنا " وقيل: إن الملائكة تقول لهم بأم اله أليس هذا البعث وهذا العذاب حقاً؟ فيقولون : " بلى وربنا" إنه حق " قال فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون"
يذكر تعالى حال الكفار, إذا وقفوا يوم القيامة على النار, وشاهدوا ما فيها من السلاسل والأغلال, ورأوا بأعينهم تلك الأمور العظام والأهوال, فعند ذلك, قالوا "يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين" يتمنون أن يردوا إلى الدار الدنيا, ليعملوا عملاً صالحاً, ولا يكذبوا بآيات ربهم, ويكونوا من المؤمنين, قال الله تعالى: "بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل" أي بل ظهر لهم حينئذ ما كانوا يخفون في أنفسهم من الكفر والتكذيب والمعاندة, وإن أنكروها في الدنيا أو في الاخرة, كما قال قبله بيسير " ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا والله ربنا ما كنا مشركين * انظر كيف كذبوا على أنفسهم " ويحتمل أنهم ظهر لهم ما كانوا يعلمونه من أنفسهم, من صدق ما جاءتهم به الرسل في الدنيا, وإن كانوا يظهرون لأتباعهم خلافه, كقوله مخبراً عن موسى, أنه قال لفرعون "لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السموات والأرض بصائر" الاية, وقوله تعالى مخبراً عن فرعون وقومه "وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلماً وعلواً" ويحتمل أن يكون المراد بهؤلاء المنافقين, الذين كانوا يظهرون الإيمان للناس ويبطنون الكفر, ويكون هذا إخباراً عما يكون يوم القيامة, من كلام طائفة من الكفار, ولا ينافي هذا كون هذه السورة مكية, والنفاق إنما كان من بعض أهل المدينة ومن حولها من الأعراب, فقد ذكر الله وقوع النفاق في سورة مكية, وهي العنكبوت, فقال "وليعلمن الله الذين آمنوا وليعلمن المنافقين" وعلى هذا فيكون إخباراً عن قول المنافقين في الدار الاخرة, حين يعاينون العذاب, فظهر لهم حينئذ غب ما كانوا يبطنون من الكفر والنفاق والشقاق, والله أعلم, وأما معنى الإضراب, في قوله "بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل" فإنهم ما طلبوا العود إلى الدنيا رغبة ومحبة في الإيمان, بل خوفاً من العذاب الذي عاينوه, جزاء على ما كانوا عليه من الكفر, فسألوا الرجعة إلى الدنيا, ليتخلصوا مما شاهدوا من النار, ولهذا قال "ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون" أي في طلبهم الرجعة, رغبة ومحبة في الإيمان, ثم قال مخبراً عنهم أنهم لو ردوا إلى الدار الدنيا لعادوا لما نهوا عنه, من الكفر والمخالفة "وإنهم لكاذبون" أي في قولهم يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا, ونكون من المؤمنين, وقالوا إن هي إلا حياتنا الدنيا, وما نحن بمبعوثين, أي لعادوا لما نهوا عنه, ولقالوا إن هي إلا حياتنا الدنيا أي ما هي إلا هذه الحياة الدنيا ثم لا معاد بعدها, ولهذا قال وما نحن بمبعوثين ثم قال "ولو ترى إذ وقفوا على ربهم" أي أوقفوا بين يديه قال "أليس هذا بالحق ؟" أي أليس هذا المعاد بحق, وليس بباطل كما كنتم تظنون, "قالوا بلى وربنا قال فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون" أي بما كنتم تكذبون به, فذوقوا اليوم مسه "أفسحر هذا أم أنتم لا تبصرون".
قوله: 30- "ولو ترى إذ وقفوا على ربهم" قد تقدم تفسيره في قوله: "ولو ترى إذ وقفوا على النار" أي حبسوا على ما يكون من أمر ربهم فيهم، وقيل على بمعنى عند، وجواب لو محذوف: أي لشاهدت أمراً عظيماً، والاستفهام في "أليس هذا بالحق" للتقريع والتوبيخ: أي أليس هذا البعث الذي ينكرونه كائناً موجوداً، وهذا الجزاء الذي يجحدونه حاضراً. "قالوا بلى وربنا" اعترفوا بما أنكروا وأكدوا اعترافهم بالقسم "قال فذوقوا العذاب" الذي تشاهدونه وهو عذاب النار "بما كنتم تكفرون" أي بسبب كفركم به أو بكل شيء مما أمرتم بالإيمان به في دار الدنيا.
وقد أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: "ثم لم تكن فتنتهم" قال: معذرتهم. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عنه "ثم لم تكن فتنتهم" قال: حجتهم "إلا أن قالوا والله ربنا ما كنا مشركين" يعني المنافقين والمشركين قالوا وهم في النار: هلم فلنكذب فلعله أن ينفعنا، فقال الله: "انظر كيف كذبوا على أنفسهم وضل عنهم" في القيامة "ما كانوا يفترون" يكذبون في الدنيا. وأخرج ابن جرير وابن المنذر عنه في قوله: "والله ربنا ما كنا مشركين" ثم قال: "ولا يكتمون الله حديثاً" قال: بجوارحهم. وأخرج عبد بن حميد عن قتادة "انظر كيف كذبوا على أنفسهم" قال: باعتذارهم الباطل "وضل عنهم ما كانوا يفترون" قال: ما كانوا يشركون. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله: "ومنهم من يستمع إليك" قال: قريش، وفي قوله: "وجعلنا على قلوبهم أكنة" قال: كالجعبة للنبل. وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: "وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقراً" قال: يسمعونه بآذانهم ولا يعون منه شيئاً، كمثل البهيمة التي لا تسمع النداء ولا تدري ما يقال لها. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي قال: الغطاء أكن قلوبهم أن يفقهوه، والوقر الصمم، و "أساطير الأولين" أساجيع الأولين. وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال: أساطير الأولين: أحاديث الأولين. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة قال: أساطير الأولين: كذب الأولين وباطلهم. وأخرج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وأبو الشيخ والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس في قوله: "وهم ينهون عنه وينأون عنه" قال: نزلت في أبي طالب كان ينهى المشركين أن يردوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتباعد عما جاء به. وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ عن القاسم بن مخيمرة نحوه. وأخرج ابن جرير عن عطاء نحوه أيضاً. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس في الآية قال: ينهون عنه الناس أن يؤمنوا به، "وينأون عنه": يتباعدون. وأخرج ابن جرير من طريق العوفي عنه قال: لا يلقونه ولا يدعون أحداً يأتيه. وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن محمد بن الحنفية في الآية. قال: كفار مكة كانوا يدفعون الناس عنه ولا يجيبونه. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد نحوه. وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة قال: ينهون عن القرآن وعن النبي صلى الله عليه وسلم، "وينأون عنه" يتباعدون عنه. وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن أبي هلال في الآية قال: نزلت في عمومة النبي صلى الله عليه وسلم وكانوا عشرة، فكانوا أشد الناس معه في العلانية، وأشد الناس عليه في السر. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله: "بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل" قال: من أعمالهم "ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه" يقول: ولو وصل الله لهم دنيا كدنياهم التي كانوا فيها لعادوا إلى أعمالهم أعمال السوء التي كانوا نهوا عنها. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: أخبر الله سبحانه أنهم لو ردوا لم يقدروا على الهدى، فقال: "ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه" أي ولو ردوا إلى الدنيا لحيل بينهم وبين الهدى كما حيل بينهم وبينه أول مرة وهم في الدنيا.
30- قوله عز وجل: " ولو ترى إذ وقفوا على ربهم "، أي: على حكمه وقضائه ومسألته، وقيل: عرضوا على ربهم، " قال "، لهم وقيل: تقول لهم الخزنة بأمر الله، " أليس هذا بالحق " ؟ يعني: أليس هذا البعث والعذاب بالحق ؟ " قالوا بلى وربنا "، إنه حق، قال ابن عباس: هذا في موقف، وقولهم: والله ربنا ما كنا مشركين في موقف آخر، وللقيامة مواقف ففي موقف يقرون،وفي موقف ينكرون. " قال فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون "
30- " ولو ترى إذ وقفوا على ربهم " مجاز عن الحبس للسؤال والتوبيخ، وقيل معناه وقفوا على قضاء ربهم أو جزائه، أو عرفوه حق التعريف. " قال أليس هذا بالحق " كأنه جواب قائل قال: ماذا قال ربهم حينئذ ؟ والهمزة للتقريع على التكذيب، والإشارة إلى البعث وما يتبعه من الثواب والعقاب. " قالوا بلى وربنا " إقرار مؤكد باليمين لانجلاء الأمر غاية الجلاء. " قال فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون " بسبب كفركم أو ببدله .
30. If thou couldst see when they are set before their Lord! He will say: Is not this real? They will say: Yea, verily, by our Lord! He will say: Taste now the retribution for that ye used to disbelieve.
30 - If thou couldst but see when they are confronted with their lord he will say: is not this the truth? they will say: yea, by our lord he will say: taste ye then the penalty, because ye rejected faith.