30 - (عليها تسعة عشر) ملكا خزنتها قال بعض الكفار وكان قويا شديد البأس أنا أكفيكم سبعة عشر واكفوني أنتم اثنين
ك وأخرج ابن أبي حاتم والبيهقي في البعث عن البراء أن رهطا من اليهود سألوا رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عن خزنة جهنم فجاء فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم فنزل عليه ساعتئذ عليها تسعة عشر الآية
وقوله : " عليها تسعة عشر " يقول تعالى ذكره : على سقر تسعة عشر من الخزنة .
وذكر أن ذلك لما أنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال أبو جهل ما :
"حدثني به محمد بن سسعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس " عليها تسعة عشر " ... إلى قوله " ويزداد الذين آمنوا إيمانا " فلما سمع أبو جهل بذلك قال لقريش : ثكلتكم أمهاتكم ، أسمع ابن أبي كبشة يخبركم أن خزنة النار تسعة عشر وأنتم الدهم ، أفيعجز كل عشرة منكم أن يبطشوا برجل من خزنة جهنم ؟ فأوحى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأتي أبا جهل ، فيأخذ بيده في بطحاء مكة فيقول له " أولى لك فأولى * ثم أولى لك فأولى " [ القيامة : 34 - 35 ] ، فلما فعل ذلك به رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أبو جهل والله لا تفعل أنت وربك شيئاً ، فأخزاه الله يوم بدر" .
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة " عليها تسعة عشر " ذكر لنا أن أبو جهل حين أنزلت هذه الآية قال : يا معشر قريش ما يستطيع كل عشرة منكم أن يغلبوا واحداً من خزنة النار وأنتم الدهم ؟ فصاحبكم يحدثكم أن عليها تسعة عشر .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة قال : قال أبو جهل : يخبركم محمد أن خزنة النار تسعة عشر وأنتم الدهم ليجتمع كل عشرة على واحد .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : ابن زيد ، في قوله " عليها تسعة عشر " قال : خزنتها تسعة عشر .
قوله تعالى:" عليها تسعة عشر" أي على سقر تسعة عشر من الملائكة يلقون فيها اهلها. ثم قيل: على جملة النار تسعة عشر من الملائكة هم خزنتها، مالك وثمانية عشر ملكاً. ويحتمل ان تكون التسعة عشر نقيباً، ويحتمل ان يكون تسعة عشر ملكا بأعيانهم. وعلى هذا اكثر المفسرين. الثعلبي : ولا ينكر هذا، فإذا كان ملك واحد يقبض ارواح جميع الخلائق كان احرى ان يكون تسعة عشر على عذاب بعض الخلائق. وقال ابن جريج :" نعت النبي صلى الله عليه وسلم خزنة جهنم فقال:((فكأن أعينهم البرق، وكأن افواههم الصياصي، يجرون اشعارهم، لأحدهم من القوة مثل قوة الثقلين، يسوق احدهم الأمة وعلى رقبته جبل، فيرميهم في النار، ويرمي فوقهم الجبل")).
قلت: وذكر ابن المبارك قال: حدثنا حماد بن سلمة، عن الأزرق بن قيس، عن رجل من بني تميم قال: كنا عند ابي العوام، فقرأ هذه الآية " وما أدراك ما سقر * لا تبقي ولا تذر * لواحة للبشر* عليها تسعة عشر" فقال ما تسعة عشر؟ تسعة عشر الف ملك، او تسعة عشر ملكاً؟ قال: قلت: لا بل تسعة عشر ملكا. فقال: وانى تعلم ذلك؟ فقلت: لقول الله عز وجل : " وما جعلنا عدتهم إلا فتنة للذين كفروا" قال: صدقت هم تسعة عشر ملكاً، بيد كل ملك منهم مرزبة لها شعبتان، فيضرب الضربة فيهوي بها في النار سبعين الفاً. وعن عمرو بن دينار : كل واحد منهم يدفع بالدفعة الواحدة في جهنم اكثر من ربيعة قال ناس من اليهود لأناس من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: هل يعلم نبيكم عدد خزنة جهنم؟ قالوا: لا ندري حتى نسأل نبينا. فجاء رجل الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد غلب اصحابك اليوم، فقال: ((وبم غلبوا))؟ قال: سألهم يهود: هل يعلم نبيكم عدد خزنة جهنم؟ قال:(( فماذا قالوا))؟ قال: قالوا لاندري حتى نسأل نبينا. قال: ((أفغلب قوم سئلوا عما لا يعلمون، فقالوا لا نعلم حتى نسأل نبينا؟ لكنهم قد سألوا نبيهم فقالوا أرنا الله جهرة، علي بأعداء الله! اني سائلهم عن تربة الجنة وهي الدرمك)). فما جاؤوا قالوا: يا أبا القاسم كم عدد خزنة جهنم؟ قال: (( هكذا وهكذا)) في مرة عشرة وفي مرة تسعة. قالوا: نعم. قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: ((ما تربة الجنة)) قال: فسكتوا هنيهة ثم قالوا : اخبزة يا ابا القاسم؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الخبز من الدرمك))قال ابو عيسى: هذا حديث غريب، انما نعرفه من هذا الوجه من حديث مجالد عن الشعبي عن جابر. وذكر ابن وهب قال: حدثنا عبد الرحمن بن زيد، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في خزنة جهنم: (( ما بين منكبي احدهما كما بين المشرق والمغرب)) . وقال ابن عباس : ما بين منكبي الواحد منهم مسيرة سنة، وقوة الواحد منهم ان يضرب بالمقمع فيدفع بتلك الضربة سبعين الف انسان في قعر جهنم.
قلت: والصحيح ان شاء الله ان هؤلاء التسعة عشر، هم الرؤساء والنقباء، واما جملتهم فالعبارة تعجز عنها، كما قال الله تعالى:" وما يعلم جنود ربك إلا هو" [المدثر:31] وقد ثبت في الصحيح عن عبد الله بن مسعود قال:
"قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( يؤتى بجهنم يومئذ لها سبعون الف زمام مع كل زمام سبعون الف ملك يجرونها))" وقال ابن عباس وقتادة والضحاك: لما نزل" عليها تسعة عشر" قال ابو جهل لقريش: ثكلتكم امهاتكم! اسمع ابن ابي كبشة يخبركم ان خزنة جهنم تسعة عشر، وانتم الدهم- أي العدد- والشجعان، فيعجز كل عشرة منكم ان يبطشوا بواحد منهم! قال السدي: فقال ابو الأشد اسيد بن كلدة الجمحي: لا يهولنكم التسعة عشر، انا ادفع بمنكبي الأيمن عشرة من الملائكة، وبمنكبي الأيسر التسعة، ثم تمرون الى الجنة، يقولها مستهزئاً. في رواية: ان الحرث بن كلدة قال انا اكفيكم سبعة عشر، واكفوني انتم اثنين. وقيل : ان ابا جهل قال: افيعجز كل مائة منكم ان يبطشوا بواحد منهم، ثم تخرجون من النار؟
يقول تعالى متوعداً لهذا الخبيث الذي أنعم الله عليه بنعم الدنيا فكفر بأنعم الله وبدلها كفراً وقابلها بالجحود بآيات الله والافتراء عليها, وجعلها من قول البشر وقد عدد الله عليه نعمه حيث قال تعالى: "ذرني ومن خلقت وحيداً" أي خرج من بطن أمه وحده لا مال له ولا ولد ثم رزقه الله تعالى: "مالاً ممدوداً" أي واسعاً كثيراً قيل ألف دينار وقيل مائه ألف دينار, وقيل أرضاً يستغلها, وقيل غير ذلك وجعل له "بنين شهوداً" قال مجاهد لا يغيبون أي حضوراً عنده لا يسافرون بالتجارات بل مواليهم وأجراؤهم يتولون ذلك عنهم: وهم قعود عند أبيهم يتمتع بهم ويتملى بهم, وكانوا فيما ذكره السدي وأبو مالك وعاصم بن عمر بن قتادة ثلاثة عشر, وقال ابن عباس ومجاهد كانوا عشرة وهذا أبلغ في النعمة وهو إقامتهم عنده "ومهدت له تمهيداً" أي مكنته من صنوف المال والأثاث وغير ذلك.
" ثم يطمع أن أزيد * كلا إنه كان لآياتنا عنيدا " أي معانداً وهو الكفر على نعمه بعد العلم قال الله تعالى: "سأرهقه صعوداً" قال الإمام أحمد : حدثنا حسن حدثنا ابن لهيعة عن دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ويل واد في جهنم يهوي فيه الكافر أربعين خريفاً, قبل أن يبلغ قعره, والصعود جبل من نار يتصعد فيه الكافر سبعين خريفاً, ثم يهوي به كذلك فيه أبداً" وقد رواه الترمذي عن عبد بن حميد عن الحسن بن موسى الأشيب به, ثم قال غريب لا نعرفه إلا من حديث ابن لهيعة عن دراج , كذا قال, وقد رواه ابن جرير عن يونس عن عبد الله بن وهب عن عمرو بن الحارث عن دراج وفيه غرابة ونكارة.
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو زرعة وعلي بن عبد الرحمن المعروف بعلان المقري قال: حدثنا منجاب , أخبرنا شريك عن عمار الدهني عن عطية العوفي عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم "سأرهقه صعوداً" قال: "هو جبل في النار من نار يكلف أن يصعده فإذا وضع يده ذابت وإذا رفعها عادت, فإذا وضع رجله ذابت وإذا رفعها عادت" ورواه البزار وابن جرير من حديث شريك به. وقال قتادة عن ابن عباس : صعوداً صخرة في جهنم يسحب عليها الكافر على وجهه. وقال السدي : صعوداً صخرة ملساء في جهنم يكلف أن يصعدها وقال مجاهد "سأرهقه صعوداً" أي مشقة من العذاب, وقال قتادة : عذاباً لا راحة فيه, واختاره ابن جرير . وقوله تعالى: "إنه فكر وقدر" أي إنما أرهقناه صعوداً أي قربناه من العذاب الشاق لبعده عن الإيمان لأنه فكر وقدر أي تروى ماذا يقول في القرآن حين سئل عن القرآن ففكر ماذا يختلق من المقال "وقدر" أي تروى "فقتل كيف قدر * ثم قتل كيف قدر" دعاء عليه "ثم نظر" أي أعاد النظرة والتروي "ثم عبس" أي قبض بين عينيه وقطب "وبسر" أي كلح وكره ومنه قول توبة بن الحمير :
وقد رابني منها صدود رأيته وإعراضها عن حاجتي وبسورها
وقوله: "ثم أدبر واستكبر" أي صرف عن الحق ورجع القهقهرى مستكبراً عن الانقياد للقرآن "فقال إن هذا إلا سحر يؤثر" أي هذا سحر ينقله محمد عن غيره ممن قبله ويحكيه عنهم, ولهذا قال: "إن هذا إلا قول البشر" أي ليس بكلام الله, وهذا المذكور في هذا السياق هو الوليد بن المغيرة المخزومي أحد رؤساء قريش لعنه الله, وكان من خبره في هذا ما رواه العوفي عن ابن عباس قال دخل الوليد بن المغيرة على أبي بكر بن أبي قحافة فسأله عن القرآن, فلما أخبره خرج على قريش فقال يا عجباً لما يقول ابن أبي كبشة, فو الله ما هو بشعر ولا بسحر ولا بهذي من الجنون, وإن قوله لمن كلام الله فلما سمع بذلك النفر من قريش ائتمروا وقالوا: والله لئن صبأ الوليد لتصبو قريش, فلما سمع بذلك أبو جهل بن هشام قال: أنا والله أكفيكم شأنه فانطلق حتى دخل عليه بيته, فقال للوليد: ألم تر إلى قومك قد جمعوا لك الصدقة ؟ فقال: ألست أكثرهم مالاً وولداً ؟ فقال أبو جهل: يتحدثون أنك إنما تدخل على ابن أبي قحافة لتصيب من طعامه, فقال الوليد: أقد تحدث به عشيرتي ؟ فلا والله لا أقرب ابن أبي قحافة ولاعمر ولا ابن أبي كبشة, وما قوله إلا سحر يؤثر فأنزل الله على رسوله صلى الله عليه وسلم " ذرني ومن خلقت وحيدا " إلى قوله " لا تبقي ولا تذر " وقال قتادة : زعموا أنه قال: والله لقد نظرت فيما قال الرجل فإذا هو ليس بشعر وإن له لحلاوة, وإنه عليه لطلاوة, وإن ليعلو وما يعلى عليه وما أشك أنه سحر فأنزل الله: "فقتل كيف قدر" الاية.
"ثم عبس وبسر" قبض ما بين عينيه وكلح, وقال ابن جرير : حدثنا ابن عبد الأعلى , حدثنا محمد بن ثور عن معمر عن عباد بن منصور عن عكرمة أن الوليد بن المغيرة جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقرأ عليه القرآن, فكأنه رق له, فبلغ ذلك أبا جهل بن هشام فأتاه فقال أي عم إن قومك يريدون أن يجمعوا لك مالاً. قال: لم ؟ قال يعطونكه فإنك أتيت محمداً تتعرض لما قبله, قال قد علمت قريش أني أكثرهم مالاً, قال: فقل فيه قولاً يعلم قومك أنك منكر لما قال وأنك كاره له, قال فماذا أقول فيه, فو الله ما منكم رجل أعلم بالأشعار مني ولا أعلم برجزه ولا بقصيده ولا بأشعار الجن, والله ما يشبه الذي يقول شيئاً من هذا, والله إن لقوله الذي يقوله لحلاوة, وإنه ليحطم ما تحته وإنه ليعلو وما يعلى, وقال والله لا يرضى قومك حتى تقول فيه, قال فدعني حتى أتفكر فيه, فلما فكر قال: إن هذا إلا سحر يؤثره عن غيره, فنزلت: " ذرني ومن خلقت وحيدا " حتى بلغ " تسعة عشر " وقد ذكر محمد بن إسحاق وغير واحد نحواً من هذا, وقد زعم السدي أنهم لما اجتمعوا في دار الندوة ليجمعوا رأيهم على قول يقولونه فيه قبل أن يقدم عليهم وفود العرب للحج ليصدوهم عنه, فقال قائلون: شاعر وقال آخرون: ساحر وقال آخرون: كاهن وقال آخرون: مجنون كما قال تعالى: "انظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلوا فلا يستطيعون سبيلا" كل هذا والوليد يفكر فيما يقوله فيه, ففكر وقدر ونظر وعبس وبسر, فقال: إن هذا إلا سحر يؤثر إن هذا إلا قول البشر, قال الله تعالى: "سأصليه سقر" أي سأغمره فيها من جميع جهاته, ثم قال تعالى: "وما أدراك ما سقر" وهذا تهويل لأمرها وتفخيم, ثم فسر ذلك بقوله تعالى: "لا تبقي ولا تذر" أي تأكل لحومهم وعروقهم وعصبهم وجلودهم ثم تبدل غير ذلك, وهم في ذلك لا يموتون ولا يحيون, قاله ابن بريدة وأبو سنان وغيرهم.
وقوله تعالى: "لواحة للبشر" قال مجاهد أي للجلد, وقال أبو رزين : تلفح الجلد لفحة فتدعه أسود من الليل, وقال زيد بن أسلم : تلوح أجسادهم عليها. وقال قتادة : "لواحة للبشر" أي حراقة للجلد وقال ابن عباس : تحرق بشرة الإنسان. وقوله تعالى: "عليها تسعة عشر" أي من مقدمي الزبانية عظيم خلقهم غليظ خلقهم.
وقد قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو زرعة , حدثنا إبراهيم بن موسى , حدثنا ابن أبي زائدة , أخبرني حارث عن عامر عن البراء في قوله تعالى: "عليها تسعة عشر" قال: إن رهطاً من اليهود سألوا رجلاً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن خزنة جهنم فقال: الله ورسوله أعلم, فجاء الرجل فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى عليه ساعتئذ "عليها تسعة عشر" فأخبر أصحابه وقال: "ادعهم أما إني سائلهم عن تربة الجنة إن أتوني, أما إنها درمكة بيضاء ، فجاؤوه فسألوه عن خزنة جهنم فأهوى بأصابع كفيه مرتين وأمسك الإبهام في الثانية ثم قال: أخبروني عن تربة الجنة ، فقالوا: أخبرهم يا ابن سلام , فقال: كأنها خبزة بيضاء: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما إن الخبز إنما يكون من الدرمك" هكذا وقع عند ابن أبي حاتم عن البراء والمشهور عن جابر بن عبد الله كما قال الحافظ أبو بكر البزار في مسنده حدثنا منده, حدثنا أحمد بن عبدة , أخبرنا سفيان ويحيى بن حكيم , حدثنا سفيان عن مجالد عن الشعبي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: " جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد غلب أصحابك اليوم. فقال: بأي شيء ؟ قال: سألتهم يهود هل أعلمكم نبيكم عدة خزنة أهل النار ؟ قالوا: لا نعلم حتى نسأل نبينا صلى الله عليه وسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفغلب قوم يسألون عما لا يعلمون فقالوا لا نعلم حتى نسأل نبينا صلى الله عليه وسلم ؟ علي بأعداء الله لكنهم قد سألوا نبيهم أن يريهم الله جهرة فأرسل إليهم فدعاهم قالوا: يا أبا القاسم كم عدة خزنة أهل النار ؟ قال: هكذا وطبق كفيه ثم طبق كفيه مرتين وعقد واحدة وقال لأصحابه: إن سئلتم عن تربة الجنة فهي الدرمك فلما سألوه فأخبرهم بعدة خزنة أهل النار قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما تربة الجنة ؟ فنظر بعضهم إلى بعض فقالوا: خبزة يا أبا القاسم. فقال: الخبز من الدرمك " وهكذا رواه الترمذي عند هذه الاية عن ابن أبي عمر عن سفيان به, وقال هو والبزار لا يعرف إلا من حديث مجالد , وقد رواه الإمام أحمد عن علي بن المديني عن سفيان فقص الدرمك فقط.
30- "عليها تسعة عشر" قال المفسرون: يقول على النار تسعة عشر من الملائكة هم خزنتها، وقيل تسعة عشر صنفاً من أصناف الملائكة، وقيل تسعة عشر صفاً من صفوفهم، وقيل تسعة عشر نقيباً مع كل نقيب جماعة من الملائكة، والأول أولى. قال الثعلبي: ولا ينكر هذا، فإذا كان ملك واحد يقبض أرواح جميع الخلائق كان أحرى أن يكونوا تسعة عشر على عذاب بعض الخلق. قرأ الجمهور تسعة عشر بفتح الشين من عشر. وقرأ أبو جعفر بن القعقاع وطلحة بن سليمان بإسكانها.
وقد أخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن جابر بن عبد الله أن أبا سلمة بن عبد الرحمن قال: إن أول ما نزل من القرآن "يا أيها المدثر" فقال له يحيى بن أبي كثير: يقولون إن أول ما نزل "اقرأ باسم ربك الذي خلق" فقال أبو سلمة: سألت جابر بن عبد الله عن ذلك، قلت له مثل ما قلت، فقال جابر: لا أحدثنك إلا ما حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "جاورت بحراء فلما قضيت جواري هبطت، فنوديت فنظرت عن يميني فلم أر شيئاً، ونظرت عن شمالي فلم أر شيئاً، ونظرت خلفي فلم أر شيئاً، فرفعت رأسي فإذا الملك الذي جاءني بحراء جالس على كرسي بين السماء والأرض، فحثيت منه رعباً، فرجعت فقلت دثروني فدثروني، فنزلت " يا أيها المدثر * قم فأنذر " إلى قوله: "والرجز فاهجر"" وسيأتي في سورة اقرأ ما يدل على أنها أول سورة أنزلت، والجمع ممكن. وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس "يا أيها المدثر" فقال: دثر هذا الأمر، فقم به. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عنه "يا أيها المدثر" قال: النائم "وثيابك فطهر" قال: لا تكن ثيابك التي تلبس من مكسب باطل "والرجز فاهجر" قال: الأصنام "ولا تمنن تستكثر" قال: لا تعط تلتمس بها أفضل منها. وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه عنه أيضاً "وثيابك فطهر" قال: من الإثم. قال: وهي في كلام العرب نقي الثياب. وأخرج ابن مردويه عنه أيضاً "وثيابك فطهر" قال: من الغدر، لا تكن غداراً. وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن الأنباري وابن مردويه عن عكرمة عنه أيضاً أنه سئل عن قوله: "وثيابك فطهر" قال: لا تلبسها على غدرة، ثم قال: ألا تسمعون قول غيلان بن سلمة:
وإني بحمد الله لا ثوب فاجر لبست ولا من غدرة أتقنع
وأخرج الطبراني والبيهقي في سننه عنه أيضاً "ولا تمنن تستكثر" قال: لا تعط الرجل عطاء رجال أن يعطيك أكثر منه. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن مردويه عنه أيضاً "فإذا نقر في الناقور" قال: الصور "يوم عسير" قال: شديد. وأخرج ابن مردويه عنه أيضاً "ذرني ومن خلقت وحيداً" قال الوليد بن المغيرة. وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي في الدلائل عنه أيضاً: أن الوليد بن المغيرة جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقرأ عليه القرآن، فكأنه رق له، فبلغ ذلك أبا جهل، فأتاه فقال: يا عم إن قومك يريدون أن يجمعوا لك مالاً ليعطوكه، فإنك أتيت محمداً لتعرض لما قبله، قال: قد علمت قريش أني من أكثرها مالاً، قال: فقل فيه قولاً يبلغ قومك أنك منكر له، وأنك كاره له، قال: وماذا أقول؟ فوالله ما فيكم رجل أعلم بالشعر مني لا برجزه ولا بقصيده ولا بأشعار الجن، والله ما يشبه هذا الذي يقول شيئاً من هذا، ووالله إن لقوله الذي يقول لحلاوة، وإن عليه لطلاوة وإنه لمثمر أعلاه، مغدق أسفله، وإنه ليعلو وما يعلي، وإنه ليحطم ما تحته، قال: والله لا يرضى قومك حتى تقول فيه، قال: فدعني حتى أفكر، فلما فكر قال: هذا سحر يؤثر، يأثره عن غيره، فنزلت "ذرني ومن خلقت وحيداً". وأخرج هذا عبد الرزاق عن عكرمة مرسلاً، وكذا أخرجه ابن جرير وابن إسحاق وابن المنذر وغير واحد. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن عمر بن الخطاب أنه سئل عن قوله: "وجعلت له مالاً ممدوداً" قال: غلة شهر بشهر. وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس "وجعلت له مالاً ممدوداً" قال: ألف دينار. وأخرج هناد عن أبي سعيد الخدري في قوله: "سأرهقه صعوداً" قال: هو جبل في النار يكلفون أن يصعدوا فيه، فكلما وضعوا أبديهم عليه ذابت، فإذا رفعوها عادت كما كانت. وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس "عنيداً" قال: جحوداً. وأخرج أحمد والترمذي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن حبان والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الصعود جبل في النار يصعد فيه الكافر سبعين خريفاً، ثم يهوي وهو كذلك فيه أبداً". قال الترمذي بعد إخراجه: غريب لا نعرفه إلا من حديث ابن لهيعة عن دراج. قال ابن كثير: وفيه غرابة ونكارة انتهى، وقد أخرجه جماعة من قول أبي سعيد، وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: "صعوداً" صخرة في جهنم يسحب عليها الكافر على وجهه. وأخرج ابن المنذر عنه قال: جبل في النار. وأخرج ابن المنذر عنه أيضاً في قوله: "لا تبقي ولا تذر" قال: لا تبقي منهم شيئاً، وإذا بدلوا خلقاً آخر لم تذر أن تعاودهم سبيل العذاب الأول. وأخرج عبد بن حميد عنه أيضاً "لواحة للبشر" قال: تلوح الجلد فتحرقه وتغير لونه، فيصير أسود من الليل. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عنه أيضاً "لواحة" قال: محرقة. وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في البعث عن البراء: أن رهطاً من اليهود سألوا بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عن خزنة جهنم، فقال: الله ورسوله أعلم، فجاء جبريل، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم، فنزلت عليه ساعتئذ "عليها تسعة عشر".
30- "عليها تسعة عشر"، أي: على النار تسعة عشر من الملائكة، وهم خزنتها: مالك ومعه ثمانية عشر. وجاء في الأثر: أعينهم كالبرق الخاطف، وأنيابهم كالصياصي، يخرج لهب النار من أفواههم، ما بين منكبي أحدهم مسيرة سنة، نزعت منهم الرحمة، يرفع أحدهم سبعين ألف فيرميهم حيث أراد من جهنم.
قال عمرو بن دينار: إن واحداً منهم يدفع بالدفعة الواحدة في جهنم أكثر من ربيعة ومضر.
قال ابن عباس، وقتادة، والضحاك: لما نزلت هذه الآية قال أبو جهل لقريش: ثكلتكم أمهاتكم، أسمع ابن أبي كبشة يخبر أن خزنة النار تسعة عشر وأنتم الدهم، أي: الشجعان، أفيعجز كل عشرة منكم أن يبطشوا بواحد من خزنة جهنم؟ قال أبو الأشد أسيد بن كلدة بن خلف الجمحي: أنا أكفيكم منهم سبعة عشر، عشرة على ظهري وسبعة على بطني، فاكفوني أنتم اثنين.
وروي أنه قال: أنا أمشي بين أيديكم على الصراط فأدفع عشرة بمنكبي الأيمن وتسعة بمنكبي الأيسر في النار ونمضي فندخل الجنة.
30-" عليها تسعة عشر " ملكاً أو صنفاً من الملائكة يلون أمرها ، والمخصص لهذا العدد أن اختلال النفوس البشرية في النظر والعمل بسبب القوى الحيوانية الاثنتي عشرة والطبيعية السبع ، أو أن لجهنم سبع دركات ست منها لأصناف الكفار وكل صيف يعذب بترك الاعتقاد والإقرار ، أو العمل أنواعاً من العذاب تناسبها على كل نوع ملك أو صنف يتولاه وواجده لعصاة الأمة يعذبوك فيها بترك العمل نوعاً يناسبه ويتولاه ملك ، أو صنف أو أن الساعات أربع وعشرون خمسة منها مصروفة في الصلاة فيبقى تسعة عشر قد تصرف فيما يؤاخذ به بأنواع من العذاب يتولاها الزبانية ، وقرئ " تسعة عشر " بسكون العين كراهة توالي حركات فيها هو كاسم واحد و تسعة عشر جمع عشير كيمين وأيمن ،أي تسعة كل عشير جمع يعني نقيبهم أو جمع عشر فتكون تسعين .
30. Above it are nineteen.
30 - Over it are Nineteen.