30 - (وما تشاؤون) بالتاء والياء اتخاذ السبيل بالطاعة (إلا أن يشاء الله) ذلك (إن الله كان عليما) بخلقه (حكيما) في فعله
يقول تعالى ذكره : " وما تشاؤون " اتخاذ السبيل إلى ربكم أيها الناس " إلا أن يشاء الله " ذلك لكم لأن الأمر إليه لا إليكم ، وهو في قراءة عبد الله فيما ذكر ( وما تشاؤون إلا ما شاء الله ) .
وقوله : "إن الله كان عليما حكيما " فلن يعدو منكم أحد ما سبق له في علمه بتدبيركم .
قوله تعالى:" وما تشاؤون" أي الطاعة والاستقامة واتخاذ السبيل الى الله " إلا أن يشاء الله" فأخبر أن الأمر إليه سبحانه ليس إليهم، وأنه لا تنفذ مشيئة أحد ولا تتقدم، إلا ان تتقدم مشيئته. وقرأ ابن كثير وأبو عمر ((وما تشاءون)) بالياء على معنى الخبر عنهم. والباقون بالتاء على معنى المخاطبة لله سبحانه. وقيل: إن الآية الأولى منسوجة بالثانية. والأشبه أنه ليس بنسخ، بل هو تبيين أن ذلك لا يكون إلا بمشيئته. قال الفراء: " وما تشاؤون إلا أن يشاء الله" جواب لقوله: " فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا" ثم أخبرهم أن الأمر ليس إليهم فقال: (( وما تشاءون)) ذلك السبيل ((إلا أن يشاء الله)) لكم. " إن الله كان عليما" بأعمالكم " حكيما" في أمره ونهيه لكم. وقد مضى في غير موضع.
يقول تعالى ممتناً على رسوله صلى الله عليه وسلم بما أنزله عليه من القرآن العظيم تنزيلاً: "فاصبر لحكم ربك" أي كما أكرمتك بما أنزلت عليك فاصبر على قضائه وقدره واعلم أنه سيدبرك بحسن تدبيره "ولا تطع منهم آثماً أو كفوراً" أي لا تطع الكافرين والمنافقين إن أرادوا صدك عما أنزل إليك بل بلغ ما أنزل إليك من ربك وتوكل على الله فإن الله يعصمك من الناس, فالاثم هو الفاجر في أفعاله والكفور هو الكافر قلبه "واذكر اسم ربك بكرة وأصيلاً" أي أول النهار وآخره "ومن الليل فاسجد له وسبحه ليلاً طويلاً" كقوله تعالى: "ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً" وكقوله تعالى: "يا أيها المزمل * قم الليل إلا قليلا * نصفه أو انقص منه قليلاً * أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلاً" ثم قال تعالى منكراً على الكفار ومن أشبههم في حب الدنيا والإقبال عليها والانصباب إليها وترك الدار الاخرة وراء ظهورهم "إن هؤلاء يحبون العاجلة ويذرون وراءهم يوماً ثقيلاً" يعني يوم القيامة ثم قال تعالى: "نحن خلقناهم وشددنا أسرهم" قال ابن عباس ومجاهد وغير واحد: يعني خلقهم "وإذا شئنا بدلنا أمثالهم تبديلاً" أي وإذا شئنا بعثناهم يوم القيامة وبدلناهم فأعدناهم خلقاً جديداً, وهذا استدلال بالبداءة على الرجعة. وقال ابن زيد وابن جرير "وإذا شئنا بدلنا أمثالهم تبديلاً" أي وإذا شئنا أتينا بقوم آخرين غيرهم كقوله تعالى: "إن يشأ يذهبكم أيها الناس ويأت بآخرين وكان الله على ذلك قديراً" وكقوله تعالى: " إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد * وما ذلك على الله بعزيز ".
ثم قال تعالى: "إن هذه تذكرة" يعني هذه السورة تذكرة "فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلاً" أي طريقاً ومسلكاً أي من شاء اهتدى بالقرآن كقوله تعالى: " وماذا عليهم لو آمنوا بالله واليوم الآخر " الاية, ثم قال تعالى: "وما تشاؤون إلا أن يشاء الله" أي لا يقدر أحد أن يهدي نفسه ولا يدخل في الإيمان ولا يجر لنفسه نفعاً "إلا أن يشاء الله إن الله كان عليماً حكيماً" أي عليم بمن يستحق الهداية فييسرها له ويقيض له أسبابها, ومن يستحق الغواية فيصرفه عن الهدى. وله الحكمة البالغة, والحجة الدامغة, ولهذا قال تعالى: "إن الله كان عليماً حكيماً" ثم قال: "يدخل من يشاء في رحمته والظالمين أعد لهم عذاباً أليماً" أي يهدي من يشاء ويضل من يشاء فمن يهده فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له. آخر تفسير سورة الإنسان, و لله الحمد والمنة.
30- " وما تشاؤون إلا أن يشاء الله " أي وما تشاءون أن تتخذوا إلى الله سبيلاً إلا أن يشاء الله، فالأمر إليه سبحانه ليس إليهم، والخير والشر بيده، لا مانع لما أعطى، ولا معطي لما منع، فمشيئة العبد مجردة لا تأتي بخير ولا تدفع شراً، وإن كان يثاب على المشيئة الصالحة، ويؤجر على قصد الخير كما في حديث "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى". قال الزجاج أي لستم تشاءون إلا بمشيئة الله "إن الله كان عليماً حكيما" في أمره ونهيه: أي بليغ العلم والحكمة.
30- "وما تشاؤون"، قرأ ابن كثير، وابن عامر، وأبو عمرو: يشاؤون بالياء، وقرأ الآخرون بالتاء، "إلا أن يشاء الله" أي لستم تشاؤون إلا بمشيئة الله عز وجل، لأن الأمر إليه "إن الله كان عليماً حكيماً".
30-" وما تشاؤون إلا أن يشاء الله " وما تشاءون ذلك إلا وقت أن يشاء الله مشيئتكم ، وقرأ ابن كثير و أبو عمرو و ابن عامر يشاءون بالياء . " إن الله كان عليماً " بما يستأهل كل أحد . " حكيماً " لا يشاء إلا ما تقتضيه حكمته .
30. Yet ye will not, unless Allah willeth. Lo! Allah is Knower, Wise.
30 - But ye will not, except as God wills; for God is full of Knowledge and Wisdom.