(قل) لهم (أطيعوا الله والرسول) فيما يأمركم به من التوحيد (فإن تولوا) أعرضوا عن الطاعة (فإن الله لا يحب الكافرين) فيه إقامة الظاهر مقام المضمر أي لا يحبهم بمعنى أنه يعاقبهم
قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: قل، يا محمد، لهؤلاء الوفد من نصارى نجران: أطيعوا الله والرسول محمداً، فإنكم قد علمتم يقيناً أنه رسولي إلى خلقي، ابتعثته بالحق، تجدونه مكتوباً عندكم في الإنجيل، فإن تولوا فاستدبروا عما دعوتهم إليه من ذلك، وأعرضوا عنه، فأعلمهم أن الله لا يحب من كفر فجحد ما عرف من الحق، وأنكره بعد علمه، وأنهم منهم، بجحودهم نبوتك، وإنكارهم الحق الذي أنت عليه، بعد علمهم بصحة أمرك، وحقيقة نبوتك، كما:
حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحق، عن محمد بن جعفر بن الزبير: "قل أطيعوا الله والرسول"، فأنتم تعرفونه -يعني الوفد من نصارى نجران- وتجدونه في كتابكم، "فإن تولوا" على كفرهم، "فإن الله لا يحب الكافرين".
قوله تعالى : قل أطيعوا الله والرسول . يأتي بيانه في النساء . " فإن تولوا " . شرط إلا أنه ماض لا يعرب . والتقدير فإن تولوا على كفرهم وأعرضوا عن طاعة الله ورسوله " فإن الله لا يحب الكافرين " اي لا يرضى فعلهم ولا يغفر لهم كما تقدم ز وقال : " فإن الله " ولم يقل فإنه لأن العرب إذا عظمت الشيء أعادت ذكره ، وأنشد سيبويه .
لا أرى الموت يسبق الموت شيء نغص الموت ذا الغنى والفقيرا
هذه الاية الكريمة حاكمة على كل من ادعى محبة الله وليس هو على الطريقة المحمدية فإنه كاذب في دعواه في نفس الأمر حتى يتبع الشرع المحمدي, والدين النبوي في جميع أقواله وأفعاله وأحواله, كما ثبت في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم, أنه قال "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد" ولهذا قال: "قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله" أي يحصل لكم فوق ما طلبتم من محبتكم إياه وهو محبته إياكم, وهو أعظم من الأول, كما قال بعض العلماء الحكماء: ليس الشأن أن تحب, إنما الشأن أن تحب. وقال الحسن البصري وغيره من السلف: زعم قوم أنهم يحبون الله, فابتلاهم الله بهذه الاية, فقال "قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله" وقد قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي , حدثنا علي بن محمد الطنافسي , حدثنا عبيد الله بن موسى عن عبد الأعلى بن أعين , عن يحيى بن أبي كثير , عن عروة , عن عائشة رضي الله عنها, قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "وهل الدين إلا الحب والبغض " قال الله تعالى: "قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني" قال أبو زرعة عبد الأعلى هذا منكر الحديث.
ثم قال تعالى: " ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم " أي باتباعكم الرسول صلى الله عليه وسلم, يحصل لكم هذا كله من بركة سفارته, ثم قال تعالى آمراً لكل أحد من خاص وعام "قل أطيعوا الله والرسول فإن تولوا" أي خالفوا عن أمره "فإن الله لا يحب الكافرين" فدل على أن مخالفته في الطريقة كفر, والله لا يحب من اتصف بذلك, وإن ادعى وزعم في نفسه أنه محب لله ويتقرب إليه حتى يتابع الرسول النبي الأمي خاتم الرسل ورسول الله إلى جميع الثقلين: الجن والإنس, الذي لو كان الأنبياء بل المرسلون بل أولو العزم منهم في زمانه ما وسعهم إلا اتباعه, والدخول في طاعته, واتباع شريعته, كما سيأتي تقريره عند قوله تعالى: "وإذ أخذ الله ميثاق النبيين" الاية, إن شاء الله تعالى.
قوله 32- "قل أطيعوا الله والرسول" حذف المتعلق مشعر بالتعميم، أي: في جمع الأوامر والنواهي. قوله "فإن تولوا" يحتمل أن يكون من كلام الله تعالى فيكون ماضياً. وقوله "فإن الله لا يحب الكافرين" نفي المحبة كناية عن البغض والسخط. ووجه الإظهار في قوله "فإن الله" مع كون المقام مقام إضمار لقصد التعظيم أو التعميم.
32-فنزل قوله تعالى:"قل أطيعوا الله والرسول فإن تولوا " اعرضوا عن طاعتهما " فإن الله لا يحب الكافرين " لايرضى فعلهم ولا يغفر لهم.
أخبرنا عبد الواحد المليحي، أنا احمد بن عبد الله النعيمي،أنا محمد بن يوسف،أنامحمد بن إسماعي،أنامحمد بن سنان،أنا فليح،أنا هلال بن علي عنعطاء بن يسار عن ابي هريره رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى وقالوا ومن يأبى ؟ قال من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى".
أخبرنا عبد الواحد المليحي،أنااحمد بن عبد الله النعيمي،أنامحمد بن يوسف،أنا محمد اسماعيل أنا محمد بن عبادة ، أنايزيد،أنا سليم بن حيان (واثنى عليه )، أنا سعيد بن ميناء قال: حدثنا او سمعت جابر بن عبد الله يقول: "جاءت ملائكة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو نائم .فقال بعضهم : إنه نائم وقال بعضهم : إن العين نائمة والقلب يقظان فقالوا : إن لصاحبكم هذا مثلاً فاضربوا له مثلاً ، فقالوا: مثله كمثل رجل بنى دارا وجعل فيها مأدبة وبعث داعياً ، فمن أجاب الداعي دخل الدار وأكل من المأدبة ، ومن لم يجب الداعي لم يدخل الدار ولم يأكل من المأدبة ،فقالوا: أولوها له يفقهها ، فقالوا: أما الدار الجنة والداعي محمد صلى الله عليه وسلم فمن أطاع محمداً فقد أطاع الله ومن عصى محمداً فقد عصى الله ومحمد صلى الله عليه وسلم فرق بين الناس".
32" قل أطيعوا الله والرسول فإن تولوا " يحتمل المضي والمضارعة بمعنى فإن تتولوا. "فإن الله لا يحب الكافرين" لا يرضى عنهم ولا يثني عليهم، وإنما لم يقل لا يحبهم لقصد العموم والدلالة على أن التولي كفر، وإنما من هذه الحيثية ينفي محبة الله وأن محبته مخصوصة للمؤمنين.
32. Say: Obey Allah and the messenger. But if they turn away, Lo! Allah loveth not the disbelievers (in His guidance).
32 - Say: obey God and his apostle: but if they turn back, God loveth not those who reject faith.