32 - (ومن آياته الجوار) السفن (في البحر كالأعلام) كالجبال في العظم
يقول تعالى ذكره : ومن حجج الله أيها الناس عليكم بأنه القادر على كل ما يشاء وأنه لا يتعذر عليه فعل شيء أراده ، السفن الجارية في البحر . والجواري : جارية ، وهي السائرة في البحر .
كما حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : " الجوار في البحر " قال : السفن .
حدثنا محمد ، قال : ثنا أحمد ، قال : ثنا أسباط ، عن السدي " ومن آياته الجوار في البحر " قال : الجواري : السفن .
وقوله : " كالأعلام " يعني كالجبال : واحدها علم ، ومنه قول الشاعر :
كأنه علم في رأسه نار
يعني : جبل . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد " كالأعلام " قال : كالجبال .
حدثنا محمد ، قال : ثنا أحمد ، قال : ثنا أسباط ، عن السدي ، قال : الأعلام : الجبال .
قوله تعالى : " ومن آياته الجوار في البحر كالأعلام " أي ومن علاماته الدالة على قدرته السفن الجارية في البحر كأنها من عظمها أعلام ، والأعلام : الجبال ، وواحد الجواري جارية ، قال الله تعالى : " إنا لما طغى الماء حملناكم في الجارية " [ الحاقة : 11 ] ، سميت جارية لأنها تجري في الماء ، والجارية : هي المرأة الشابة ، سميت بذلك لأنها يجري فيها ماء الشباب ، وقال مجاهد : الأعلام القصور ، واحدها علم ، ذكره الثعلبي وذكر الماوردي عند أنها الجبال ، وقال الخليل كل شيء مرتفع عند العرب فهو علم ، قالت الخنساء ترثي أخاها صخراً :
وإن صخراً لتأتم الهداة به كأنه علم في رأسه نار
(( إن يشأ يسكن الرياح )) كذا قرأه أهل المدينة المدينة (( الرياح )) بالجمع .
يقول تعالى ومن آياته الدالة على قدرته الباهرة وسلطانه تسخيره البحر لتجري فيه الفلك بأمره وهي الجواري في البحر كالأعلام أي كالجبال, قاله مجاهد والحسن والسدي والضحاك: أي هذه في البحر كالجبال في البر "إن يشأ يسكن الريح" أي التي تسير في البحر بالسفن لو شاء لسكنها حتى لا تحرك السفن بل تبقى راكدة لا تجيء ولا تذهب بل واقفة على ظهره أي على وجه الماء " إن في ذلك لآيات لكل صبار " أي في الشدائد "شكور" أي إن في تسخيره البحر وإجرائه الهوى بقدر ما يحتاجون إليه لسيرهم لدلالات على نعمه تعالى على خلقه لكل صبار أي في الشدائد شكور في الرخاء. وقوله عز وجل "أو يوبقهن بما كسبوا" أي ولو شاء لأهلك السفن وغرقها بذنوب أهلها الذين هم راكبون فيها "ويعف عن كثير" أي من ذنوبهم ولو آخذهم بجميع ذنوبهم لأهلك كل من ركب البحر.
وقال بعض علماء التفسير معنى قوله تعالى: "أو يوبقهن بما كسبوا" أي لو شاء لأرسل الريح قوية عاتية فأخذت السفن وأحالتها عن سيرها المستقيم فصرفتها ذات اليمين أو ذات الشمال آبقة لا تسير على طريق ولا إلى جهة مقصد, وهذا القول يتضمن هلاكها وهو مناسب للأول وهو أنه تعالى لو شاء لسكن الريح فوقفت أو لقواه فشردت وأبقت وهلكت, ولكن من لطفه ورحمته أنه يرسله بحسب الحاجة كما يرسل المطر بقدر الكفاية ولو أنزله كثيراً جداً لهدم البنيان أو قليلاً لما أنبت الزرع والثمار حتى إنه يرسل إلى مثل بلاد مصر سيحاً من أرض أخرى غيرها لأنهم لا يحتاجون إلى مطر ولو أنزل عليهم لهدم بنيانهم وأسقط جدرانهم, وقوله تعالى: "ويعلم الذين يجادلون في آياتنا ما لهم من محيص" أي لا محيد لهم عن بأسنا ونقمتنا فإنهم مقهورون بقدرتنا.
ثم ذكر سبحانه آية أخرى من آياته العظيمة الدالة على توحيده وصدق ما وعد به فقال: 32- "ومن آياته الجوار" قرأ نافع وأبو عمرو الجواري بإثبات الياء في الوصل، وأما في الوقف فإثباتها على الأصل وحذفها للتخفيف، وهي السفن واحدتها جارية: أي سائرة "في البحر كالأعلام" أي الجبال جمع علم وهو الجبل، ومنه قول الخنساء:
وإن صخراً لتأتم الهداة به كأنه علم في رأسه نار
فقال الخليل: كل شيء مرتفع عند العرب فهو علم. وقال مجاهد: الأعلام القصور واحدها علم.
32. 31. قوله عز وجل: " ومن آياته الجوار "، يعني: السفن، واحدتها جارية وهي السائرة، " في البحر كالأعلام "، أي: الجبال، [قال مجاهد : القصور، واحجها علم]، وقال الخليل بن أحمد : كل شيء مرتفع عند العرب فهو علم.
32-" ومن آياته الجوار " السفن الجارية . " في البحر كالأعلام " كالجبال . قالت الخنساء :
وإن صخر لتأتم الهداة به كأنه علم في رأسه نار
32. And of His portents are the ships, like banners on the sea;
32 - And among His Signs are the ships, smooth running through the ocean, (tall) as mountains.