33 - (إن يشأ يسكن الريح فيظللن) يصرن (رواكد) ثوابت لا تجري (على ظهره إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور) هو المؤمن يصبر في الشدة ويشكر في الرخاء
وقوله : " إن يشأ يسكن الريح فيظللن رواكد على ظهره " يقول تعالى ذكره : إن يشأ الله الذي قد أجرى هذه السفن في البحر أن لا تجري فيه ، أسكن الريح التي تجري بها فيه ، فثبتن في موضع واحد ، ووقفن على ظهر الماء لا تجري ، فتتقدم ولا تتأخر .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : " ومن آياته الجوار في البحر كالأعلام * إن يشأ يسكن الريح فيظللن رواكد على ظهره " سفن هذا البحر تجري بالريح فإذا أمسكت عنها الريح ركدت ، قال الله عز وجل : " إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور " .
حدثنا محمد ، قال : ثنا أحمد ، قال : ثنا أسباط ، عن السدي " إن يشأ يسكن الريح فيظللن رواكد على ظهره " لا تجري .
حدثني علي ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية عن علي ، عن ابن عباس ، قوله : " فيظللن رواكد على ظهره " يقول : وقوفاً .
وقوله : " إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور " يقول : إن في جري هذه الجواري في البحر بقدرة الله لعظة وعبرة وحجة بينة على قدرة الله على ما يشاء ، لكل ذي صبر على طاعة الله ، شكور لنعمه وأياديه عنده .
" فيظللن رواكد على ظهره " أي فتبقى السفن سواكن على ظهر البحر لا تجري ، ركد الماء ركوداً سكن ، وكذلك الريح والسفينة ، والشمس إذا قام قائم الظهيرة ، وكل ثابت في مكان فهو راكد ، وركد الميزان استوى ، وركد القوم هدءوا ، والمراكد : المواضع التي يركد فيها الإنسان وغيره ، وقرأ قتادة (( فيظللن )) بكسر اللام الأولى على أن يكون لغة ، مثل ضللت أضل ، وفتح اللام وهي اللغة المشهورة : " إن في ذلك لآيات " أي دلالات وعلامات ، " لكل صبار شكور " أي صبار على البلوى شكور على النعماء ، قال قطرب : نعم العبد الصبار الشكور ، الذي إذا أعطي شكر وإذا ابتلي صبر ، قال عون بن عبد الله : فكم من منعم عليه غير شاكر ، وكم من مبتلى غير صابر .
يقول تعالى ومن آياته الدالة على قدرته الباهرة وسلطانه تسخيره البحر لتجري فيه الفلك بأمره وهي الجواري في البحر كالأعلام أي كالجبال, قاله مجاهد والحسن والسدي والضحاك: أي هذه في البحر كالجبال في البر "إن يشأ يسكن الريح" أي التي تسير في البحر بالسفن لو شاء لسكنها حتى لا تحرك السفن بل تبقى راكدة لا تجيء ولا تذهب بل واقفة على ظهره أي على وجه الماء " إن في ذلك لآيات لكل صبار " أي في الشدائد "شكور" أي إن في تسخيره البحر وإجرائه الهوى بقدر ما يحتاجون إليه لسيرهم لدلالات على نعمه تعالى على خلقه لكل صبار أي في الشدائد شكور في الرخاء. وقوله عز وجل "أو يوبقهن بما كسبوا" أي ولو شاء لأهلك السفن وغرقها بذنوب أهلها الذين هم راكبون فيها "ويعف عن كثير" أي من ذنوبهم ولو آخذهم بجميع ذنوبهم لأهلك كل من ركب البحر.
وقال بعض علماء التفسير معنى قوله تعالى: "أو يوبقهن بما كسبوا" أي لو شاء لأرسل الريح قوية عاتية فأخذت السفن وأحالتها عن سيرها المستقيم فصرفتها ذات اليمين أو ذات الشمال آبقة لا تسير على طريق ولا إلى جهة مقصد, وهذا القول يتضمن هلاكها وهو مناسب للأول وهو أنه تعالى لو شاء لسكن الريح فوقفت أو لقواه فشردت وأبقت وهلكت, ولكن من لطفه ورحمته أنه يرسله بحسب الحاجة كما يرسل المطر بقدر الكفاية ولو أنزله كثيراً جداً لهدم البنيان أو قليلاً لما أنبت الزرع والثمار حتى إنه يرسل إلى مثل بلاد مصر سيحاً من أرض أخرى غيرها لأنهم لا يحتاجون إلى مطر ولو أنزل عليهم لهدم بنيانهم وأسقط جدرانهم, وقوله تعالى: "ويعلم الذين يجادلون في آياتنا ما لهم من محيص" أي لا محيد لهم عن بأسنا ونقمتنا فإنهم مقهورون بقدرتنا.
33- "إن يشأ يسكن الريح". قرأ الجمهور بهمز يشأ وقرأ ورش عن نافع بلا همز. وقرأ الجمهور "الريح" بالإفراد، وقرأ نافع "الرياح" على الجمع: أي يسكن الريح التي بها السفن "فيظللن" أي السفن "رواكد" أي سواكن ثوابت "على ظهره" البحر. يقال ركد الماء ركوداً: سكن، وكذلك ركدت الريح وركدت السفينة وكل ثابت في مكان فهو راكد. قرأ الجمهور "فيظللن" بفتح اللام الأولى، وقرأ قتادة بكسرها وهي لغة قليلة "إن في ذلك" الذي ذكر من أمر السفن "لآيات" دلالات عظيمة "لكل صبار شكور" أي لكل من كان كثير الصبر على البلوى كثير الشكر على النعماء. قال قطرب: الصبار الشكور الذي إذا أعطي شكر وإذا ابتلي صبر. قال عون بن عبد الله:
فكم من منعم عليه غير شاكر وكم من مبتلى غير صابر
33. " إن يشأ يسكن الريح "، التي تجريها، " فيظللن "، يعني: الجواري، " رواكد "، ثوابت، " على ظهره "، على ظهر البحر لا تجري، " إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور "، أي: لكل مؤمن لأن صفة المؤمن الصبر في الشدة والشكر في الرخاء.
33-" إن يشأ يسكن الريح " وقرئ الرياح . " فيظللن رواكد على ظهره " فيبقين ثوابت على ظهر البحر . " إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور " لكل من وكل همته وحبس نفسه على النظر في آيات الله والتفكر في آلائه ، أو لكل مؤمن كامل الإيمان فإن الإيمان نصفان نصف صبر ونصف شكر .
33. If He will He calmeth the wind so that they keep still upon its surface Lo! herein verily are signs for every steadfast grateful (heart).
33 - If it be His Will, He can still the Wind: then would they become motionless on the back of the (ocean). Verily in this are Signs for everyone who patiently perseveres and is grateful.