35 - (ولقد تركنا منها آية بينة) ظاهرة هي آثار خرابها (لقوم يعقلون) يتدبرون
يقول تعالى ذكره: ولقد أبقينا من فعلتنا التي فعلنا بهم آية، يقول: عبرة بينة واعظة، لقوم يعقلون عن الله حججه، ويتفكرون في مواعظه، وتلك الآية البينة هي عندي عفو آثارهم، ودروس معالمهم.
وذكر عن قتادة في ذلك ما:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة " ولقد تركنا منها آية بينة لقوم يعقلون " قال: هي الحجارة التي أمطرت عليهم.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعاً، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله " منها آية بينة " قال: عبرة.
قوله تعالى : " ولقد تركنا منها آية بينة لقوم يعقلون " . قال قتادة : هي الحجارة التي أبقيت . وقاله أبو العالية . وقيل : إنه يرجم بها قوم من هذه الأمة ز وقال ابن عباس : هي آثار منازلهم الخربة . وقال مجاهد : هو الماء الأسود على وجه الأرض . وكل ذلك باق فلا تعارض .
لما استنصر لوط عليه السلام بالله عز وجل عليهم, بعث الله لنصرته ملائكة فمروا على إبراهيم عليه السلام في هيئة أضياف, فجاءهم بما ينبغي للضيف, فلما رآهم أنه لا همة لهم إلى الطعام, نكرهم وأوجس منهم خيفة, فشرعوا يؤانسونه ويبشرونه بوجود ولد صالح من امرأته سارة, وكانت حاضرة, فتعجبت من ذلك كما تقدم بيانه في سورة هود والحجر, فلما جاءت إبراهيم البشرى وأخبروه بأنهم أرسلوا لهلاك قوم لوط, أخذ يدافع لعلهم ينظرون لعل الله أن يهديهم, ولما قالوا إنا مهلكوا أهل هذه القرية " قال إن فيها لوطا قالوا نحن أعلم بمن فيها لننجينه وأهله إلا امرأته كانت من الغابرين " أي من الهالكين, لأنها كانت تمالئهم على كفرهم وبغيهم ودبرهم, ثم ساروا من عنده فدخلوا على لوط في صورة شبان حسان, فلما رآهم كذلك "سيء بهم وضاق بهم ذرعاً" أي اغتم بأمرهم إن هو أضافهم خاف عليهم من قومه وإن لم يضفهم خشي عليهم منهم ولم يعلم بأمرهم في الساعة الراهنة "قالوا لا تخف ولا تحزن إنا منجوك وأهلك إلا امرأتك كانت من الغابرين * إنا منزلون على أهل هذه القرية رجزاً من السماء بما كانوا يفسقون" وذلك أن جبريل عليه السلام اقتلع قراهم من قرار الأرض, ثم رفعها إلى عنان السماء, ثم قلبها عليهم, وأرسل الله عليهم حجارة من سجيل منضود مسومة عند ربك, وما هي من الظالمين ببعيد, وجعل الله مكانها بحيرة خبيثة منتنة, وجعلهم عبرة إلى يوم التناد, وهم من أشد الناس عذاباً يوم المعاد. ولهذا قال تعالى: "ولقد تركنا منها آية بينة" أي واضحة "لقوم يعقلون" كما قال تعالى: " وإنكم لتمرون عليهم مصبحين * وبالليل أفلا تعقلون ".
35- "ولقد تركنا منها آية بينة" أي أبقينا من القرية علامة ودلالة بينة وهي الآثار التي بها من الحجارة رجموا بها وخراب الديار. وقال مجاهد: هو الماء الأسود الباقي على وجه أرضهم ولا مانع من حمل الآية على جميع ما ذكر، وخص من يعقل، لأنه الذي يفهم أن تلك الآثار عبرة يعتبر بها من يراها.
35- "ولقد تركنا منها"، من قريات لوط، "آية بينة"، عبرة ظاهرة، "لقوم يعقلون"، يتدبرون الآيات تدبر ذوي العقول، قال ابن عباس: الآية البينة: آثار منازلهم الخربة. وقال قتادة: هي الحجارة التي أهلكوا بها أبقاها الله حتى أدركها أوائل هذه الأمة. وقال مجاهد: هي ظهور الماء الأسود على وجه الأرض.
35ـ " ولقد تركنا منها آيةً بينة " هي حكايتها الشائعة أو آثار الديار الخربة ، وقيل الحجارة الممطرة فإنها كانت باقية بعد وقيل بقية أنهارها المسودة . " لقوم يعقلون " يستعملون عقولهم في الاستبصار والاعتبار ، وهو متعلق بـ " تركنا " أو " آية " .
35. And verily of that We have left a clear sign for people who have sense.
35 - And We have left thereof an evident Sign, for any people who (care to) understand.