37 - (بل جاء بالحق وصدق المرسلين) الجائين به وهو أن لا إله إلا الله
وقوله "بل جاء بالحق" وهذا خبر من الله مكذباً للمشركين الذين قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم : شاعر مجنون كذبوا، ما محمد كما وصفوه به من أنه شاعر مجنون ، بل هو لله نبي جاء بالحق من عنده ، وهو القرآن الذي أنزله عليه ، وصدق المرسلين الذين كانوا من قبله.
وبمثل الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال : ثنا يزيد، قال : ثنا سعيد، عن قتادة "بل جاء بالحق" بالقرآن "وصدق المرسلين": أي صدق من كان قبله من المرسلين.
فرد الله جل وعز عليهم فقال : " بل جاء بالحق " يعني القرآن والتوحيد " وصدق المرسلين " فيما جاءوا به من التوحيد .
يذكر تعالى أن الكفار يتلاومون في عرصات القيامة كما يتخاصمون في دركات النار "فيقول الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعاً فهل أنتم مغنون عنا نصيباً من النار * قال الذين استكبروا إنا كل فيها إن الله قد حكم بين العباد" وقال تعالى: " ولو ترى إذ الظالمون موقوفون عند ربهم يرجع بعضهم إلى بعض القول يقول الذين استضعفوا للذين استكبروا لولا أنتم لكنا مؤمنين * قال الذين استكبروا للذين استضعفوا أنحن صددناكم عن الهدى بعد إذ جاءكم بل كنتم مجرمين * وقال الذين استضعفوا للذين استكبروا بل مكر الليل والنهار إذ تأمروننا أن نكفر بالله ونجعل له أندادا وأسروا الندامة لما رأوا العذاب وجعلنا الأغلال في أعناق الذين كفروا هل يجزون إلا ما كانوا يعملون " وهكذا قالوا لهم ههنا "إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين" قال الضحاك عن ابن عباس يقولون كنتم تقهروننا بالقدرة منكم علينا لأنا كنا أذلاء وكنتم أعزاء, وقال مجاهد يعني عن الحق والكفار تقوله للشياطين. وقال قتادة قالت الإنس للجن إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين قال من قبل الخير فتنهونا عنه وتبطئونا عنه, وقال السدي تأتوننا من قبل الحق وتزينون لنا الباطل وتصدونا عن الحق وقال الحسن في قوله تعالى: "إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين" إي والله يأتيه عند كل خير يريده فيصده عنه, وقال ابن زيد معناه تحولون بيننا وبين الخير ورددتمونا عن الإسلام والإيمان والعمل بالخير الذي أمرنا به, وقال يزيد الشرك من قبل لا إله إلا الله وقال خصيف يعنون من قبل ميامنهم, وقال عكرمة "إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين" قال من حيث نأمنكم.
وقوله تعالى: "قالوا بل لم تكونوا مؤمنين" تقول القادة من الجن والإنس للأتباع ما الأمر كما تزعمون بل كانت قلوبكم منكرة للإيمان قابلة للكفر والعصيان "وما كان لنا عليكم من سلطان" أي من حجة على صحة ما دعوناكم إليه "بل كنتم قوماً طاغين" أي بل كان فيكم طغيان ومجاوزة للحق فلهذا استجبتم لنا وتركتم الحق الذي جاءتكم به الأنبياء وأقاموا لكم الحجج على صحة ما جاؤوكم به فخالفتموه "فحق علينا قول ربنا إنا لذائقون * فأغويناكم إنا كنا غاوين" يقول الكبراء للمستضعفين حقت علينا كلمة الله أنا من الأشقياء الذائقين للعذاب يوم القيامة "فأغويناكم" أي دعوناكم إلى الضلالة "إنا كنا غاوين" أي فدعوناكم إلى ما نحن فيه فاستجبتم لنا, قال الله تبارك وتعالى: "فإنهم يومئذ في العذاب مشتركون" أي الجميع في النار كل بحسبه "إنا كذلك نفعل بالمجرمين * إنهم كانوا" أي في الدار الدنيا "إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون" أي يستكبرون أن يقولوها كما يقولها المؤمنون قال ابن أبي حاتم حدثنا عبيد الله بن أخي بن وهب حدثنا عمي حدثنا الليث عن ابن مسافر يعني عبد الرحمن بن خالد عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فمن قال لا إله إلا الله فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله عز وجل" وأنزل الله تعالى في كتابه العزيز وذكر قوماً استكبروا فقال تعالى: "إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون" وقال ابن أبي حاتم أيضاً حدثنا أبي حدثنا أبو سلمة موسى بن إسماعيل حدثنا حماد عن سعيد الجريري عن أبي العلاء قال: يؤتى باليهود يوم القيامة فيقال لهم ما كنتم تعبدون ؟ فيقولون نعبد الله وعزيراً فيقال لهم: خذوا ذات الشمال, ثم يؤتى بالنصارى فيقال لهم ما كنتم تعبدون ؟ فيقولون نعبد الله والمسيح فيقال لهم: خذوا ذات الشمال, ثم يؤتى بالمشركين فيقال لهم لا إله إلا الله فيستكبرون ثم يقال لهم لا إله إلا الله فيستكبرون ثم يقال لهم لا إله إلا الله فيستكبرون فيقال لهم خذوا ذات الشمال. قال أبو نضرة فينطلقون أسرع من الطير. قال أبو العلاء ثم يؤتى بالمسلمين فيقال لهم ما كنتم تعبدون ؟ فيقولون كنا نعبد الله تعالى فيقال لهم هل تعرفونه إذا رأيتموه ؟ فيقولون نعم, فيقال لهم فكيف تعرفونه ولم تروه ؟ فيقولون نعلم أنه لا عدل له. قال فيتعرف لهم تبارك وتعالى وتقدس وينجي الله المؤمنين " ويقولون أإنا لتاركوا آلهتنا لشاعر مجنون " أي أنحن نترك عبادة آلهتنا وآلهة آبائنا عن قول هذا الشاعر المجنون يعنون رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى تكذيباً لهم ورداً عليهم: "بل جاء بالحق" يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء بالحق في جميع شرعة الله تعالى له من الأخبار والطلب "وصدق المرسلين" أي صدقهم فيما أخبروا عنه من الصفات الحميدة, والمناهج السديدة, وأخبر عن الله تعالى في شرعه وأمره كما أخبروا "ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك" الاية.
فرد الله سبحانه عليهم بقوله: 37- "بل جاء بالحق" يعني القرآن المشتمل على التوحيد والوعد والوعيد "وصدق المرسلين" أي صدقهم فيما جاءوا به من التوحيد والوعيد وإثبات الدار الآخرة ولم يخالفهم ولا جاء بشيء لم تأت به الرسل قبله.
37. قال الله عز وجل رداً عليهم: " بل جاء "، محمد، " بالحق وصدق المرسلين "، أي: أنه أتى به المرسلون قبله.
37-" بل جاء بالحق وصدق المرسلين " رد عليهم بأن ما جاء به من التوحيد حق قام به البرهان وتطابق عليه المرسلون .
37. Nay, but he brought the Truth, and he confirmed those sent (before him).
37 - Nay he has come with the (very) Truth, and he confirms (the Message of) the apostles (before him).