37 - (وله الكبرياء) العظمة (في السماوات والأرض) حال أي كائنة فيهما (وهو العزيز الحكيم) تقدم
" وله الكبرياء في السماوات و الأرض " يقول : وله العظمة و السلطان في السماوات و الارض دون ما سوا من الآلهة و الانداد " وهو العزيز " في نقمته من أعدائه ، القاهر كل ما دونه ، و لا يقهره شيء " الحكيم " في تدبيره خلقه و تصريفه إياهم فيما شاء كيف شاء ، و الله أعلم .
قوله تعالى : " وله الكبرياء " أي العظمة والجلال والبقاء والسلطان والقدرة والكمال ، " في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم " والله أعلم .
يخبر تعالى عن حكمه في خلقه يوم القيامة فقال تعالى : "فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات" أي آمنت قلوبهم وعملت جوارحهم الأعمال الصالحة وهي الخالصة الموافقة للشرع "فيدخلهم ربهم في رحمته" وهي الجنة كما ثبت في الصحيح أن الله تعالى قال للجنة: أنت رحمتي أرحم بك من أشاء "ذلك الفوز المبين" أي البين الواضح. ثم قال تعالى: "وأما الذين كفروا أفلم تكن آياتي تتلى عليكم فاستكبرتم ؟" أي يقال لهم ذلك تقريعاً وتوبيخاً, أما قرئت عليكم آيات الله تعالى فاستكبرتم عن اتباعها, وأعرضتم عن سماعها, وكنتم قوماً مجرمين في أفعالكم مع ما اشتملت عليه قلوبكم من التكذيب ؟ "وإذا قيل إن وعد الله حق والساعة لا ريب فيها" أي إذا قال لكم المؤمنون ذلك "قلتم ما ندري ما الساعة" أي لا نعرفها "إن نظن إلا ظناً" أي إن نتوهم وقوعها إلا توهماً أي مرجوحاً ولهذا قال: "وما نحن بمستيقنين" أي بمتحققين. قال الله تعالى: "وبدا لهم سيئات ما عملوا" أي وظهر لهم عقوبة أعمالهم السيئة "وحاق بهم" أي أحاط بهم "ما كانوا به يستهزئون" أي من العذاب والنكال "وقيل اليوم ننساكم" أي نعاملكم معاملة الناسي لكم في نار جهنم "كما نسيتم لقاء يومكم هذا" أي فلم تعملوا له لأنكم لم تصدقوا به "ومأواكم النار وما لكم من ناصرين". وقد ثبت في الصحيح أن الله تعالى يقول لبعض العبيد يوم القيامة: "ألم أزوجك ؟ ألم أكرمك ؟ ألم أسخر لك الخيل والإبل وأذرك ترأس وتربع ؟ فيقول: بلى يارب. فيقول أفظننت أنك ملاقي ؟ فيقول: لا. فيقول الله تعالى: فاليوم أنساك كما نسيتني".
قال الله تعالى: "ذلكم بأنكم اتخذتم آيات الله هزواً" أي إنما جازيناكم هذا الجزاء لأنكم اتخذتم حجج الله عليكم سخرياً تسخرون وتستهزؤن بها "وغرتكم الحياة الدنيا" أي خدعتكم فاطمأننتم إليها فأصبحتم من الخاسرين, ولهذا قال عز وجل: "فاليوم لا يخرجون منها" أي من النار "ولا هم يستعتبون" أي لا يطلب منهم العتبى بل يعذبون بغير حساب ولا عتاب كما تدخل طائفة من المؤمنين الجنة بغير عذاب ولا حساب ثم لما ذكر تعالى حكمه في المؤمنين والكافرين, قال: "فلله الحمد رب السموات ورب الأرض" أي المالك لهما وما فيهما, ولهذا قال "رب العالمين" ثم قال جل وعلا: "وله الكبرياء في السموات والأرض" قال مجاهد: يعني السلطان أي هو العظيم الممجد الذي كل شيء خاضع لديه فقير إليه. وقد ورد في الحديث الصحيح "يقول الله تعالى: العظمة إزاري, والكبرياء ردائي فمن نازعني واحداً منهما أسكنته ناري" ورواه مسلم من حديث الأعمش عن أبي إسحاق عن الأغر أبي مسلم, عن أبي هريرة وأبي سعيد رضي الله عنهما, عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بنحوه. وقوله تعالى: "وهو العزيز" أي الذي لا يغالب ولا يمانع "الحكيم" في أقواله وأفعاله وشرعه وقدره تعالى وتقدس لا إله إلا هو.
37- "وله الكبرياء في السموات والأرض" أي الجلال والعظمة والسلطان، وخص السموات والأرض لظهور ذلك فيهما "وهو العزيز الحكيم" أي العزيز في سلطانه. فلا يغالبه مغالب، الحكيم في كل أفعاله وأقواله وجميع أقضيته.
وقد أخرج سعيد بن منصور وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد وابن أبي حاتم والبيهقي في البعث عن عبد الله بن باباه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كأني أراكم بالكوم دون جهنم جاثين" ثم قرأ سفيان ويرى كل أمة [جاثية]. وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر في قوله: "وترى كل أمة جاثية" قال: كل أمة مع نبيها حتى يجيء رسول الله صلى الله عليه وسلم على كوم قد علا الخلائق، فذلك المقام المحمود. وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله: "هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق" قال: هو أم الكتاب فيه أعمال بني آدم "إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون" قال: هم الملائكة يستنسخون أعمال بني آدم. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عنه بمعناه مطولاً، فقام رجل فقال: يا ابن عباس، ما كنا نرى هذا تكتبه الملائكة في كل يوم وليلة، فقال ابن عباس إنكم لستم قوماً عرباً " إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون " هل يستنسخ الشيء إلا من كتاب. وأخرج ابن جرير عنه نحوه أيضاً. وأخرج ابن جرير عن علي بن أبي طالب قال: إن لله ملائكة ينزلون في كل يوم بشيء يكتبون فيه أعمال بني آدم. وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر نحو ما روي عن ابن عباس. وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس في الآية قال: يستنسخ الحفظة من أم الكتاب ما يعمل بنو آدم، فإنما يعمل الإنسان ما استنسخ الملك من أم الكتاب وأخرج نحوه الحاكم عنه وصححه. وأخرج الطبراني عنه أيضاً في الآية قال: إن الله وكل ملائكته ينسخون من ذلك العام في رمضان ليلة القدر ما يكون في الأرض من حدث إلى مثلها من السنة المقبلة، فيتعارضون به حفظة الله على العباد عشية كل خميس، فيجدون ما رفع الحفظة موافقاً لما في كتابهم ذلك ليس فيه زيادة ولا نقصان. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه أيضاً في قوله: "اليوم ننساكم كما نسيتم لقاء يومكم هذا" قال: نتركم. وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم وأبو داود وابن ماجه وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يقول الله تبارك وتعالى: الكبرياء ردائي، والعظمة إزاري، فمن نازعني واحداً منهما ألقيته في النار".
37. " وله الكبرياء "، العظمة، " في السموات والأرض وهو العزيز الحكيم ".
أخبرنا الإمام أبو علي الحسين بن محمد القاضي ، حدثنا السيد أبو الحسن محمد بن الحسين العلوي ، أخبرنا أبو حامد أحمد بن محمد بن الحسن الشرقي ، حدثنا أحمد بن حفص و عبد الله بن محمد الفراء وقطن بن إبراهيم قالوا، أخبرنا حفص عن عبد الله، حدثني إبراهيم بن طهمان ، عن عطاء بن السائب ، عن الأغر أبي مسلم، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يقول الله عز وجل: الكبرياء ردائي، والعظمة إزاري، فمن نازعني واحداً منهما أدخلته النار ".
37-" وله الكبرياء في السموات والأرض " إذ ظهر فيها آثارها . " وهو العزيز " الذي لا يغلب . " الحكيم " فيما قدر وقضى فاحمدوه وكبروه وأطيعوا له . عن النبي صلى الله عليه وسلم " من قرأ حم الجاثية ستر الله عورته وسكن روعته يوم الحساب " .
37. And unto Him (alone) belongeth majesty in the heavens and the earth, and He is the Mighty, the Wise.
37 - To Him be Glory throughout the heavens and the earth: and He is Exalted in Power, Full of Wisdom!