37 - (وتركنا فيها) بعد إهلاك الكافرين (آية) علامة على إهلاكهم (للذين يخافون العذاب الأليم) فلا يفعلون مثل فعلهم
وقوله " وتركنا فيها آية للذين يخافون العذاب الأليم " يقول : وتركنا في هذه القرية التي أخرجنا من كان فيها من المؤمنين آية وقال جل ثناؤه " وتركنا فيها آية " والمعنى : وتركناها آية لأنها التي ائتفكت بأهلها فهي الآية وذلك كقول القائل : ترى في هذا الشيء عبرة وآية ومعناها : هذا الشيء آية وعبرة ، كما قال جل ثناؤه " لقد كان في يوسف وإخوته آيات للسائلين " ( يوسف 7 ) وهم كانوا الآيات وفعلهم ويعني بالآية : العظة والعبرة للذين يخافون عذاب الله الأليم في الآخرة .
قوله تعالى " وتركنا فيها آية " أي عبرة لأهل ذلك الزمان ومن بعدهم نظيره " ولقد تركنا منها آية بينة لقوم يعقلون " ثم قيل : الآية المتروكة نفس القرية الخربة . وقيل الحجارة المنضودة التي رجموا بها هي الآية . "للذين يخافون " لأنهم المنتفعون .
قال الله تعالى مخبراً عن إبراهيم عليه الصلاة والسلام: "فلما ذهب عن إبراهيم الروع وجاءته البشرى يجادلنا في قوم لوط * إن إبراهيم لحليم أواه منيب * يا إبراهيم أعرض عن هذا إنه قد جاء أمر ربك وإنهم آتيهم عذاب غير مردود" وقال ههنا: "قال فما خطبكم أيها المرسلون" أي ما شأنكم وفيم جئتم "قالوا إنا أرسلنا إلى قوم مجرمين" يعنون قوم لوط " لنرسل عليهم حجارة من طين* مسومة " أي معلمة "عند ربك للمسرفين" أي مكتتبة عنده بأسمائهم كل حجر عليه اسم صاحبه, فقال في سورة العنكبوت: " قال إن فيها لوطا قالوا نحن أعلم بمن فيها لننجينه وأهله إلا امرأته كانت من الغابرين " وقال تعالى ههنا: "فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين" وهم لوط وأهل بيته إلا امرأته "فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين" احتج بهذه من ذهب إلى رأي المعتزلة ممن لا يفرق بين مسمى الإيمان والإسلام, لأنه أطلق عليهم المؤمنين والمسلمين, وهذا الاستدلال ضعيف لأن هؤلاء كانوا قوماً مؤمنين, وعندنا أن كل مؤمن مسلم ولا ينعكس فاتفق الاسمان ههنا لخصوصية الحال, ولا يلزم ذلك في كل حال, وقوله تعالى: "وتركنا فيها آية للذين يخافون العذاب الأليم" أي جعلناها عبرة لما أنزلنا بهم من العذاب والنكال وحجارة السجيل, وجعلنا محلتهم بحيرة منتنة خبيثة, ففي ذلك عبرة للمؤمنين " للذين يخافون العذاب الأليم " .
37- "وتركنا فيها آية للذين يخافون العذاب الأليم" أي وتركنا في تلك القرى علامة ودلالة تدل على ما أصابهم من العذاب، كل من يخاف عذاب الله ويخشاه من أهل ذلك الزمان ومن بعدهم، وهذه الآية هي آثار العذاب في تلك القرى، فإنها ظاهرة بينة، وقيل هي الحجارة التي رجموا بها، وإنما خص الذين يخافون العذاب الأليم لأنهم الذين يتعظون بالمواعظ ويتفكرون في الآيات دون غيرهم ممن لا يخاف ذلك وهم المشركون المكذبون بالبعث والوعد والوعيد.
وقد أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: "في صرة" قال: في صيحة "فصكت وجهها" قال: لطمت. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: "فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين" قال: لوط وابنتيه. وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال: كانوا ثلاثة عشر.
37. " وتركنا فيها "، أي في مدينة قوم لوط، " آيةً "، عبرة، " للذين يخافون العذاب الأليم "، أي: علامة للخائفين تدلهم على أن الله تعالى أهلكهم فيخافون مثل عذابهم.
37-" وتركنا فيها آيةً " علامة . " للذين يخافون العذاب الأليم " فإنهم المعتبرون بها وهي تلك الأحجار ، أو صخر مضود فيها أو ماء أسود منتن .
37. And We left behind therein a portent for those who fear a painful doom.
37 - And We left there a Sign for such as fear the Grievous Penalty.