39 - (فتولى) أعرض عن الإيمان (بركنه) مع جنوده لأنهم له كالركن (وقال) لموسى هو (ساحر أو مجنون)
وقوله " فتولى بركنه " يقول : فأدبر فرعون كما أرسلنا إليه موسى بقومه من جنده وأصحابه .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل وإن اختلفت ألفظ قائليه فيه .
ذكر من قال ذلك .
حدثني علي قال : ثنا أبو صالح قال : ثني معاوية عن علي عن ابن عباس قوله " فتولى بركنه " يقول : لقومه أو بقومه أنا أشك .
حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء جميعاً عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قوله " فتولى بركنه " قال : بعضده وأصحابه .
حدثنا ابن عبد الأعلى قال : ثنا ابن ثور عن معمر عن قتادة في قوله " فتولى بركنه " غلب عدو الله على قومه .
حدثنا يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قول الله تبارك وتعالى " فتولى بركنه " قال : بمجموعه التي معه وقرأ " لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد " ( هود 80 ) قال : إلى قوة من الناس إلى ركن أجاهدكم به قال : وفرعون وجنوده ومن معه ركنه قال : وما كان مع لوط مؤمن واحد قال : وعرض عليهم أن ينكحهم بناته رجاء أن يكون له منهم عضد يعينه أو يدفع عنه وقرأ " هؤلاء بناتي هن أطهر لكم " ( هود 78 ) قال : يريد النكاح فأبوا عليه وقرأ قول الله تبارك وتعالى : " لقد علمت ما لنا في بناتك من حق وإنك لتعلم ما نريد " ( هود 79 ) أصل الركن : الجانب والناحية التي يعتمد عليها ويقوى بها .
وقوله : " وقال ساحر أو مجنون " يقول : وقال لموسى : هو ساحر يسحر عيون الناس أو مجنون به جنة وكان معمر بن المثنى يقول : أو في هذا الموضع بمعنى الواو التي للموالاة لأنهم قد قالوهما جميعاً له وأنشد في ذلك بيت جرير الخطفي :
أثعلبة الفوارس أو رياحا عدلت بهم طهية والخشابا
قوله تعالى " فتولى بركنه " أي فرعون أعرض عن الإيمان "بركنه " أي بجموعه وأجناده قاله ابن زيد وهو معنى قوه مجاهد ومنه قوله "أو آوي إلى ركن شديد" يعني المنعة والعشيرة وقال ابن عباس وقتادة بقوته ومنه قول عنترة :
فما أوهى مراس الحرب ركني ولكن ما تقادم من زماني
وقيل : بنفسه وقال الأخفش بجانبه كقوله تعالى "أعرض ونأى بجانبه " وقاله المؤرج الجوهري وركن الشيء جانبه الأقوى ، وهو يأوي إلى ركن شديد أي عزة ومنعة . القشيري : والركن جانب البدن . وهذا عبارة عن المبالغة في الإعراض عن الشيء "وقال ساحر أو مجنون" أو بمعنى الواو لأنهم قالوها جميعا قاله المؤرج والفراء وأنشد بيت جرير :
أثعلبة الفوارس أو رياحا عدلت بهم طهية والخشابا
وقد توضع أو بمعنى الواو كقوله تعالى " ولا تطع منهم آثما أو كفورا " والواو بمعنى كقوله تعالى " فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع " وقد تقدم جميع هذا .
يقول تعالى: "وفي موسى إذ أرسلناه إلى فرعون بسلطان مبين" أي بدليل باهر وحجة قاطعة "فتولى بركنه" أي فأعرض فرعون عما جاءه به موسى من الحق المبين استكباراً وعناداً. وقال مجاهد: تعزز بأصحابه, وقال قتادة: غلب عدو الله على قومه, وقال ابن زيد "فتولى بركنه" أي بجموعه التي معه ثم قرأ "لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد" والمعنى الأول قوي كقوله تعالى: "ثاني عطفه ليضل عن سبيل الله" أي معرض عن الحق مستكبر "وقال ساحر أو مجنون" أي لا يخلو أمرك فيما جئتني به من أن تكون ساحراً أو مجنوناً قال الله تعالى: "فأخذناه وجنوده فنبذناهم" أي ألقيناهم "في اليم" وهو البحر "وهو مليم" أي وهو ملوم كافر جاحد فاجر معاند.
ثم قال عز وجل "وفي عاد إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم" أي المفسدة التي لا تنتج شيئاً قاله الضحاك وقتادة وغيرهما ولهذا قال تعالى: "ما تذر من شيء أتت عليه" أي مما تفسده الريح "إلا جعلته كالرميم" أي كالشيء الهالك البالي, وقد قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو عبيد الله ابن أخي ابن وهب, حدثنا عمي عبد الله بن وهب, حدثني عبد الله يعني ابن عياش الغساني, حدثني عبد الله بن سليمان عن دراج عن عيسى بن هلال الصدفي عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الريح مسخرة من الثانية ـ يعني من الأرض الثانية ـ, فلما أراد الله تعالى أن يهلك عاداً أمر خازن الريح أن يرسل عليهم ريحا تهلك عاداً قال أي رب أرسل عليهم الريح قدر منخر الثور ؟ قال له الجبار تبارك وتعالى لا إذاً تطفأ الأرض ومن عليها ولكن أرسل عليهم بقدر خاتم فهي التي قال الله عز وجل في كتابه: "ما تذر من شيء أتت عليه إلا جعلته كالرميم" " هذا الحديث رفعه منكر والأقرب أن يكون موقوفاً على عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما من زاملتيه اللتين أصابهما يوم اليرموك, والله أعلم. قال سعيد بن المسيب وغيره في قوله تعالى: "إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم" قالوا: هي الجنوب. وقد ثبت في الصحيح من رواية شعبة عن الحكم عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نصرت بالصبا وأهلكت عاد بالدبور" "وفي ثمود إذ قيل لهم تمتعوا حتى حين" قال ابن جرير: يعني إلى وقت فناء آجالكم. والظاهر أن هذه كقوله تعالى: "وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى فأخذتهم صاعقة العذاب الهون" وهكذا قال ههنا: " وفي ثمود إذ قيل لهم تمتعوا حتى حين * فعتوا عن أمر ربهم فأخذتهم الصاعقة وهم ينظرون " وذلك أنهم انتظروا العذاب ثلاثة أيام فجاءهم في صبيحة اليوم الرابع بكرة النهار "فما استطاعوا من قيام" أي من هرب ولا نهوض "وما كانوا منتصرين" أي لا يقدرون على أن ينتصروا مما هم فيه. وقوله عز وجل: "وقوم نوح من قبل" أي وأهلكنا قوم نوح من قبل هؤلاء "إنهم كانوا قوماً فاسقين" وكل هذه القصص قد تقدمت مبسوطة في أماكن كثيرة من سور متعددة, والله أعلم.
39- "فتولى بركنه" التولي: الإعراض، والركن: الجانب. قاله الأخفش. والمعنى: أعرض بجانبه كما في قوله: "أعرض ونأى بجانبه" قال الجوهري: ركن الشيء جانبه الأقوى، وهو يأوي إلى ركن شديد: أي عز ومنعة. وقال ابن زيد ومجاهد وغيرهما: الركن جمعه وجنوده الذين كان يتقوى بهم، ومنه قوله تعالى: "أو آوي إلى ركن شديد" أي عشيرة ومنعة، وقيل الركن: نفس القوة، وبه قال قتادة وغيره، ومنه قول عنترة:
فما أوهي مراس الحرب ركني ولكن ما تقادم من زماني
"وقال ساحر أو مجنون" أي قال فرعون: في حق موسى هو ساحر أو مجنون فردد فيما رآه من أحوال موسى بين كونه ساحراً أو مجنوناً، وهذا من اللعين مغالطة وإيهام لقومه، فإنه يعلم أن ما رآه من الخوارق لا يتيسر على يد ساحر ولا يفعله من به جنون. وقيل إن أو بمعنى الواو، لأنه قد قال ذلك جميعاً ولم يتردد، قاله المؤرج والفراء، كقوله: " ولا تطع منهم آثما أو كفورا ".
39. " فتولى "، فأعرض وأدبر عن الإيمان، " بركنه "، أي بجمعه وةجنوده الذين كان يتقوى بهم، كالركن الذي يقوى به البنيان، نظيره: " أو آوي إلى ركن شديد " (هود-80)، " وقال ساحر أو مجنون "، قال أبو عبيدة: ((أو)) بمعنى الواو.
39-" فتولى بركنه " فأعرض عن الإيمان به كقوله " ونأى بجانبه " أو فتولى بما كان يتقوى به من جنوده ، وهو اسم لما يركن إليه الشيء ويتقوى به . وقرئ بضم الكاف . " وقال ساحر " أي هو ساحر . " أو مجنون " كأنه جعل ما ظهر عليه من الخوارق منسوباً إلى الجن ، وتردد في أنه حصل ذلك باختيار وسعيه أو بغيرهما .
39. But he withdrew (confiding) in his might, and said: A wizard or a madman.
39 - But (Pharaoh) turned back with his Chiefs, and said, A sorcerer, or one possessed!