4 - (وإن يكذبوك) يا محمد في مجيئك بالتوحيد والبعث والحساب والعقاب (فقد كذبت رسل من قبلك) في ذلك فاصبر كما صبروا (وإلى الله ترجع الأمور) في الآخرة فيجازي المكذبين وينصر المرسلين
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: وإن يكذبك يا محمد هؤلاء المشركون بالله من قومك فلا يحزننك ذاك، ولا يعظم عليك، فإن ذلك سنة أمثالهم من كفرة الأمم بالله من قبلهم وتكذيبهم رسل الله التي أرسلها إليهم من قبلك، ولن يعدوا مشركو قومك أن يكونوا مثلهم، فيتبعوا في تكذيبك منهاجهم، ويسلكوا سبيلهم " وإلى الله ترجع الأمور " يقول تعالى ذكره: وإلى الله مرجع أمرك وأمرهم، فمحل بهم العقوبة، إن هم لم ينيبوا إلى طاعتنا في اتباعك، والإقرار بنبوتك، وقبول ما دعوتهم إليه من النصيحة نظير ما أحللنا بنظرائهم من الأمم المكذبة رسلها قبلك، ومنجيك وأتباعك من ذلك، سنتنا بمن قبلك في رسلنا وأوليائنا.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة " وإن يكذبوك فقد كذبت رسل من قبلك " يعزي نبيه كما تسمعون.
قوله تعالى: "وإن يكذبوك" يعني كفار قريش. "فقد كذبت رسل من قبلك" يعزي نبيه ويسليه صلى الله عليه وسلم وليتأسى بمن قبله في الصبر. "وإلى الله ترجع الأمور" قرأ الحسن والأعرج ويعقوب وابن عامر وأبو حيوة وابن محيصن وحميد والأعمش وحمزة ويحيى. والكسائي وخلف (بفتح التاء) على أنه مسمى الفاعل. واختاره أبو عبيد لقوله تعالى: " ألا إلى الله تصير الأمور" (الشورى: 53) الباقون ترجع على الفعل المجهول.
ويقول تبارك وتعالى: وإن يكذبوك يا محمد هؤلاء المشركون بالله ويخالفوك فيما جئتهم به من التوحيد, فلك فيمن سلف قبلك من الرسل أسوة, فإنهم كذلك جاؤوا قومهم بالبينات وأمروهم بالتوحيد فكذبوهم وخالفوهم "وإلى الله ترجع الأمور" أي وسنجزيهم على ذلك أوفر الجزاء ثم قال تعالى: "يا أيها الناس إن وعد الله حق" أي المعاد كائن لا محالة "فلا تغرنكم الحياة الدنيا" أي العيشة الدنيئة بالنسبة إلى ما أعد الله لأوليائه وأتباع رسله من الخير العظيم, فلا تتلهوا عن ذلك الباقي بهذه الزهرة الفانية "ولا يغرنكم بالله الغرور" وهو الشيطان قاله ابن عباس رضي الله عنهما, أي لا يفتننكم الشيطان ويصرفنكم عن اتباع رسل الله وتصديق كلماته, فإنه غرار كذاب أفاك, وهذه الاية كالاية التي في آخر لقمان "فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور" وقال مالك عن زيد بن أسلم هو الشيطان, كما قال المؤمنون للمنافقين يوم القيامة حين يضرب " بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب * ينادونهم ألم نكن معكم قالوا بلى ولكنكم فتنتم أنفسكم وتربصتم وارتبتم وغرتكم الأماني حتى جاء أمر الله وغركم بالله الغرور "
ثم بين تعالى عداوة إبليس لابن آدم فقال: "إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدواً" أي هو مبارز لكم بالعداوة فعادوه أنتم أشد العداوة وخالفوه وكذبوه فيما يغركم به "إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير" أي إنما يقصد أن يضلكم حتى تدخلوا معه إلى عذاب السعير, فهذا هو العدو المبين نسأل الله القوي العزيز أن يجعلنا أعداء الشيطان وأن يرزقنا اتباع كتاب الله, والاقتفاء بطريق رسله, إنه على ما يشاء قدير وبالإجابة جدير, وهذه كقوله تعالى: " وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو بئس للظالمين بدلا ".
ثم عزى الله سبحانه نبيه صلى الله عليه وسلم فقال: 4- "وإن يكذبوك فقد كذبت رسل من قبلك" ليتأسى بمن قبله من الأنبياء ويتسلى عن تكذيب كفار العرب له "وإلى الله ترجع الأمور" لا إلى غيره فيجازي كلاً بما يستحقه. قرأ الحسن والأعرج ويعقوب وابن عامر وأبو حيوة وابن محيصن وحميد والأعمش ويحيى بن وثاب وحمزة والكسائي وخلف "ترجع" بفتح الفوقية على البناء للفاعل، وقرأ الباقون بضمها على البناء للمفعول.
4- "وإن يكذبوك فقد كذبت رسل من قبلك"، يعزي نبيه صلى الله عليه وسلم، "وإلى الله ترجع الأمور".
4 -" وإن يكذبوك فقد كذبت رسل من قبلك " أي فتأس بهم في الصبر على تكذيبهم ، فوضع " فقد كذبت " موضعه استغناء بالسبب عن المسبب ، وتنكير رسل للتعظيم المقتضي زيادة التسلية والحث على المصابرة . " وإلى الله ترجع الأمور " فيجازيك وإياهم على الصبر والتكذيب .
4. And if they deny thee, (O Muhammad), messengers (of Allah) were denied before thee. Unto Allah all things are brought back.
4 - And if they reject thee, so were apostles rejected before thee: to God go back for decision all affairs.