4 - (وما تأتيهم) أي أهل مكة (من) صلة (آية من آيات ربهم) من القرآن (إلا كانوا عنها معرضين)
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: وما تأتي هؤلاء الكفار الذين بربهم يعدلون أوثانهم وآلهتهم، "آية من آيات ربهم"، يقول: حجة وعلامة ودلالة من حجج ربهم ودلالاته وأعلامه على وحدانيته، وحقيقة نبوتك، يا محمد، وصدق ما أتيتهم به من عندي، "إلا كانوا عنها معرضين"، يقول: إلا أعرضوا عنها، يعني عن الآية، فصدوا عن قبولها، والإقرار بما شهدت على حقيقته ودلت على صحته، جهلاً منهم بالله، واغتراراً بحلمه عنهم.
قوله تعالى :" وما تأتيهم من آية " أي علامة كانشقاق القمر ونحوها ومن لاستغراق الجنس تقول: ما في الدار من أحد " من آيات ربهم " من الثانية للتبعيض و" معرضين " خبر كانوا والإعراض ترك النظر في الآيات التي تجب أن يستدلوا بها على توحيد الله عز وجل من خلق السماوات والأرض وما بنيهما وأنه يرجع إلى قديم حي غني عن جميع الأشياء قادر لا يعجزه شيء عالم لا يخفي عليه شيء من المعجزات التي أقامها لنبيه صلى الله عليه وسلم ليستدل بها على صدقة في جميع ما أتى به.
يقول تعالى مخبراً عن المشركين المكذبين المعاندين, أنهم مهما أتتهم من آية أي دلالة ومعجزة وحجة من الدلالات, على وحدانية الله وصدق رسله الكرام, فإنهم يعرضون عنها, فلا ينظرون إليها ولا يبالون بها, قال الله تعالى: " فقد كذبوا بالحق لما جاءهم فسوف يأتيهم أنباء ما كانوا به يستهزئون " وهذا تهديد لهم, ووعيد شديد على تكذيبهم بالحق, بأنه لا بد أن يأتيهم خبر ما هم فيه من التكذيب, وليجدن غبه وليذوقن وباله, ثم قال تعالى واعظاً لهم ومحذراً لهم, أن يصيبهم من العذاب والنكال الدنيوي ما حل بأشباههم ونظرائهم, من القرون السالفة الذين كانوا أشد منهم قوة, وأكثر جمعاً وأكثر أموالاً وأولاداً واستغلالاً للأرض, وعمارة لها, فقال "ألم يروا كم أهلكنا من قبلهم من قرن مكناهم في الأرض ما لم نمكن لكم" أي من الأموال والأولاد والأعمار, والجاه العريض والسعة والجنود, ولهذا قال "وأرسلنا السماء عليهم مدراراً" أي شيئاً بعد شيء "وجعلنا الأنهار تجري من تحتهم" أي أكثرنا عليهم أمطار السماء وينابيع الأرض, أي استدراجاً وإملاء لهم "فأهلكناهم بذنوبهم" أي بخطاياهم, وسيئاتهم التي اجترحوها "وأنشأنا من بعدهم قرناً آخرين" أي فذهب الأولون كأمس الذاهب, وجعلناهم أحاديث, "وأنشأنا من بعدهم قرناً آخرين" أي جيلاً آخر لنختبرهم, فعملوا مثل أعمالهم, فأهلكوا كإهلاكهم, فاحذروا أيها المخاطبون أن يصيبكم مثل ما أصابهم, فما أنتم بأعز على الله منهم, والرسول الذي كذبتموه أكرم على الله من رسولهم, فأنتم أولى بالعذاب, ومعاجلة العقوبة منهم, لولا لطفه وإحسانه.
قوله: 4- "وما تأتيهم" إلخ، كلام مبتدأ لبيان بعض أسباب كفرهم وتمردهم، وهو الإعراض عن آيات الله التي تأتيهم كمعجزات الأنبياء، وما يصدر عن قدرة الله الباهرة مما لا يشك من له عقل أنه فعل الله سبحانه، والإعراض: ترك النظر في الآيات التي يجب أن يستدلوا بها على توحيد الله و من في "من آية" مزيدة للاستغراق و من في "من آيات" تبعيضية: أي وما تأتيهم آية من الآيات التي هي بعض آيات ربهم إلا كانوا عنها معرضين.
4- " وما تأتيهم "، يعني: أهل مكة،" من آية من آيات ربهم "، مثل انشقاق القمر وغيره،وقال عطاء : يريد من آيات القرآن، "إلا كانوا عنها معرضين "، لها تاركين بها مكذبين .
4- " وما تأتيهم من آية من آيات ربهم " " من " الأولى مزيدة للاستغراق والثانية للتبعيض، أي: ما يظهر لهم دليل قط من الأدلة أو معجزة من المعجزات أو آية من آيات القرآن. " إلا كانوا عنها معرضين " تاركين للنظر فيه غير ملتفتين إليه .
4. Never came there unto them a revelation of the revelations of Allah but they did turn away from it.
4 - But never did a single one of the signs of their lord reach them, but they turned away therefrom.