40 - (إن الذين يلحدون) من ألحد ولحد (في آياتنا) القرآن بالتكذيب (لا يخفون علينا) فنجازيهم (أفمن يلقى في النار خير أم من يأتي آمنا يوم القيامة اعملوا ما شئتم إنه بما تعملون بصير) تهديدا لهم
وأخرج ابن المنذر عن بشير بن فتح قال نزلت هذه الآية في أبي جهل وعمار بن ياسر أفمن يلقى في النار خير أم من يأتي آمنا يوم القيامة
يعني جل ثناؤه بقوله : " إن الذين يلحدون في آياتنا " : إن الذين يميلون عن الحق في حججنا وأدلتنا ، ويعدلون عنها تكذيباً بها وجحوداً لها .
وقد بينت فيما مضى معنى اللحد بشواهده المغنية عن إعادتها في هذا الموضع . وسنذكر بعض اختلاف المختلفين في المراد به من معناه في هذا الموضع .
اختلف أهل التأويل في المراد به من معنى الإلحاد في هذا الموضع ، فقال بعضهم : أريد معارضة المشركين القرآن باللغط والصفير استهزاء به .
ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : " إن الذين يلحدون في آياتنا " قال : المكاء وما ذكر معه .
وقال بعضهم : أريد به الخبر عن كذبهم في آيات الله .
ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال :ثنا سعيد ، عن قتادة " إن الذين يلحدون في آياتنا " قال : يكذبون في آياتنا .
وقال آخرون : أريد به يعاندون .
ذكر من قال ذلك : حدثنا محمد ، قال : ثنا أحمد ، قال : ثنا أسباط ، عن السدي " إن الذين يلحدون في آياتنا " قال : يشاقون : يعاندون .
وقال آخرون : أريد به الكفر والشرك .
ذكر من قال ذلك : حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : " إن الذين يلحدون في آياتنا لا يخفون علينا " قال : هؤلاء أهل الشرك . وقال : الإلحاد : الكفر والشرك .
وقال آخرون : أريد به الخبر عن تبديلهم معاني كتاب الله .
ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : " إن الذين يلحدون في آياتنا لا يخفون علينا " قال : هو أن يوضع الكلام على غير موضعه . وكل هذه الأقوال التي ذكرناها في تأويل ذلك قريبات المعاني ، وذلك أن اللحد والإلحاد : هو الميل ، وقد يكون ميلاً عن آيات الله ، وعدولاً عنها بالتكذيب بها ، ويكون بالاستهزاء مكاءً وتصدية ، ويكون مفارقة لها وعناداً ، ويكون تحريفاً لها وتغييراً لمعانيها .
ولا قول أولى بالصحة في ذلك مما قلنا ، وأن يعم الخبر عنهم بأنهم ألحدوا في آيات الله ، كما عم ذلك ربنا تبارك وتعالى .
وقوله : " لا يخفون علينا " يقول تعالى ذكره : نحن بهم عالمون لا يخفون علينا ، ونحن لهم بالمرصاد إذ وردوا علينا ، وذلك تهديد من الله جل ثناؤه لهم بقوله : سيعلمون عند ورودهم علينا ماذا يلقون من أليم عذابنا . ثم أخبر جل ثناؤه عما هو فاعل بهم عند ورودهم عليه ، فقال : " أفمن يلقى في النار خير أم من يأتي آمناً يوم القيامة " يقول تعالى ذكره : لهؤلاء الذين يلحدون في آياتنا اليوم في الدنيا يوم القيامة عذاب النار ، ثم قال الله : أفهذا الذي يلقى في النار خير ، أم الذي يأتي يوم القيامة آمناً من عذاب الله لإيمانه بالله جل جلاله ؟ هذا الكافر ، إنه إن آمن بآيات الله ، واتبع أمر الله ونهيه ، أمنه يوم القيامة مما حذره منه من عقابه إن ورد عليه يومئذ به كافراً .
وقوله : " اعملوا ما شئتم " وهذا أيضاً وعيد لهم من الله خرج مخرج الأمر ، وكذلك كان مجاهد يقول .
حدثنا أبن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، عن ابن أبي نجيح عن مجاهد " اعملوا ما شئتم " قال : هذا وعيد .
وقوله : " إنه بما تعملون بصير " يقول جل ثناؤه : إن الله أيها الناس بأعمالكم التي تعملونها ذو خبرة وعلم لا يخفى عليه منها ، ولا من غيرها شيء .
قوله تعالى : " إن الذين يلحدون في آياتنا " أي يميلون عن الحق في أدلتنات والإلحاد : الميل والعدول . ومنه اللحد في القبر ، لأنه أميل إلى ناحية منه . يقال : ألحد في دين الله أي حاد عنه وعدل . ولحد لغة فيه . وهذا يرجع إلى الذين قالوا : " لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه " [ فصلت : 26] وهم الذين ألحدوا في آياته ومالوا عن الحق فقالوا : ليس القرآن من عند الله ، أو هو شعر أو سحر ، فالآيات آيات القرآان . قال مجاهد (يلحدون في آياتنا) أي عند تلاوة القرآنه بالمكاء والتصدية واللغو والغناء . وقال ابن عباس : هو تبديل الكلام ووضعه في غير موضعه . وقال قتادة : ( يلحدون في آياتنا ) يكذبون في آياتنا . وقال السدي : يعاندون ويشاقون . وقال ابن زيد : يشركون ويكذبون والمعنى متقارب . وقال مقاتل : نزلت في أبي جهل . وقيل : الآيات المعجزات ، وهو يرجع إلى الأول فإن القرآن معجز " أفمن يلقى في النار " على وجهه وهو أبو جهل في قول ابن عباس وغيره . " خير أم من يأتي آمنا" قيل : النبي صلى الله عليه وسلم ، قاله مقاتل : وقيل : عثمان . وقيل : عمار بن ياسر . قيل : حمزة . وقيل : عمر بن الخطاب . وقيل : أبو سلمة بن عبد الأسد المخزومي . وقيل : المؤمنون . وقيل : إنها على العموم ، فالذي يلقى في النار الكافر ، والذي يأتي آمناً يوم القيامة المؤمن ، قال ابن بحر . " اعملوا ما شئتم " أمر تهديد ، أي بعد ما علمتم أنها لا يستويان فلا بد لكم من الجزاء . " إنه بما تعملون بصير " وعيد بتهديد وتوعد .
قوله تبارك وتعالى: "إن الذين يلحدون في آياتنا "قال ابن عباس: الإلحاد وضع الكلام على غير مواضعه. وقال قتادة وغيره هو الكفر والعناد, وقوله عز وجل: "لا يخفون علينا" فيه تهديد شديد ووعيد أكيد أي إنه تعالى عالم بمن يلحد في آياته وأسمائه وصفاته وسيجزيه على ذلك بالعقوبة والنكال ولهذا قال تعالى: "أفمن يلقى في النار خير أم من يأتي آمناً يوم القيامة ؟" أي أيستوي هذا وهذا ؟ لا يستويان. ثم قال عز وجل تهديداً للكفرة: "اعملوا ما شئتم" قال مجاهد والضحاك وعطاء الخراساني "اعملوا ما شئتم" وعيد أي من خير أو شر إنه عالم بكم وبصير بأعمالكم ولهذا قال: "إنه بما تعملون بصير" ثم قال جل جلاله: "إن الذين كفروا بالذكر لما جاءهم" قال الضحاك والسدي وقتادة وهو القرآن "وإنه لكتاب عزيز" أي منيع الجناب لا يرام أن يأتي أحد بمثله "لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه" أي ليس للبطلان إليه سبيل لأنه منزل من رب العالمين ولهذا قال: "تنزيل من حكيم حميد" أي حكيم في أقواله وأفعاله حميد بمعنى محمود أي في جميع ما يأمر به وينهى عنه الجميع محمودة عواقبه وغاياته. ثم قال عز وجل: "ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك" قال قتادة والسدي وغيرهما ما يقال لك من التكذيب إلا كما قد قيل للرسل من قبلك فكما كذبت كذبوا وكما صبروا على أذى قومهم لهم فاصبر أنت على أذى قومك لك. وهذا اختيار ابن جرير ولم يحك هو ولا ابن أبي حاتم غيره وقوله تعالى: "إن ربك لذو مغفرة" أي لمن تاب إليه "وذو عقاب أليم" أي لمن استمر على كفره وطغيانه وعناده وشقاقه ومخالفته, قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد عن علي بن زيد عن سعيد بن المسيب قال نزلت هذه الاية "إن ربك لذو مغفرة" قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لولا عفو الله وتجاوزه ما هنأ أحداً العيش, ولولا وعيده وعقابه لاتكل كل أحد".
40- "إن الذين يلحدون في آياتنا" أي يميلون عن الحق، والإلحاد الميل والعدول، ومنه اللحد في القبر لأنه أميل إلى ناحية منه: يقال ألحد في دين الله: أي مال وعدل عنه، ويقال لحد، وقد تقدم تفسير الإلحاد. قال مجاهد: معنى يميلون عن الإيمان بالقرآن. وقال مجاهد: يميلون عند تلاوة القرآن بالمكاء والتصدية واللغو والغناء. وقال قتادة: يكذبون في آياتنا. وقال السدي: يعاندون ويشاقون. وقال ابن زيد يشركون "لا يخفون علينا" بل نحن نعلمهم فنجازيهم بما يعملون. ثم بين كيفية الجزاء والتفاوت بين المؤمن والكافر فقال: " أفمن يلقى في النار خير أم من يأتي آمنا يوم القيامة " هذا الاستفهام للتقرير: والغرض منه التنبيه على أن الملحدين في الآيات يلقون في النار، وأن المؤمنين بها يأتون آمنين يوم القيامة. وظاهر الآية العموم اعتباراً بعموم اللفظ لا بخصوص السبب. وقيل المراد بمن يلقى في النار: أبو جهل، ومن يأتي آمناً: النبي صلى الله عليه وسلم، وقيل حمزة، وقيل عمر بن الخطاب، وقيل أبو سلمة بن عبد الأسد المخزومي " اعملوا ما شئتم إنه بما تعملون بصير " هذا أمر تهديد: أي اعملوا من أعمالكم التي تلقيكم في النار ما شئتم إنه بما تعملون بصير، فهو مجازيكم على كل ما تعملون. قال الزجاج لفظه لفظ الأمر، ومعناه الوعيد.
40. " إن الذين يلحدون في آياتنا "، يميلون عن الحق في أدلتنا، قال مجاهد : يلحدون في آياتنا بالمكاء والتصدية واللغو واللغط. قال قتادة : يكذبون في آياتنا. قال السدي : يعاندون ويشاقون.
قال مقاتل : نزلت في أبي جهل.
" لا يخفون علينا أفمن يلقى في النار "، وهو أبو جهل، " خير أم من يأتي آمناً يوم القيامة "، قيل: هو حمزة، وقيل: عثمان. وقيل: عمار بن ياسر. " اعملوا ما شئتم "، أمر تهديد ووعيد، " إنه بما تعملون بصير "، عالم فيجازيكم به.
40-" إن الذين يلحدون " يميلون عن الاستقامة . " في آياتنا " بالطعن والتحريف والتأويل الباطل والإلغاء فيها . " لا يخفون علينا " فنجازيهم على إلحادهم . " أفمن يلقى في النار خير أم من يأتي آمناً يوم القيامة " قابل الإلقاء في النار بالإتيان آمناً مبالغة في إحماد حال المؤمنين . " اعملوا ما شئتم " تهديد شديد . " إنه بما تعملون بصير " وعيد بالمجازاة .
40. Lo! those who distort Our revelations are not hid from Us. Is he who is hurled into the Fire better, or he who cometh secure on the Day of Resurrection? Do what ye will. Lo! He is Seer of what ye do.
40 - Those who pervert the Truth in Our Signs are not hidden from Us. Which is better? he that is cast into the Fire, or he that comes safe through, on the Day of Judgment? Do what ye will: verily He seeth (clearly) all that ye do.