42 - اذكر (يوم يكشف عن ساق) هو عبارة عن شدة الأمر يوم القيامة للحساب والجزاء يقال كشفت الحرب عن ساق إذا اشتد الأمر فيها (ويدعون إلى السجود) امتحانا لايمانهم (فلا يستطيعون) تصير ظهورهم طبقا واحدا
يقول تعالى ذكره " يوم يكشف عن ساق " قال جماعة من الصحابة والتابعين من أهل التأويل : يبدو عن أمر شديد .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن عبيد المحاربي ، قال : ثنا عبد الله بن المبارك ، عن أسامة بن زيد ، عن عكرمة ، عن ابن عباس " يوم يكشف عن ساق " قال : هو يوم حرب وشدة .
حدثنا ابن حميد قال ثنا مهران عن سفيان عن المغيرة عن إبراهيم عن ابن عباس " يوم يكشف عن ساق "قال : عن أمر عظيم كقول الشاعر :
وقامت الحرب بنا على ساق
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا جرير ، عن مغيرة ، عن إبراهيم " يوم يكشف عن ساق " ولا يبقى مؤمن إلا سجد ، ويقسو ظهر الكافر فيكون عظماً واحداً ، وكان ابن عباس يقول : يكشف عن أمر عظيم ، ألا تسمع العرب تقول :
وقامت الحرب بنا على ساق
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثنا أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله " يوم يكشف عن ساق " يقول : حين يكشف الأمر ، وتبدوا الأعمال ، وكشفه : دخول الآخرة وكشف الأمر عنه .
حدثني علي ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثنا معاوية ، عن ابن عباس ، قوله " يوم يكشف عن ساق " هو الأمر الشديد المفظع من الهول يوم القيامة .
حدثني محمد بن عبيد المحاربي و ابن حميد ، قالا : ثنا ابن المبارك ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، قوله " يوم يكشف عن ساق " ، قال : شدة الأمر وجده ، قال ابن عباس : هي أشد ساعة في يوم القيامة .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال : شدة الأمر ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله " يوم يكشف عن ساق " قال : شدة الأمر ، قال ابن عباس : هي أول ساعة تكون في يوم القيامة ، غير أن في حديث الحارث قال : وقال ابن عباس : هي أشد ساعة تكون في يوم القيامة .
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن عاصم بن كليب ، عن سعيد بن جبير ، قال : عن شدة الأمر .
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، في قوله " يوم يكشف عن ساق " قال : عن أمر فظيع جليل .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة في قوله " يوم يكشف عن ساق " قال : يوم يكشف عن شدة الأمر .
حدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : ثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله " يوم يكشف عن ساق " وكان ابن عباس يقول : كان أهل الجاهلية يقولون : شمرت الحرب عن ساق يعني إقبال الآخرة وذهاب الدنيا .
حدثنا محمد بن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، عن سلمة بن كهيل ، قال : ثنا أبو الزهراء ، عن عبد الله ، قال : يتمثل الله للخلق يوم القيامة حتى يمر المسلمون ، قال : فيقول : من تعبدون ؟ فيقولون : نعبد الله لا نشرك به شيئاً ، فينتهرهم مرتين أو ثلاثاً ، فيقول : هل تعرفون ربكم ؟ فيقولون : ربنا ، فيقول : قد كنتم تدعون إلى السجود وأنتم سالمون .
حدثني يحيى بن طلحة اليربوعي ، قال : ثنا شريك ، عن الأعمش ، عن المنهال بن عمرو ، عن عبد الله بن مسعود ، قال : ينادي مناد يوم القيامة : أليس عدلاً من ربكم الذي خلقكم ، ثم صوركم ثم رزقكم ، ثم توليتم غيره أن يولي كل عبد منكم ما تولى ، فيقولون : بلى ، قال : فيمثل لكل قوم آلهتهم التي كانوا يعبدونها ، فيتعبونها توردهم النار ، ويبقى أهل الدعوة ، فيقول بعضهم لبعض : ماذا تنتظرون ؟ ذهب الناس ، فيقولون : ننتظر أن ينادى بنا ، فيجيء إليهم في صورة ، قال : فذكر منها ما شاء الله ، فيكشف عما شاء الله أن يكشف ، قال : فيخرون سجداً إلا المنافقين ، فإنه يصير فقار أصلابهم عظماً واحداً مثل صياصي البقر ، فيقال لهم : ارفعوا رؤوسكم إلى نوركم ، ثم ذكر قصة فيها طول .
حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا أبو بكر ، قال : ثنا الأعمش ، عن المنهال عن قيس بن سكن ، قال : حدث عبد الله وهو عند عمر " يوم يقوم الناس لرب العالمين " [ المطففين : 6 ] ، قال : إذا كان يوم القيامة قال : يقوم الناس بين يدي رب العالمين أربعين عاماً ، شاخصة أبصارهم إلى السماء ، حفاة عراة ، يلجمهم العرق ، ولا يكلمهم بشر أربعين عاماً ، ثم ينادي مناد : يا أيها الناس أليس عدلاً من ربكم الذي خلقكم وصوركم ورزقكم ثم عبدتم غيره ، أن يولي كل قوم ما تولوا ؟ قالوا : نعم قال : فيرفع لكل قوم ما كانوا يعبدون من دون الله ، قال : ويمثل لكل قوم ، يعني آلهتهم ، فيتبعونها حتى تقذفهم في النار ، فيبقى المسلمون والمنافقون ، فيقال : ألا تذهبون فقد ذهب الناس ؟ فيقولون : حتى يأتينا ربنا ، قال وتعرفونه ؟ فقالوا : إن اعترف لنا ، قال : فيتجلى فيخر من كان يعبده ساجداً ، قال : ويبقى المنافقون لا يستطيعون كأن في ظهورهم السفافيد ، قال : فيذهب بهم فيساقون إلى النار ، فيقذف بهم ، ويدخل هؤلاء الجنة ، قال : فيستقبلون في الجنة بما يستقبلون به من الثواب والأزواج والحور العين ، لكل رجل منهم في الجنة كذا وكذا ، بين كل جنة كذا وكذا ، بين أدناها وأقصاها ألف سنة هو يرى أقصاها كما يرى أدناها ، قال : ويستقبله رجل حسن الهيئة إذا نظر إليه مقبلاً حسب أنه ربه ، فيقول له : لا تفعل إنما أنا عبدك وقهرمانك على ألف قرية ، قال : يقول عمر : يا كعب الا تسمع ما يحدث به عبد الله ؟ .
حدثنا ابن جبلة ، قال : ثنا يحيى بن حماد ، قال : ثنا أبو عوانة ، قال ثنا سليمان الأعمش ، عن المنهال بن عمرو ، عن أبي عبيدة و قيس بن سكن ، قالا : قال عبد الله وهو يحدث عمر ، قال : وجعل عمر يقول : ويحك يا كعب ، ألا تسمع ما يقول عبد الله ؟ إذا حشر الناس على أرجلهم أربعين عاماً شاخصة أبصارهم إلى السماء ، لا يكلمهم بشر ، والشمس على رؤوسهم حتى يلجمهم العرق ، كل بر منهم وفاجر ، ثم ينادي مناد من السماء : يا أيها الناس أليس عدلاً من ربكم الذي خلقكم ورزقكم وصوركم ، ثم توليتم غيره ، أن يولي كل رجل منكم ما تولى ؟ فيقولون بلى ، ثم ينادي مناد من السماء : يا أيها الناس ، فلتنطلق كل أمة إلى ما كانت تعبد ، قال : ويبسط لهم السراب قال : فيمثل لهم ما كانوا يعبدون ، قال : فينطلقون حتى يلجوا النار ، فيقال للمسلمين ، ما يحبسكم ؟ فيقولون : هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا ، فيقال لهم : هل تعرفونه إذا رأيتموه ؟ فيقولون : إن اعترف لنا عرفناه .
قال : وثني أبو صالح ، عن أبي هريرة ، " عن النبي صلى الله عليه وسلم حتى إن أحدهم ليلتف فيكشف عن ساق ، فيقعون سجوداً قال : وتدمج أصلاب المنافقين حتى تكون عظماً واحداً ، كأنها صياصي البقر ، قال : فيقال لهم : ارفعوا رؤوسكم إلى نوركم بقدر أعمالكم ، قال : فترفع طائفة منهم رؤوسهم إلى مثل الجبال من النور ، فيمرون على الصراط كطرف العين ، ثم ترفع أخرى رؤوسهم إلى أمثال القصور ، فيمرون على الصراط كمر الريح ، ثم يرفع آخرون بين أيديهم أمثال البيوت ، فيمرون كمر الخيل ، ثم يرفع آخرون إلى نور دون ذلك ، فيشدون شداً ، وآخرون دون ذلك يمشون مشياً حتى يبقى آخر الناس رجل على أنملة رجله مثل السراج ، فيخر مرة ، ويستقيم أخرى ، وتصيبه النار فتشعتث منه حتى يخرج ، فيقول : ما أعطي أحد ما أعطيت ، ولا يدري مما نجا ، غير أني وجدت مسها ، وأني وجدت حرها "، وذكر حديثاً فيه طول اختصرت هذا منه .
حدثني موسى بن عبد الرحمن المسروقي ، قال : ثنا جعفر بن عون ، قال : ثنا هشام بن سعد ، قال : ثنا زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا كان يوم القيامة نادى مناد : ألا لتلحق كل أمة بما كانت تعبد ؟ فلا يبقى أحد كان يعبد صنماً ولا وثناً ولا صورة إلا ذهبوا حتى يتساقطوا في النار ، ويبقى من كان يعبد الله وحده ، من بر وفاجر وغبرات أهل الكتاب ، ثم تعرض جهنم كأنهم سراب يحطم بعضها بعضهاً ، ثم تدعى اليهود ، فيقال لهم : ما كنتم تعبدون ؟ فيقولون : عزير ابن الله ، فيقول : كذبتم ما اتخذ الله من صاحبة ولا ولد ، فماذا تريدون ؟ فيقولون : أي ربنا ظمئنا فيقول : أفلا تردون ؟ فيذهبون حتى يتساقطوا في النار ، ثم تدعى النصارى ، فيقال : ماذا كنتم تعبدون ؟ فيقولون : المسيح ابن الله ، فيقول : كذبتم ما اتخذ الله من صاحبة ولا ولد ، فماذا تريدون ؟ فيقولون : أي ربنا ظمئنا اسقنا ، فيقول : أفلا تردون ؟ فيذهبون فيتساقطون في النار ، فيبقى من كان يعبد الله من بر وفاجر ، قال : ثم يتبدى الله لنا في صورة ، غير صورته التي رأيناه فيها أول مرة ، فيقول : أيها الناس لحقت كل أمة بما كانت تعبد ، وبقيتم أنتم ، فلا يكلمه يومئذ إلا الأنبياء ، فيقولون : فارقنا الناس في الدنيا ، ونحن كنا إلى صحبتهم فيها أحوج لحقت كل أمة بما كانت تعبد ، ونحن ننتظر ربنا الذي كنا نعبد ، فيقول : أنا ربكم ، فيقولون : نعوذ بالله منك ، فيقول : هل بينكم وبين الله آية تعرفونه بها ؟ فيقولون نعم ، فيكشف عن ساق ، فيخرون سجداً أجمعون ، ولا يبقى أحد كان سجد في الدنيا سمعة ولا رياء ولا نفاقاً ، إلا صار ظهره طبقاً واحداً ، كلما أراد أن يسجد خر على قفاه ، قال : ثم يرجع يرفع برنا ومسيئنا ، وقد عادلنا في صورته التي رأيناه فيها أول مرة ، فيقول : أنا ربكم ، فيقولون : نعم أنت ربنا ثلاث مرار ".
حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، قال : ثني أبي و سعيد بن الليث ، قال : ثنا خالد بن يزيد ، عن أبي هلال ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي سعيد الخدري : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ينادي مناديه فيقول : ليلحق كل قوم بما كانوا يعبدون فيذهب أصحاب الصليب مع صليبهم ، وأصحاب الأوثان مع أوثانهم ، وأصحاب كل آلهة مع آلهتهم ، حتى يبقى من كان يعبد الله من بر وفاجر وغبرات أهل الكتاب ، ثم يؤتى بجهنم تعرض كأنها سراب " ، ثم ذكر نحوه ، غير أنه قال : فإنا ننتظر ربنا ، فقال : إن كان قاله فيأتيهم الجبار ، ثم حدثنا الحديث نحو حديث المسروقي .
حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا عبد الرحمن المحاربي ، عن إسماعيل بن رافع المدني ، عن يزيد بن أبي زياد عن رجل من الأنصار ، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " يأخذ الله للمظلوم من الظالم حتى إذا لم يبق تبعة لأحد عند أحد جعل الله ملكاً من الملائكة على صورة عزير ، فتتبعه اليهود ، وجعل الله ملكاً من الملائكة على صورة عيسى فتتبعه النصارى ، ثم نادى مناد أسمع الخلائق كلهم ، فقال : ألا ليلحق كل قوم بآلهتهم وما كانوا يعبدون من دون الله ، فلا يبقى أحد كان يعبد من دون الله شيئاً إلا مثل له آلهته بين يديه ، ثم قادتهم إلى النار حتى إذا لم يبق إلا المؤمنون فيهم المنافقون قال الله جل ثناؤه : أيها الناس ذهب الناس ، ذهب الناس ، الحقوا بآلهتكم وما كنتم تعبدون ، فيقولون : والله ما لنا إله إلا الله ، وما كنا نعبد إلهاً غيره ، وهو الله ثبتهم ، ثم يقول لهم الثانية مثل ذلك : الحقوا بآلهتكم وما كنتم تعبدون ؟ فيقولون مثل ذلك ، فيقال : هل بينكم وبين ربكم من آية تعرفونها ؟ فيقولون نعم ، فيتجلى لهم من عظمته ما يعرفونه أنه ربهم فيخرون له سجداً على وجوههم ويقع كل منافق على قفاه ، ويجعل الله أصلابهم كصياصي البقر" .
و"حدثني أبو زيد عمر بن شبة ، قال : ثنا الوليد بن مسلم ، قال : ثنا أبو سعيد روح بن جناح ، عن مولى لعمر بن عبد العزيز ، عن أبي بردة بن أبي موسى ، عن أبيه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم " يوم يكشف عن ساق " قال : عن نور عظيم ، يخرون له سجداً" .
حدثني جعفر بن محمد البزوري ، قال : ثنا عبيد الله ، عن أبي جعفر ، عن الربيع في قول الله " يوم يكشف عن ساق " قال : يكشف عن الغطاء ، قال : ويدعون إلى السجود وهم سالمون .
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا ابن المبارك ، عن أسامة بن زيد ، عن عكرمة ، في قوله " يوم يكشف عن ساق " قال : هو يوم كرب وشدة ، وذكر عن ابن عباس أنه كان قرأ ذلك ( يوم يكشف عن ساق ) بمعنى : يوم تكشف القيامة عن شدة شديدة ، والعرب تقول : كشف هذا الأمر عن ساق : إذا صار إلى الشدة ، ومنه قول الشاعر :
كشفت لهم عن ساقها وبدا من الشر الصراح
وقوله " ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون " يقول : ويدعوهم الكشف عن الساق إلى السجود لله تعالى فلا يطيقون ذلك .
قوله تعالى:"يوم يكشف عن ساق" يجوز أن يكون العامل في يوم فليأتوا أي فليأتوا بشركائهم يوم يكشف عن ساق ليشفع الشركاء لهم. ويجوز أن ينتصب بإضمار فعل، أي اذكر يوم يكشف عن ساق، فيوقف على صادقين ولا يوقف على التقدير الأول. وقرئ يوم نكشف بالنون. وقرأ ابن عباس يوم نكشف عن ساق بناء مسمى القاعل، أي نكشف الشدة أو القيامة عن ساقها ، كقولهم: شمرت الحرب عن ساقها. قال الشاعر:
فتى الحرب إن عضت به الحرب عضها وإن شمرت عن ساقها الحرب شمرا
وقال الراجز:
قد كشفت عن ساقها فشدوا وجدت الحرب بكم فجذوا
وقال آخر:
عجبت من نفسي ومن إشفاقها ومن طراد الطير عن أزراقها
في سنة قد كشفت عن ساقها حمراء تبري اللحم عن عرقها
وقال آخر:
كشفت لهـم عـن سـاقها وبـدا مـن الشـر الصراح
وعن ابن عباس أيضاً والحسن وأبي العالية نكشف بتاء غير مسمى الفاعل. وهذه القراءة راجعة إلى معنى يكشف وكأنه قال: يوم تكشف القيامة عن شدة. وقرئ يوم تكشف بالتاء المضمومة وكسر الشين، من أكشف إذا دخل في الكشف. ومنه : أكشف الرجل فهو مكشف، إذا انقلبت شفته العليا. وذكر ابن المبارك قال: أخبرنا أسامة بن زيد عن عكرمة عن ابن عباس في قوله تعالى:"يوم يكشف عن ساق" قال: عن كرب وشدة. أخبرنا ابن جريج عن مجاهد قال: شدة الأمر وجده. وقال مجاهد: قال ابن عباس هي أشد ساعة في يوم القيامة. وقال أبو عبيدة: إذا اشتد الحرب والأمر قيل: كشف الأمر عن ساقه. والأصل فيه أن من وقع في شئ يحتاج فيه إلى الجد شمر عن ساقه، فاستعير الساق والكشف عنها في موضع الشدة. وقيل: ساق الشيء أصله الذي به قوامه، كساق الشجرة وساق الإنسان. أي يوم يكشف عن أصل الأمر فتظهر حقائق الأمور وأصلها . وقيل: يكشف عن ساق جهنم. وقيل: عن ساق العرش. وقيل: يريد وقت اقتراب الأجل وضعف البدن، أي يكشف المريض عن ساقه ليبصر ضعفه، ويدعوه المؤذن إلى الصلاة فلا يمكنه أن يقوم ويخرج. فأما ما روي أن الله يكشف عن ساقه فإنه عز وجل يتعالى عن الأعضاء والتبغيض وأن يكشف ويتغطى. ومعناه أن يشكف عن العظيم من أمره. وقيل: يكشف عن نوره عز وجل. وروىأبو موسى: عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى: عن ساق قال: " يكشف عن نور عظيم يخرون له سجداً" وقال أبو الليث السمرقندي في تفسيره: حدثنا الخليل بن أحمد قال حدثنا ابن منيع قال حدثنا هدبة قال حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن عمارة القرشي عن أبي بردة عن أبي موسى قال حدثني أبي قال: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا كان يوم القيامة مثل لكل قوم ما كانوا يعبدون في الدنيا فيذهب كل قوم إلى ما كانوا يعبدون ويبقى أهل التوحيد فيقال لهم ما تنتظرون وقد ذهب الناس فيقولون إن لنا ربا كنا نعبده في الدنيا ولم نره - قال - وتعرفونه إذا رأيتموه فيقولون نعم فيقال فكيف تعرفونه ولم تروه قالوا إنه لا شبيه له فيكشف لهم الحجاب فينظرون إلى الله تعالى فيخرون له سجداً وتبقى أقوام ظهورهم مثل صياصي البقر فينظرون إلى الله تعالى فيريدون السجود فلا يستطيعون فذلك قوله تعالى:" يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون" فيقول الله تعالى عبادي ارفعوا رؤوسكم فقد جعلت بدل كل رجل منكم رجلاً من اليهود والنصارى في النار" . قال أبو بردة: فحدثت بهذا الحديث عمر بن عبد العزيز فقال: الله الذي لا إله إلا هو لقد حدثك أبوك بهذا الحديث ؟ فحلف له ثلاثة أيمان، فقال عمر: ما سمعت في أهل التوحيد حديثاً هو أحب إلي من هذا. وقال قيس بن السكن: حدث عبد الله بن مسعود عند عمر بن الخطاب فقال: إذا كان يوم القيامة قام الناس لرب العالمين أربعين عاماً شاخصةً أبصارهم إلى السماء، حفاةً عراةً يلجمهم العرق، فلا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم أربعين عاماً، ثم ينادي مناد: أيها الناس، أليس عدلاً من ربكم الذي خلقكم وصوركم وأماتكم وأحياكم ثم عبدتم غيره أن يولي كل قوم ما تولوا ؟ قالوا: نعم . قال: فيرجع لكل قوم ما كانوا يعبدون من دون الله فيتبعونها حتى تقذفهم في النار، فيبقى المسلمون والمنافقون فيقال لهم: ألا تذهبون قد ذهب الناس ؟ فيقولون حتى يأتينا ربنا، فيقال لهم: أو تعرفونه ؟ فيقولون: إن اعترف لنا عرفناه. قال فعند ذلك يكشف عن ساق ويتجلى لهم فيخر من كان يعبده مخلصاً ساجداً، ويبقى المنافقون لا يستطيعون كأن في ظهورهم السفافيد، فيذهب بهم إلى النار، ويدخل هؤلاء الجنة، فذلك قوله تعالى:" ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون".
لما ذكر تعالى أن للمتقين عند ربهم جنات النعيم, بين متى ذلك كائن وواقع فقال تعالى: "يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون" يعني يوم القيامة وما يكون فيه من الأهوال والزلازل والبلاء, والامتحان والأمور العظام. وقد قال البخاري ههنا: حدثنا آدم حدثنا الليث عن خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال عن زيد بن أسلم , عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "يكشف ربنا عن ساقه فيسجد له كل مؤمن ومؤمنة ويبقى من كان يسجد في الدنيا رياءً وسمعة فيذهب ليسجد فيعود ظهره طبقاً واحداً" وهذا الحديث مخرج في الصحيحين وفي غيرهما من طرق, وله ألفاظ وهو حديث طويل مشهور, وقد قال عبد الله بن المبارك عن أسامة بن زيد عن عكرمة عن ابن عباس "يوم يكشف عن ساق" قال: هو يوم القيامة يوم كرب وشدة, رواه ابن جرير ثم قال حدثنا ابن حميد , حدثنا مهران عن سفيان عن المغيرة عن إبراهيم عن ابن مسعود أو ابن عباس ـ الشك من ابن جرير ـ "يوم يكشف عن ساق" قال: عن أمر عظيم, كقول الشاعر:
مالت الحرب عن ساق
وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد "يوم يكشف عن ساق" قال: شدة الأمر, وقال ابن عباس : هي أول ساعة تكون في يوم القيامة, وقال ابن جرير عن مجاهد "يوم يكشف عن ساق" قال: شدة الأمر وجده, وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله "يوم يكشف عن ساق" هو الأمر الشديد الفظيع من الهول يوم القيامة, وقال العوفي عن ابن عباس : قوله: "يوم يكشف عن ساق" يقول حين يكشف الأمر وتبدو الأعمال, وكشفه دخول الاخرة وكشف الأمر عنه, وكذا روى الضحاك وغيره عن ابن عباس : أورد ذلك كله أبو جعفر بن جرير , ثم قال: حدثني أبو زيد عمر بن شبة , حدثنا هارون بن عمر المخزومي , حدثنا الوليد بن مسلم , حدثنا أبو سعيد روح بن جناح عن مولى لعمر بن عبد العزيز عن أبي بردة بن أبي موسى عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "يوم يكشف عن ساق" يعني عن نور عظيم يخرون له سجداً ورواه أبو يعلى عن القاسم بن يحيى عن الوليد بن مسلم به وفيه رجل مبهم والله أعلم.
وقوله تعالى: "خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة" أي في الدار الاخرة بإجرامهم وتكبرهم في الدنيا فعوقبوا بنقيض ما كانوا عليه, ولما دعوا إلى السجود في الدنيا فامتنعوا منه مع صحتهم وسلامتهم كذلك عوقبوا بعدم قدرتهم عليه في الاخرة, إذا تجلى الرب عز وجل فيسجد له المؤمنون ولا يستطيع أحد من الكافرين ولا المنافقين أن يسجد, بل يعود ظهر أحدهم طبقاً واحداً كلما أراد أحدهم أن يسجد خر لقفاه عكس السجود, كما كانوا في الدنيا بخلاف ما عليه المؤمنون.
ثم قال تعالى: "فذرني ومن يكذب بهذا الحديث" يعني القرآن, وهذا تهديد شديد أي دعني وإياه أنا أعلم به منه كيف أستدرجه وأمده في غيه وأنظره ثم آخذه أخذ عزيز مقتدر, ولهذا قال تعالى: "سنستدرجهم من حيث لا يعلمون" أي وهم لا يشعرون بل يعتقدون أن ذلك من الله كرامة وهو في نفس الأمر إهانة, كما قال تعالى: " أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين * نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون " وقال تعالى: "فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون" ولهذا قال ههنا: "وأملي لهم إن كيدي متين" أي وأؤخرهم وأنظرهم وأمدهم وذلك من كيدي ومكري بهم, ولهذا قال تعالى: "إن كيدي متين" أي عظيم لمن خالف أمري وكذب رسلي واجترأ على معصيتي.
وفي الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن الله تعالى ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته" ثم قرأ "وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد" وقوله تعالى: "أم تسألهم أجراً فهم من مغرم مثقلون * أم عندهم الغيب فهم يكتبون" تقدم تفسيرها في سورة الطور, والمعنى في ذلك أنك يا محمد تدعوهم إلى الله عز وجل بلا أجر تأخذه منهم, بل ترجو ثواب ذلك عند الله تعالى, وهم يكذبون بما جئتهم به بمجرد الجهل والكفر والعناد.
42- "يوم يكشف عن ساق" يوم ظرف لقوله فليأتوا: أي فليأتوا بها يوم يكشف عن ساق، ويجوز أن يكون ظرفاً لفعل مقدر: أي اذكر يوم يكشف. قال الواحدي: قال المفسرون في قوله: "عن ساق" عن شدة من الأمر. قال ابن قتيبة: أصل هذا أن الرجل إذا وقع في أمر عظيم يحتاج إلى الجد فيه شمر عن ساقه، فيستعار الكشف عن الساق في موضع الشدة، وأنشد لدريد بن الصمة:
كميش الإزار خارج نصف ساقه صبوراً على الجلاء طلاع أنجد
وقال: وتأويل الآية يوم يشتد الأمر كما يشتد ما يحتاج فيه إلى أن يكشف عن ساق. قال أبو عبيدة: إذا اشتد الحرب والأمر قيل كشف الأمر عن ساقه، والأصل فيه من وقع في شيء يحتاج فيه إلى الجد شمر عن ساقه، فاستعير الساق والكشف عن موضع الشدة، وهكذا قال غيره من أهل اللغة، وقد استعملت ذلك العرب في أشعارها، ومن ذلك قول الشاعر:
أخو الحرب إن عضت به الحرب عضها وإن شمرت عن ساقها الحرب شمرا
وقول الآخر:
والخيـــل تعـــدو عنــد وقت الاشراق وقــامت الحـرب بنــا عـلى ســاق
وقول آخر أيضاً:
قــد كشفـت عـن ساقـهــا فـشــدوا وجــدت الحــرب بكـم فــجــدوا
وقول آخر أيضاً في سنة:
قـد كــشــفـت عن ساقـهـــا حمــرا ء تبري اللــحــم عــن عــراقــهــا
وقيل ساق الشيء: أصله وقوامه كساق الشجرة، وساق الإنسان: أي يوم يكشف عن ساق الأمر فتظهر حقائقه، وقيل يكشف عن ساق جهنم، وقيل عن ساق العرش، وقيل هو عبارة عن القرب، وقيل يكشف الرب سبحانه عن نوره، وسيأتي في آخر البحث ما هو الحق، وإذا جاء نهر الله بطل نهر معقل، قرأ الجمهور "يكشف" بالتحية مبنياً للمفعول، وقرأ ابن مسعود وابن عباس وابن أبي عبلة تكشف بالفوقية مبنياً للفاعل: أي الشدة أو الساعة، وقرئ بالفوقية مبنياً للمفعول، وقرئ بالنون، وقرئ بالفوقية المضمومة وكسر الشين من أكشف الأمر: أي دخل في الكشف "ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون" قال الواحدي: قال المفسرون: يسجد الخلق كلهم لله سجدة واحدة ويبقى الكفار والمنافقون يريدون أن يسجدوا فلا يستطيعون، لأن أصلابهم تيبس فلا تلين للسجود. قال الربيع بن أنس: يكشف عن الغطاء فيقع من كان آمن بالله في الدنيا فيسجدون له، ويدعي الآخرون إلى السجود فلا يستطيعون، لأنهم لم يكونوا آمنوا بالله في الدنيا.
42- "يوم يكشف عن ساق"، قيل: "يوم" ظرف لقوله فليأتوا بشركائهم، أي: فليأتوا بها في ذلك اليوم لتنفعهم وتشفع لهم، "يوم يكشف عن ساق" قيل: عن أمر فظيع شديد، قال ابن عباس: هو أشد ساعة في القيامة.
قال سعيد بن جبير: "يوم يكشف عن ساق" عن شدة الأمر.
وقال ابن قتيبة: تقول العرب للرجل إذا وقع في أمر عظيم يحتاج فيه إلى الجد ومقاساة الشدة: شمر عن ساقه، ويقال: إذا اشتد الأمر في الحرب: كشفت الحرب عن ساق.
أخبرنا إسماعيل بن عبد القاهر، أخبرنا عبد الغافر بن محمد، حدثنا محمد بن عيسى الجلودي، أخبرنا إبراهيم بن محمد بن سفيان، حدثنا مسلم بن الحجاج، حدثني سويد بن سعيد، حدثني جعفر، حدثني حفص بن ميسرة، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه "أن أناساً في زمن النبي صلى الله عليه وسلم قالوا: يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم هل تضارون في رؤية الشمس بالظهيرة صحواً ليس معها سحاب؟ وهل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر صحواً ليس فيها سحاب؟ قالوا: لا يا رسول الله، قال: ما تضارون في رؤية الله يوم القيامة إلا كما تضارون في رؤية أحدهما، إذا كان يوم القيامة أذن مؤذن لتتبع كل أمة ما كانت تعبد فلا يبقى أحد كان يعبد الله من بر وفاجر وغير أهل الكتاب فتدعى اليهود فيقال لهم: ما كنتم تعبدون؟ قالوا: كنا نعبد عزير ابن الله فيقال كذبتم ما اتخذ الله من صاحبة ولا ولد، فماذا تبغون؟ فقالوا: عطشنا يا ربنا فاسقنا، فيشار إليهم: ألا تردون؟ فيحشرون إلى النار كأنها سراب يحطم بعضها بعضاً، فيتساقطون في النار. ثم تدعى النصارى فيقال لهم: ما كنتم تعبدون؟ قالوا: كنا نعبد المسيح ابن
الله، فيقال لهم: ما اتخذ الله من صاحبة ولا ولد، فيقال لهم: ماذا تبغون؟ فيقولون: عطشنا يا ربنا فاسقنا، فيشار إليهم: ألا تردون؟ فيحشرون إلى جهنم كأنها سراب يحطم بعضها بعضاً، فيتساقطون في النار، حتى إذا لم يبق إلا من كان يعبد الله من بر وفاجر، أتاهم رب العالمين في أدنى صورة من التي رأوه فيها، قال: فماذا تنتظرون؟ لتتبع كل / أمة ما كانت تعبد، قالوا يا ربنا فارقنا الناس في الدنيا أفقر ما كنا إليهم ولم نصاحبهم. فيقول: أنا ربكم، فيقولون: نعوذ بالله منك، لا نشرك بالله شيئاً، مرتين أو ثلاثاً، حتى إن بعضهم ليكاد أن ينقلب، فيقول: هل بينكم وبينه آية تعرفونه بها، فيقولون: نعم فيكشف عن ساق، فلا يبقى من كان يسجد لله من تلقاء نفسه إلا أذن الله له بالسجود، فلا يبقى من كان يسجد نفاقاً ورياءً إلا جعل الله ظهره طبقةً واحدةً كلما أراد أن يسجد خر على قفاه ثم يرفعون رؤوسهم وقد تحول في الصورة التي رأوه فيها أول مرة فقال: أنا ربكم. فيقولون: أنت ربنا، ثم يضرب الجسر على جهنم وتحل الشفاعة، ويقولون: اللهم سلم سلم، قيل يا رسول الله وما الجسر؟ قال: دحض مزلة فيه خطاطيف وكلاليب وحسكة يكون بنجد فيها شويكة يقال لها السعدان، فيمر
المؤمنون كطرف العين وكالبرق وكالريح وكالطير وكأجاويد الخيل والركاب، فناج مسلم ومخدوش مرسل، ومكردس في نار جهنم، حتى إذا خلص المؤمنون من النار فوالذي نفسي بيده ما من أحد منكم بأشد لله في استيفاء الحق من المؤمنين لله يوم القيامة لإخوانهم الذين في النار، يقولون: ربنا كانوا يصومون معنا ويصلون ويحجون، فيقال لهم: أخرجوا من عرفتم، فتحرم صورهم على النار فيخرجون خلقاً كثيراً قد أخذت النار إلى نصف ساقه وإلى ركبتيه، ثم يقولون: ربنا ما بقي فيها أحد ممن أمرتنا به، فيقول: ارجعوا فمن وجدتم في قلبه مثقال دينار من خير فأخرجوه، فيخرجون خلقاً كثيراً، ثم يقولون: ربنا لم نذر فيها أحداً ممن أمرتنا به، ثم يقول: ارجعوا فمن وجدتم في قلبه مثقال نصف دينار من خير فأخرجوه، فيخرجون خلقاً كثيراً، ثم يقولون: ربنا لم نذر فيها ممن أمرتنا به أحداً، ثم يقول: ارجعوا فمن وجدتم في قلبه مثقال ذرة من خير فأخرجوه، فيخرجون خلقاً كثيراً، ثم يقولون: ربنا لم نذر فيها أحداً فيه خير ممن أمرتنا به. وكان أبو سعيد الخدري يقول: إن لم تصدقوني بهذا الحديث فاقرؤوا إن شئتم: "إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجراً عظيماً" (النساء- 40)، فيقول الله: شفعت الملائكة، وشفع النبيون، وشفع المؤمنون، ولم يبق إلا أرحم الراحمين، فيقبض قبضة من النار فيخرج منها قوماً لم يعملوا خيراً قط قد عادوا حمماً فيلقيهم في نهر في أفواه الجنة يقال له نهر الحياة، فيخرجون كما تخرج الحبة في حميل السيل، ألا ترونها تكون إلى الحجر أو إلى الشجر ما يكون منها إلى الشمس أصيفر وأخيضر، وما يكون منها إلى الظل يكون أبيض؟ قال: فيخرجون كاللؤلؤ في رقابهم الخواتيم يعرفهم أهل الجنة هؤلاء عتقاء الله من النار الذين أدخلهم الله الجنة بغير عمل عملوه ولا خير قدموه، ثم يقول: ادخلوا الجنة فما رأيتموه فهو لكم فيقولون ربنا: أعطيتنا ما لم تعط أحداً من العالمين، فيقول: لكم عندي أفضل من هذا فيقولون: يا ربنا أي شيء أفضل من هذا؟ فيقول: رضائي فلا أسخط عليكم بعده أبداً".
وروى محمد بن إسماعيل هذا الحديث عن يحيى بن بكير عن الليث عن خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال عن زيد بن أسلم بهذا المعنى، أخبرنا عبد الواحد المليحي، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي، أخبرنا محمد بن يوسف، حدثنا محمد بن إسماعيل، حدثنا آدم، حدثنا الليث، عن خالد بن يزيد، عن سعيد بن أبي هلال، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: "سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: يكشف ربنا عن ساقه فيسجد له كل مؤمن ومؤمنة ويبقى من كان يسجد في الدنيا رياءً وسمعةً، فيذهب ليسجد فيعود ظهره طبقاً واحداً".
قوله عز وجل: "ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون"، يعني: الكفار والمنافقين تصير أصلابهم كصياصي البقر، فلا يستطيعون السجود.
42-" يوم يكشف عن ساق " يوم يشتد الأمر ويصعب الخطب وكشف الساق مثل في ذلك ، وأصله تشمير المخدرات عن سوقهن في الهرب . قال حاتم :
أخو الحرب إن عضت به الحرب عطفها وإن شمرت عن ساقها الحرب شمرا
أو يوم يكشف عن أصل الأمر وحقيقته بحيث يصير عياناً مستعار من ساق الشجر وساق الإنسان ، وتنكيره للتهويل أو للتعظيم .وقرئ تكشف و تكشف بالتاء على بناء الفاعل أو المفعول والفعل للساعة أو الحال " ويدعون إلى السجود " توبيخا على تركهم السجود إن كان اليوم يوم القيامة ، أو يدعون إلى الصلوات لأوقاتها إن كان وقت النزع . " فلا يستطيعون " لذهاب وقته أو زوال القدرة عليه .
42. On the day when it befalleth in earnest, and they are ordered to prostrate themselves but are not able,
42 - The Day that the Shin shall be laid bare, and they shall be summoned to bow in adoration, but they shall not be able,