44 - (أولم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم وكانوا أشد منهم قوة وما) فأهلكهم الله بتكذيبهم رسلهم (كان الله ليعجزه من شيء في) يسبقه ويفوته (السماوات ولا في الأرض إنه كان عليما قديرا) بالأشياء كلها (ولو) عليها
يقول تعالى ذكره: أولم يسر يا محمد هؤلاء المشركون بالله، في الأرض التي أهلكنا أهلها بكفرهم بنا وتكذيبهم رسلنا، فإنهم تجار يسلكون طريق الشأم " فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم " من الأمم التي كانوا يمرون بها ألم نهلكهم ونخرب مساكنهم ونجعلهم مثلاً لمن بعدهم، فيتعظوا بهم، وينزجروا عما هم عليه من عبادة الآلهة بالشرك بالله، ويعلموا أن الذي فعل بأولئك ما فعل " وكانوا أشد منهم قوة " لن يتعذر عليه أن يفعل بهم مثل الذي فعل بأولئك من تعجيل النقمة، والعذاب لهم.
وبنحو الذي قلنا في قوله " وكانوا أشد منهم قوة " قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة " وكانوا أشد منهم قوة " يخبركم أنه أعطى القوم ما لم يعطكم.
وقوله " وما كان الله ليعجزه من شيء في السماوات ولا في الأرض " يقول تعالى ذكره: ولن يعجزنا هؤلاء المشركون بالله من عبدة الآلهة، المكذبون محمداً فيسبقونا هرباً في الأرض، إذا نحن أردنا هلاكهم، لأن الله لم يكن ليعجزه شيء يريده في السماوات ولا في الأرض، ولن يقدر هؤلاء المشركون أن ينفذوا من أقطار السماوات والأرض. وقوله " إنه كان عليما قديرا " يقول تعالى ذكره: إن الله كان عليماً بخلقه، وما هو كائن، ومن هو المستحق منهم تعجيل العقوبة، ومن هو عن ضلالته منهم راجع إلى الهدى آئب، قدير على الانتقام ممن شاء منهم، وتوفيق من أراد منهم للإيمان.
بين السنة التي ذكرها ، أي أولم يروا ما أنزلنا بعاد وثمود ، وبمدين وأمثالهم لما كذبوا الرسل ، فتدبروا ذلك بنظرهم إلى مساكنهم ودورهم ، وبما سمعوا على التواتر بما حل بهم ، أفليس فيه عبرة وبيان لهم ، ليسوا خيرا من أولئك ولا أقوى ، بل كان أولئك أقوى ، دليله قوله : " وكانوا أشد منهم قوة وما كان الله ليعجزه من شيء في السماوات ولا في الأرض " أي إذا أراد إنزال عذاب بقوم لم يعجزه ذلك . " إنه كان عليما قديرا " .
يقول تعالى: قل يا محمد لهؤلاء المكذين بما جئتهم به من الرسالة: سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة الذين كذبوا الرسل, كيف دمر الله عليهم وللكافرين أمثالها, فخلت منهم منازلهم, وسلبوا ما كانوا فيه من نعيم بعد كمال القوة وكثرة العدد والعدد, وكثرة الأموال والأولاد, فما أغنى ذلك شيئاً, ولا دفع عنهم من عذاب الله من شيء, لما جاء أمر ربك لأنه تعالى لايعجزه شيء إذا أراد كونه في السموات والأرض "إنه كان عليماً قديراً" أي عليم بجميع الكائنات قدير على مجموعها, ثم قال تعالى: "ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة" أي لو آخذهم بجميع ذنوبهم لأهلك جميع أهل الأرض وما يملكونه من دواب وأرزاق.
قال ابن أبي حاتم : حدثنا أحمد بن سنان , حدثنا عبد الرحمن , حدثنا سفيان الثوري عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله قال: كاد الجعل أن يعذب في جحره بذنب ابن آدم, ثم قرأ "ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة". وقال سعيد بن جبير والسدي في قوله تعالى: "ما ترك على ظهرها من دابة" أي لما سقاهم المطر فماتت جميع الدواب, "ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى" أي ولكن ينظرهم إلى يوم القيامة فيحاسبهم يومئذ, ويوفي كل عامل بعمله, فيجازي بالثواب أهل الطاعة وبالعقاب أهل المعصية, ولهذا قال تبارك وتعالى: "فإذا جاء أجلهم فإن الله كان بعباده بصيراً". آخر تفسير سورة فاطر و لله الحمد والمنة.
44- " أولم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم " هذه الجملة مسوقة لتقرير معنى ما قبلها وتأكيده: أي ألم يسيروا في الأرض فينظروا ما أنزلنا بعاد وثماد ومدين وأمثالهم من العذاب لما كذبوا الرسل، فإن ذلك هو من سنة الله في المكذبين التي لا تبدل ولا تحول، وآثار عذابهم وما أنزل الله بهم موجودة في مساكنهم ظاهرة في منازلهم "و" الحال أن أولئك "كانوا أشد منهم قوة" وأطول أعماراً وأكثر أموالاً وأقوى أبداناً "وما كان الله ليعجزه من شيء في السموات ولا في الأرض" أي ما كان ليسبقه ويفوته من شيء من الأشياء كائناً ما كان فيهما "إنه كان عليماً قديراً" أي كثير العلم وكثير القدرة لا يخفى عليه شيء ولا يصعب عليه أمر.
44- "أولم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم وكانوا أشد منهم قوةً وما كان الله ليعجزه"، يعني: ليفوت عنه، "من شيء في السموات ولا في الأرض إنه كان عليماً قديراً".
44 -" أولم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم " استشهاد علم بما يشاهدونه في مسايرهم إلى الشام واليمن والعراق من آثار الماضين . " وكانوا أشد منهم قوةً وما كان الله ليعجزه من شيء " ليسبقه ويفوته . " في السموات ولا في الأرض إنه كان عليماً " بالأشياء كلها . " قديراً " عليها .
43. (Shown in their) behaving arrogantly in the land and plotting evil; and the evil plot encloseth but the men who make it. Then, can they expect aught save the treatment of the folk of old? Thou wilt not find for Allah's way of treatment any substitute, nor wilt thou find for Allah's way of treatment aught of power to change.
43 - On account of their arrogance in the land and their Plotting of Evil. But the plotting of Evil will hem in only the authors thereof. Now are they but looking for the way the ancients were dealt with? But no change wilt thou find in God's way (Of dealing): No turning off wilt thou find in God's way (of dealing).