45 - (اتل ما أوحي إليك من الكتاب) القرآن (وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر) شرعا أي من شأنها ذلك ما دام المرء فيها (ولذكر الله أكبر) من غيره من الطاعات (والله يعلم ما تصنعون) فيجازيكم به
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم " اتل " يعني اقرأ " ما أوحي إليك " من الكتاب يعني ما أنزل إليك من هذا القرآن " وأقم الصلاة " يعني: وأد الصلاة التي فرضها الله عليك بحدودها " إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر " اختلف أهل التأويل في معنى الصلاة التي ذكرت في هذا الموضع، فقال بعضهم: عني بها القرآن الذي يقرأ في موضع الصلاة، أو في الصلاة.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا أبو كريب، قال: ثنا ابن يمان، عن أبي الوفاء، عن أبيه، عن ابن عمر " إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر " قال: القرآن الذي قرأ في المساجد.
وقال آخرون: بل عني بها الصلاة.
ذكر من قال ذلك:
حدثني علي، قال: ثنا عبد الله، قال: ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله " إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر " يقول: في الصلاة منتهى ومزدجر عن معاصي الله.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنا خالد بن عبد الله، عن العلاء بن المسيب، عمن ذكره، عن ابن عباس، في قول الله " إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر " من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر لم يزدد بصلاته من الله إلا بعداً.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنا خالد، قال: قال العلاء بن المسيب، عن سمرة بن عطية، قال: قيل لابن مسعود، إن فلاناً كثير الصلاة، قال: فإنها لا تنفع إلا من أطاعها.
قال: ثنا الحسين، قال: ثنا أبو معاوية، عن الأعمش ، عن مالك بن الحارث، عن عبد الرحمن بن يزيد، عن ابن مسعود، قال: من لم تأمره صلاته بالمعروف، وتنهه عن المنكر، لم يزدد بها من الله إلا بعداً.
قال: ثنا الحسين، قال: ثنا علي بن هاشم بن البريد، عن جويبر، عن الضحاك ، عن ابن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " لا صلاة لمن لم يطع الصلاة، وطاعة الصلاة أن تنهى عن الفحشاء والمنكر " قال: قال سفيان ( قالوا يا شعيب أصلاتك تأمرك) ( هود: 87) قال: فقال سفيان: إي والله تأمره وتنهاه.
قال علي: وحدثنا إسماعيل بن مسلم، عن الحسن. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من صلى صلاةً لم تنهه عن الفحشاء والمنكر لم يزدد بها من الله إلا بعداً ".
حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن علية، عن يونس، عن الحسن، قال: الصلاة إذا لم تنهه عن الفحشاء والمنكر، قال: من تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر، لم يزدد من الله إلا بعداً.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة والحسن، قالا: من لن تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر، فإنه لا يزداد من الله بذلك إلا بعداً.
والصواب من القول في ذلك أن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، كما قال ابن عباس وابن مسعود.
فإن قال قائل: وكيف تنهى الصلاة عن الفحشاء والمنكر إن لم يكن معنياً بها ما يتلى فيها؟ قيل: تنهى من كان فيها، فتحول بينه وبين إتيان الفواحش، لأن شغله بها يقطعه عن الشغل بالمنكر، ولذلك قال ابن مسعود: من لم يطع صلاته لم يزدد من الله إلا بعداً، وذلك أن طاعته لها إقامته إياها بحدودها، وفي طاعته لها مزدجر عن الفحشاء والمنكر.
حدثنا أبو حميد الحمصي، قال: ثنا يحيى بن سعيد العطار، قال: ثنا أرطأة، عن ابن عون، في قول الله " إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر " قال: إذا كنت في صلاة، فأنت في معروف، وقد حجزتك عن الفحشاء والمنكر، والفحشاء: هو الزنا، والمنكر: معاصي الله، ومن أتى فاحشة أو عصى الله في صلاته بما يفسد صلاته، فلا شك أنه لا صلاة له.
وقوله " ولذكر الله أكبر " اختلف أهل التأويل في تأويله، فقال بعضهم: معناه: ولذكر الله إياكم أفضل من ذكركم.
ذكر من قال ذلك:
حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا هشيم، قال: أخبرنا عطاء بن السائب، عن عبد الله ابن ربيعة، قال: قال لي ابن عباس: هل تدري ما قوله " ولذكر الله أكبر " قال: قلت: نعم، قال: فما هو؟ قال: قلت: التسبيح والتحميد والتكبير في الصلاة، وقراءة القرآن ونحو ذلك، قال: لقد قلت قولاً عجباً وما هو كذلك، ولكنه إنما يقول: ذكر الله إياكم عندما أمر به أو نهى عنه إذا ذكرتموه أكبر من ذكركم إياه.
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن سفيان، عن عطاء بن السائب، عن ابن ربيعة، عن ابن عباس قال: ذكر الله إياكم أكبر من ذكركم إياه.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا جرير، عن عطاء، عن عبد الله بن ربيعة، قال: سألني ابن عباس، عن قول الله " ولذكر الله أكبر " فقلت: ذكره بالتسبيح والتكبير والقرآن حسن، وذكره عند المحارم فيحتجز عنها، فقال: لقد قلت قولاً عجيباً وما هو كما قلت، ولكن ذكر الله إياكم أكبر من ذكركم إياه.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا سفيان، عن عطاء بن السائب، عن عبد الله ابن ربيعة، عن ابن عباس " ولذكر الله أكبر " قال: ذكر الله للعبد أفضل من ذكره إياه.
حدثنا محمد بن المثنى وابن وكيع، قال ابن المثنى: ثني عبد الأعلى، وقال ابن وكيع، ثنا عبد الأعلى قال: ثنا داود، عن محمد بن أبي موسى، قال: كنت قاعداً عند ابن عباس، فجاءه رجل، فسأل ابن عباس عن ذكر الله أكبر، فقال ابن عباس: الصلاة والصوم قال: ذاك ذكر الله، قال رجل: إني تركت رجلاً في رحلي يقول غير هذا، قال " ولذكر الله أكبر " قال: ذكر الله العباد أكبر من ذكر العباد إياه، فقال ابن عباس: صدق والله صاحبك.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يعقوب القمي، عن جعفر، عن سعيد بن جبير، قال: جاء رجل إلى ابن عباس، فقال: حدثني عن قول الله " ولذكر الله أكبر " قال: ذكر الله لكم أكبر من ذكركم له.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا حماد بن سلمة، عن داود، عن عكرمة " ولذكر الله أكبر " قال: ذكر الله للعبد أفضل من ذكره إياه.
حدثنا أبو هشام الرفاعي، قال: ثنا ابن فضيل، قال: ثنا فضيل بن مرزوق، عن عطية " ولذكر الله أكبر " قال: هو قوله ( فاذكروني أذكركم) ( البقرة: 152) وذكر الله إياكم أكبر من ذكركم إياه.
حدثني علي، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس " ولذكر الله " لعباده إذا ذكروه " أكبر " من ذكركم إياه.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعاً، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد " ولذكر الله أكبر " قال: ذكر الله عبده أكبر من ذكر العبد ربه في الصلاة أو غيرها.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنا هشيم، عن داود بن أبي هند، عن محمد بن أبي موسى، عن ابن عباس، قال: ذكر الله إياكم إذا ذكرتموه أكبر من ذكركم إياه.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنا أبو تميلة، عن أبي حمزة، عن جابر، عن عامر، عن أبي قرة، عن سلمان، مثله.
حدثنا أبو هشام الرفاعي، قال: ثنا أبو أسامة، قال: ثني عبد الحميد بن جعفر، عن صالح بن أبي عريب، عن كثير بن مرة الحضرمي، قال: سمعت أبا الدرداء، يقول: " ألا أخبركم بخير أعمالكم وأحبها إلى مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخير من أن تغزوا عدوكم، فتضربوا أعناقهم، وخير من إعطاء الدنانير والدراهم؟ قالوا: ما هو؟ قال: ذكركم ربكم، وذكر الله أكبر ".
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، قال: ثنا سفيان، عن جابر، عن عامر، قال: سألت أبا قرة، عن قوله " ولذكر الله أكبر " قال: ذكر الله إياكم أكبر من ذكركم إياه.
قال: ثنا أبي، عن إسرائيل، عن جابر، عن مجاهد وعكرمة قالا: ذكر الله إياكم أكبر من ذكركم إياه.
قال: ثنا حسن بن علي، عن زائدة، عن عاصمن عن شقيق، عن عبد الله " ولذكر الله أكبر " قال: ذكر الله العبد أكبر من ذكر العبد لربه.
قال: ثنا أبو يزيد الرازي، عن يعقوب، عن جعفر، عن شعبة، قال: ذكر الله لكم أكبر من ذكركم به.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: ولذكركم الله أفضل من كل شيء.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا عمرو بن أبي زائدة، عن العيزار بن حريث، عن رجل، عن سلمان، عن سئل: أي العمل أفضل؟ قال: أما تقرأ القرآن " ولذكر الله أكبر ": لا شيء أفضل من ذكر الله.
حدثنا ابن حميد أحمد بن المغيرة الحمصي، قال: ثنا علي بن عياش، قال: ثنا الليث، قال: ثنا معاوية، عن ربيعة بن يزيد، عن إسماعيل بن عبيد الله، عن أم الدرداء، أنها قالت " ولذكر الله أكبر " فإن صليت فهو من ذكر الله، وإن صمت فهو من ذكر الله، وكل خير تعمله فهو من ذكر الله وكل شر تجتبنه فهو من ذكر الله، وأفضل ذلك تسبيح الله.
حدثنا بشرن قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة " ولذكر الله أكبر " قال: لا شيء أكبر من ذكر الله، قال: أكبر الأشياء كلها، وقرأ ( أقم الصلاة لذكري) ( طه: 14) قال: لذكر الله. وإنه لم يصفه عند القتال إلا أنه أكبر.
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن الأعمش ، عن أبي إسحاق، قال: قال رجل لسلمان: أي العمل أفضل، قال: ذكر الله.
وقال آخرون: هو محتمل للوجهين جميعاً، يعنون القول الأول الذي ذكرناه والثاني.
ذكر من قال ذلك:
حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن علية، عن خالد، عن عكرمة، عن ابن عباس، في قوله " ولذكر الله أكبر " قال: لها وجهان: ذكر الله أكبر مما سواه، وذكر الله إياكم أكبر من ذكركم إياه.
حدثنا أبو كريب، قال: ثنا إسماعيل بن إبراهيم، قال: ثنا خالد الحذاء، عن عكرمة، عن ابن عباس في " ولذكر الله أكبر " قال: لها وجهان: ذكر الله إياكم أكبر من ذكركم إياه، وذكر الله عند ما حرم.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: لذكر الله العبد في الصلاة أكبر من الصلاة.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا عبيد الله، عن إسرائيل، عن السدي عن أبي مالك، في قوله " ولذكر الله أكبر " قال: ذكر الله العبد في الصلاة، أكبر من الصلاة.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: وللصلاة التي أتيت أنت بها، وذكرك الله فيها أكبر مما نهتك الصلاة من الفحشاء والمنكر.
حدثني أحمد بن المغيرة الحمصي، قال: ثنا يحيى بن سعيد العطار، قال: ثنا أرطأة، عن ابن عون، في قول الله " إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر " والذي أنت فيه من ذكر الله أكبر.
قال أبو جعفر: وأشبه هذه الأقوال بما دل عليه ظاهر التنزيل قول من قال: ولذكر الله إياكم أفضل من ذكركم إياه.
وقوله " والله يعلم ما تصنعون " يقول: والله يعلم ما تصنعون أيها الناس في صلاتكم من إقامة حدودها، وترك ذلك وغيره من أموركم، وهو مجازيكم على ذلك، يقول: فاتقوا أن تضيعوا شيئاً من حدودها، والله أعلم.
فيه أربعة مسائل :
الأولى : قوله تعالى : " اتل " أمر من التلاوة والدءوب عليها . وقد مضى في ( طه ) الوعيد فيمن أعرض عنها ، وفي مقدمة لاكتاب الأمر بالحض عليها ، والكتاب يراد به القرآن .
الثانية : قوله تعالى : " وأقم الصلاة " الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم وأمته وإقامة الصلاة أداؤها في اوقاتها بقراءتها وركوعتها ةوسجودها وقعودها وتشهدها وجميع شروطها . وقد تقدم بياتن ذلك في ( البقرة ) فلا معنى للإعادة .
الثالثة : قوله تعالى : " إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر " يريد إن الصلوات الخمس هي التي تكفر ما بينها من الذنوب ، كما قال عليه السلام : " أرأيتم لو أن نهراً بباب أحدكم يغتسل فيه كل يوم خمس مرات هل يبقى من درنه شيء " قالوا : لا يبقى من درنه شيء ، قال : ( فذلك مثل الصلوات الخمس من درنه شيء ) قالوا : لا يبقى من درنه شيء ، قال : " فذلك الصلوات الخمس يمحوا لله بهن الخطايا " خرجه الترمذي من حديث أبي هريرة ، وقال فيه حديث حين صحيح . وقال ابن عمر : الصلاة هنا القرآن . والمعنى : الذي يتلى في الصلاة ينهى عن الفحشاء والمنكر ، وعن الزنى والمعاصي . قلت : ومنه الحديث الصحيح : " قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين " يريد قراءة الفاتحة . وقال حماد بن أبي سليمان و ابن جريج و الكلبي : العبد ما دام في صلاته لا يأتي فحشاء ولا منكراً ، أي إن الصلاة تنهى ما دمت فيها . وقال ابن عطية : وهذه عجمة وأين هذا مما "رواه أنس بن مالك قال: كان فتى من الأنصار يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم ولا يدع شيئاً من الفواحش والسرقة إلا ركبه ، فذكر للنبي صلى الله عليه وسلم فقال : إن الصلاة ستنهاه " فلم يلبث أن تاب وصلحت حاله .فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ألم أقل لكم " . وفي الأية تأويل ثالت ، وهو الذي ارتضاه المحققون وقال له المشيخة الصوفية وذكره المفسرونه ، وفقيل المراد بـ( أقم الصلاة ) إدامتها والقيام بحدودها ، ثم أخبر حكماً منه بأن الصلاة تنهى صاحبها وممتثلها عن الفحشاء والمنكر ، وذلك لما فيها من تلاوة القرآن المشتمل على الموعظة . والصلاة تشغل كل لدن المصلي ، فإذا دخل المصلى في محرابه وخشع وأخبت لربه وادكر أنه واقف بين يديه ، وأنه مطلع عليه ويراه ، صلحت لذلك نفسه وتذللت ، وخامرها ارتقاب الله تعالى ، وظهرت على جوارحه هيبتها ، ولم يكد يفتر من ذلك حتى تظله صلا ة أخرى يرجع بها إلى أفضل حالة . فهذا معنى هذه الأخبار ، لأن صلاة المؤمن هكذا ينبغي أن يكون .
قلت : لا سيما وإن أشعر نفسه أن هذا ربما يكون آخر عمله ، وهذا أبلغ في المقصود وأتم في المراد ، فإن الموت ليس له سن محدود ، ولا زمن مخصوص ، ولا مرض معلوم ، وهذا مما لا خلا ف فيه . وروي عن بعض السلف أنه كان إذا قام إلى الصلاة ارتعد واصفر لونه ، فكلم في ذلك فقال : إني وافق بين يدي الله تعالى ، وحق لي هذا مع ملوك الدنيا فكيف مع ملك الملوك . وفهذه صلاة تنهى ولا بد عن الفحشاء والمنكر ، ومن كانت صلاته تدائرة حول الإجزاء ، لا خشوع فيها ولاىتذكر ولا فضائل ، كصلاتنا _ وليتها تجزي _ فتلك تترك صاحبها من منزلته حيث كان ، فإن كان عللاى طريقة عصا تبعده من الله تعالى تركته الصلاة يتمادى على بعده ، وعلى هذا يخرج الحديث المروي عن ابن مسعود و الحسن و الأعمش قولهم : " من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر لم تزده من الله إلا بعداً " وقد روي أن الحسن أرسله عن النبي صلى الله عليه وسلم وذلك غير صحيح السند . قال ابن عطية : سمعت أبي رضي الله عنه يقول : فإذا قررنا ونظر معناه فغير جائز أن يقول إن نفس صلاة العاصي تبعده من الله حتى كأنها معصية ، وإنما يتخرج ذلك على أنها لا تؤثر في تقريبه من الله ، بل تتركه على حاله ومعصيه ، من الفحشاء والمنكر والبعد ، فله تزده الصلاة إلا تقرير ذلك البعد الذي كان سبيله ، فكأنها بعدته حين لم تكلف بعده عن الله . وقيل لابن مسعود : إن فلاناً كثير الصلاة . فقال : إنها لا تنفع إلا من أطاعها .
قالت : وعلى الجملة فالمعنى المقصود بالحديث : "لم تزده من الله إلا بعداً ولم يزدد بها من الله إلا مقتاً " إشارة إلى أن مرتكب الفحشاء والمنكر لا قدر لصلاته ، لغلبة المعاصي على صاحبها . وقيل : هو خبر بمعنى الأمر . أي لينته المصلي عن الفحشاء والنمكر . والصلاة بنفسها لاتنهى ، ولكنها سبب الانتهاء . وهو كقوله تعالى : " هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق " [ الجاثية : 29] وقوله : " أم أنزلنا عليهم سلطانا فهو يتكلم بما كانوا به يشركون " [ الروم : 35] .
الرابعة : قوله تعالى : " ولذكر الله أكبر " قال " ذكر الله إياكم أكبر من ذكركم إياه " وقيل : ذكركم الله في صلاتكم وفي قفراءة القرآن أفضل من كل شيء وقيل : المعنى ، إن ذكر الله عندما يحرم فيترك أجل الذكر . وقيل : المعنانى ولذكر الله للنهي عن الفحشاء النمكر أكبر أب كبير ، وأكبر يكون بمعنى كبير . وقال ابن زيد و قتادة : ولذكر الله أكبر من كل شيء أي أفضل من العبادات كلها بغير ذذكر وقيل : ذكر الله يمنع من المعصية فإن من ذاكراً له لا يخالفه . قال ابن عطية : وعندي أن المعنى ولذكر الله أكبر على الإطلاق ، أي هو الذي ينهى عن الفحشاء والمنكر ، فالجزء الذي منه في الصلا ة يفعل ذلك ، وكذلك يفعل في غير الصلاة ، لأن الاتنهاء لا يكون إلا من ذاكر الله مراقب له . وثواب ذلك أن يذكره الله تعالى ، كما في الحديث : " من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ومن ذكرني في ملإ كرته في ملإ خير منهم " والحركات التي في الصلاة لا تأثير لها في نهي ، والذكر النافع هو مع العلم وإقبال القلب وتفرغه إلا من الله . وأما ما لا يتجاوز اللسان ففي رتبة . وذكر الله تعالى للعبد هو إفاضة الهدى ونور العلم عليه ، وذلك ثمرة لذكر العبد ربه . وقال الله عز وجل : " فاذكروني أذكركم " [ البقرة : 152] وباقي ا لآية ضرب من الوعيد والحث على المراقبة .
يقول تعالى مخبراً عن قدرته العظيمة أنه خلق السموات والأرض بالحق, يعني لاعلى وجه العبث واللعب "لتجزى كل نفس بما تسعى" " ليجزي الذين أساؤوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى ". وقوله تعالى: " إن في ذلك لآية للمؤمنين " أي لدلالة واضحة على أنه تعالى المتفرد بالخلق والتدبير والإلهية, ثم قال تعالى آمراً رسوله والمؤمنين بتلاوة القرآن, وهو قراءته وإبلاغه للناس "وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر" يعني أن الصلاة تشتمل على شيئين على ترك الفواحش والمنكرات, أي مواظبتها تحمل على ترك ذلك. وقد جاء في الحديث من رواية عمران وابن عباس مرفوعاً "من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر, لم تزده من الله إلا بعداً".
(ذكر الاثار الواردة في ذلك)
قال ابن أبي حاتم : حدثنا محمد بن هارون المخرمي الفلاس , حدثنا عبد الرحمن بن نافع أبو زياد , حدثنا عمر بن أبي عثمان , حدثنا الحسن عن عمران بن حصين قال: سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن قول الله: "إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر" قال: "من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر فلا صلاة له". وحدثنا علي بن الحسين , حدثنا يحيى بن أبي طلحة اليربوعي , حدثنا أبو معاوية عن ليث عن طاوس عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر, لم يزدد بها من الله إلا بعداً" ورواه الطبراني من حديث أبي معاوية .
وقال ابن جرير : حدثنا القاسم , حدثنا الحسين , حدثنا خالد بن عبد الله عن العلاء بن المسيب عمن ذكره عن ابن عباس في قوله: "إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر" قال: فمن لم تأمره صلاته بالمعروف وتنهه عن المنكر, لم يزدد بصلاته من الله إلا بعداً, فهذا موقوف. قال ابن جرير : وحدثنا القاسم , حدثنا الحسين , حدثنا علي بن هاشم بن البريد عن جويبر عن الضحاك عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا صلاة لمن لم يطع الصلاة" وطاعة الصلاة أن تنهاه عن الفحشاء والمنكر.قال: قال سفيان "قالوا يا شعيب أصلاتك تأمرك" قال: فقال سفيان : إي والله تأمره وتنهاه.
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو سعيد الأشج , حدثنا أبو خالد عن جويبر عن الضحاك عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ وقال أبو خالد مرة عن عبد الله ـ: "لاصلاة لمن لم يطع الصلاة, وطاعة الصلاة تنهاه عن الفحشاء والمنكر" والموقوف أصح, كما رواه الأعمش عن مالك بن الحارث عن عبد الرحمن بن يزيد قال: قيل لعبد الله : إن فلاناً يطيل الصلاة, قال: إن الصلاة لا تنفع إلا من أطاعها. وقال ابن جرير : حدثنا علي , حدثنا إسماعيل بن مسلم عن الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من صلى صلاة لم تنهه عن الفحشاء والمنكر, لم يزدد بها من الله إلا بعداً" والأصح في هذا كله الموقوفات عن ابن مسعود وابن عباس والحسن وقتادة والأعمش وغيرهم, والله أعلم.
وقال الحافظ أبو بكر البزار : حدثنا يوسف بن موسى , أنبأنا جرير ـ يعني ابن عبد الحميد ـ عن الأعمش عن أبي صالح قال: أراه عن جابر , شك الأعمش , قال: " قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم: إن فلاناً يصلي بالليل, فإذا أصبح سرق. قال: سينهاه ما تقول". وحدثنا محمد بن موسى الجرشي , أخبرنا زياد بن عبد الله عن الأعمش عن أبي صالح عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه, ولم يشك, ثم قال: وهذا الحديث قد رواه عن الأعمش غير واحد, واختلفوا في إسناده, فرواه غير واحد عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة أو غيره. وقال قيس عن الأعمش عن أبي سفيان , عن جابر قال جرير وزياد عن عبد الله عن الأعمش عن أبي صالح عن جابر .
وقال الإمام أحمد : حدثنا وكيع , أخبرنا الأعمش قال: أخبرنا أبو صالح عن أبي هريرة , قال: " جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن فلاناً يصلي بالليل, فإذا أصبح سرق, فقال: إنه سينهاه ما تقول".وتشتمل الصلاة أيضاً على ذكر الله تعالى وهو المطلوب الأكبر, ولهذا قال تعالى: "ولذكر الله أكبر" أي أعظم من الأول "والله يعلم ما تصنعون" أي يعلم جميع أعمالكم وأقوالكم. وقال أبو العالية في قوله تعالى: "إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر" قال: إن الصلاة فيها ثلاث خصال, فكل صلاة لا يكون فيها شيء من هذه الخصال فليست بصلاة: الإخلاص, والخشية, وذكر الله, فالإخلاص يأمره بالمعروف, والخشية تنهاه عن المنكر, وذكر الله القرآن يأمره وينهاه وقال ابن عون الأنصاري : إذا كنت في صلاة, فأنت في معروف, وقد حجزتك عن الفحشاء والمنكر, والذي أنت فيه من ذكر الله أكبر.
وقال حماد بن أبي سليمان "إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر" يعني ما دمت فيها. وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى: "ولذكر الله أكبر" يقول: ولذكر الله لعباده أكبر إذا ذكروه من ذكرهم إياه, وكذا روى غير واحد عن ابن عباس , وبه قال مجاهد وغيره, وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو سعيد الأشج , حدثنا أبو خالد الأحمر عن داود بن أبي هند عن رجل عن ابن عباس "ولذكر الله أكبر" قال: ذكر الله عند طعامك وعند منامك, قلت: فإن صاحباً لي في المنزل يقول غير الذي تقول, قال: وأي شيء يقول ؟ قلت: يقول الله تعالى: "فاذكروني أذكركم" فلذكر الله إيانا أكبر من ذكرنا إياه, قال: صدق, قال: وحدثنا أبي , حدثنا النفيلي , حدثنا إسماعيل عن خالد عن عكرمة عن ابن عباس في قوله تعالى: "ولذكر الله أكبر" قال: لها وجهان, قال: ذكر الله عندما حرمه, قال: وذكر الله إياكم أعظم من ذكركم إياه.
قال ابن جرير : حدثني يعقوب بن إبراهيم , أخبرنا هشيم , أخبرنا عطاء بن السائب عن عبد الله بن ربيعة قال: قال لي ابن عباس : هل تدري ما قوله تعالى: "ولذكر الله أكبر" ؟ قال: قلت نعم, قال: فما هو ؟ قلت: التسبيح والتحميد والتكبير في الصلاة وقراءة القرآن ونحو ذلك. قال: لقد قلت قولاً عجيباً وما هو كذلك ولكنه إنما يقول ذكر الله إياكم عندما أمر به أو نهى عنه إذا ذكرتموه أكبر من ذكركم إياه, وقد روي هذا من غير وجه عن ابن عباس , وروي أيضاً عن ابن مسعود وأبي الدرداء وسلمان الفارسي وغيرهم, واختاره ابن جرير .
45- "اتل ما أوحي إليك من الكتاب" أي القرآن، وفيه الأمر بالتلاوة للقرآن والمحافظة على قراءته مع التدبر لآياته والتفكر في معانيه "وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر" أي دم على إقامتها واستمر على أدائها كما أمرت بذلك، وجملة "إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر" تعليل لما قبلها، والفحشاء ما قبح من العمل، والمنكر ما لا يعرف في الشريعة: أي تمنعه من معاصي الله وتبعده منها، ومعنى نهيها عن ذلك أن فعلها يكون سبباً للانتهاء، والمراد هنا الصلوات المفروضة "ولذكر الله أكبر" أي أكبر من كل شيء: أي أفضل من العبادات كلها بغير ذكر. قال ابن عطية: وعندي أن المعنى ولذكر الله أكبر على الإطلاق: أي هو الذي ينهى عن الفحشاء والمنكر، فالجزء الذي منه في الصلاة يفعل ذلك وكذلك يفعل ما لم يكن منه في الصلاة لأن الانتهاء لا يكون إلا من ذاكر لله مراقب له. وقيل ذكر الله أكبر بالذكر في الآية التسبيح والتهليل، يقول هو أكبر وأحرى بأن ينهى عن الفحشاء والمنكر. وقيل المراد بالذكر هنا الصلاة: أي وللصلاة أكبر من سائر الطاعات، وعبر عنها بالذكر كما في قوله: "فاسعوا إلى ذكر الله" للدلالة على أن ما فيها من الذكر هو العمدة في تفضيلها على سائر الطاعات، وقيل المعنى: ولذكر الله لكم بالثواب والثناء عليكم منه أكبر من ذكركم له في عبادتكم وصلواتكم، واختار هذا ابن جرير، ويؤيده حديث "من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ومن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم" "والله يعلم ما تصنعون" لا تخفى عليه من ذلك خافية فهو مجازيكم بالخير خيراً وبالشر شراً.
45- "اتل ما أوحي إليك من الكتاب"، يعني القرآن، "وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر"، الفحشاء: ما قبح من الأعمال، والمنكر: ما لا يعرف في الشرع.
قال ابن مسعود، وابن عباس: في الصلاة منتهى ومزدجر عن معاصي الله، فمن لم تأمره صلاته بالمعروف، ولم تنهه عن المنكر، لم يزدد بصلاته من الله إلا بعداً.
وقال الحسن، وقتادة: من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر فصلاته وبال عليه.
وروي عن أنس قال: "كان فتىً من الأنصار يصلي الصلوات الخمس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم لا يدع شيئاً من الفواحش إلا ركبه، فوصف لرسول الله صلى الله عليه وسلم حاله فقال: إن صلاته تنهاه يوماً، فلم يلبث أن تاب وحسن حاله".
وقال ابن عون: معنى الآية أن الصلاة تنهى صاحبها عن الفحشاء والمنكر ما دام فيها.
وقيل: أراد بالصلاة القرآن، كما قال تعالى: "ولا تجهر بصلاتك" (الإسراء-110)، أي: بقراءتك، وأراد/ أنه يقرأ القرآن في الصلاة، فالقرآن ينهاه عن الفحشاء والمنكر.
أخبرنا عبد الواحد المليحي، أخبرنا عبد الرحمن بن أبي شريح، أخبرنا أبو القاسم البغوي، أخبرنا علي بن الجعد، أخبرنا قيس بن الربيع، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر قال: "قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم: إن رجلاً يقرأ القرآن الليل كله فإذا أصبح سرق، قال: ستنهاه قراءته".
وفي رواية قيل: "يا رسول الله إن فلاناً يصلي بالنهار ويسرق بالليل، فقال: إن صلاته لتردعه".
قوله عز وجل: "ولذكر الله أكبر"، أي: ذكر الله أفضل الطاعات.
أخبرنا أبو القاسم عبد الكريم بن هوزان القشيري، أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد بن بشران ببغداد، أخبرنا أبو علي الحسين بن صفوان البردعي، أخبرنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا، أخبرنا هارون بن معروف أبو علي الضرير، أخبرنا أنس بن عياض، حدثنا عبد الله بن سعيد بن أبي هند، عن زياد بن أبي زياد مولى عبد الله بن عياش، عن أبي تجرية، عن أبي الدرداء رضي الله عنه، قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أنبئكم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من إعطاء الذهب والورق، وأن تلقوا عدوكم، فتضربوا أعناقهم، ويضربوا أعناقكم؟ قالوا: وما ذاك يا رسول الله؟ قال: ذكر الله".
أخبرنا عبد الواحد المليحي، أخبرنا أبو منصور محمد بن محمد بن سمعان، أخبرنا أبو جعفر بن أحمد بن عبد الجبار الرياني، أخبرنا حميد بن زنجويه، أخبرنا أبو الأسود، أخبرنا ابن لهيعة عن دراج، عن أبي السمح، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد الخدري "عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سئل أي العباد أفضل درجةً عند الله يوم القيامة؟ قال: الذاكرون الله كثيراً قالوا: يا رسول الله ومن الغازي في سبيل الله؟ فقال: لو ضرب بسيفه الكفار والمشركين حتى ينكسر أو يختضب دماً، لكان الذاكر لله كثيراً أفضل منه درجة".
وروينا "أن أعرابياً قال: يا رسول الله أي الأعمال أفضل؟ قال: أن تفارق الدنيا ولسانك رطب من ذكر الله".
أخبرنا إسماعيل بن عبد القاهر الجرجاني، أخبرنا عبد الغافر بن محمد الفارسي، أخبرنا محمد بن عيسى الجلودي، أخبرنا إبراهيم بن محمد بن سفيان، أخبرنا مسلم بن الحجاج القشيري، أخبرنا أمية بن بسطام العيشي، أخبرنا يزيد، يعني: (بن زريع)، أخبرنا روح بن القاسم، عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسير في طريق مكة فمر على جبل يقال له جمدان، فقال: سيروا، هذا جمدان، سبق المفردون، قالوا: وما المفردون يا رسول الله؟ قال: الذاكرون الله كثيراً والذاكرات".
أخبرنا أبو الحسن عبد الرحمن بن محمد الداودي، أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن موسى بن الصلت، أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي، أخبرنا خلاد بن أسلم، حدثنا النضر، أخبرنا شعبة، عن أبي إسحاق قال: أشهد على أبي هريرة وأبي سعيد أنهما شهدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: "لا يقعد قوم يذكرون الله إلا حفتهم الملائكة، وغشيتهم الرحمة، ونزلت عليهم السكينة، وذكرهم الله فيمن عنده".
وقال قوم: معنى قوله: ولذكر الله أكبر أي: ذكر الله إياكم أفضل من ذكركم إياه. ويروى ذلك عن ابن عباس، وهو قول مجاهد، وعكرمة، وسعيد بن جبير، ويروى ذلك مرفوعاً عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وقال عطاء في قوله: إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر، قال: ولذكر الله أكبر من أن تبقى معه معصية.
"والله يعلم ما تصنعون"، قال عطاء: يريد لا يخفى عليه شيء.
45ـ " اتل ما أوحي إليك من الكتاب " تقرباً إلى الله تعالى بقراءته وتحفظاً لألفاظه واستكشافاً لمعانيه ، فإن القارئ المتأمل قد ينكشف به بالتكرار ما لم ينكشف له أول ما قرع سمعه . " وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر " بأن تكون سبباً للانتهاء عن المعاصي حال الاشتغال بها وغيرها من حيث إنها تذكر الله وتورث النفس خشية منه . روي " أن فتى من الأنصار كان يصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلوات ولا يدع شيئاً من الفواحش إلا ارتكبه ، فوصف له عليه السلام فقال : إن صلاته ستنهاه فلم يلبث أن تاب " . " ولذكر الله أكبر " وللصلاة أكبر من سائر الطاعات ، وإنما عبر عنها به للتعليل بأن اشتمالها على ذكره هو العمدة في كونها مفضلة على الحسنات ناهية عن السيئات ، أو لذكر الله إياكم برحمته أكبر من ذكركم إياه بطاعته . " والله يعلم ما تصنعون " منه ومن سائر الطاعات فيجازيكم به أحسن المجازاة .
45. Recite that which hath been inspired in thee of the Scripture, and establish worship. Lo! worship preserveth from lewdness and iniquity, but verily remembrance of Allah is more important. And Allah knoweth what ye do.
45 - Recite what is sent of the Book by inspiration to thee, and establish regular Prayer: for Prayer restrains from shameful and unjust deeds; and remembrance of God is the greatest (thing in life) Without doubt. and God knows the (deeds) that ye do.