46 - (بل الساعة موعدهم) بالعذاب (والساعة) عذابها (أدهى) أعظم بلية (وأمر) أشد مرارة من عذاب الدنيا
يقول تعالى ذكره : ما الأمر كما يزعم هؤلاء المشركون من أنهم لا يبعثون بعد مماتهم " بل الساعة موعدهم " للبعث والعقاب " والساعة أدهى وأمر " عليهم من الهزيمة التي يهزمونها عند التقائهم مع المؤمنين ببدر .
حدثنا ابن حميد قال : ثنا جرير عن مغيرة عن عمرو بن مرة عن شهر بن حوشب قال : إن هذه الآية نزلت بهلاك إنما موعدهم الساعة ثم قرأ " أكفاركم خير من أولئكم " .. إلى قوله " والساعة أدهى وأمر " .
قوله تعالى " والساعة أدهى وأمر " أي أدهى وأمر مما لحقهم يوم بدر وأدهى من الداهية وهي الأمر العظيم ، يقال دهاه أمر كذا أي أصابه دهوا ودهيا وقال ابن السكيت : دهته داهية دهواء ودهياء وهي توكيد لها .
يقول تعالى مخبراً عن فرعون وقومه: إنهم جاءهم رسول الله موسى وأخوه هارون بالبشارة إن آمنوا, والنذارة إن كفروا, وأيدهما بمعجزات عظيمة وآيات متعددة فكذبوا بها كلها, فأخذهم الله أخذ عزيز مقتدر أي فأبادهم الله ولم يبق منهم مخبر ولا عين ولا أثر, ثم قال تعالى: "أكفاركم" أي أيها المشركون من كفار قريش "خير من أولئكم" يعني من الذين تقدم ذكرهم ممن أهلكوا بسبب تكذيبهم الرسل وكفرهم بالكتب, أأنتم خير من أولئكم ؟ "أم لكم براءة في الزبر" أي أم معكم من الله براءة أن لا ينالكم عذاب ولا نكال ؟ ثم قال تعالى مخبراً عنهم: "أم يقولون نحن جميع منتصر" أي يعتقدون أنهم يتناصرون بعضهم بعضاً, وأن جميعهم يغني عنهم من أرادهم بسوء. قال الله تعالى: "سيهزم الجمع ويولون الدبر" أي سيتفرق شملهم ويغلبون.
قال البخاري: حدثنا إسحاق, حدثنا خالد عن خالد, وقال أيضاً: حدثنا محمد حدثنا عفان بن مسلم عن وهيب عن خالد عن عكرمة عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال وهو في قبة له يوم بدر: "أنشدك عهدك ووعدك, اللهم إن شئت لم تعبد بعد اليوم في الأرض أبداً" فأخذ أبو بكر رضي الله عنه بيده وقال: حسبك يا رسول الله ألححت على ربك فخرج وهو يثب في الدرع وهو يقول: "سيهزم الجمع ويولون الدبر * بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر" وكذا رواه البخاري والنسائي في غير موضع من حديث خالد, وهو ابن مهران الحذاء به. وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي حدثنا أبو الربيع الزهراني, حدثنا حماد عن أيوب عن عكرمة قال: لما نزلت "سيهزم الجمع ويولون الدبر" قال عمر: أي جمع يهزم ؟ أي جمع يغلب قال عمر: فلما كان يوم بدر رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يثب في الدرع وهو يقول: "سيهزم الجمع ويولون الدبر" فعرفت تأويلها يومئذ.
وقال البخاري: حدثنا إبراهيم بن موسى, حدثنا هشام بن يوسف أن ابن جريج أخبرهم, أخبرني يوسف بن ماهك قال: إني عند عائشة أم المؤمنين فقالت: نزل على محمد صلى الله عليه وسلم بمكة وإني لجارية ألعب "بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر" هكذا رواه ههنا مختصراً, ورواه في فضائل القرآن مطولاً ولم يخرجه مسلم.
46- "بل الساعة موعدهم" أي موعد عذابهم الأخروي، وليس هذا العذاب الكائن في الدنيا بالقتل والأسر والقهر هو تمام ما وعدوا به من العذاب، وإنما هو مقدمة من مقدماته وطليعة من طلائعه، ولهذا قال: "والساعة أدهى وأمر" أي وعذاب الساعة أعظم في الضر وأفظع، مأخوذ من الدهاء، وهو النكر والفظاعة، ومعنى أمر: أشد مرارة من عذاب الدنيا، يقال دهاه أمر كذا: أي أصابه دهواً ودهياً.
46. " بل الساعة موعدهم، والساعة أدهى وأمر "، قال سعيد بن المسيب : سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: لما نزلت: " سيهزم الجمع ويولون الدبر " كنت لا أدري أي جمع يهزم، فلما كان يوم بدر رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يثب في درعه ويقول: (( سيهزم الجمع ويولون الدبر، بل الساعة موعدهم )) جميعاً (( والساعة أدهى وأمر ))، أعظم داهية وأشد مرارةً من الأسر والقتل يوم بدر.
46-" بل الساعة موعدهم " موعد عذابهم الأصلى وما يحيق بهم في الدنيا فمن طلائعه " والساعة أدهى " أشد ، والداهية أمر فظيع لا يهتدي لدوائه . " وأمر " مذاقاً من عذاب الدنيا .
46. Nay, but the Hour (of doom) is their appointed tryst, and the Hour will be more wretched and more bitter (than their earthly failure).
46 - Nay, the Hour (of Judgment) is the time promised them (for their full recompense): and that Hour will be most grievous and most bitter.