48 - (قل إن ربي يقذف بالحق) يلقيه إلى أنبيائه (علام الغيوب) ما غاب عن خلقه في السموات والأرض
يقول جل ثناؤه لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم " قل " يا محمد لمشركي قومك " إن ربي يقذف بالحق " وهو الوحي، يقول: ينزله من السماء، فيقذفه إلى نبيه محمد صلى الله عليه وسلم " علام الغيوب " يقول: علام ما يغيب عن الأبصار، ولا مظهر لها، وما لم يكن مما هو كائن، وذلك من صفة الرب، غير أنه رفع لمجيئه بعد الخبر، وكذلك تفعل العرب إذا وقع النعت بعد الخبر، في أن أتبعوا النعت إعراب ما في الخبر، فقالوا: إن أباك يقوم الكريم، فرفع الكريم على ما وصفت، والنصب فيه جائز، لأنه نعت للأب، فيتبع إعرابه
قوله تعالى: "قل إن ربي يقذف بالحق" أي يبين الحجة ويظهرها. قال قتادة: بالحق بالوحي. وعنه: الحق القرآن. وقال ابن عباس: أي يقذف الباطل بالحق علام الغيولب. وقرأ عيسى بن عمر علام الغيوب لا على أنه بدل، أي قل إن ربي علام الغيوب يقذف بالحق. قال الزجاج: والرفع من وجهين على الموضع، لأن الموضع موضع رفع، أو على البدل مما في يقذف. النحاس: وفي الرفع وجهان آخران: يكون خبراً بعد خبر، ويكون على إضمار مبتدأ. وزعم الفراء أن الرفع في مثل هذا أكثر في كلام العرب إذا أتى بعد خبر إن ومثله "إن ذلك لحق تخاصم أهل النار " (ص: 64) وقرىء: الغيوب بالحركات الثلاث، فالغيوب كالبيوت، والغيوب كالصبور، وهو الأمر الذي غاب وخفي جدًا.
يقول تعالى آمراً رسوله صلى الله عليه وسلم أن يقول للمشركين "ما سألتكم من أجر فهو لكم" أي لا أريد منكم جعلاً ولا عطاء على أداء رسالة الله عز وجل إليكم ونصحي إياكم وأمركم بعبادة الله "إن أجري إلا على الله" أي إنما أطلب ثواب ذلك من عند الله "وهو على كل شيء شهيد" أي عالم بجميع الأمور بما أنا عليه من إخباري عنه بإرساله إياي إليكم وما أنتم عليه.
وقوله عز وجل: "قل إن ربي يقذف بالحق علام الغيوب" كقوله تعالى: "يلقي الروح من أمره على من يشاء من عباده" أي يرسل الملك إلى من يشاء من عباده من أهل الأرض, وهو علام الغيوب فلا تخفى عليه خافية في السموات ولا في الأرض. وقوله تبارك وتعالى: " قل جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد " أي: جاء الحق من الله والشرع العظيم, وذهب الباطل وزهق واضمحل, كقوله تعالى: "بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق" ولهذا لما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد الحرام يوم الفتح, ووجد تلك الأصنام منصوبة حول الكعبة جعل يطعن الصنم منها بسية قوسه ويقرأ "وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقاً" " قل جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد " رواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وحده عند هذه الاية, كلهم من حديث الثوري عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن أبي معمر عبد الله بن سخبرة , عن ابن مسعود رضي الله عنه به, أي لم يبق للباطل مقالة ولا رياسة ولا كلمة وزعم قتاده والسدي أن المراد بالباطل ههنا إبليس, أي أنه لا يخلق أحداً ولا يعيده ولا يقدر على ذلك, وهذا وإن كان حقاً ولكن ليس هو المراد ههنا, والله أعلم.
وقوله تبارك وتعالى: "قل إن ضللت فإنما أضل على نفسي وإن اهتديت فبما يوحي إلي ربي" أي الخير كله من عند الله, وفيما أنزل الله عز وجل من الوحي والحق المبين فيه الهدى والبيان والرشاد, ومن ضل فإنما يضل من تلقاء نفسه, كما قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه لما سئل عن تلك المسألة في المفوضة أقول فيها برأيي, فإن يكن صواباً فمن الله, وإن يكن خطأ فمني ومن الشيطان والله ورسوله بريئان منه. وقوله تعالى: "إنه سميع قريب" أي سميع لأقوال عباده قريب يجيب دعوة الداعي إذا دعاه, وقد روى النسائي هنا حديث أبي موسى في الصحيحين "إنكم لاتدعون أصم ولا غائباً, إنما تدعون سميعاً قريباً مجيباً".
48- "قل إن ربي يقذف بالحق" القذف الرمي بالسهم والحصى والكلام. قال الكلبي: يرمي على معنى يأتي به، وقال مقاتل: يتكلم بالحق وهو القرآن والوحي: أي يلقيه إلى أنبيائه. وقال قتادة "بالحق" أي بالوحي، والمعنى: أنه يبين الحجة ويظهرها للناس على ألسن رسله، وقيل يرمي الباطل بالحق فيدمغه "علام الغيوب" قرأ الجمهور برفع "علام" على أنه خبر ثان لإن، أوخبر مبتدأ محذوف، أو بدل من الضمير في يقذف، أو معطوف على محل اسم إن. قال الزجاج: الرفع من وجهين على الموضع، لأن الموضع موضع رفع، أو على البدل. وقرأ زيد بن علي وعيسى بن عمر وابن أبي إسحاق بالنصب نعتاً لاسم إن، أو بدلاً منه، أو على المدح. قال الفراء: والرفع في مثل هذا أكثر كقوله: "إن ذلك لحق تخاصم أهل النار"، وقرئ الغيوب بالحركات الثلاث في الغين، وهو جمع غيب، والغيب هوالأمر الذي غاب وخفي جداً.
48- "قل إن ربي يقذف بالحق"، والقذف الرمي بالسهم والحصى، والكلام، ومعناه: يأتي بالحق وبالوحي ينزله من السماء فيقذفه إلى الأنبياء، "علام الغيوب"، رفع بخبر أن، أي: وهو علام الغيوب.
48ـ " قل إن ربي يقذف بالحق " يلقيه وينزله على من يجتبيه من عباده ، أو يرمي به الباطل فيدمغه أو يرمي به إلى أقطار الآفاق ، فيكون وعداً بإظهار الإسلام وإفشائه . وقرأ نافع و أبو عمرو بفتح الياء . " علام الغيوب " صفة محمولة على محل " إن " واسمها ، أو بدل من المستكن في " يقذف " أو خبر ثان أو خبر محذوف . وقرئ بالنصب صفة لـ " ربي " أو مقدراً بأعني . وقرأ حمزة و أبو بكر (( الغيوب )) بالكسر كالبيوت وبالضم كالعشور ، وقرئ بالفتح كالصبور على أنه مبالغة غائب .
48. Say: Lo! my Lord hurleth the truth. (He is) the Knower of Things Hidden.
48 - Say: Verily my Lord Doth cast the (mantle of) Truth (over His servants), He that has full knowledge of (all) that is hidden.