48 - (واصبر لحكم ربك) بامهالهم ولا يضيق صدرك (فإنك بأعيننا) بمرآى منا نراك ونحفظك (وسبح) متلبسا (بحمد ربك) أي قل سبحان الله وبحمده (حين تقوم) من منامك أو من مجلسك
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم " واصبر لحكم ربك " يا محمد الذي حكم به عليك وامض لأمره ونهيه وبلغ رسالاته " فإنك بأعيننا " يقول جل ثناؤه : فإنك بمرأى منا نراك ونرى عملك ونحن نحوطك ونحفظك فلا يصل إليك من أرادك بسوء من المشركين .
وقوله : " وسبح بحمد ربك " اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك فقال بعضهم : معنى ذلك : إذا قمت من نومك فقل : سبحان الله وبحمده .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن بشار قال : ثنا أبو أحمد قال : ثنا سفيان عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص في قوله " وسبح بحمد ربك حين تقوم " قال : من كل منامة يقول حين يريد أن يقوم : سبحانك وبحمدك .
حدثنا ابن حميد قال : ثنا مهران عن سفيان عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عوف بن مالك " وسبح بحمد ربك " قال : سبحان الله وبحمده .
حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله " وسبح بحمد ربك حين تقوم " قال : إذا قام لصلاة من ليل أو نهار وقرأ " يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة " المائدة: 6 قال : من نوم ذكره عن أبيه .
وقال بعضهم : بل معنى ذلك : إذا قمت إلى الصلاة المفروضة فقل : سبحانك اللهم وبحمدك .
ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن حميد قال : ثنا ابن المبارك عن جويبر عن الضحاك : " وسبح بحمد ربك حين تقوم " قال إذا قام إلى الصلاة قال : سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك ولا اله غيرك .
وحدثت عن الحسين قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد قال : سمعت الضحاك يقول في قوله " وسبح بحمد ربك حين تقوم " إلى الصلاة المفروضة .
وأولى القولين في ذلك بالصواب قول من قال : معنى ذلك وصل بحمد ربك حين تقوم من منامك وذلك نوم القائلة وإنما عني صلاة الظهر .
وإنما قلت : هذا القول أولى القولين بالصواب لأن الجميع مجمعون على انه غير واجب أن يقال في الصلاة : سبحانك وبحمدك وما روي عن الضحاك عند القيام إلى الصلاة ، فلو كان القول كما قاله الضحاك لكان فرضاً أن يقال لأن قوله " وسبح بحمد ربك " أمر من الله تعالى بالتسبيح وفي إجماع الجميع على أن ذلك غير واجب الدليل الواضح على أن القول في ذلك غير الذي قاله الضحاك .
فإن قال قائل : ولعله أريد به الندب والإرشاد ، قيل : لا دلالة في الآية على ذلك ، ولم تقم حجة أن ذلك معني به ما قاله الضحاك ، فيجعل إجماع الجميع على أن التسبيح عند القيام إلى الصلاة مما خير المسلمون فيه دليلاً لنا أنه أريد به الندب والإرشاد .
وإنما قلنا : عني به القيام من نوم القائلة لأنه لا صلاة تجب فرضاً بعد وقت من أوقات نوم الناس المعروف إلا بعد نوم الليل وذلك صلاة الفجر أو بعد نوم القائلة وذلك صلاة الظهر فلما أمر بعد قوله " وسبح بحمد ربك حين تقوم " بالتسبيح بعد إدبار النجوم وذلك ركعتا الفجر بعد قيام الناس من نومها ليلاً علم أن الأمر بالتسبيح بعد القيام من النوم هو أمر بالصلاة التي تجب بعد قيام من نوم القائلة على ما ذكرنا دون القيام من نوم الليل .
قوله تعالى " واصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا " فيه مسألتان :
الأولى : "واصبر لحكم ربك" قيل لقضاء ربك فيما حملك من رسالته وقيل لبلائه فيما ابتلاك به من قومك ثم نسخ بآية السيف .
الثانية : قوله تعالى " فإنك بأعيننا " أي بمرأى ومنظر منا نرى ونسمع ما تقول وتفعل وقيل بحيث نراك ونحفظك ونحوطك ونحرسك ونرعاك والمعنى واحد ومنه قوله تعالى لموسى عليه السلام " ولتصنع على عيني " أي بحفظي وحراستي وقد تقدم .
فيه مسألتان :
الأولى : قوله تعالى : " وسبح بحمد ربك حين تقوم " اختلف في تأويل قوله : "حين تقوم" فقال عون بن مالك وابن مسعود وعطاء وسعيد بن جبير وسفيان الثوري وأبو الأحوص يسبح الله حين يقوم من مجلسه فيقول سبحان الله وبحمده أو سبحانك اللهم وبحمدك فإن كان المجلس خيرا ازددت ثناء حسنا وإن كان غير ذلك كان كفارة له ودليل هذا التأويل ما خرجه الترمذي" عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من جلس في مجلس فكثر فيه لغطه فقال قبل أن يقوم من مجلسه سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك إلا غفر له ما كان في مجلسه ذلك " قال حديث حسن صحيح غريب . وفي "عن ابن عمر : كنا نعد لرسول الله صلى الله عليه وسلم في المجلس الواحد مائة مرة من قبل أن يقوم رب اغفر لي وبت علي إنك أنت التواب الغفور " قال حديث حسن صحيح غريب . وقال محمد بن كعب والضحاكوالربيع المعنى حين تقوم إلى الصلاة قال الضحاك يقول الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا وسبحان الله بكرة وأصيلا قال الكيا الطبري وهذا فيه بعد فإن قوله " حين تقوم" لا يدل على التسبيح بعد التكبير فإن التكبير هو الذي يكون بعد القيام والتسبيح يكون وراء ذلك فدل على أن المراد فيه حين تقوم من كل مكان كما قال ابن مسعود رضي الله عنه . وقال أبو الجوزاء وحسان بن عطية المعنى حين تقوم من منامك قال حسان ليكون مفتتحا لعمله بذكر الله . وقال الكلبي واذكر الله باللسان حين تقوم من فراشك إلى أن تدخل الصلاة وهي صلاة الفجر . وفي هذا روايات مختلفات صحاح منها حديث عبادة "عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : من تعار في الليل فقال لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير والحمد لله وسبحان الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله ثم قال اللهم اغفر لي أو دعا استجيب له فإن توضأ وصلى قبلت صلاته " خرجه البخاري تعار الرجل من الليل : إذا هب من نومه مع صوت ومنه عار الظليم يعار عرارا وهو صوته وبعضهم يقول : عز الظليم يعر عرارا كما قالوا زمر النعام يزمر زمارا "عن ابن عباس : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا قام إلى الصلاة من جوف الليل اللهم لك الحمد أنت نور السماوات والأرض ومن فيهن ولك الحمد أنت قيوم السماوات والأرض ومن فيهن ولك الحمد أنت رب السماوات والأرض ومن فيهن أنت الحق ووعدك الحق وقولك الحق ولقاؤك الحق والجنة حق والنار حق والساعة حق والنبيون حق ومحمد حق اللهم لك أسلمت وعليك توكلت وبك آمنت وإليك أنبت وبك خاصمت وإليك حاكمت فاغفر لي ما قدمت وما أخرت وأسررت وأعلنت أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت ولا إله غيرك " متفق عليه و"عن ابن عباس أيضا أنه عليه الصلاة والسلام كان إذا استيقظ من الليل مسح النوم عن وجهه ثم قرأ العشر الآيات الأواخر من سورة آل عمران" وقال زيد بن أسلم المعنى حين تقوم من نوم القائلة لصلاة الظهر . قال ابن العربي : أما نوم القائلة فليس فيه أثر وهو ملحق بنوم الليل . وقال الضحاك إنه التسبيح في الصلاة إذا قام إليها الماوردي وفي هذا التسبيح قولان أحدهما وهو قوله سبحان ربي العظيم في الركوع وسبحان ربي الأعلى في السجود الثاني أنه التوجه في الصلاة يقول : سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك قالابن العربي من قال إنه التسبيح للصلاة فهذا أفضله والآثار في ذلك كثيرة أعظمها ما ثبت "عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه : عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا قام إلى الصلاة قال : وجهت وجهي "الحديث . وقد ذكرناه وغيره في آخر سورة الأنعام وفي البخاري "عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال : قلت يا رسول الله علمني دعاء أدعو به في صلاتي فقال قل اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم "
يقول تعالى مخبراً عن المشركين بالعناد والمكابرة للمحسوس "وإن يروا كسفاً من السماء ساقطاً" أي عليهم يعذبون به لما صدقوا, ولما أيقنوا بل يقولون: هذا سحاب مركوم, أي متراكم, وهذا كقوله تعالى: "ولو فتحنا عليهم باباً من السماء فظلوا فيه يعرجون * لقالوا إنما سكرت أبصارنا بل نحن قوم مسحورون". وقال الله تعالى "فذرهم" أي دعهم يا محمد "حتى يلاقوا يومهم الذي فيه يصعقون" وذلك يوم القيامة "يوم لا يغني عنهم كيدهم شيئاً" أي لا ينفعهم كيدهم ولا مكرهم الذي استعملوه في الدنيا, لا يجزي عنهم يوم القيامة شيئاً "ولا هم ينصرون". ثم قال تعالى: "وإن للذين ظلموا عذاباً دون ذلك" أي قبل ذلك في الدار الدنيا كقوله تعالى: "ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون" ولهذا قال تعالى: "ولكن أكثرهم لا يعلمون" أي نعذبهم في الدنيا ونبتليهم فيها بالمصائب لعلهم يرجعون وينيبون فلا يفهمون ما يراد بهم, بل إذا جلى عنهم مما كانوا فيه, عادوا إلى أسوأ ما كانوا عليه كما جاء في بعض الأحاديث "إن المنافق إذا مرض وعوفي مثله في ذلك كمثل البعير, لا يدري فيما عقلوه ولا فيما أرسلوه" وفي الأثر الإلهي: كم أعصيك ولا تعاقبني ؟ قال الله تعالى: يا عبدي كم أعاقبك وأنت لا تدري ؟ وقوله تعالى: "واصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا" أي اصبر على أذاهم ولا تبالهم فإنك بمرأى منا وتحت كلاءتنا والله يعصمك من الناس. وقوله تعالى: "وسبح بحمد ربك حين تقوم" قال الضحاك: أي إلى الصلاة. سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك, وتعالى جدك, ولا إله غيرك.
وقد روي مثله عن الربيع بن أنس وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم وغيرهما, وروى مسلم في صحيحه عن عمر أنه كان يقول: هذا في ابتداء الصلاة, ورواه أحمد وأهل السنن عن أبي سعيد وغيره, عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول ذلك. وقال أبو الجوزاء "وسبح بحمد ربك حين تقوم" أي من نومك من فراشك, واختاره ابن جرير ويتأيد هذا القول بما رواه الإمام أحمد, حدثنا الوليد بن مسلم, حدثنا الأوزعي, حدثنا عمير بن هانىء, حدثني جنادة بن أبي أمية. حدثنا عبادة بن الصامت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من تعار من الليل فقال لا إله إلا الله وحده لا شريك له, له الملك وله الحمد, وهو على كل شيء قدير, سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله. ثم قال, رب اغفر لي ـ أو قال ثم دعا ـ استجيب له, فإن عزم فتوضأ ثم صلى قبلت صلاته" وأخرجه البخاري في صحيحه وأهل السنن من حديث الوليد بن مسلم به. وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد "وسبح بحمد ربك حين تقوم" قال: من كل مجلس وقال الثوري عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص "وسبح بحمد ربك حين تقوم" قال إذا أراد الرجل أن يقوم من مجلسه قال: سبحانك اللهم وبحمدك.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي, حدثنا أبو النضر إسحاق بن إبراهيم الدمشقي, حدثنا محمد بن شعيب, أخبرني طلحة بن عمرو الحضرمي عن عطاء بن أبي رباح أنه حدثه عن قول الله تعالى: "وسبح بحمد ربك حين تقوم" يقول حين تقوم من كل مجلس إن كنت أحسنت ازددت خيراً, وإن كنت غير ذلك كان هذا كفارة له, وقد قال عبد الرزاق في جامعه: أخبرنا معمر عن عبد الكريم الجزري, عن أبي عثمان الفقير, أن جبريل علم النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام من مجلسه أن يقول: سبحانك اللهم وبحمدك, أشهد أن لا إله إلا أنت, أستغفرك وأتوب إليك, قال معمر: وسمعت غيره يقول هذا القول كفارة المجالس وهذا مرسل, وقد وردت مسندة من طرق يقوي بعضها بعضاً بذلك, فمن ذلك حديث ابن جريج عن سهيل بن أبي صالح, عن أبيه, عن أبي هريرة, عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من جلس في مجلس فكثر فيه لغطه, فقال قبل أن يقوم من مجلسه: سبحانك اللهم وبحمدك, أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك, إلا غفر الله له ما كان في مجلسه ذلك" رواه الترمذي, وهذا لفظه والنسائي في اليوم والليلة من حديث ابن جريج, وقال الترمذي: حسن صحيح, وأخرجه الحاكم في مستدركه, وقال إسناده على شرط مسلم, إلا أن البخاري علله, قلت: علله الإمام أحمد والبخاري ومسلم وأبو حاتم وأبو زرعة والدارقطني وغيرهم, ونسبوا الوهم فيه إلى ابن جريج, على أن أبا داود قد رواه في سننه من طريق غير ابن جريج إلى أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه, ورواه أبو داود, واللفظ له والنسائي والحاكم في المستدرك من طريق الحجاج بن دينار عن هاشم, عن أبي العالية عن أبي برزة الأسلمي, قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول بآخر عمره: إذا أراد أن يقوم من المجلس "سبحانك اللهم وبحمدك, أشهد أن لا إله إلا أنت, أستغفرك وأتوب إليك". فقال رجل: يا رسول الله, إنك لتقول قولاً ما كنت تقوله فيما مضى, قال: "كفارة لما يكون في المجلس" وقد روي مرسلاً عن أبي العالية, فالله أعلم.
وهكذا رواه النسائي والحاكم من حديث الربيع بن أنس عن أبي العالية عن رافع بن خديج عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله سواء, وروي مرسلاً أيضاً فالله أعلم, وكذا رواه أبو داود عن عبد الله بن عمرو أنه قال: "كلمات لا يتكلم بهن أحد في مجلسه عند قيامه ثلاث مرات إلا كفر بهن عنه, ولا يقولهن في مجلس خير ومجلس ذكر, إلا ختم له بهن كما يختم بالخاتم: سبحانك اللهم وبحمدك, لا إله إلا أنت, أستغفرك وأتوب إليك" وأخرجه الحاكم من حديث أم المؤمنين عائشة وصححه, ومن رواية جبير بن مطعم, ورواه أبو بكر الإسماعيلي عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب كلهم عن النبي صلى الله عليه وسلم, وقد أفردت لذلك جزءاً على حدة بذكر طرقه وألفاظه وعلله, وما يتعلق به ولله الحمد والمنة.
وقوله تعالى: "ومن الليل فسبحه" أي اذكره واعبده بالتلاوة والصلاة في الليل كما قال تعالى: "ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً". وقوله تعالى: "وإدبار النجوم" قد تقدم في حديث ابن عباس, أنهما الركعتان اللتان قبيل صلاة الفجر, فإنهما مشروعتان عند إدبار النجوم أي عند جنوحها للغيبوبة. وقد روى ابن سيلان عن أبي هريرة مرفوعاً "لا تدعوها وإن طردتكم الخيل" يعني ركعتي الفجر, رواه أبو داود. ومن هذا الحديث حكي عن بعض أصحاب أحمد القول بوجوبهما, وهو ضعيف لحديث "خمس صلوات في اليوم والليلة" قال: هل علي غيرها قال: "لا إلا أن تطوع" وقد ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم على شيء من النوافل أشد تعاهداً منه على ركعتي الفجر, وفي لفظ لمسلم "ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها".
آخر تفسير سورة الطور ولله الحمد والمنة.
48- "واصبر لحكم ربك" إلى أن يقع لهم العذاب وعدناهم به "فإنك بأعيننا" أي بمرأى ومنظر منا، وفي حفظنا وحمايتنا فلا تبال بهم. قال الزجاج: إنك بحيث نراك ونحفظك ونرعاك فلا يصلون إليه "وسبح بحمد ربك حين تقوم" أي نزه ربك عما لا يليق به متلبساً بحمد ربك على إنعامه عليك حين تقوم من مجلسك. قال عطاء وسعيد بن جبير وسفيان الثوري وأبو الأحوص: يسبح الله حين يقوم من مجلسه فيقول: سبحانه الله وبحمده، أو سبحانك الله وبحمدك عند قيامه من كل مجلس يجلسه. وقال محمد بن كعب والضحاك والربيع بن أنس: حين تقوم إلى الصلاة. قال الضحاك يقول: الله أكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً، وسبحانه الله بكرة وأصيلاً، وفيه نظر لأن التكبير يكون بعد القيام لا حال القيام، ويكون التسبيح بعد التكبير، وهذا غير معنى الآية، فالأول أولى. وقيل المعنى: صل لله حين تقوم من منامك، وبه قال أبو الجوزاء وحسان بن عطية. وقال الكلبي: واذكر الله باللسان حين تقوم من فراشك إلى أن تدخل الصلاة، وهي صلاة الفجر.
48. " واصبر لحكم ربك "، إلى أن يقع بهم العذاب الذي حكمنا عليهم، " فإنك بأعيننا "، أي بمرأى منا، قال ابن عباس: نرى ما يعمل بك. وقال الزجاج : إنك بحيث نراك ونحفظك فلا يصلون إلى مكروهك. " وسبح بحمد ربك حين تقوم "، قال سعيد بن جبير و عطاء : أي: قل حين تقوم من مجلسك: سبحانك اللهم وبحمدك، فإن كان المجلس خيراً ازددت فيه إحساناً، وإن كان غير ذلك كان كفارة له.
أخبرنا أبو عبد الله عبد الرحمن بن عبد الله بن أحمد القفال ، أخبرنا أبو منصور أحمد بن الفضل البرونجردي ، أخبرنا أبو أحمد بكر بن محمد الصيرفي ، حدثنا أحمد بن عبد الله القرشي ، حدثنا حجاج بن محمد عن ابن جريج ، عن موسى بن عقبة، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من جلس مجلساً وكثر فيه لغطه، فقال قبل أن يقوم: سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك، إلا كان كفارةً لما بينهما ".
وقال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: معناه صلى الله عليه وسلم لله حين تقوم من مقامك.
وقال الضحاك والربيع: إذا قما إلى الصلاة فقل: (( سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك)).
أخبرنا أبو عثمان الضبي ، أخبرنا أبو محمد الجراحي ، حدثنا أبو العباس المحبوبي ، حدثنا أبو عيسى الترمذي ، حدثنا الحسن بن عرفة و يحيى بن موسى قال حدحثنا أبو معاوية عن حارثة بن أبي الرجال، عن عمرة عن عائشة قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا افتتح الصلاة قال: (( سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك )).
وقال الكلبي : هو ذكر الله باللسان حين تقوم من الفراش إلى أن تدخل في الصلاة.
أخبرنا أبو طاهر عمر بن عبد العزيز القاشاني ، أخبرنا أبو عمر القاسم بن جعفر بن عبد الواحد الهاشمي ، أخبرنا أبو علي محمد بن أحمد بن عمر اللؤلؤي ، حدثنا أبو داود بن سليمان الأشعث ، حدثنا محمد بن نافع حدثنا زيد بن حباب ، أخبرني معاوية بن صالح ، أخبرنا أزهر بن سعيد الحزاري عن عاصم بن حميد قال: سألت عائشة رضي الله تعالى عنها بأي شيء كان يفتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم قيام الليل؟ فقالت: كان إذا قام كبر الله عشراً، وحمد الله عشراً، وسبح الله عشراً، وهلل عشراً، واستغفر عشراً، وقال: (( اللهم اغفر لي واهدني وارزقني وعافني، ويتعوذ من ضيق المقام يوم القيامة )).
48-" واصبر لحكم ربك " بإمهالهم وإبقائك في عنائهم " فإنك بأعيننا " في حفظنا بحيث نراك ونكلؤك وجمع العين لجمع الضمير والمبالغة بكثرة أسباب الحفظ . " وسبح بحمد ربك حين تقوم " من أي مكان قمت أو من منامك أو إلى الصلاة .
48. So wait patiently (O Muhammad) for thy Lord's decree, for surely thou art in Our sight; and hymn the praise of thy Lord when thou uprisest.
48 - Now await in patience the command of thy Lord: for verily thou art in Our eyes: and celebrate the praises of thy Lord the while thou standest forth,