5 - (إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا) عملهم (فإن الله غفور) لهم قذفهم (رحيم) بهم بإلهامهم التوبة فبها ينتهي فسقهم وتقبل شهادتهم وقيل لا تقبل رجوعا بالاستثناء إلى الجملة الأخيرة
اختلف أهل التأويل في الذي استثنى منه قوله " إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا " فقال بعضهم : استثنى من قوله " ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون " وقالوا : إذا تاب القاذف قبلت شهادته ، وزال عنه اسم الفسق ، حد فيه أو لم يحد .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا أحمد بن حماد الدولابي ، قال : ثني سفيان ، عن الزهري ، عن سعيد إن شاء الله ، أن عمر قال لأبي بكرة : إن تبت قبلت شهادتك ، أو رديت شهادتك .
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، عن الزهري ، عن سعيد بن المسيب ، أن عمر بن الخطاب ضرب أبا بكرة وشبل بن معبد ونافع بن الحارث بن كلدة حدهم ، وقال لهم : من أكذب نفسه أجزت شهادته فيما استقبل ، ومن لم يفعل لم أجز شهادته ، فأكذب شبل نفسه ونافع ، وأبي أبو بكرة أن يفعل . قال الزهري : هو والله سنة فاحفظوه .
حدثنا ابن أبي الشوارب ، قال : ثنا يزيد بن زريع ، قال : ثنا داود ، عن الشعبي ، قال : إذا تاب ، يعني القاذف ، ولم يعلم منه إلا خير ، جازت شهادته .
حدثنا عمران بن موسى ، قال : ثنا عبد الوارث ، قال : ثنا داود ، عن الشعبي ، قال : على الإمام أن يستتيب القاذف بعد الجلد ، فإن تاب وأونس منه خير ، جازت شهادته ، وإن لم يتب فهو خليع ، لا تجوز شهادته .
حدثنا ابن المثنى ، قال : ثنا عبد الوارث ، قال : ثنا داود ، عن عامر ، أنه قال في القاذف إذا تاب وعلم منه خير : إن شهادته جائزة ، وإن لم يتب فهو خليع لا تجوز شهادته ، وتوبته إكذابه نفسه .
قال : ثنا ابن أبي عدي ، عن داود ، عن الشعبي ، نحوه .
حدثنا أبو كريب و أبو السائب ، قالا : ثنا ابن إدريس ، قال : أخبرنا داود بن أبي هند ، عن الشعبي ، قال في القاذف : إذا تاب وأكذب نفسه ، قبلت شهادته ، وإلا كان خليعا لا شهادة له ، لأن الله يقول : " لولا جاؤوا عليه بأربعة شهداء " النور : 13 إلى آخر الآية .
حدثني يعقوب ، قال : ثنا هشيم ، قال : أخبرنا داود بن أبي هند ، عن الشعبي : أنه كان يقول في شهادة القاذف : إذا رجع عن قوله حين يضرب ، أو كذب نفسه ، قبلت شهادته .
قال : ثنا هشيم ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن الشعبي أنه كان يقول : يقبل الله توبته ، وتردون شهادته ؟ وكان يقبل شهادته إذا تاب .
قال : اخبرنا إسماعيل عن الشعبي : أنه كان يقول في القاذف : إذا شهد قبل أن يضرب الحد قبلت شهادته .
قال : ثنا هشيم ، قال : أخبرنا عبيدة ، عن إبراهيم و إسماعيل بن سالم ، عن الشعبي ، أنهما قالا في القاذف : إذا شهد قبل أن يجلد فشهادته جائزة .
حدثني يعقوب ، قال : قال أبو بشر ، يعني ابن علية سمعت ابن أبي نجيح يقول : القاذف إذا تاب تجوز شهادته ، وقال : كنا نقوله ، فقيل له من ؟ قال : قال عطاء و طاوس و مجاهد .
حدثنا ابن بشار ، و ابن المثنى ، قالا : ثنا محمد بن خالد بن عثمة ، قال : ثنا سعيد بن بشير عن قتادة ، عن عمر بن طلحة ، عن عبد الله ، قال : إذا تاب القاذف جلد ، وجازت شهاته ، قال أبو موسى : هكذا قال ابن أبي عثمة .
حدثنا ابن بشار و ابن المثنى ، قالا : ثنا ابن أبي عثمة ، قال : ثنا سعيد بن بشير ، عن قتادة ، عن سليمان بن يسار و الشعبي قالا : إذا تاب القاذف عند الجلد جازت شهادته .
حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الأعلى ، قال : ثنا سعيد عن قتادة : أن عمر بن عبد لله بن أبي طلحة جلد رجلا في قذف ن فقال : أكذب نفسك ، حتى تجوز شهادتك .
حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، عن أبي الهيثم ، قال : سمعت إبراهيم و الشعبي يتذكران شهادة القاذف ، فقال الشعبي لإبراهيم : لم لا تقبل شهادته ؟ فقال : لأني لا أدري تاب أم لا .
قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا عبد الله بن المبارك ، عن مجاهد ، عن الشعبي ، عن مسروق ، قال : تقبل شهادته إذا تاب .
قال : ثنا عبد الله بن المبارك ، عن ابن جريج ، عن عمران بن موسى ، قال : شهدت عمر بن عبد العزيز أجاز شهادة القاذف ومعه رجل .
حدثنا ابن المثنى ، قال : ثنا محمد بن جعفر ، قال : ثنا شعبة ، عن الحكم ، قال : قال الشعبي : إذا تاب جازت شهادته ، قال ابن المثنى ، قال : عندي ، يعني في القذف .
حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا ابن إدريس ، قال : أخبرنا مسعر ، عن عمران بن عمير ، أن عبد الله بن عتبة كان يجيز شهادة القاذف إذا تاب .
حدثني يعقوب ، قال : ثني هشيم ، عن جويبر ، عن الضحاك ، قال : إذا تاب وأصلح قبلت شهادته يعني القاذف .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : أخبرنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، عن ابن المسيب قال : تقبل شهادة القاذف إذا تاب .
حدثنا الحسن ، قال : ثنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، عن ابن المسيب مثله .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا محمد ، عن معمر ، قال : قال الزهري : إذا حد القاذف ، فإنه ينبغي للإمام أن يستتيبه ، فإن تاب قبلت شهادته ، وإلا لم تقبل ، قال : كذلك فعل عمر بن الخطاب بالذين شهدوا على المغير بن شعبة ، فتابوا إلا أبا بكرة ، فكان لا تقبل شهادته .
وقال آخرون : الاستثناء في ذلك قوله " وأولئك هم الفاسقون " وأما قوله " ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا " فقد وصل بالأبد ولا يجوز قبوها أبدا .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن أبي الشوارب ، قال : ثنا يزيد بن زريع ، قال : ثنا أشعث بن سوار ، قال : ثني الشعبي : كان شريح يجيز شهادة صاحب كل عمل إذا تاب إلا القاذف ، فإن توبته فيما بينه وبين ربه ، ولا نجيز شهادته .
حدثنا حميد بن مسعدة ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا أشعث بن سوار ، قال : ثنا الشعبي ، عن شريح بنحوه ، غير أنه قال : صاحب كل حد إذا كان عدلا يوم شهد .
حدثني أبو السائب ، قال : ثنا معاوية ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن شريح ، قال : كان لا يجيز شهادة القاذف ، ويقول : توبته فيما بينه وبين ربه .
حدثنا أبو كريب و أبو السائب ، قالا : ثنا إبن إدريس ، عن مطرف ، عن أبي عثمان ، عن شريح في القاذف : يقبل الله توبته ، ولا أقبل شهادته .
حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا ابن إدريس ، قال : أخبرنا أشعث ، عن الشعبي ، قال : أتاه خصمان ، فجاء أحدهما بشاهد أقطع ، فقال الخصم ، ألا ترى ما به ؟ قال : قد أراه ، قال : فسأل القوم ، فأثنوا عليه خيرا , فقال شريح : نجيز شهادة كل صاحب حد ، إذا كان يوم شهد عدلا ، إلا القاذف ، فإن توبته فيما بينه وبين ربه .
حدثنا أبو السائب ، قال : ثنا ابن إدريس ، قال : أخبرنا أشعث ، عن الشعبي ، قال : جاء خصمان إلى شريح ، فجاء أحدهما ببينة ن فجاء بشاهد أقطع ، فقال الخصم : ألا ترى إلى ما به ؟ فقال شريح : قد رأيناه ، وقد سألنا القوم فأثنوا خيرا . ثم ذكر سائر الحديث ، نحو حديث أبي كريب .
حدثني يعقوب ، قال : ثنا هشيم ، قال : أخبرنا الشيباني ، عن الشعبي ، عن شريح أنه كان يقول : لا تقبل له شهادة أبدا ، توبته فيما بينه وبين ربه ، يعني القاذف .
قال ثنا هشيم ، قال : أخبرنا الأشعث ، عن الشعبي ، بأن ربابا قطع رجلا في قطع الطريق ، قال : فقطع يده ورجله ، قال : ثم تاب وأصلح ، فشهد عند شريح ، فأجاز شهادته ، قال : فقال المشهود عليه : أتجيز شهادته على وهو أقطع ؟ قال : فقال شريح : كل صاحب حد إذا أقيم عليه ثم تاب وأصلح فشهادته جائزة إلا القاذف .
حدثنا ابن المثنى ، قال : ثنا أبو الوليد ، قال : ثنا شعبة ، قال المغيرة : أخبرني ، قال : سمعت إبراهيم يحدث عن شريح ، قال : قضاء من الله لا تقبل شهادته أبدا ، توبته فيما بينه وبين ربه ، قال أبو موسى : يعني القاذف .
حدثني يعقوب ، قال : ثنا هشيم ، قال : اخبرنا مغيرة ، عن إبراهيم ، قال : قال شريح : لا يقبل الله شهادته أبدا .
حدثنا ابن المثنى ، قال : ثنا أبو الوليد ، قال : ثنا حماد ، عن قتادة ، عن سعيد بن المسيب ، قال : لا تجوز شهادة القاذف ، توبته فيما بينه وبين الله.
حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، عن الحسن ، انه قال : القاذف توبته فيما بينه وبين الله ، وشهادته لا تقبل .
حدثنا ابن المثنى ، قال : ثنا أبو الوليد ، قال : ثنا حماد ، عن قتادة ، عن سعيد بن المسيب ن قال : لا تجوز شهادة القاذف ، توبته فيما بينه وبين الله .
حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الأعلى ، قال : ثنا سعيد ، قتادة ، عن الحسن ، أنه قال : القاذف توبته فيما بينه وبين الله ، وشهادته لا تقبل .
حدثنا ابن المثنى ، قال : ثنا محمد بن جعفر ، قال : ثنا شعبة ، عن الحكم ، عن إبراهيم انه قال في الرجل يجلد الحد ، قال : لا تجوز شهادته أبدا .
حدثني يعقوب ، قال : ثنا هشيم ، قال : أخبرنا مغيرة ، عن إبراهيم ، انه كان لا يقبل له شهادة أبدا ، وتوبته فيما بينه وبين الله ، يعني القاذف .
حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا معتمر بن سليمان ، عن حجاج ، عن عمرو بن سعيد ، عن أبيه ، عن جده ، " عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا تجوز شهادة محدود في الإسلام " .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن الحسن " ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا " قال : كان يقول : لا تقبل شهادة القاذف أبدا ، إنما توبته فيما بينه وبين الله , كان شريح يقول : لا تقبل شهادته .
حدثني علي ، قال : ثنا عبد الله ، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله " ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا " ، ثم قال " فمن آمن وأصلح " فشهادته في كتاب الله تقبل .
والصواب من القول في ذلك عندنا : أن الاستثناء من المعنيين جميعا ، أعني من قوله " ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا " ، ومن قوله " وأولئك هم الفاسقون " ، وذلك أنه لا خلاف بين الجميع أن ذلك كذلك ، إذا لم يحد في القذف حتى تاب ، إما بأن يرفع إلى السلطان بعفو المقذوفة عنه ، وإما بأن ماتت قبل المطالبة بحدها ولم يكن لها طالب بحدها . فإذا كان ذلك كذلك ، وحدثت منه توبة ، صحت له بها العدالة .
فإذا كان من الجميع إجماعا ، ولم يكن الله تعالى ذكره شرط في كتابه أن لا تقبل شهادته أبدا بعد الحد في رميه ، بل نهي عن قبول شهادته في الحال التي أوجب عليه فيها الحد ، وسماه فيها فاسقا ، كان معلوما بذلك أن إقامة الحد عليه في رميه ، لا تحدث في شهادته مع التوبة من ذنبه ، ما لم يكن حادثا فيها قبل إقامته عليه ، بل توبته بعد إقامة الحد عليه من ذنبه أحرى أن تكون شهادته معها أجوز منها قبل إقامته عليه ، لأن الحد يزيد المحدود عليه تطهيرا من جرمه الذي استحق عليه الحد .
فإن قال قائل : فهل يجوز أن يكون الاستثناء من قوله " فاجلدوهم ثمانين جلدة" فتكون التوبة مسقطة عنه الحد ، كما كانت لشهادته عندك قبل الحد وبعده مجيزة ، ولاسم الفسق عنه مزيلة ؟ قيل : غير جائز عندنا ، وذلك أن الحد حق عندنا للمقذوفة ، كالقصاص الذي يجب لها من جناية يجنيها عليها ، مما فيه القصاص ، ولا خلاف بين الجميع أن توبته من ذلك لا تضع عنه الواجب لها من القصاص منه ، فكذلك توبته من القذف لا تضع عنه الواجب لها من الحد ، لأن ذلك حق لها ، إن شاءت عفته ، وإن شاءت طالبت به ، فتوبة العبد من ذنبه ، إنما تضع عن العبد الأسماء الذميمة ، والصفات القبيحة . فأما حقوق الآدميين التي أوجبها الله لبعضهم على بعض في كل الأحوال ، قلا تزول بها ولا تبطل .
واختلف أهل العلم في صفة توبة القاذف التي تقبل معها شهادته ، فقال بعضهم : هو إكذابه نفسه فيه . وقد ذكرنا بعض قائلي ذلك فيما مضى قبل ، ونحن نذكر بعض ما حضرنا ذكره ، مما لم نذكره قبل .
حدثني أبو السائب ، قال : ثنا حفص ، عن ليث ، عن طاووس ، قال : توبة القاذف أن يكذب نفسه .
حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : ثنا هشيم ، قال : أخبرنا حصين ، قال : رأيت رجلا ضرب حدا في قذف بالمدينة فملما فرغ من ضربه تناول ثوبه ، ثم قال : أستغفر الله وأتوب إليه من قذف المحصنات . قال : فلقيت أبا الزناد ، فذكرت ذلك له ، قال : فقال : إن الأمر عندنا ها هنا أنه إذا قال ذلك حين يفرغ من ضربه ، ولم نعلم منه إلا خيرا قبلت شهادته .
حدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله " ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون * إلا الذين تابوا " .. الآية ، قال : من اعترف وأقر على نفسه علانية أنه قال البهتان ، وتاب إلى الله توبة نصوحا . والنصوح : أن لا يعود ، وإقراره واعترافه عند الحد حين يؤخذ بالجلد، فقد تاب ، والله غفور رحيم .
وقال آخرون : توبته من ذلك : صلاح حاله ، وندمه على ما فرط منه من ذلك ، والاستغفار منه ، وتركه العود في مثل ذلك من الجرم . وذلك قول جماعة من التابعين وغيرهم ، وقد ذكرنا بعض قائليه فيما مضى ، وهو قول مالك بن أنس .
وهذا القول أولى القولين في ذلك بالصواب ، لأن الله تعالى ذكره جعل توبة كل ذي ذنب من أهل الإيمان تركه العود منه ، والندم على ما سلف منه ، واستغفار ربه منه ، فيما كان من ذنب بين العبد وبينه ، دون ما كان من حقوق عبده ومظالمهم بينهم ، والقاذف إذا أقيم عليه فيه الحد ، أو عفي عنه ، فلم يبق عليه إلا توبته من جرمه بينه وبين ربه ، فسبيل توبته منه سبيل توبته من سائر أجرامه . فإذ كان الصحيح في ذلك من القول ما وصفنا ، فتأويل الكلام : أولئك هم الفاسقون ،إلا الذين تابوا من جرمهم الذي اجترموه ، بقذفهم المحصنات من بعد اجترامهموه . " فإن الله غفور رحيم " يقول : سائر على ذنوبهم بعفوه لهم عنها ، رحيم بهم بعد التوبة أن يعذبهم عليها ، فاقبلوا شهادتهم ، ولا تسموهم فسقة ، بل سموهم بأسمائهم التي هي لهم في حال توبتهم .
الحادية والعشرون: قوله تعالى: " إلا الذين تابوا " في موضع نصب على الاستثناء. ويجوز أن يكون في موضع خفض على البدل. والمعنى ولا تقبلوا لهم شهادة أبداً إلا الذين تابوا وأصلحوا من بعد القذف " فإن الله غفور رحيم ". فتضمنت الآية ثلاثة أحكام في القاذف: جلده، ورد شهادته أبداً، وفسقه، فالاستثناء غير عامل في جلده باحماع، إلا ما روي عن الشعبي على ما يأتي. وعامل في فسقه بإجماع. واختلف الناس في عمله في رد الشهادة، فقال شريح القاضي وإبراهيم النخعي والحسن البصري وسفيان الثوري و أبو حنيفة : لا يعمل الاستثناء في رد شهادته، وإنما يزول فسقه عند الله تعالى. وأما شهادة القاذف فلا تقبل ألبتة ولو تاب وأكذب نفسه ولا بحال من الأحوال. وقال الجمهور: الاستثناء عامل في رد الشهادة، فإذا تاب القاذف قبلت شهادته، وإنما كان ردها لعلة الفسق فإذا زال بالتوبة قبلت شهادته مطلقاً قبل الحد وبعده، وهو قول عامة الفقهاء.
ثم اختلفوا في صورة توبته، فمذهب عمر بن الخطاب رضي الله عنه و الشعبي وغيره، أن توبته لا تكون إلا بأن يكذب نفسه في ذلك القذف الذي حد فيه. وهكذا فعل عمر، فإنه قال للذين شهدوا على المغيرة: من أكذب نفسه أجزت شهادته فيما استقبل، ومن لم يفعل لم أجز شهادته، فأكذب الشبل بن معبد ونافع بن الحارث بن كلدة انفسهما وتابا، وأبى أبو بكرة أن يفعل، فكان لا يقبل شهادته. وحكى هذا القول النحاس عن أهل المدينة. وقالت فرقة - منها مالك رحمه الله تعالى وغيره -: توبته أن يصلح ويحسن حاله وإن لم يرجع عن قوله بتكذيب، وحسبه الندم على قذفه والاستغفار منه وترك العود إلى مثله، وهو قول ابن جرير. ويروى عن الشعبي أنه قال: الاستثناء من الأحكام الثلاثة، إذا تاب وظهرت توبته لم يحد وقبلت شهادته وزال عنه التفسيق، لأنه قد صار ممن يرضى من الشهداء، وقد قال الله عز وجل: " وإني لغفار لمن تاب " [طه: 82] الآية.
الثانية والعشرون: اختلف علماؤنا رحمهم الله تعالى متى تسقط شهادة القاذف، فقال ابن الماجشون : بنفس قذفه. وقال ابن القاسم وأشهب وسحنون: لا تسقط حتى يجلد، فإن منع من جلده مانع عفو أو غيره لم ترد شهادته. وقال الشيخ أبو الحسن اللخمي: شهادته في مدة الأجل موقوفة، ورجح القول بأن التوبة إنما تكون بالتكذيب في القذف، وإلا فأي رجوع لعدل إن قذف وحد وبقي على عدالته.
الثالثة والعشرون: واختلفوا أيضاً على القول بجواز شهادته بعد التوبة في أي شيء تجوز، فقال مالك رحمه الله تعالى: تجوز في كل شيء مطلقاً، وكذلك كل من حد في شيء من الأشياء، رواه نافع وابن عبد الحكم عن مالك ، وهو قول ابن كنانة. وذكر الوقار عن مالك أنه لا تقبل شهادته فيما حد فيه خاصة، وتقبل فيما سوى ذلك، وهو قول مطرف و ابن الماجشون . وروى العتبي عن أصبغ وسحنون مثله. قال سحنون: من حد في شيء من الأشياء فلا تجوز شهادته في مثل ما حد فيه. وقال مطرف و ابن الماجشون : من حد في قذف أو زنىً فلا تجوز شهادته في شيء من وجوه الزنى، ولا في قذف ولا لعان وإن كان عدلاً، وروياه عن مالك . واتفقوا على ولد الزنى أن شهادته لا تجوز في الزنى.
الرابعة والعشرون: الاستثناء إذا تعقب جملاً معطوفة عاد إلى جميعها عند مالك و الشافعي وأصحابهما. وعند أبي حنيفة وجل أصحابه يرجع الاستثناء إلى أقرب مذكور وهو الفسق، ولهذا لا تقبل شهادته، فإن الاستثناء راجع إلى الفسق خاصة لا إلى قبول الشهادة.
وسبب الخلاف في هذا الأصل سببان: أحدهما: هل هذه الجمل في حكم الجملة الواحدة للعطف الذي فيها، أو لكل جملة حكم نفسها في الاستقلال وحرف العطف محسن لا مشرك، وهو الصحيح في عطف الجمل، لجواز عطف الجمل المختلفة بعضها على بعض، على ما يعرف من النحو.
السبب الثاني: يشبه الاستثناء بالشرط في عودة إلى الجمل المتقدمة، فإنه يعود إلى جميعها عند الفقهاء، أو لا يشبه به، لأنه من باب القياس في اللغة وهو فاسد على ما يعرف في أصول الفقه. والأصل أن كل ذلك محتمل ولا ترجيح، فتعين ما قاله القاضي من الوقف. ويتأيد الإشكال بأنه قد جاء في كتاب الله عز وجل كلا الأمرين، فإن آية المحاربة فيها عود الضمير إلى الجميع باتفاق، وآية قتل المؤمن خطأ فيها رد الاستثناء إلى الأخيرة باتفاق، وآية القذف محتملة للوجهين، فتعين الوقف من غير مين. قال علماؤنا: وهذا نظر كلي أصولي. ويترجح قول مالك و الشافعي رحمهما الله من جهة نظر الفقه الجزئي بأن يقال: الاستثناء راجع إلى الفسق والنهي عن قبول الشهادة جميعاً إلا أن يفرق بين ذلك بخبر يجب التسليم له. وأجمعت الأمة على أن التوبة تمحو الكفر، فيجب أن يكون ما دون ذلك أولى، والله أعلم. قال أبو عبيد: الاستثناء يرجع إلى الجمل السابقة، قال: وليس من نسب إلى الزنى بأعظم جرماً من مرتكب الزنى، ثم الزاني إذا تاب قبلت شهادته، لأن التائب من الذنب كمن لا ذنب له، وإذا قبل الله التوبة من العبد كان العباد بالقبول أولى، مع أن مثل هذا الاستثناء موجود في مواضع من القرآن، منها قوله تعالى: " إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله " - إلى قوله - " إلا الذين تابوا " [المائدة: 34]. ولا شك أن هذا الاستثناء إلى الجميع، وقال الزجاج : وليس القاذف بأشد جرماً من الكافر، فحقه إذا تاب وأصلح أن تقبل شهادته. قال: وقوله: " أبدا " أي ما دام قاذفاً، كما يقال: لا تقبل شهادة الكافر أبداً، فإن معناه ما دام كافراً. وقال الشعبي للمخالف في هذه المسألة: يقبل الله توبته ولا تقبلون شهادته! ثم إن كان الاستثناء يرجع إلى الجملة الأخيرة عند أقوام من الأصوليين فقوله: " وأولئك هم الفاسقون " تعليل لا جملة مستقلة بنفسها، أي لا تقبلوا شهادتهم لفسقهم، فإذا زال الفسق فلم لا تقبل شهادتهم. ثم توبة القاذف إكذابه نفسه، كما قال عمر لقذفة المغيرة بحضرة الصحابة من غير نكير، مع إشاعة القضية وشهرتها من البصرة إلى الحجاز وغير ذلك من الأقطار. ولو كان تأويل الآية ما تأوله الكوفيون لم يجز أن يذهب علم ذلك عن الصحابة، ولقالوا لعمر: لا يجوز قبول توبة القاذف ابداً، ولم يسعهم السكوت عن القضاء بتحريف تأويل الكتاب، فسقط قولهم، والله المستعان.
الخامسة والعشرون: قال القشيري : ولا خلاف أنه إذا لم يجلد القاذف بأن مات المقذوف قبل أن يطالب القاذف بالحد، أو لم يرفع إلى السلطان، أو عفا المقذوف، فالشهادة مقبولة، لأن عند الخصم في المسألة النهي عن قبول الشهادة معطوف على الجلد، قال الله تعالى: " فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا ". وعند هذا قال الشافعي : هو قبل أن يحد شر منه حين حد، لأن الحدود كفارات فكيف ترد شهادته في أحسن حاليه دون أخسهما.
قلت: هكذا قال ولا خلاف. وقد تقدم عن ابن الماجشون أنه بنفس القذف ترد شهادته. وهو قول الليث و الأوزاعي و الشافعي : ترد شهادته وإن لم يحد، لأنه بالقذف يفسق، لأنه من الكبائر فلا تقبل شهادته حتى تصح براءته بإقرار المقذوف له بالزنى أو بقيام البينة عليه.
السادسة والعشرون: قوله تعالى: " وأصلحوا " يريد إظهار التوبة. وقيل: وأصلحوا العمل. " فإن الله غفور رحيم " حيث تابوا وقبل توبتهم.
هذه الاية الكريمة فيها بيان حكم جلد القاذف للمحصنة, هي الحرة البالغة العفيفة, فإذا كان المقذوف رجلاً فكذلك يجلد قاذفه أيضاً, وليس في هذا نزاع بين العلماء, فإن أقام القاذف بينة على صحة ما قاله درأ عنه الحد, ولهذا قال تعالى: "ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبداً وأولئك هم الفاسقون" فأوجب على القاذف, إذا لم يقم البينة على صحة ما قال, ثلاثة أحكام: (أحدها) أن يجلد ثمانين جلدة. (الثاني) أنه ترد شهادته أبداً. (الثالث) أن يكون فاسقاً ليس بعدل لا عند الله ولا عند الناس.
ثم قال تعالى: "إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم" الاية. واختلف العلماء في هذا الاستثناء. هل يعود إلى الجملة الأخيرة فقط فترفع التوبة الفسق فقط ويبقى مردود الشهادة دائماً وإن تاب, أو يعود إلى الجملتين الثانية والثالثة ؟ أما الجلد فقد ذهب وانقضى سواء تاب أو أصر ولا حكم له بعد ذلك بلا خلاف, فذهب الإمام مالك وأحمد والشافعي إلى أنه إذا تاب قبلت شهادته, وارتفع عنه حكم الفسق, ونص عليه سعيد بن المسيب سيد التابعين, وجماعة من السلف أيضاً. وقال الإمام أبو حنيفة : إنما يعود الاستثناء إلى الجملة الأخيرة فقط, فيرتفع الفسق بالتوبة, ويبقى مردود الشهادة أبداً, وممن ذهب إليه من السلف القاضي شريح وإبراهيم النخعي وسعيد بن جبير ومكحول وعبد الرحمن بن زيد بن جابر . وقال الشعبي والضحاك : لا تقبل شهادته وإن تاب إلا أن يعترف على نفسه أنه قد قال البهتان, فحينئذ تقبل شهادته, والله أعلم.
5- فقال: "إلا الذين تابوا" وهذه الجملة في محل نصب على الاستثناء، لأنه من موجب، وقيل يجوز أن يكون في موضع خفض على البدل، ومعنى التوبة قد تقدم تحقيقه، ومعنى "من بعد ذلك" من بعد اقترافهم لذنب القذف، ومعنى "وأصلحوا" إصلاح أعمالهم التي من جملتها ذنب القذف ومداركة ذلك بالتوبة والانقياد للحد.
وقد اختلف أهل العلم في هذا الاستثناء هل يرجع إلى الجملتين قبله؟ هي جملة عدم قبول الشهادة، وجملة الحكم عليها بالفسق، أم إلى الجملة الأخيرة؟ وهذا الاختلاف بعد اتفاقهم على أنه لا يعود إلى جملة الجلد بل يجلد التائب كالمصر، وبعد إجماعهم أيضاً على أن هذا الاستثناء يرجع إلى جملة الحكم بالفسق فمحل الخلاف هل يرجع إلى جملة عدم قبول الشهادة أم لا؟ فقال الجمهور: إن هذا الاستثناء يرجع إلى الجملتين، فإذا تاب القاذف قبلت شهادته وزال عنه الفسق، لأن سبب ردها هو ما كان متصفاً به من الفسق بسبب القذف، فإذا زال بالتوبة بالإجماع كانت الشهادة مقبولة. وقال القاضي شريح وإبراهيم النخعي والحسن البصري وسعيد بن جبير ومكحول وعبد الرحمن بن زيد وسفيان الثوري وأبو حنيفة: إن هذا الاستثناء يعود إلى جملة الحكم بالفسق، لا إلى جملة عدم قبول الشهادة فيرتفع بالتوبة عن القاذف وصف الفسق ولا تقبل شهادته أبداً. وذهب الشعبي والضحاك إلى التفصيل فقالا: لا تقبل شهادته وإن تاب إلا أن يعترف على نفسه بأنه قد قال البهتان، فحينئذ تقبل شهادته. وقول الجمهور هو الحق، لأن تخصيص التقييد بالجملة الأخيرة دون ما قبلها مع كون الكلام واحداً في واقعة شرعية من متكلم واحد خلاف ما تقتضيه لغة العرب، وأولوية الجملة الأخيرة المتصلة بالقيد بكونه قيداً لما قبلها، غاية الأمر أن تقييد الأخيرة بالقيد المتصل بها أظهر من تقييد ما قبلها به، ولهذا كان مجمعاً عليه، وكونه أظهر لا ينافي قوله فيما قبلها ظاهراً. وقد أطال أهل الأصول الكلام في القيد الواقع بعد جمل بما هو معروف عند من يعرف ذلك الفن، والحق هو هذا، والاحتجاج بما وقع تارة من القيود عائداً إلى جميع الجمل التي قبله، وتارة إلى بعضها لا تقوم به حجة ولا يصلح للاستدلال، فإنه قد يكون ذلك لدليل كما وقع هنا من الإجماع على عدم رجوع هذا الاستثناء إلى جملة الجلد. ومما يؤيد ما قررناه ويقويه أن المانع من قبول الشهادة، وهو الفسق المتسبب عن القذف قد زال، فلم يبق ما يوجب الرد للشهادة.
واختلف العلماء في صورة توبة القاذف، فقال عمر بن الخطاب والشعبي والضحاك وأهل المدينة: إن توبته لا تكون إلا بأن يكذب نفسه في ذلك القذف الذي وقع منه وأقيم عليه الحد بسببه. وقالت فرقة منهم مالك وغيره: إن توبته تكون بأن يحسن حاله، ويصلح عمله، ويندم على ما فرط منه، ويستغفر الله من ذلك، ويعزم على ترك العود إلى مثله، وإن لم يكذب نفسه ولا رجع عن قوله. ويؤيد هذا الآيات والأحاديث الواردة في التوبة فإنها مطلقة غير مقيدة بمثل هذا القيد.
وقد أجمعت الأمة على أن التوبة تمحو الذنب، ولو كان كفراً فتمحو ما هو دون الكفر بالأولى هكذا حكى الإجماع القرطبي. قال أبو عبيد: الاستثناء يرجع إلى الجمل السابقة، وليس من رمى غيره بالزنا بأعظم جرماً من مرتكب الزنا، والزاني إذا تاب قبلت شهادته، لأن التائب من الذنب كمن لا ذنب له، وإذا قبل الله التوبة من العبد كان العباد بالقبول أولى، مع أن مثل هذا الاستثناء موجود في مواضع من القرآن منها قوله: " إنما جزاء الذين يحاربون الله " إلى قوله: "إلا الذين تابوا" ولا شك أن هذا الاستثناء يرجع إلى الجميع. قال الزجاج: وليس القاذف بأشد جرماً من الكافر، فحقه إذا تاب وأصلح أن تقبل شهادته، قال: وقوله: "أبداً" أي ما دام قاذفاً، كما يقال لا تقبل شهادة الكافر أبداً فإن معناه: ما دام كافراً انتهى، وجملة "إن الله غفور رحيم" تعليل لما تضمنه الاستثناء من عدم المؤاخذة للقاذف بعد التوبة وصيرورته مغفوراً له، مرحوماً من الرحمن الرحيم، غير فاسق ولا مردود الشهادة، ولا مرفوع العدالة. ثم ذكر سبحانه بعد ذكره لحكم القذف على العموم حكم نوع من أنواع القذف، وهو قذف الزوج للمرأة التي تحته بعقد النكاح.
5- "إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم"، اختلف العلماء في قبول شهادة القاذف بعد التوبة، وفي حكم هذا الاستثناء، فذهب قوم إلى أن القاذف ترد شهادته بنفس القذف، وإذا تاب وندم على ما قال وحسنت حالته قبلت شهادته، سواء تاب بعد إقامة الحد عليه أو قبله. لقوله تعالى: "إلا الذين تابوا"، وقالوا: الاستثناء يرجع إلى الشهادة وإلى الفسق، فبعد التوبة تقبل شهادته، ويزول عنه اسم الفسق. يروى ذلك عن ابن عباس وعمر، وهذا قول سعيد بن جبير ومجاهد وعطاء وطاوس وسعيد بن المسيب وسليمان بن يسار والشعبي وعكرمة وعمر بن عبد العزيز والزهري وبه قال مالك والشافعي.
وذهب قوم إلى أن شهادة المحدود في القذف لا تقبل أبداً وإن تاب، وقالوا: الاستثناء يرجع إلى قوله: "وأولئك هم الفاسقون"، وهو قول النخعي وشريح وأصحاب الرأي، وقالوا: بنفس القذف لا ترد شهادته ما لم يحد.
قال الشافعي: وهو قبل أن يحد شر منه حين يحد، لأن الحدود كفارات، فكيف يردونها في أحسن حاليه ويقبلونها في شر حاليه.
وذهب الشعبي إلى أن حد القذف يسقط بالتوبة، وقال: الاستثناء يرجع إلى الكل.
وعامة العلماء على أنه يسقط بالتوبة إلا أن يعفو عنه المقذوف فيسقط، كالقصاص يسقط بالعفو، ولا يسقط بالتوبة.
فإن قيل: إذا قبلتم شهادته من بعد التوبة فما معنى قوله "أبداً"؟.
قيل: معناه لا تقبل شهادته أبداً ما دام مصراً على قذفه، لأن أبد كل إنسان مدته على ما يليق بحاله. كما يقال: لا تقبل شهادة الكافر أبداً: يراد ما دام كافراً.
5 -" إلا الذين تابوا " عن القذف . " من بعد ذلك وأصلحوا " أعمالهم بالتدارك ومنه الاستسلام للحد أو الاستحلال من المقذوف ، والاستثناء راجع إلى أصل الحكم وهو اقتضاء الشرط لهذه الأمور ولا يلزمه سقوط الحد به كما قيل ، لأن من تمام التوبة الاستسلام له أو الاستحلال ومحل المستثنى النصب على الاستثناء ، وقيل إلى النهي ومحله الجر على البدل من هم في لهم ، وقيل إلى الأخيرة ومحله النصب لأنه من موجب وقيل منقطع متصل بما بعده . " فإن الله غفور رحيم " علة للاستثناء .
5. Save those who afterward repent and make amends. (For such) lo! Allah is Forgiving, Merciful.
5 - Unless they repent thereafter and mend (their conduct); for God is Oft Forgiving, Most Merciful.