5 - (والذين سعوا في) إبطال (آياتنا) القرآن (معاجزين) وفي قراءة هنا وفيما يأتي معاجزين أي مقدرين عجزنا أو مسابقين لنا فيفوتوننا لظنهم أن لا بعث ولا عقاب (أولئك لهم عذاب من رجز) سيء العذاب (أليم) مؤلم بالجر والرفع صفة لرجز أو عذاب
يقول تعالى ذكره: أثبت ذلك في الكتاب، ليجزي المؤمنين ما وصف، وليجزي الذين سعوا في آياتنا معاجزين: يقول وكي يثبت الذين عملوا في إبطال أدلتنا وحججنا معاونين، يحسبون أنهم يسبقوننا بأنفسهم فلا نقدر عليهم " أولئك لهم عذاب " يقول: هؤلاء لهم عذاب من شديد العذاب الأليم، ويعني بالأليم: الموجع.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله " سعوا في آياتنا معاجزين ": أي لا يعجزون " أولئك لهم عذاب من رجز أليم " قال: الرجز: سوء العذاب، الأليم: الموجع.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قول الله " والذين سعوا في آياتنا معاجزين " قال: جاهدين ليحبطوا أو يبطلوها، قال: وهم المشركون، وقرأ " لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون" ( فصلت: 26).
قوله تعالى : " والذين سعوا في آياتنا " أي في إبطال أدلتنا والتكذيب بآياتنا ،" معاجزين " مسابقين يحسبون أنهم يفوتوننا ، وأن الله لا يقدر على بعثهم في الآخرة ، وظنوا أنا نهملهم ،فهؤلاء "لهم عذاب من رجز أليم " يقال : عاجزة وأعجزه إذا غالبه وسبعه . وأليم قراءة نافع بالكسر تعتا للرجز ،فإن الرجز هو العذاب ، قال الله تعالى : "فأنزلنا على الذين ظلموا رجزا من السماء " [ البقرة : 59 ] .وقرأ ابن كثير وحفص عن عاصم عذاب من رجز أليم برف الميم هنا وفي الحاثي نعتا للعذاب . وقرأ ابن كثير وابن محيصن وحميد بن قيس و مجاهد و أبو عمرو معجزين مثبطين ، أي ثبطوا الناس عن الإيمان بامعجزات وآيات القرآن.
هذه إحدى الايات الثلاث التي لا رابع لهن مما أمر الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم أن يقسم بربه العظيم على وقع: المعاد, لما أنكره من أنكره من أهل الكفر والعناد, فإحداهن في سورة يونس عليه السلام, وهي قوله تعالى: "ويستنبئونك أحق هو قل إي وربي إنه لحق وما أنتم بمعجزين" والثانية هذه "وقال الذين كفروا لا تأتينا الساعة قل بلى وربي لتأتينكم", والثالثة في سورة التغابن, وهي قوله تعالى: "زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا قل بلى وربي لتبعثن ثم لتنبؤن بما عملتم وذلك على الله يسير" فقال تعالى: "قل بلى وربي لتأتينكم" ثم وصفه بما يؤكد ذلك ويقرره, فقال: "عالم الغيب لا يعزب عنه مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين" قال مجاهد وقتادة : لا يعزب عنه لا يغيب عنه, أي الجميع مندرج تحت علمه, فلا يخفى عليه شيء, فالعظام وإن تلاشت وتفرقت وتمزقت, فهو عالم أين ذهبت , أين تفرقت, ثم يعيدها كما بدأها أول مرة, فإنه بكل شيء عليم. ثم بين حكمته في إعادة الأبدان وقيام الساعة, بقوله تعالى: "ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك لهم مغفرة ورزق كريم * والذين سعوا في آياتنا معاجزين" أي سعوا في الصد عن سبيل الله تعالى وتكذيب رسله, "أولئك لهم عذاب من رجز أليم" أي لينعم السعداء من المؤمنين ويعذب الأشقياء من الكافرين, كما قال عز وجل: "لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة أصحاب الجنة هم الفائزون" وقال تعالى: "أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتقين كالفجار".
وقوله تعالى: "ويرى الذين أوتوا العلم الذي أنزل إليك من ربك هو الحق" هذه حكمة أخرى معطوفة على التي قبلها, وهي أن المؤمنين بما أنزل على الرسل إذا شاهدوا قيام الساعة ومجازاة الأبرار والفجار بالذي كانوا قد علموه من كتب الله تعالى في الدنيا, رأوه حينئذ عين اليقين, ويقولون يؤمئذ أيضاً "لقد جاءت رسل ربنا بالحق" يقال أيضاً "هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون" "لقد لبثتم في كتاب الله إلى يوم البعث فهذا يوم البعث" "ويرى الذين أوتوا العلم الذي أنزل إليك من ربك هو الحق ويهدي إلى صراط العزيز الحميد" العزيز هو المنيع الجناب الذي لا يغالب ولا يمانع, بل قد قهر كل شيء وغلبه, الحميد, في جميع أقواله وأفعاله وشرعه وقدره, وهو المحمود في ذلك كله جل وعلا.
ثم ذكر فريق الكافرين الذي يعاقبون عند إتيان الساعة فقال: 5- "والذين سعوا في آياتنا معاجزين" أي سعوا في إبطال آياتنا المنزلة على الرسل، وقدحوا فيها وصدوا الناس عنها، ومعنى معاجزين مسابقين يحسبون أنهم يفوتوننا ولا يدركون، وذلك باعتقادهم أنهم لا يبعثون، يقال عاجزه وأعجزه: إذا غالبه وسبقه. قرأ الجمهور "معاجزين" وقرأ ابن كثير وابن محيصن وحميد ومجاهد وأبو عمرو "معجزين" أي مثبطين للناس عن الإيمان بالآيات "أولئك" أي الذين سعوا "لهم عذاب من رجز" الرجز هو العذاب، فمن للبيان، وقيل الرجز هو أسوأ العذاب وأشده، والأول أولى، ومن ذلك قوله: "فأنزلنا على الذين ظلموا رجزاً من السماء" قرأ الجمهور "أليم" بالجر صفة لرجز، وقرأ ابن كثير وحفص عن عاصم بالرفع صفة لعذاب، والأليم الشديد الألم.
5- "والذين سعوا في آياتنا معاجزين"، يحسبون أنهم يفوتونا، "أولئك لهم عذاب من رجز أليم"، قرأ ابن كثير وحفص ويعقوب: أليم بالرفع هاهنا وفي الجاثية على نعت العذاب، وقرأ الآخرون بالخفض على نعت الرجز، وقال قتادة: الرجز سوء العذاب.
5ـ " والذين سعوا في آياتنا " بإبطال وتزهيد الناس فيها . " معاجزين " مسابقين كي يفوتونا . وقرأ ابن كثير و أبو عمرو " معجزين " أي مثبطين عن الإيمان من أراده . " أولئك لهم عذاب من رجز " من سيء العذاب . " أليم " مؤلم ، ورفعه ابن كثير و يعقوب و حفص .
5. But those who strive against Our revelations, challenging (Us), theirs will be a painful doom of wrath.
5 - But those who strive against Our signs, to frustrate them, for such will be a Penalty, a Punishment most humiliating.