5 - (ثم رددناه) في بعض أفراده (أسفل سافلين) كناية عن الهرم والضعف فينقص عمل المؤمن عن زمن الشباب ويكون له أجره
أخرج ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس في قوله ثم رددناه أسفل سافلين قال هم نفر ردوا إلى أرذل العمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فسئل عنهم حين سفهت عقولهم فأنزل الله عذرهم أن لهم أجرهم الذي عملوا قبل أن تذهب عقولهم
وقوله : " ثم رددناه أسفل سافلين " اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك ، فقال بعضهم : معنى ذلك : ثم رددناه إلى أرذل العمر .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن المثنى ، قال : ثنا ابن أبي عدي ، عن داود ، عن عكرمة ، عن ابن عباس" ثم رددناه أسفل سافلين " قال :إلى أرذل العمر .
حدثنا ابن حميد قال : حكام بن سلم عن عمرو عن عاصم عن أبي رزين عن ابن عباس " ثم رددناه أسفل سافلين " قال : إلى أرذل العمر .
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس " ثم رددناه أسفل سافلين " يقول : يرد إلى أرذل العمر ، كبر حتى ذهب عقله ، وهم نفر ردوا إلى أرذل العمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم حين سفهت عقولهم ، فأنزل الله عذرهم أن لهم أجرهم الذي عملوا قبل أن تذهب عقولهم .
حدثني يعقوب ، قال : ثنا ابن علية ، عن أبي رجاء ، قال : سئل عكرمة ، عن قوله " ثم رددناه أسفل سافلين " قال : ردوا إلى أرذل العمر .
حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا مؤمل و عبد الرحمن ، ، قالا : ثنا سفيان ، عن حماد ، عن إبراهيم ، في قوله" ثم رددناه أسفل سافلين " : قال : إلى أرذل العمر .
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان عن حماد ، عن إبراهيم ، مثله .
حدثنا أبو كريب ، ، قال : ثنا وكيع ، عن سفيان ، عن حماد ، عن إبراهيم ، مثله .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة " ثم رددناه أسفل سافلين " قال : رددناه إلى الهرم .
حدثنا بشر . قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قال : الهرم .
حدثني يعقوب ، قال :ثنا المعتمر ، قال : سمعت الحكم يحدث ، عن عكرمة " ثم رددناه أسفل سافلين " قال : الشيخ الهرم ، لم يضره كبره إن ختم الله له بأحسن ما كان يعمل .
وقال آخرون : بل معنى ذلك : ثم رددناه إلى النار في أقبح صورة .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا وكيع ، عن أبي جعفر الرازي ، عن الربيع بن أنس ، عن أبي العالية " ثم رددناه أسفل سافلين " قال : في شر صورة في صورة خنزير.
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد " ثم رددناه أسفل سافلين " قال : النار .
حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا وكيع ، عن ، ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قال إلى النار .
حدثنا ابن بشار ، قال :ثنا عبد الرحمن ، قال : سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قال : في النار .
قال : ثنا مؤمل ، قال : ثنا سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قال : إلى النار .
حدثنا بشر ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة " ثم رددناه أسفل سافلين " قال : قال الحسن : جهنم مأواه .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، قال : قال الحسن ، في قوله " ثم رددناه أسفل سافلين " قال : في النار .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد في قوله " ثم رددناه أسفل سافلين " قال : إلى النار .
وألى الأقوال في ذلك عندي بالصحة ، وأشبهها بتأويل الآية ، قول من قال : معناه : ثم رددناه إلى أرذل العمر ، إلى عمر الخرفى الذين ذهبت عقولهم من الهرم والكبر ، فهو في أسفل من سفل : في إدبار العمر وذهاب العقل .
وإنما قلنا : هذا القول أولى بالصواب في ذلك : لأن الله تعالى ذكر أخبر عن خلقه ابن آدم ، وتصريفه في الأحوال ، احتجاجاً بذلك على منكري قدرته على البعث بعد الموت ، ألا ترى أنه يقول : " فما يكذبك بعد بالدين " يعني : هذه الحجج . ومحال أن يحتج على قوم كانوا منكرين معنى من المعاني ، بما كانوا له منكرين ، وإنما الحجة على كل قوم بما لا يقدرون على دفعة ، مما يعاينونه ويحسونه .
أو يقرون به ، وإن لم يكونوا له محسين .
وإذا كان ذلك كذلك ، وكان القوم للنار التي كان الله يتوعدهم بها في الآخرة منكرين ، وكانوا لأهل الهرم و الخوف من بعد الشباب والجلد شاهدين ، علم أنه إنما احتج عليهم بما كانوا له معاينين ، من تصريفه خلقه ، ونقله إياهم من حال التقويم الحسن والشباب والجلد ، إلى الهرم والضعف وفناء العمر ، وحدوث الخرف .
قوله تعالى:" ثم رددناه أسفل سافلين" أي إلى أرذل العمر، وهو الهرم بعد الشباب، والضعف بعد القوة، حتى يصير كالصبي في الحال الأول، قاله الضحاك والكلبي وغيرهما. وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد: " ثم رددناه أسفل سافلين" إلى النار، يعني الكافر، وقاله أبو العالية. وقيل: لما وصفه الله بتلك الصفات الجليلة التي ركب الإنسان عليها، طغى وعلا، حتى قال:" أنا ربكم الأعلى" [النازعات:24] وحين علم الله هذا من عبده، وقضاؤه صادر من عنده، رده أسفل سافلين، بأن جعله مملوءاً قذراً، مشحوناً نجاسة، وأخرجها على ظاهره إخراجاً منكرا، على وجه الاختيار تارة وعلى وجه الغلبة أخرى، حتى إذا شاهد ذلك من أمره، رجع إلى قدره. وقرأ عبد الله (أسفل السافلين). وقال: (أسفل سافلين) على الجمع، لأن الإنسان في معنى جمع، ولو قال: أسفل سافل جاز، لأن لفظ الإنسان واحد. وتقول : هذا أفضل قائم. ولا تقول أفضل قائمين، لأنك تضمر لواحد، فإن كان الواحد غير مضمر له، رجع اسمه بالتوحيد والجمع، كقوله تعالى:" والذي جاء بالصدق وصدق به أولئك هم المتقون" [الزمر:33]. وقوله تعالى:" وإنا إذا أذقنا الإنسان منا رحمة فرح بها وإن تصبهم سيئة" [الشورى:48]. وقد قيل: إن معنى " رددناه أسفل سافلين" أي رددناه إلى الضلال، كما قال تعالى: " إن الإنسان لفي خسر * إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات " أي إلا هؤلاء، فلا يردون إلى ذلك. والاستثناء على قول من قال(أسفل سافلين): النار، متصل. ومن قال: إنه الهرم فهو منقطع.
اختلف المفسرون ههنا على أقوال كثيرة فقيل المراد بالتين مسجد دمشق, وقيل: هي نفسها, وقيل الجبل الذي عندها, وقال القرطبي : هو مسجد أصحاب الكهف, وروى العوفي عن ابن عباس أنه مسجد نوح الذي على الجودي, وقال مجاهد : هو تينكم هذا "والزيتون" قال كعب الأحبار وقتادة وابن زيد وغيرهم: هو مسجد بيت المقدس. وقال مجاهد وعكرمة : هو هذا الزيتون الذي تعصرون "وطور سينين" قال كعب الأحبار وغير واحد: هو الجبل الذي كلم الله عليه موسى عليه السلام, "وهذا البلد الأمين" يعني مكة, قاله ابن عباس ومجاهد وعكرمة والحسن وإبراهيم النخعي وابن زيد وكعب الأحبار ولا خلاف في ذلك, وقال بعض الأئمة: هذه محال ثلاثة بعث الله في كل واحد منها نبياً مرسلاً من أولي العزم أصحاب الشرائع الكبار:
(فالأول) محلة التين والزيتون وهي بيت المقدس التي بعث الله فيها عيسى ابن مريم عليه السلام. (والثاني) طور سينين, وهو طور سيناء الذي كلم الله عليه موسى بن عمران. (والثالث) مكة, وهو البلد الأمين الذي من دخله كان آمناً, وهو الذي أرسل فيه محمداً صلى الله عليه وسلم, قالوا: وفي آخر التوراة ذكر هذه الأماكن الثلاثة: جاء الله من طور سيناء ـ يعني الذي كلم الله عليه موسى بن عمران ـ وأشرق من ساعير ـ يعني جبل بيت المقدس الذي بعث الله منه عيسى ـ واستعلن من جبال فاران ـ يعني جبال مكة التي أرسل الله منها محمداً صلى الله عليه وسلم فذكرهم مخبراً عنهم على الترتيب الوجودي بحسب ترتيبهم في الزمان, ولهذا أقسم بالأشرف ثم الأشرف منه ثم بالأشرف منهما.
وقوله تعالى: "لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم" هذا هو المقسم عليه, وهو أنه تعالى خلق الإنسان في أحسن صورة وشكل منتصب القامة سوي الأعضاء حسنها "ثم رددناه أسفل سافلين" أي إلى النار, قاله مجاهد وأبو العالية والحسن وابن زيد وغيرهم, ثم بعد هذا الحسن والنضارة مصيرهم إلى النار إن لم يطع الله ويتبع الرسل لهذا قال: "إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات" وقال بعضهم "ثم رددناه أسفل سافلين" أي إلى أرذل العمر, وروي هذا عن ابن عباس وعكرمة حتى قال عكرمة : من جمع القرآن لم يرد إلى أرذل العمر, واختار ذلك ابن جرير , ولو كان هذا هو المراد لما حسن استثناء المؤمنين من ذلك لأن الهرم قد يصيب بعضهم, وإنما المراد ما ذكرناه كقوله تعالى: " والعصر * إن الإنسان لفي خسر * إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات " وقوله: "فلهم أجر غير ممنون" أي غير مقطوع كما تقدم.
ثم قال: "فما يكذبك" أي يا ابن آدم "بعد بالدين" أي بالجزاء في المعاد, ولقد علمت البداءة وعرفت أن من قدر على البداءة فهو قادر على الرجعة بطريق الأولى, فأي شيء يحملك على التكذيب بالمعاد وقد عرفت هذا ؟ قال ابن أبي حاتم : حدثنا أحمد بن سنان حدثنا عبد الرحمن عن سفيان عن منصور قال: قلت لمجاهد "فما يكذبك بعد بالدين" عنى به النبي صلى الله عليه وسلم قال: معاذ الله, عنى به الإنسان وهكذا قال عكرمة وغيره. وقوله تعالى: "أليس الله بأحكم الحاكمين" أي أما هو أحكم الحاكمين الذي لا يجور ولا يظلم أحداً, ومن عدله أن يقيم القيامة فينتصف للمظلوم في الدنيا ممن ظلمه. وقد قدمنا في حديث أبي هريرة مرفوعاً "فإذا قرأ أحدكم والتين والزيتون فأتى على آخرها "أليس الله بأحكم الحاكمين" فليقل بلى وأنا على ذلك من الشاهدين" آخر تفسير سورة التين والزيتون ولله الحمد والمنة.
5- "ثم رددناه أسفل سافلين" أي رددناه إلى أرذل العمر، وهو الهرم والضعف بعد الشباب والقوة حتى يصير كالصبي فيخرف وينقص عقله، كذا قال جماعة من المفسرين. قال الواحدي: والسافلون هم الضعفاء والزمناء والأطفال، والشيخ الكبير أسفل هؤلاء جميعاً. وقال مجاهد وأبو العالية والحسن: المعنى ثم رددنا الكافر إلى النار، وذلك أن النار درجات بعضها أسفل من بعض، فالكافر يرد إلى أسفل الدرجات السافلة، ولا ينافي هذا قوله تعالى: "إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار" فلا مانع من كون الكفار والمنافقين مجتمعين في ذلك الدرك الأسفل، وقوله: "أسفل سافلين" إما حال من المفعول: أي رددناه حال كونه أسفل سافلين، أو صفة لمقدر محذوف: أي مكاناً أسفل سافلين.
5- " ثم رددناه أسفل سافلين "، يريد إلى الهرم وأرذل العمر، فينقص عقله ويضعف بدنه، والسافلون: هم الضعفاء والزمنى والأطفال، فالشيخ الكبير أسفل من هؤلاء جميعاً، و "أسفل سافلين" نكرة تعم الجنس، كما تقول: فلان أكرم قائم فإذا عرفت قلت: أكرم القائمين. وفي مصحف عبد الله أسفل السافلين.
وقال الحسن، وقتادة، ومجاهد: يعني ثم رددناه إلى النار، يعني إلى أسفل السافلين، لأن جهنم بعضها أسفل من بعض.
قال أبو العالية: يعني إلى النار في شر صورة، في صورة خنزير.
5-" ثم رددناه أسفل سافلين " بأن جعلناه من أهل النار أو إلى أسفل سافلين وهو النار . وقيل هو أرذل العمر فيكون قوله :
5. Then We reduced him to the lowest of the low,
5 - Then do We abase him (to be) the lowest of the low,