50 - (جنات عدن) بدل أو عطف بيان لحسن مآب (مفتحة لهم الأبواب) منها
قوله تعالى ذكره "جنات عدن": بيان عن حسن المآب ، وترجمة عنه ، ومعناه : بساتين إقامة. وقد بينا معنى ذلك بشواهده ، وذكرنا ما فيه من الاختلاف فيما مض بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع.
وقد حدثنا بشر، قال : ثنا يزيد، قال : ثنا سعيد، عن قتادة، قوله "جنات عدن" قال : سأل عمر كعباً ما عدن؟ قال : يا أمير المؤمنين قصور في الجنة من ذهب يسكنها النبيون والصديقون والشهداء وأئمة العدل.
وقوله "مفتحة لهم الأبواب" يعني : مفتحة لهم أبوابها، وأدخلت الألف واللام في الأبواب بدلاً من الإضافة ، كما قيل "فإن الجنة هي المأوى" [النازعات : 41] بمعنى : هي مأواه ، وكما قال الشاعر:
ما ولدتكم حية ابنة مالك سفاحاً وما كانت أحاديث كاذب
ولكن نرى أقدامنا في نعالكم وآنفنا بين اللحى والحواجب
بمعنى: بين لحاكم وحواجبكم. ولو كانت الأبواب جاءت بالنصب لم يكن لحناً، وكان نصبه على توجيه المفتحة في اللفظ إلى جنات ، وإن كان في المعنى للأبواب ، وكان كقول الشاعر:
وما قومي بثعلبة بن سعد ولا بفزارة الشعر الرقابا
ثم نونت مفتحة، ونصبت الأبواب.
فإن قال لنا قائل : وما في قوله "مفتحة لهم الأبواب" من فائدة خبر حتى ذكر ذلك؟ قيل : فإن الفائدة في ذلك إخبار الله تعالى عنها أن أبوابها تفتح لهم بغير فتح سكانها إياها، بمعاناة بيد ولا جارحة، ولكن بالأمر فيما ذكر.
كما حدثنا أحمد بن الوليد الرملي، قال : ثنا ابن نفيل، قال : ثنا ابن دعيج، عن الحسن، في قوله "مفتحة لهم الأبواب" قال : أبواب تكلم ، فتكلم : انفتحي ، انغلقي.
ثم بين ذلك بقوله تعالى : " جنات عدن " والعدن في اللغة الإقامة ، يقال : عدن بالمكان إذا أقام . وقال عبد الله بن عمرو : إن في الجنة قصراً يقال له عدن حوله البروج والمروج فيه خمسة ألاف باب على كل باب خمسة آلاف حبرة لا يدخله إلا نبي أو صديق أو شهيد . " مفتحة " حال " لهم الأبواب " رفعت الأبواب لأنه اسم ما لم يسم فاعله . قال الزجاج : أي مفتحة لهم الأبواب منها . وقال الفراء : مفتحة لهم أبوابها . وأجاز الفراء : < مفتحة لهم الأبواب > بالنصب . قال الفراء :أي مفتحة الأبواب ثم جئت بالتنوين فنصبت .
وأنشد سيبويه :
ونأخذ بعده بذناب عيش أجب الظهر ليس له سنام
وإنما قال : < مفتحة > ولم يقل مفتوحة ، لأنها تفتح لهم بالأمر لا بالمس . قال الحسن : تكلم : انفتحي فتنفتح انغلقي فتنغلق . وقيل : تفتح لهم الملائكة الأبواب .
يخبر تعالى عن عباده المؤمنين السعداء أن لهم في الدار الاخرة لحسن مآب وهو المرجع والمنقلب ثم فسره بقوله تعالى: "جنات عدن" أي جنات إقامة مفتحة لهم الأبواب والألف واللام ههنا بمعنى الإضافة كأنه يقول مفتحة لهم أبوابها أي إذا جاءوها فتحت لهم أبوابها, قال ابن أبي حاتم حدثنا محمد بن ثواب الهباري حدثنا عبد الله بن نمير حدثنا عبد الله بن مسلم يعني ابن هرمز عن ابن سابط عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن في الجنة قصراً يقال له عدن حوله البروج والمروج له خمسة آلاف باب عند كل باب خمسة آلاف حبرة لا يدخله ـ أو لا يسكنه ـ إلا نبي أو صديق أو شهيد أو إمام عدل" وقد ورد في ذكر أبواب الجنة الثمانية أحاديث كثيرة من وجوه عديدة.
وقوله عز وجل: "متكئين فيها" قيل متربعين على سرر تحت الحجال "يدعون فيها بفاكهة كثيرة" أي مهما طلبوا وجدوا وأحضر كما أرادوا "وشراب" أي من أي أنواعه شاؤوا أتتهم به الخدام "بأكواب وأباريق وكأس من معين" "وعندهم قاصرات الطرف" أي عن غير أزواجهن فلا يلتفتن إلى غير بعولتهن "أتراب" أي متساويات في السن والعمر هذا معنى قول ابن عباس رضي الله عنهما ومجاهد وسعيد بن جبير ومحمد بن كعب والسدي "هذا ما توعدون ليوم الحساب" أي هذا الذي ذكرنا من صفة الجنة هي التي وعدها لعباده المتقين التي يصيرون إليها بعد نشورهم وقيامهم من قبورهم وسلامتهم من النار. ثم أخبر تبارك وتعالى عن الجنة أنه لا فراغ لها ولا زوال ولا انقضاء ولا انتهاء فقال تعالى: " إن هذا لرزقنا ما له من نفاد " كقوله عز وجل "ما عندكم ينفد وما عند الله باق" وكقوله جل وعلا "عطاء غير مجذوذ" وكقوله تعالى: "لهم أجر غير ممنون" أي غير مقطوع وكقوله عز وجل: "أكلها دائم وظلها تلك عقبى الذين اتقوا وعقبى الكافرين النار" والايات في هذا كثيرة جداً.
ثم بين حسن المرجع فقال: 50- "جنات عدن" قرأ الجمهور جنات بالنصب بدلاً من حسن مآب، سواء كان جنات عدن معرفة أو نكرة لأن المعرفة تبدل من النكرة وبالعكس، ويجوز أن يكون جنات عطف بيان إن كانت نكرة، ولا يجوز ذلك فيها إن كانت معرفة على مذهب جمهور النحاة وقد جوزه بعضهم. ويجوز أن يكون نصب جنات بإضمار فعل. والعدن في الأصل الإقامة، يقال عدن بالمكان: إذا أقام فيه وقيل هو اسم لقصر في الجنة، وقرئ برفع جنات على أنها مبتدأ. وخبرها مفتحة أو على أنها خبر مبتدأ محذوف: أي هن جنات عدن، وقوله: "مفتحة لهم الأبواب" حال من جنات، والعامل فيها ما في المتقين من معنى الفعل، والأبواب مرتفعة باسم الفعول: كقوله: "وفتحت أبوابها" والرابط بين الحال وصاحبها ضمير مقدر، أي منها، أو الألف واللام لقيامه مقام الضمير، إذ الأصل أبوابها. وقيل إن ارتفاع الأبواب على البدل من الضمير في مفتحة العائد على جنات، وبه قال أبو علي الفارسي: أي مفتحة هي الأبواب. قال الفراء: المعنى مفتحة أبوابها، والعرب تجعل الألف واللام خلفاً من الإضافة. وقال الزجاج: المعنى مفتحة لهم الأبواب منها. قال الحسن: إن الأبواب يقال لها: انفتحي فتنفتح انغلقي فتنغلق، وقيل تفتح لهم الملائكة الأبواب.
50. " جنات عدن مفتحةً لهم الأبواب ": أي أبوابها [مفتحة لهم].
50-" جنات عدن " عطف بيان " لحسن مآب " وهو من الأعلام الغالبة لقوله " جنات عدن التي وعد الرحمن عباده بالغيب " وانتصب عنها . " مفتحةً لهم الأبواب " على الحال والعامل فيها ما في المتقين من معنى الفعل ، وقرئتا مرفوعتين على الابتداء والخبر أو أنهما خبران لمحذوف .
50. Gardens of Eden, whereof the gates are opened for them.
50 - Gardens of Eternity, whose doors will (ever) be open to them;