52 - (الذين آتيناهم الكتاب من قبله) أي القرآن (هم به يؤمنون) أيضا نزلت في جماعة أسلموا من اليهود كعبد الله بن سلام وغيره ومن النصارى قدموا من الحبشة ومن الشام
قوله تعالى والذين أتيناهم الكتاب الآية سيأتي سبب نزولها في سورة الحديد
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله تعالى " الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون " قال: يعني من آمن بمحمد صلى الله عليه وسلم من أهل الكتاب.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعاً، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد " الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به " .... إلى قوله " لا نبتغي الجاهلين " في مسلمة أهل الكتاب.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، قوله " الذين آتيناهم الكتاب من قبله " ... إلى قوله " الجاهلين " قال: هم مسلمة أهل الكتاب. قال ابن جريج: أخبرني عمرو بن دينار: أن يحيى بن جعدة أخبره، عن علي بن رفاعة، قال: خرج عشرة رهط من أهل الكتاب، منهم أبو رفاعة، يعني أباه، إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فآمنوا، فأوذوا، فنزلت " الذين آتيناهم الكتاب من قبله " قبل القرآن.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله " الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون " قال: كنا نحدث أنها نزلت في أناس من أهل الكتاب كانوا على شريعة من الحق، يأخذون بها، وينتهون إليها، حتى بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم، فآمنوا به، وصدقوا به فأعطاهم الله أجرهم مرتين، بصبرهم على الكتاب الأول، واتباعهم محمداً صلى الله عليه وسلم، وصبرهم على ذلك، وذكر أن منهم سلمان، وعبد الله بن سلام.
حدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد قال: سمعت الضحاك يقول، في قوله " الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون " ... إلى قوله " من قبله مسلمين ": ناس من أهل الكتاب آمنوا بالتوراة والإنجيل، ثم أدركوا محمداً صلى الله عليه وسلم، فآمنوا به، فآتاهم الله أجرهم مرتين بما صبروا: بإيمانهم بمحمد صلى الله عليه وسلم قبل أن يبعث، وباتباعهم إياه حين بعث، فذلك قوله " إنا كنا من قبله مسلمين ".
قوله تعالى : " الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون " أخبر أن قوماً ممن أوتوا الكتاب من بني إسرائيل من قبل القرآن يؤمنون بالقرآن ، كعبد الله بن سلام و سلمان . ويدخل فيه من أسلم من علماء النصارى ، وهم أربعون رجلاً ، قدموا مع جعفر بن أبي طالب المدينة ، اثنان وثلاثون رجلاً من الحبشة ، وثمانية نفر أقبلوا من الشام وكانوا أئمة النصارى : منهم يحيراء الراهب وأبرهة والأشرف وعامر وأيمن وإدريس و نافع . كذا سماهم الماوردي وأنزل الله تعالى فيهم هذه الآية والتي بعدها . " أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا " قاله قتادة . وعنه أيضاً : أنها نزلت في عبد الله بن سلام و تميم الداري و الجارود العبدي و سليمان الفارسي ، أسلموا فنزلت فيهم هذه الآية . وعن رفاعة القرظي : نزلت في عشرة أنا أحدهم . وقال عروة بن الزبير : نزلت في النجاشي وأصحابه ووجه بأثني عشر رجلاً فجلسوا مع النبي صلى الله عليه وسلم ، وكان أبو جهل وأصحابه قريباً منهم ، فآمنوا بالنبي صلى الله عليه وسلم ، فلما قاموا من عنده تبعهم أبو جهل ومن معه ، فقال لهم : خيبكم الله منركب ، وقبحكم من وفد ، لم تلبثوا أن صدقتموه ، وما رأينا ركباً أحمق منكم ولا أجهل ، فقالوا : ( سلام عليكم ) لم نأل أنفسنا رشدا ( لنا أعمالنا ولكم أعمالكم ) وقد تقدم هذا في ( المائدة ) عند قوله : " وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول " [ المائدة : 83] مستوفى . وقال أبو العلية : هؤلا ء قوم آمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم قبل أن يبعث وقد أدركه بعضهم . " من قبله " أي من قبل القرآن . وقيل : من قبل محمد عليه السلام " هم به " أي بالقرآن أو بمحمد عليه السلام " يؤمنون " .
يخبر تعالى عن العلماء الأولياء من أهل الكتاب أنهم يؤمنون بالقرآن, كما قال تعالى: "الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته أولئك يؤمنون به" وقال تعالى: "وإن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله وما أنزل إليكم وما أنزل إليهم خاشعين لله" وقال تعالى: " إن الذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرون للأذقان سجدا * ويقولون سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا " وقال تعالى: " ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون * وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق يقولون ربنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين ". قال سعيد بن جبير : نزلت في سبعين من القسيسين بعثهم النجاشي, فلما قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم قرأ عليهم " يس * والقرآن الحكيم " حتى ختمها, فجعلوا يبكون وأسلموا, ونزلت فيهم هذه الاية الأخرى "الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون * وإذا يتلى عليهم قالوا آمنا به إنه الحق من ربنا إنا كنا من قبله مسلمين" يعني من قبل هذا القرآن كنا مسلمين, أي موحدين مخلصين لله مستجيبين له. قال الله تعالى: "أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا" أي هؤلاء المتصفون بهذه الصفة الذين آمنوا بالكتاب الأول ثم الثاني, ولهذا قال: "بما صبروا" أي على اتباع الحق, فإن تجشم مثل هذا شديد على النفوس, وقد ورد في الصحيح من حديث عامر الشعبي عن أبي بردة عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاثة يؤتون أجرهم مرتين: رجل من أهل الكتاب آمن بنبيه ثم آمن بي, وعبد مملوك أدى حق الله وحق مواليه,ورجل كانت له أمة, فأدبها فأحسن تأديبها, ثم أعتقها فتزوجها". وقال الإمام أحمد : حدثنا يحيى بن إسحاق السيلحيني , حدثنا ابن لهيعة عن سليمان بن عبد الرحمن عن القاسم بن أبي أمامة قال: إني لتحت راحلة رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح, فقال قولاً حسناً جميلاً, وقال فيما قال: "من أسلم من أهل الكتابين فله أجره مرتين وله ما لنا وعليه وما علينا ومن أسلم من المشركين فله أجره وله ما لنا وعليه ما علينا".
وقوله تعالى: " ويدرؤون بالحسنة السيئة " أي لا يقابلون السيء بمثله, ولكن يعفون ويصفحون "ومما رزقناهم ينفقون" أي ومن الذي رزقهم من الحلال ينفقون على خلق الله في النفقات الواجبة لأهليهم وأقاربهم, والزكاة المفروضة والمستحبة من التطوعات وصدقات النفل والقربات. وقوله تعالى: "وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه" أي لا يخالطون أهله ولا يعاشرونهم, بل كما قال تعالى: "وإذا مروا باللغو مروا كراماً" "وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين" أي إذا سفه عليهم سفيه وكلمهم بما لا يليق بهم الجواب عنه, أعرضوا عنه ولم يقابلوه بمثله من الكلام القبيح, ولا يصدر عنهم إلا كلام طيب, ولهذا قال عنهم إنهم قالوا "لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين" أي لا نريد طريق الجاهلين ولا نحبها.
قال محمد بن إسحاق في السيرة : ثم قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بمكة عشرون رجلاً أو قريب من ذلك من النصارى حين بلغهم خبره من الحبشة, فوجدوه في المسجد, فجلسوا إليه وكلموه وساءلوه, ورجال من قريش في أنديتهم حول الكعبة, فلما فرغوا من مساءلة رسول الله صلى الله عليه وسلم عما أرادوا, دعاهم إلى الله تعالى وتلا عليهم القرآن, فلما سمعوا القرآن فاضت أعينهم من الدمع, ثم استجابوا لله وآمنوا به وصدقوه, وعرفوا منه ما كان يوصف لهم في كتابهم من أمره, فلما قاموا عنه اعترضهم أبو جهل بن هشام في نفر من قريش, فقالوا لهم: خيبكم الله من ركب, بعثكم من وراءكم من أهل دينكم ترتادون لهم لتأتوهم بخبر الرجل, فلم تطمئن مجالسكم عنده حتى فارقتم دينكم وصدقتموه فيما قال: قال: ما نعلم ركباً أحمق منكم, أو كما قالوا لهم فقالوا لهم: سلام عليكم لا نجاهلكم لنا ما نحن عليه, ولكم ما أنتم عليه لم نأل أنفسنا خيراً. قال: ويقال إن النفر النصارى من أهل نجران, فالله أعلم أي ذلك كان. قال: ويقال ـ والله أعلم ـ أن فيهم نزلت هذه الايات " الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون " إلى قوله " لا نبتغي الجاهلين " قال: وسألت الزهري عن هذه الايات فيمن نزلت ؟ قال: ما زلت أسمع من علمائنا أنهن نزلن في النجاشي وأصحابه رضي الله عنهم والايات اللاتي في سورة المائدة " ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون * وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق يقولون ربنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين ".
52- "الذين آتيناهم الكتاب من قبله" أي من قبل القرآن، والموصول مبتدأ وخبره "هم به يؤمنون" أخبر سبحانه أن طائفة من بني إسرائيل آمنوا بالقرآن كعبد الله بن سلام وسائر من أسلم من أهل الكتاب، وقيل الضمير في من قبله يرجع إلى محمد صلى الله عليه وسلم، والأول أولى. والضمير في به راجع إلى القرآن على القول الأول، وإلى محمد على القول الثاني.
52- "الذين آتيناهم الكتاب من قبله"، من قبل محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم. وقيل: من قبل القرآن، "هم به يؤمنون"، نزلت في مؤمني أهل الكتاب، عبد الله بن سلام وأصحابه.
وقال مقاتل: بل هم أهل الإنجيل الذين قدموا من الحبشة وآمنوا بالنبي صلى الله عليه وسلم.
وقال سعيد بن جبير: هم أربعون رجلاً قدموا مع جعفر من الحبشة على النبي صلى الله عليه وسلم، فلما رأوا ما بالمسلمين من الخصاصة قالوا: يا نبي الله إن لنا أموالاً فإن أذنت لنا انصرفنا وجئنا بأموالنا فواسينا المسلمين بها فأذن لهم، فانصرفوا فأتوا بأموالهم، فواسوا بها المسلمين، فنزل فيهم: "الذين آتيناهم الكتاب"، إلى قوله تعالى: "ومما رزقناهم ينفقون".
وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: نزلت في ثمانين من أهل الكتاب، أربعون من نجران، واثنان وثلاثون من الحبشة، وثمانية من الشام.
52 -" الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون " نزلت في مؤمني أهل الكتاب ، وقيل في أربعين من أهل الإنجيل اثنان وثلاثون جاءوا مع جعفر من الحبشة وثمانية من الشام ، والضمير في " من قبله " للقرآن كالمستكن في :
52. Those unto whom We gave the Scripture before it, they believe in it,
52 - Those to whom We sent the Book before this, they do believe in this (Revelation);