(وإذ آتينا موسى الكتاب) التوراة (والفرقان) عطف تفسير أي الفارق بين الحق والباطل والحلال والحرام (لعلكم تهتدون) به من الضلال
قال أبو جعفر: يعني بقوله: "وإذ آتينا موسى الكتاب": واذكروا أيضاً إذ آتينا موسى الكتاب والفرقان. ويعني بـ "الكتاب ": التوراة، وبـ "الفرقان ": الفصل بين الحق والباطل، كما:
حدثني المثنى بن إبراهيم قال، حدثنا أبو جعفر، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية في قوله: "وإذ آتينا موسى الكتاب والفرقان "، قال: فرق به بين الحق والباطل.
حدثني محمد بن عمرو الباهلي قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله: "وإذ آتينا موسى الكتاب والفرقان "، قال: الكتاب: هو الفرقان، فرقان بين الحق والباطل.
حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله.
وحدثني القاسم بن الحسن قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج،عن مجاهد، قوله: "وإذ آتينا موسى الكتاب والفرقان "، قال: الكتاب هو الفرقان، فرق بين الحق والباطل.
حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا حجاج، عن ابن جريج قال، وقال ابن عباس: "الفرقان " جماع اسم التوراة والإنجيل والزبور والفرقان.
وقال ابن زيد في ذلك بما: حدثني به يونس بن عبد الأعلى قال، أخبرنا ابن وهب، قال، سألته يعني ابن زيد.
عن قول الله عز وجل: "وإذ آتينا موسى الكتاب والفرقان " فقال: أما "الفرقان " الذي قال الله جل وعز: "يوم الفرقان يوم التقى الجمعان" ( الأنفال: 41)، فذلك يوم بدر، يوم فرق الله بين الحق والباطل، والقضاء الذي فرق بين الحق والباطل. قال: فكذلك أعطى الله موسى الفرقان، فرق الله بينهم، وسلمه وأنجاه، فرق بينهم بالنصر. فكما جعل الله ذلك بين محمد صلى الله عليه وسلم وبين المشركين. فكذلك جعله بين موسى وفرعون.
قال أبو جعفر: وأولى هذه التأويلات بتأويل الاية، ما روي عن ابن عباس وأبي المعالي ومجاهد: من أن "الفرقان "، الذي ذكر الله أنه آتاه موسى في هذا الموضع، هو الكتاب الذي فرق به بين الحق والباطل، وهو نعت للتوراة وصفه لها.
فيكون تأويل الآية حينئذ: وإذ آتينا موسى التوراة التي كتبناها له في الألواح وفرقنا بها بين الحق والباطل.
فيكون "الكتاب " نعتاً للتوراة أقيم مقامها، استغناء به عن ذكر التوراة، ثم عطف عليه بـ "الفرقان "، إذ كان من نعتها.
وقد بينا معنى "الكتاب " فيما مضى من كتابنا هذا، وأنه بمعنى المكتوب.
وإنما قلنا هذا التأويل أولى بالآية، وإن كان محتملاً غيره من التأويل، لأن الذي قبله من ذكر "الكتاب "، وأن معنى "الفرقان " الفصل وقد دللنا على ذلك فيما مضى من كتابنا هذا فإلحاقه، إذ كان كذلك، بصفة ما وليه، أولى من إلحاقه بصفة ما بعد منه.
وأما تأويل قوله: "لعلكم تهتدون "، فنظير تأويل قوله: "لعلكم تشكرون " ومعناه لتهتدوا.
وكأنه قال: واذكروا أيضاً إذ آتينا فوسى التوراة التي تفرق بين الحق والباطل لتهتدوا بها وتتبعوا الحق الذي فيها، لأني جعلتها كذلك هدى لمن اهتدى بها، واتبع ما فيها.
قوله تعالى : "وإذ آتينا موسى الكتاب والفرقان لعلكم تهتدون"
إذ اسم للوقت الماضي . وإذا اسم للوقت المستقبل . و آتينا : أعطينا . وقد تقدم جميع هذا . والكتاب : التوراة بإجماع من المتأولين . واختلف في الفرقان ، فقال الفراء و قطرب : المعنى آتينا موسى التوراة ، ومحمداً عليه السلام الفرقان . قال النحاس : هذا خطأ في الإعراب والمعنى ، أما اإعراب فإن المعطوف على الشيء مثله ، وعلى هذا القول يكون المعطوف على الشيء خلافه . وأما المعنى فقد قال تعالى : "ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان" . قال أبو إسحاق الزجاج : يكون الفرقان هو الكتاب ، أعيد ذكره باسمين تأكيدا . وحكي عن الفراء ، ومنه قول الشاعر :
وقدمت الأديم لراهشيه وألفى قولها كذبا ومينا
وقال آخر :
ألا حبذا هند وأرض بها هند وهند أتى من دونها النأي والبعد
فنسق البعد على النأي ، والمين على الكذب ، لا خلاف اللفظين تأكيداً ، ومنه قول عنترة :
حييت من طلل تقادم عهده أقوى وأقفر بعد أم الهيثم
قال النحاس : وهذا إنما يجيء في الشعر ، وأحسن ما قيل في هذا قول مجاهد : فرقا بين الحق والباطل ، أي الذي علمه إياه . وقال ابن زيد : الفرقان انفراق البحر له حتى صار فرقا فعبروا . وقيل : الفرقان الفرج من الكرب ، لأنهم كانوا مستعبدين مع القبط ، ومنه قوله تعالى : "إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا" أي فرجا ومخرجا . وقيل ، إنه الحجة والبيان . قاله ابن بحر . وقيل : الواو صلة ، والمعنى آتينا موسى الكتاب الفرقان ، والواو قد تزداد في النعوت ، كقولهم : فلان حسن وطويل ، وأنشد :
إلى الملك القرم وابن الهمام وليث الكتيبة في المزدحم
أراد إلى الملك القرم ابن الهمام ليث الكتيبة . ودليل هذا التأويل قوله عز وجل : "ثم آتينا موسى الكتاب تماما على الذي أحسن وتفصيلا لكل شيء" أي بين الحرام والحلال والكفر والإيمان والوعد والوعيد ، وغير ذلك . وقيل : الفرقان الفرق بينهم وبين قوم فرعون ، أنجى هؤلاء وأغرق أولئك . ونظيره : "يوم الفرقان" . فقيل : يعني به يوم بدر ، نصر الله فيه محمداً صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، وأهلك أبا جهل وأصحابه . "لعلكم تهتدون" لكي تهتدوا من الضلالة . وقد تقدم .
يقول تعالى: واذكروا نعمتي عليكم في عفوي عنكم، لما عبدتم العجل بعد ذهاب موسى لميقات ربه عند انقضاء أمد المواعدة، وكانت أربعين يوماً وهي المذكورة في الأعراف في قوله تعالى: "وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر" قيل إنها: ذو القعدة بكماله وعشر من ذي الحجة، وكان ذلك بعد خلاصهم من فرعون وإنجائهم من البحر ، وقوله تعالى: "وإذ آتينا موسى الكتاب" يعني التوراة "والفرقان" وهو ما يفرق بين الحق والباطل والهدى والضلالة "لعلكم تهتدون" وكان ذلك أيضاً بعد خروجهم من البحر كما دل عليه سياق الكلام في سورة الأعراف، ولقوله تعالى: "ولقد آتينا موسى الكتاب من بعد ما أهلكنا القرون الأولى بصائر للناس وهدى ورحمة لعلهم يتذكرون" وقيل: الواو زائدة، والمعنى ولقد آتينا موسى الكتاب الفرقان وهذا غريب، وقيل، عطف عليه وإن كان المعنى واحداً، كما في قول الشاعر:
وقدمت الأديم لراقشيه فألفى قولها كذباً ومينا
وقال الاخر:
ألا حبذا هند وأرض بها هند وهند أتى من دونها النأي والبعد
فالكذب هو المين، والنأي: هو البعد. وقال عنترة:
حييت من طلل تقادم عهده أقوى وأقفر بعد أم الهيثم
فعطف الإقفار على الإقواء وهو هو .
53- " وإذ آتينا موسى الكتاب والفرقان لعلكم تهتدون " والكتاب: التوراة بالإجماع من المفسرين. واختلفوا في الفرقان، وقال الفراء وقطرب: المعنى آتينا موسى التوراة ومحمداً الفرقان. وقد قيل: إن هذا غلط أوقعهما فيه أن الفرقان مختص بالقرآن وليس كذلك، فقد قال الله تعالى: "ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان" وقال الزجاج: إن الفرقان هو الكتاب أعيد ذكره تأكيداً. وحكي نحوه عن الفراء، ومنه قول عنترة:
حييت من طلل تقادم عهده أقوى وأقفر بعد أم الهيثم
وقيل: إن الواو صلة، والمعنى: آتينا موسى الكتاب الفرقان، والواو قد تزاد في النعوت كقول الشاعر:
إلى الملك القرم وابن الهمام وليث الكتيبة في المزدحم
وقيل المعنى: أن ذلك المنزل جامع بين كونه كتاباً وفارقاً بين الحق والباطل، وهو كقوله: "ثم آتينا موسى الكتاب تماماً على الذي أحسن وتفصيلاً لكل شيء" وقيل الفرقان: الفرق بينهم وبين قوم فرعون، أنجى هؤلاء. وقال ابن زيد: الفرقان: انفراق البحر، وقيل الفرقان: الفرج من الكرب، وقيل: إنه الحجة والبيان بالآيات التي أعطاه الله من العصا واليد وغيرهما، وهذا أولى وأرجح ويكون العطف على بابه كأنه قال: آتينا موسى التوراة والآيات التي أرسلناه بها معجزة له.
53. قوله تعالى: " وإذ آتينا موسى الكتاب " يعني التوراة " والفرقان " قال مجاهد : هو التوراة أيضاً ذكرها باسمين، وقال الكسائي : الفرقان نعت الكتاب والواو زائدة، يعني: الكتاب المفرق بين الحلال والحرام، وقال يمان بن رباب: أراد بالفرقان انفراق البحر كما قال " وإذ فرقنا بكم البحر فأنجيناكم " " لعلكم تهتدون " بالتوراة.
53-" وإذ آتينا موسى الكتاب والفرقان " يعني التوراة الجامع بين كونه كتاباً منزلاً وحجة تفرق بين الحق والباطل . وقيل أراد بالفرقان معجزاته الفارقة بين المحق والمبطل في الدعوى ، أو بين الكفر والإيمان . وقيل الشرع الفارق بين الحلال والحرام ، أو النصر الذي فرق بينه وبين عدوه كقوله تعالى : " يوم الفرقان " يريد يوم بدر .
" لعلكم تهتدون " لكي تهتدوا بتدبر الكتاب والتفكر في الآيات .
53. And when We gave unto Moses the Scripture and the Criterion (of right and wrong), that ye might be led aright.
53 - And remember we gave Moses the scripture and the criterion. (between right and wrong): there was a chance. for to be guided aright.