53 - (ذلك) أي تعذيب الكفرة (بأن) أي بسبب أن (الله لم يك مغيراً نعمة أنعمها على قوم) مبدلاً لها بالنقمة (حتى يغيروا ما بأنفسهم) يبدلوا نعمتهم كفراً كتبديل كفار مكة إطعامهم من جوع وأمنهم من خوف وبعث النبي صلى الله عليه وسلم إليهم بالكفر والصد عن سبيل الله وقتال المؤمنين (وأن الله سميع عليم)
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: وأخذنا هؤلاء الذين كفروا بآياتنا من مشركي قريش ببدر بذنوبهم، وفعلنا ذلك بهم، بأنهم غيروا ما أنعم الله عليهم به من ابتعاثه رسوله منهم وبين أظهرهم، بإخراجهم إياه من بينهم، وتكذيبهم له، وحربهم إياه، فغيرنا نعمتنا عليهم بإهلاكنا إياهم، كفعلنا ذلك في الماضين قبلهم ممن طغى علينا وعصى أمرنا.
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي : " ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم "، يقول: ((نعمة الله))، محمد صلى الله عليه وسلم، أنعم به على قريش، وكفروا، فنقله إلى الأنصار.
وقوله: " وأن الله سميع عليم "، يقول: لا يخفى عليه شيء من كلام خلقه، يسمع كلام كل ناطق منهم بخير نطق أو بشر، " عليم "، بما تضمره صدورهم، وهو مجازيهم ومثيبهم على ما يقولون ويعملون، إن خيراً فخيراً، وإن شراً فشراً.
تعليل. أي هذا العقاب، لأنهم غيروا وبدلوا، ونعمة الله على قريش الخصب والسعة، والأمن والعافية. "أولم يروا أنا جعلنا حرما آمنا ويتخطف الناس من حولهم" [العنكبوت: 67] الآية. وقال السدي نعمة الله عليهم محمد صلى الله عليه وسلم فكفروا به، فنقل إلى المدينة وحل بالمشركين العقاب.
يخبر تعالى عن تمام عدله وقسطه في حكمه بأنه تعالى لا يغير نعمة أنعمها على أحد, إلا بسبب ذنب ارتكبه, كقوله تعالى: " إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وإذا أراد الله بقوم سوءا فلا مرد له وما لهم من دونه من وال " وقوله "كدأب آل فرعون" أي كصنعه بآل فرعون وأمثالهم, حين كذبوا بآياته, أهلكهم بسبب ذنوبهم وسلبهم تلك النعم التي أسداها إليهم, من جنات وعيون وزروع وكنوز ومقام كريم, ونعمة كانوا فيها فاكهين, وما ظلمهم الله في ذلك بل كانوا هم الظالمين.
والإشارة بقوله: 53- "ذلك" إلى العقاب الذي أنزله الله بهم، وهو مبتدأ وخبره ما بعده، والجملة جارية مجرى التعليل لما حل بهم من عذاب الله. والمعنى: أن ذلك العقاب بسبب أن عادة الله في عباده عدم تغيير نعمه التي ينعم بها عليهم "حتى يغيروا ما بأنفسهم" من الأحوال والأخلاق بكفران نعم الله وغمط إحسانه وإهمال أوامره ونواهيه، وذلك كما كان من آل فرعون ومن قبلهم ومن قريش ومن يماثلهم من المشركين، فإن الله فتح لهم أبواب الخيرات في الدنيا ومن عليهم بإرسال الرسل وإنزال الكتب، فقابلوا هذه النعم بالكفر فاستحقوا تغيير النعم كما غيروا ما كان يجب عليهم سلوكه، والعمل به من شكرها وقبولها، وجملة "وأن الله سميع عليم" معطوفة على "بأن الله لم يك مغيراً نعمة" داخلة معها في التعليل: أي ذلك بسبب أن الله لم يك مغيراً إلخ، وبسبب أن الله سميع عليم يسمع ما يقولونه ويعلم ما يفعلونه. وقرئ بكسر الهمزة على الاستئناف.
53 - " ذلك بأن الله لم يك مغيراً نعمةً أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم " ، أراد : أن الله تعالى لا يغير ما أنعم على قوم حتى يغيروا هم ما بهم ، بالكفران وترك الشكر ، فإذا فعلوا ذلك غير الله ما بهم ، فسلبهم النعمة .
وقال السدي : نعمة الله محمد صلى الله عليه وسلم أنعم الله به على قريش وأهل مكة ، فكذبوه وكفروا به فنقله الله إلى الأنصار ، " وأن الله سميع عليم " .
53. " ذلك " إشارة إلى ما حل بهم . " بأن الله " بسبب أن الله . " لم يك مغيراً نعمةً أنعمها على قوم " مبدلاً إياها بالنقمة . "حتى يغيروا ما بأنفسهم" يبدلوا ما بهم من الحال إلى حال أسوأ ، كتغيير قريش حالهم في صلة الرحم والكف عن تعرض الآيات والرسل بمعاداة الرسول عليه الصلاة والسلام ومن تبعه منهم ، والسعي في إراقة دمائهم والتكذيب بالآيات والاستهزاء بها إلى غير ذلك مما أحدثوه بعد المبعث، وليس السبب عدم تغيير الله ما أنعم عليهم حتى يغيروا حالهم بل ما هو المفهوم له وهو جري عادته على تغييره متى يغيروا حالهم ، وأصل يك يكون فحذفت الحركة للجزم ثم الواو لالتقاء الساكنين ثم النون لشبهه بالحروف اللينة تخفيفاً . " وأن الله سميع " لما يقولون ." عليم" بما يفعلون .
53. That is because Allah never changeth the grace He hath bestowed on any people until they first change that which is in their hearts, and (that is) because Allah is Hearer, Knower.
53 - Because God will never change the grace which he hath bestowed on a people until they change what is in their (own) souls: and verily God is he who heareth and knoweth (all thing).