55 - (قال) يوسف (اجعلني على خزائن الأرض) أرض مصر (إني حفيظ عليم) ذو حفظ وعلم بأمرها وقيل كاتب حاسب
قال ابو جعفر : يقول جل ثناؤه : قال يوسف للملك : اجعلني على خزائن أرضك .
وهي جمع خزانة .
و الألف واللام دخلتا في "الأرض" ، خلفاً من الإضافة ، كما قال الشاعر :
والأحلام غير عوازب
وهذا من يوسف صلوات الله عليه ، مسألة منه للملك أن يوليه أمر طعام بلده وخراجها ، والقيام بأسباب بلده ، ففعل ذلك للملك به ، فيما بلغني ، كما :
حدثني يونس قال ، أخبرنا ابن وهب قال ، قال ابن زيد في قوله : "اجعلني على خزائن الأرض" ، قال :كان لفرعون خزائن كثيرة غير الطعام ، قال : فأسلم سلطانه كله إليه ، وجعل القضاء إليه ، أمره وقضاؤه نافذ .
حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا إبراهيم بن المختار ، عن شيبة الضبي في قوله : "اجعلني على خزائن الأرض" ، قال : على حفظ الطعام .
وقوله : "إني حفيظ عليم" ، اختلف أهل التأويل في تأويله .
فقال بعضهم :معنى ذلك : إني حفيظ لما استودعتني ، عليم بما وليتني .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق : "إني حفيظ عليم" ، إني حافظ لما استودعتني ، عامل بما وليتني . قال : قد فعلت .
حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادةقوله : "إني حفيظ عليم" ، يقول : حفيظ لما وليت ، عليم بأمره .
حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا إبراهيم بن المختار ، عن شيبة الضبي في قوله : "إني حفيظ عليم" ، يقول : إني حفيظ لما استودعتني ، عليم بسني المجاعة .
وقال آخرون : إني حافظ للحساب ، عليم بالألسن .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا عمرو ، عن الأشجعي : "إني حفيظ عليم" ، حافظ للحساب ، عليم بالألسن .
قال أبو جفر : وأولى القولين عندنا بالصواب ، قول من قال : معنى ذلك : إني حافظ لما استودعتني ، عالم بما أوليتني ، لأن ذلك عقيب قوله : "اجعلني على خزائن الأرض" ، ومسألته الملك استكفاءه خزائن الأرض ، فكان إعلامه بأن عنده خبرةً في ذلك وكفايته إياه ،أشبه من إعلامه حفظه الحساب ، ومعرفته بالألسن .
فيه أربع مسائل:
الأولى: قوله تعالى: " قال اجعلني على خزائن الأرض " قال سعيد بن منصور: سمعت مالك بن أنس يقول: مصر خزانة الأرض، أما سمعت إلى قوله: ( اجعلني على خزائن الأرض) أي على حفظها، فحذف المضاف. " إني حفيظ " لما وليت " عليم " بأمره. وفي التفسير: إني حاسب كاتب، وأنه أول من كتب في القراطيس. وقيل: ( حفيظ) لتقدير الأقوات ( عليم) بسني المجاعات. قال جوبير عن الضحاك عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " رحم الله أخي يوسف لو لم يقل اجعلني على خزائن الأرض لاستعمله من ساعته ولكن أخر ذلك عنه سنة ". قال ابن عباس: لما انصرمت السنة من يوم سأل الإمارة دعاه الملك فتوجه ورداه بسيفه، ووضع له سريراً من ذهب، مكللاً بالدر والياقوت، وضرب عليه حلة من إستبرق، وكان طول السرير ثلاثين ذراعاً وعرضه عشرة أذرع، عليه ثلاثون فراشاً وستون مرفقة، ثم أمره أن يخرج، فخرج متوجاً، لونه كالثلج، ووجه كالقمر، يرى الناظر وجه من صفاء لو وجهه، فجلس على السرير ودانت له الملوك، ودخل الملك بيته مع نسائه، وفوض إليه أمر مصر، وعزل قطفير عما كان عليه وجعل يوسف مكانه. قال ابن زيد: كان لفرعون ملك مصر خزائن كثيرة غير الطعام، فسلم سلطانه كله إليه، وهلك قطفير تلك الليالي، فزوج الملك يوسف راعيل امرأة العزيز، فلما دخل عليها قال: أليس هذا خيراً مما كنت تريدين؟! فقالت: أيها الصديق لا تلمني، فإني كنت امرأة حسناء ناعمة كما ترى، وكان صاحبي لا يأتي النساء، وكنت كما جعلك الله من الحسن فغلبتني نفسي. فوجدها يوسف عذراء فأصابها فولدت له رجلين: إفراثيم بن يوسف، ومنشا بن يوسف. وقال وهب بن منبه: إنما كان تزويجه زليخاء امرأة العزيز بين دخلتي الإخوة، وذلك أن زليخاء مات زوجها ويوسف في السجن، وذهب مالها وعمي بصرها بكاء على يوسف، فصارت تتكفف الناس، فمنهم من يرحمها ومنهم من لا يرحمها، وكان يوسف يركب في كل أسبوع مرة في موكب زهاء مائة ألف من عظماء قومه، فقيل له: لو تعرضت له لعله يسعفك بشيء، ثم قيل لها: لا تفعلي، فربما ذكر بعض ما كان منك من المراودة والسجن فيسيء إليك، فقالت: أنا اعلم بخلق حبيبي منكم، ثم تركته حتى إذا ركب في موكبه، قامت فنادت بأعلى صوتها: سبحان من جعل الملوك عبيداً بمعصيتهم، وجعل العبيد ملوكاً بطاعتهم، فقال يوسف: ما هذه؟ فأتوا بها، فقالت: أنا التي كنت أخدمك على صدور قدمي، وأرجل جمتك بيدي، وتربيت في بيتي، وأكرمت مثواك، لكن فرط ما فرط من جهلي وعتوي فذقت وبال أمري، فذهب مالي، وتضعضع ركني، وطال ذلي، وعمي بصري، وبعد ما كنت مغبوطة أهل مصر صرت مرحومتهم، أتكفف الناس، فمنهم من يرحمني، ومنهم من لا يرحمني، وهذا جزاء المفسدين، فبكى يوسف بكاء شديداً، ثم قال لها: هل بقيت تجدين مما كان في نفسك من حبك لي شيئاً؟ فقالت: والله لنظرة إلى وجهك أحب إلي من الدنيا بحذافيرها، لكن ناولني صدر سوطك، فناولها فوضعته على صدرها، فوجد للسوط في يده اضطراباً وارتعاشاً من خفقان قلبها، فبكى ثم مضى إلى منزله فأرسل إليها رسولاً: إن كنت أيماً تزوجناك، وإن كنت ذات بعل أغنيناك، فقالت للرسول: أعوذ بالله أن يستهزيء بي الملك! لم يردني أيام شبابي وغناي ومالي وعزي أفيريدني اليوم وأنا عجوز عمياء فقيرة؟! فأعلمه الرسول بمقالتها، فلما ركب في الأسبوع الثاني تعرضت له، فقال لها: ألم يبلغك الرسول؟ فقالت: قد أخبرتك أن نظرة واحدة إلى وجهك أحب إلي من الدنيا وما فيها، فأمر بها فأصلح من شأنها وهيئت، ثم زفت إليه، فقام يوسف يصلي ويدعو الله، وقامت وراءه، فسأل الله تعالى أن يعيد إليها شبابها وجمالها وبصرها، فرد الله عليها شبابها وجمالها وبصرها حتى عادت أحسن ما كانت يوم روادته، إكراماً ليوسف عليه السلام لما عف عن محارم الله، فأصابها فإذا هي عذراء، فسألها، فقالت: يا نبي الله إن زوجي كان عنيناً لا يأتي النساء، وكنت أنت من الحسن والجمال بما لا يوصف، قال: فعاشا في خفض عيش، في كل يوم يجدد الله لهما خيراً، وولدت له ولدين، إفراثيم ومنشا. وفيما روي أن الله تعالى ألقى في قلب يوسف من محبتها أضعاف ما كان في قلبها، فقال لها: ما شأنك لا تحبينني كما كنت في أول مرة؟ فقالت له: لما ذقت محبة الله تعالى شغلني ذلك عن كل شيء.
الثانية: قال بعض أهل العلم: في هذه الآية ما يبيح للرجل الفاضل أن يعمل للرجل الفاجر، والسلطان الكافر، بشرط أن يعلم أنه يفوض إليه في فعل لا يعارضه فيه، فيصلح منه ما شاء، وأما إذا كان عمله بحسب اختيار الفاجر وشهواته وفجوره فلا يجوز ذلك. وقال قوم: إن هذا كان ليوسف خاصة، وهذا اليوم غير جائز، والأول أولى إذا كان على الشرط الذي ذكرناه. والله أعلم. قال الماوردي : فإن كان المولي ظالماً فقد اختلف الناس في جواز الولاية من قبله على قولين: أحدهما: جوازها إذا عمل بالحق فيما تقلده، لأن يوسف ولي من قبل فرعون، ولأن الاعتبار في حقه بفعله لا بفعل غيره. الثاني: أنه لا يجوز ذلك، لما فيه من تولي الظالمين بالمعونة لهم، وتزكيتهم بتقلد أعمالهم، فأجاب من ذهب إلى هذا المذهب عن ولاية يوسف من قبل فرعون بجوابين: أحدهما: أن فرعون يوسف كان صالحاً، وإنما الطاغي فرعون موسى. الثاني: أنه نظر في أملاكه دون أعماله، فزالت عنه التبعة فيه. قال الماوردي : والأصح من إطلاق هذين القولين أن يفصل ما يتولاه من جهة الظالم على ثلاثة أقسام: أحدها: ما يجوز لأهله فعله من غير اجتهاد في تنفيذه كالصدقات والزكوات، فيجوز توليه من جهة الظالم، لأن النص على مستحقه قد أغنى عن الاجتهاد فيه، وجواز تفرد أربابه به قد أغنى عن التقليد. والقسم الثاني: ما لا يجوز أن يتفردوا به ويلزم الاجتهاد في مصرفه كأموال الفيء، فلا يجوز توليه من جهة الظالم، لأنه يتصرف بغير حق، ويجتهد فيما لا يستحق. والقسم الثالث: ما يجوز أن يتولاه لأهله، وللاجتهاد فيه مدخل كالقضايا والأحكام، فعقد التقليد محلول، فإن كان النظر تنفيذاً للحكم بين متراضيين، وتوسطاً بين مجبورين جاز، وإن كان إلزام إجبار لم يجز.
الثالثة: ودلت الآية أيضاً على جواز أن يخطب الإنسان عملاً يكون له أهلاً، فإن قيل: فقد روى مسلم عن عبد الرحمن بن سمرة قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا عبد الرحمن لا تسأل الإمارة فإنك إن أعطيتها عن مسألة وكلت إليها وإن أعطيتها عن غير مسألة أعنت عليها ". وعن أبي بردة قال: قال أبو موسى: أقبلت إلى النبي صلى الله عليه وسلم ومعي رجلان من الأشعريين، أحدهما عن يميني والآخر عن يساري، فكلاهما سأل العمل، والنبي صلى الله عليه سلم يستاك، فقال: " ما تقول يا أبا موسى - أو يا عبد الله بن قيس - قال: قلت: والذي بعثك بالحق ما أطلعاني على ما في أنفسهما، وما شعرت أنهما يطلبان العمل، قال: وكأني أنظر إلى سواكه تحت شفته وقد قلصت، فقال: لن - أو - لا نستعمل على عملنا من أراده " وذكر الحديث، خرجه مسلم أيضاً وغيره، فالجواب: أولاً: أن يوسف عليه السلام إنما طلب الولاية لأنه علم أنه لا أحد يقوم مقامه في العدل والإصلاح وتوصيل الفقراء إلى حقوقهم فرأى أن ذلك فرض متعين عليه فإنه لم يكن هناك غيره، وهكذا الحكم اليوم، لو علم إنسان من نفسه أنه يقوم بالحق في القضاء أو الحسبة ولم يكن هناك من يصلح ولا يقوم مقامه لتعين ذلك عليه، ووجب أن يتولاها ويسأل ذلك، ويخبر بصفاته التي يستحقها به من العلم والكفاية وغير ذلك، كما قال يوسف عليه السلام، فأما لو كان هناك من يقوم بها ويصلح لها وعلم بذلك فالأولى ألا يطلب، لقوله عليه السلام لعبد الرحمن: " لا تسأل الإمارة " وأيضاً فإن سؤالها والحرص عليها مع العلم بكثرة آفاتها وصعوبة التخلص منها دليلاً على أنه يطلبها لنفسه ولأغراضه، ومن كان هكذا يوشك أن تغلب عليه نفسه فيهلك، وهذا معنى قوله عليه السلام: " وكل إليها " ومن أباها لعلمه بآفاتها، ولخوفه من التقصير في حقوقها فر منها، ثم إن ابتلى بها فيرجى له التخلص منها، وهو معنى قوله: " أعين عليها ". الثاني: أنه لم يقل: إني حسبت كريم، وإن كان كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: " الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحق بن إبراهيم " ولا قال: إني جميل مليح، إنما قال: ( إني حفيظ عليم) فسألها بالحفظ والعلم، لا بالنسب والجمال. الثالث: إنما قال ذلك عند من لا يعرفه فأراد تعريف نفسه، وصار ذلك مستثنى من قوله تعالى: " فلا تزكوا أنفسكم " ( النجم: 32) الرابع: أنه رأى ذلك فرضاً متعيناً عليه، لأنه لم يكن هنالك غيره، وهو الأظهر، والله أعلم. الرابعة: ودلت الآية أيضاً على أنه يجوز للإنسان أن يصف نفسه بما فيه من علم وفضل، قال الماوردي : وليس هذا على الإطلاق في عموم الصفات، ولكنه مخصوص فيما اقترن بوصله، أو تعلق بظاهر من مكسب، وممنوع منه فيما سواه، لما فيه من تزكية ومراءاة، ولو ميزة الفاضل عنه لكان أليق بفضله، فإن يوسف دعته الضرورة إليه لما سبق من حاله، ولما يرجو من الظفر بأهله.
يقول تعالى إخباراً عن الملك حين تحقق براءة يوسف عليه السلام ونزاهة عرضه مما نسب إليه, قال "ائتوني به أستخلصه لنفسي" أي أجعله من خاصتي وأهل مشورتي "فلما كلمه" أي خاطبه الملك, وعرفه, ورأى فضله وبراعته, وعلم ما هو عليه من خلق وخلق وكمال, قال له الملك "إنك اليوم لدينا مكين أمين" أي إنك عندنا قد بقيت ذا مكانة وأمانة, فقال يوسف عليه السلام "اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم" مدح نفسه, ويجوز للرجل ذلك إذا جهل أمره للحاجة, وذكر أنه "حفيظ" أي خازن أمين, "عليم" ذو علم وبصيرة بما يتولاه. وقال شيبة بن نعامة: حفيظ لما استودعتني, عليم بسني الجدب, رواه ابن أبي حاتم, وسأل العمل لعلمه بقدرته عليه ولما فيه من المصالح للناس, وإنما سأله أن يجعله على خزائن الأرض, وهي الأهرام التي يجمع فيها الغلات, لما يستقبلونه من السنين التي أخبرهم بشأنها, فيتصرف لهم على الوجه الأحوط والأصلح والأرشد, فأجيب إلى ذلك رغبة فيه وتكرمة له ولهذا قال تعالى:
55- " قال اجعلني على خزائن الأرض " أي ولني أمر الأرض التي أمرها إليك وهي أرض مصر، أو اجعلني على حفظ خزائن الأرض، وهي الأمكنة التي تخزن فيها الأموال. طلب يوسف عليه السلام منه ذلك ليتوصل به إلى نشر العدل ورفع الظلم، ويتوسل به إلى دعاء أهل مصر إلى الإيمان بالله وترك عبادة الأوثان وفيه دليل على أنه يجوز لمن وثق من نفسه إذا دخل في أمر من أمور السلطان أن يرفع منار الحق ويهدم ما أمكنه من الباطل طلب ذلك لنفسه. ويجوز له أن يصف نفسه بالأوصاف التي لها ترغيباً فيما يرومه، وتنشيطاً لمن يخاطبه من الملوك بإلقاء مقاليد الأمور إليه وجعلها منوطة به ولكنه يعارض هذا الجواز ما ورد عن نبينا صلى الله عليه وسلم من النهي عن طلب الولاية والمنع من تولية من طلبها أو حرص عليها، والخزائن جمع خزانة، وهي اسم للمكان الذي يخزن فيه الشيء والحفيظ الذي يحفظ الشيء: أي "إني حفيظ" لما جعلته إلي من حفظ الأموال لا أخرجها في غير مخارجها، ولا أصرفها في غير مصارفها "عليم" بوجود جمعها وتفريقها ومدخلها ومخرجها.
55-ف "قال"، يوسف، "اجعلني على خزائن الأرض"، الخزائن: جمع خزانة، وأراد خزائن الطعام والأموال، والأرض: أرض مصر، أي: خزائن أرضك.
وقال الربيع بن أنس: على خراج مصر ودخله.
"إني حفيظ عليم"، أي: حفيظ للخزائن عليم بوجوه مصالحها. وقيل: حفيظ عليم: كاتب وحاسب.
وقيل: حفيظ لما استودعتني، عليم بما وليتني.
وقيل: حفيظ للحساب عليم بالألسن أعلم لغة كل من يأتيني.
وقال الكلبي: حفيظ بتقديره في السنين الخصبة في الأرض الجدبة عليم بوقت الجوع حين يقع، فقال له الملك. ومن أحق به منك؟! فولاه ذلك وقال له: إنك اليوم لدينا مكين، ذو مكانة ومنزلة، أمين على الخزائن.
أخبرنا أبو سعيد الشريحي، أخبرنا أبو إسحاق الثعلبي، أخبرني أبو عبد الله الحسين بن محمد الفنجوي، حدثنا مخلد بن جعفر البقرجي، حدثنا الحسن بن علوية، حدثنا إسماعيل بن عيسى، حدثنا إسحاق بن بشر، عن جويبر، عن الضحاك، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "رحم الله أخي يوسف لو لم يقل اجعلني على خزائن الأرض لاستعمله من ساعته، ولكنه أخره لذلك سنة فأقام في بيته سنة مع الملك".
وبإسناده عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما انصرمت السنة من اليوم الذي سأل الإمارة دعاه الملك فتوجه وقلده بسيفه ووضع له سريرا من ذهب مكلل بالدر والياقوت، وضرب عليه حلة من إستبرق، وطول السرير ثلاثون ذراعا، وعرضه عشرة أذرع، عليه ثلاثون فراشا وستون مقرمة، ثم أمره أن يخرج، فخرج متوجا، ولونه كالثلج، ووجهه كالقمر، يرى الناظر وجهه في صفاء لون وجهه، فانطلق حتى جلس على السرير، ودانت له الملوك، ودخل الملك بيته وفوض إليه أمر مصر، وعزل قطفير عما كان عليه وجعل يوسف مكانه قال ابن إسحاق.
وقال ابن زيد: وكان لملك مصر خزائن كثيرة فسلم سلطانه كله إليه وجعل أمره وقضاءه نافذا، قالوا: ثم إن قطفير هلك في تلك الليالي فزوج الملك يوسف راعيل امرأة قطفير، فلما دخل عليها قال: أليس هذا خيرا مما كنت تردين؟ فقالت: أيها الصديق لا تلمني، فإني كنت امرأة حسناء ناعمة كما ترى في ملك ودنيا، وكان صاحبي لا يأتي النساء، وكنت كما جعلك الله في حسنك وهيئتك فغلبتني نفسي فوجدها يوسف عذراء فأصابها فولدت له ولدين: أفراثيم بن يوسف، وميشا بن يوسف.
55."قال اجعلني على خزائن الأرض"ولني أمرها والأرض أرض مصر ،"إني حفيظ"لها ممن لا يستحقها ."عليم"بوجوه التصرف فيه ،ولعله عليه السلام لما رأى أنه يستعمله في أمره لا محالة آثر ما تعم فوائده تجل عوائده ، وفيه دليل على جواز طلب التولية وإظهار أنه مستعد لهها والتولي من يد الكافر إذا علم أنهه لا سبيل إلى إقامة الحق وسياسة الخلق إلا بالاستظهار به . وعن مجاهد أن الملك أسلم على يده.
55. He said: Set me over the storehouses of the land I am a skilled custodian.
55 - (Joseph) said: set me over the store houses of the land: I will indeed guard them as one that knows (their importance).