55 - (وكان يأمر أهله) أي قومه (بالصلاة والزكاة وكان عند ربه مرضيا) اصله مرضو وأقبلت الواوان ياءين والضمة كسرة
يقول تعالى ذكره: "وكان يأمر أهله" بإقامة "الصلاة" وإيتاء "الزكاة وكان عند ربه مرضيا" عمله ، محموداً فيما كلفه ربه ، غير مقصر في طاعته.
السادسة: " وكان يأمر أهله " قال الحسن : يعني أمته. وفي حرف ابن مسعود وكان يأمر أهله جرهم وولده بالصلاة والزكاة . " وكان عند ربه مرضيا " أي رضياً زاكياً صالحاً. قال الكسائي و الفراء : من قال مرضي بناه على رضيت، قالا: وأهل الحجاز يقولون: مرضو. وقال الكسائي و الفراء : من العرب من يقول رضوان ورضيان فرضوان على مرضو، ورضيان على مرضي ولا يجيز البصريون أن يقولوا إلا رضوان وربوان. قال أبو جعفر النحاس: سمعت أبا إسحاق الزجاج يقول: يخطئون في الخط فيكتيون ربا بالياء ثم يخطئون فيما هو أشد من هذا فيقولون ربيان ولا يجوز إلا ربوان ورضوان، قال الله تعالى: " وما آتيتم من ربا ليربو في أموال الناس ". [الروم: 39].
هذا ثناء من الله تعالى على إسماعيل بن إبراهيم الخليل عليهما السلام, وهو والد عرب الحجاز كلهم بأنه كان صادق الوعد. قال ابن جريج : لم يعد ربه عدة إلا أنجزها, يعني ما التزم عبادة قط بنذر إلا قام بها ووفاها حقها. وقال ابن جرير : حدثني يونس , أنبأنا ابن وهب , أخبرني عمرو بن الحارث أن سهل بن عقيل حدثه أن إسماعيل النبي عليه السلام وعد رجلاً مكاناً أن يأتيه فيه, فجاء ونسي الرجل, فظل به إسماعيل وبات حتى جاء الرجل من الغد, فقال: ما برحت من ههنا ؟ قال: لا. قال: إني نسيت قال: لم أكن أبرح حتى تأتيني, فلذلك "كان صادق الوعد" وقال سفيان الثوري : يلغني أنه أقام في ذلك المكان ينتظره حولاً حتى جاءه وقال ابن شوذب : بلغني أنه اتخذ ذلك الموضع مسكناً.
وقد روى أبو داود في سننه, و أبو بكر محمد بن جعفر الخرائطي في كتابه مكارم الأخلاق, من طريق إبراهيم بن طهمان عن بديل بن ميسرة عن عبد الكريم يعني ابن عبد الله بن شقيق , عن أبيه عن عبد الله بن أبي الحمساء , قال: بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يبعث, فبقيت له علي بقية, فوعدته أن آتيه بها في مكانه ذلك, قال: فنسيت يومي والغد, فأتيته في اليوم الثالث وهو في مكانه ذلك, فقال لي: "يا فتى لقد شققت علي, أنا ههنا منذ ثلاث أنتظرك" لفظ الخرائطي وساق آثاراً حسنة في ذلك, ورواه ابن منده أبو عبد الله في كتاب معرفة الصحابة بإسناده عن إبراهيم بن طهمان , عن بديل بن ميسرة عن عبد الكريم به.
وقال بعضهم: إنما قيل له: "صادق الوعد" لأنه قال لأبيه: "ستجدني إن شاء الله من الصابرين" فصدق في ذلك, فصدق الوعد من الصفات الحميدة كما أن خلفه من الصفات الذميمة, قال الله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون * كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون" وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب, وإذا وعد أخلف, وإذا أؤتمن خان" ولما كانت هذه صفات المنافقين, كان التلبس بضدها من صفات المؤمنين, ولهذا أثنى الله على عبده ورسوله إسماعيل بصدق الوعد, وكذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم صادق الوعد أيضاً لا يعد أحداً شيئاً إلا وفى له به, وقد أثنى على أبي العاص بن الربيع زوج ابنته زينب, فقال: "حدثني فصدقني, ووعدني فوفى لي" ولما توفي النبي صلى الله عليه وسلم قال الخليفة أبو بكر الصديق من كان له عند رسول الله صلى الله عليه وسلم عدة أو دين فليأتني أنجز له, فجاء جابر بن عبد الله فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لو قد جاء مال البحرين أعطيتك هكذا وهكذا وهكذا" يعني ملء كفيه, فلما جاء مال البحرين أمر الصديق جابراً فغرف بيديه من المال, ثم أمره بعده فإذا هو خمسمائة درهم فأعطاه مثليها معها.
وقوله: "وكان رسولاً نبياً" في هذا دلالة على شرف إسماعيل على أخيه إسحاق, لأنه إنما وصف بالنبوة فقط, وإسماعيل وصف بالنبوة والرسالة. وقد ثبت في صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله اصطفى من ولد إبراهيم إسماعيل" وذكر تمام الحديث, فدل على صحة ما قلناه. وقوله: "وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة وكان عند ربه مرضياً" هذا أيضاً من الثناء الجميل والصفة الحميدة, والخلة السديدة, حيث كان مثابراً على طاعة ربه عز وجل, آمراً بها لأهله, كما قال تعالى لرسوله: "وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها" الاية, وقال: "يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون" أي مروهم بالمعروف وانهوهم عن المنكر ولا تدعوهم هملاً, فتأكلهم النار يوم القيامة, وقد جاء في الحديث عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "رحم الله رجلاً قام من الليل فصلى وأيقظ امرأته, فإن أبت نضح في وجهها الماء. رحم الله امرأة قامت من الليل فصلت وأيقظت زوجها, فإن أبى نضحت في وجهه الماء" أخرجه أبو داود وابن ماجه . وعن أبي سعيد وأبي هريرة رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا استيقظ الرجل من الليل وأيقظ امرأته فصليا ركعتين, كتبا من الذاكرين الله كثيراً والذاكرات" رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه واللفظ له.
55- "وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة" قيل المراد بأهله هنا أمته، وقيل جرهم، وقيل عشيرته كما في قوله: "وأنذر عشيرتك الأقربين" والمراد بالصلاة والزكاة هنا، هما العبادتان الشرعيتان، ويجوز أن يراد معناهما اللغوي "وكان عند ربه مرضياً" أي رضياً زاكياً صالحاً. قال الكسائي والفراء: من قال مرضي بنى على رضيت، قالا: وأهل الحجاز يقولون مرضو.
55 - " وكان يأمر أهله " أي : قومه . وقيل : أهله وجميع أمته ، " بالصلاة والزكاة " ، قال ابن عباس : يريد التي افترضها الله تعالى عليهم ، وهي الحنيفية التي افترضت علينا ، " وكان عند ربه مرضياً " ، قائماً بطاعته . قيل : رضيه الله عز وجل لنبوته ورسالته .
55 " وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة " اشتغالاً بالأهم وهو أن يقبل الرجل على نفسه ومن هو أقرب الناس إليه بالتكميل ، قال الله تعالى "وأنذر عشيرتك الأقربين ". " وأمر أهلك بالصلاة ". "قوا أنفسكم وأهليكم ناراً". وقيل أهله أمته فإن الأنبياء آباء الأمم. " وكان عند ربه مرضيا " لاستقامة أقواله وأفعاله.
55. He enjoined upon his people worship and alms giving, and was acceptable in the sight of his Lord.
55 - He used to enjoin On his people prayer And Charity, and he was most acceptable in the sight of his Lord.