(يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي) وأصحاب (الأمر) أو الولاة (منكم) إذا أمروكم بطاعة الله ورسوله (فإن تنازعتم) اختلفتم (في شيء فردوه إلى الله) أي إلى كتابه (والرسول) مدة حياته وبعده إلى سنته أي اكشفوا عليه منهما (إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك) أي الرد إليهما (خير) لكم من التنازع والقول بالرأي (وأحسن تأويلا) مآلا
قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله الآية روى البخاري وغيره عن ابن عباس قال نزلت هذه الآية في عبد الله بن حذافة بن قيس إذ بعثه النبي صلى الله عليه وسلم في سرية كذا أخرجه مختصرا وقال الداودي هذا وهم يعني الإفتراء عن ابن عباس فإن عبد الله بن حذافة خرج على جيش فغضب فأوقد نارا وقال اقتحموا فامتنع بعض وهم بعض أن يفعل قال فإن كانت الآية نزلت قبل فكيف يخص عبد الله بن حذافة بالطاعة دون غيره وان كانت نزلت بعده فإنما قيل لهم إنما الطاعة في المعروف وما قيل لهم لم تطيعوه وأجاب الحافظ ابن حجر بأن المقصود في قصته فإن تنازعتم في شيء فإنهم تنازعوا في امتثال الأمر بالطاعة والتوقف فرارا من النار فناسب أن ينزل في ذلك ما يرشدهم إلى إلى ما يفعلونه عند التنازع وهو الرد إلى الله والرسول وقد أخرج ابن جرير أنها نزلت في قصة جرت لعمار بن ياسر مع خالد بن الوليد وكان خالد أميرا فأجار عمار رجلا بغير أمره فتخاصما فنزلت
قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله ربكم فيما أمركم به وفيما نهاكم عنه، وأطيعوا رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم، فإن في طاعتكم إياه لربكم طاعة، وذلك أنكم تطيعونه لأمر الله إياكم بطاعته، كما:
حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن الأعمش ، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أطاعني فقد أطاع الله، ومن أطاع أميري فقد أطاعني، ومن عصاني فقد عص الله، ومن عصى أميري فقد عصاني. واختلف أهل التأويل في معنى قوله: "أطيعوا الله وأطيعوا الرسول".
فقال بعضهم: ذلك أمر من الله باتباع سنته.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا المثنى قال: حدثنا عمرو قال، حدثنا هشيم، عن عبد الملك، عن عطاء في قوله: "أطيعوا الله وأطيعوا الرسول"، قال: طاعة الرسول، اتباع سنته. حدثني المثنى قال، حدثنا إسحق قال، حدثنا يعلى بن عبيد، عن عبد الملك، عن عطاء: "أطيعوا الله وأطيعوا الرسول"، قال: طاعة الرسول، اتباع الكتاب والسنة.
وحدثني المثنى قال، حدثنا سويد قال، أخبرنا ابن المبارك، عن عبد الملك، عن عطاء مثاله.
وقال آخرون: ذلك أمر من الله بطاعة الرسول في حياته.
ذكر من قال ذلك:
حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: "أطيعوا الله وأطيعوا الرسول"، إن كان حياً.
قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك أن يقال: هو أمر من الله بطاعة رسوله في حياته فيما أمر ونهى، وبعد وفاته باتباع سنته. وذلك أن الله عم بالأمر بطاعته، ولم يخصص بذلك في حال دون حال، فهو على العموم حتى يخص ذلك ما يجب التسليم له.
واختلف أهل التأويل في "أولي الأمر" الذين أمر الله عباده بطاعتهم في هذه الآية. فقال بعضهم: هم الأمراء.
ذكر من قال ذلك:
حدثني أبو السائب سلم بن جنادة قال، حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة في قوله: "أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم"، قال: هم الأمراء.
حدثنا الحسن بن الصباح البزار قال، حدثنا حجاج بن محمد، عن ابن جريج قال، أخبرني يعلى بن مسلم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس أنه قال: "يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم"، نزلت في رجل بعثه النبي صلى الله عليه وسلم على سرية.
حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن عبد الله بن مسلم بن هرمز، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: أن هذه الآية نزلت في عبد الله بن حذافة بن قيس السهمي، إذ بعثه النبي صلى الله عليه وسلم في السرية.
حدثنا ابن حميد قال، حدثنا حكام، عن عنبسة، عن ليث قال: سأل مسلمة ميمون بن مهران عن قوله: "أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم"، قال: أصحاب السرايا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم.
حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: "يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم"، قال. قال أبي: هم السلاطين. قال وقال ابن زيد في قوله: "وأولي الأمر منكم"، قال أبي: قال رسول الله :صلى الله عليه وسلم الطاعة الطاعة، وفي الطاعة بلاء. وقال: ولو شاء لجعل الأمر في الأنبياء، يعني: لقد جعلت "الأمر" إليهم والأنبياء معهم، ألا ترى حين حكموا في قتل يحيى بن زكريا؟.
حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: "أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم"، قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية عليها خالد بن الوليد، وفيها عمار بن ياسر، فساروا قبل القوم الذين يريدون، فلما بلغوا قريباً منهم عرسوا، وأتاهم ذو العيينتين فأخبرهم، فأصبحوا قد هربوا، غير رجل أمر أهله فجمعوا متاعهم، ثم أقبل يمشي في ظلمة الليل حتى أتى عسكر خالد، فسأل عن عمار بن ياسر، فأتاه فقال: يا أبا اليقظان، إني قد أسلمت وشهدت أن لا إله إلا الله، وأن محمداً عبده ورسوله، وإن قومي لما سمعوا بكم هربوا، وإني بقيت، فهل إسلامي نافعي غداً، وإلا هربت؟ قال عمار: بل هو ينفعك، فأقم. فأقام، فلما أصبحوا أغار خالد فلم يجد أحداً غير الرجل، فأخذه وأخذ ماله. فبلغ عماراً الخبر، فأتى خالداً، فقال: خل عن الرجل، فإنه قد أسلم، وهو في أمان مني. فقال خالد: وفيم أنت تجير؟ فاستبا وارتفعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأجاز أمان عمار، ونهاه أن يجير الثانية على أمير. فاستبا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال خالد: يا رسول الله، أتترك هذا العبد الأجدع يسبني؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا خالد، لا تسب عماراً، فإنه من سب عماراً سبه الله، ومن أبغض عماراً أبغضه الله، ومن لعن عماراً لعنه الله. فغضب عمار فقام، فتبعه خالد حتى أخذ بثوبه فاعتذر إليه، فرضي عنه. فأنزل الله تعالى قوله: "أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم".
وقال آخرون: هم أهل العلم والفقه.
ذكر من قال ذلك:
حدثني سفيان بن وكيع قال، حدثنا أبي، عن علي بن صالح، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن جابر بن عبد الله.
قال، حدثنا جابر بن نوح، عن الأعمش، عن مجاهد في قوله: "أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم"، قال: أولي الفقه منكم.
حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن إدريس قال، أخبرنا ليث، عن مجاهد في قوله: "أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم"، قال: أولي الفقه والعلم. حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح: "وأولي الأمر منكم"، قال: أولي الفقه في الدين والعقل.
حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله.
حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: "أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم"، يعني: أهل الفقه والدين.
حدثني أحمد بن حازم قال، حدثنا أبو نعيم قال، حدثنا سفيان، عن حصين، عن مجاهد: "وأولي الأمر منكم"، قال: أهل العلم.
حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا عبد الملك، عن عطاء بن السائب في قوله: "أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم"، قال: أولي العلم والفقه.
حدثني المثنى قال، حدثنا عمرو بن عون قال، حدثنا هشيم عن عبد الملك، عن عطاء: "وأولي الأمر منكم"، قال: الفقهاء والعلماء.
حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن الحسن في قوله: "وأولي الأمر منكم"، قال: هم العلماء.
قال، وأخبرنا عبد الرزاق، عن الثوري، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قوله: "وأولي الأمر منكم"، قال: هم أهل الفقه والعلم.
حدثني المثنى قال، حدثنا إسحق قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع، عن أبي العالية في قوله: "وأولي الأمر منكم"، قال: هم أهل العلم، ألا ترى أنه يقول: "ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم" [النساء: 83].
وقال آخرون: هم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم.
ذكر من قال ذلك:
حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية قال، حدثنا ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: "أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم"، قال: كان "مجاهد" يقول: أصحاب محمد، قال: وربما قال: أولي العقل والفقه ودين الله.
وقال آخرون: هم أبو بكر وعمر رحمهما الله.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا أحمد بن عمرو البصري قال، حدثنا حفص بن عمر العدني قال، حدثنا الحكم بن أبان، عن عكرمة "أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم"، قال: أبو بكر وعمر.
قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب، قول من قال: هم الأمراء والولاة، لصحة الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأمر بطاعة الأئمة والولاة فيما كان الله طاعة، وللمسلمين مصلحة، كالذي:
حدثني علي بن مسلم الطوسي قال، حدثنا ابن أبي فديك قال، حدثني عبد الله بن محمد بن عروة، عن هشام بن عروة، عن أبي صالح السمان، عن أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: سيليكم بعدي ولاة، فيليكم البر ببره، والفاجر بفجوره، فاسمعوا لهم وأطيعوا في كل مكان ما وافق الحق، وصلوا وراءهم. فإن أحسنوا فلكم ولهم، وإن أساؤوا فلكم وعليهم.
حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا يحيى، عن عبيد الله قال، أخبرني نافع، عن عبدالله، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: على المرء المسلم، الطاعة فيما أحب وكره، إلا أن يؤمر بمعصية فمن أمر بمعصية فلا طاعة.
حدثنا ابن المثنى قال، حدثني خالد، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه.
فإذ كان معلوماً أنه لا طاعة واجبة لأحد غير الله أو رسوله أو إمام عادل، وكان الله قد أمر بقوله: "أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم" بطاعة ذوي أمرنا، كان معلوماً أن الذين أمر بطاعتهم تعالى ذكره من ذوي أمرنا، هم الأئمة ومن ولوه المسلمين، دون غيرهم من الناس، وإن كان فرضاً القبول من كل من أمر بترك معصية الله ودعا إلى طاعة الله، وأنه لا طاعة تجب لأحد فيما أمر ونهى فيما لم تقم حجة وجوبه ، إلا للأئمة الذين ألزم الله عباده طاعتهم فيما أمروا به رعيتهم مما هو مصلحة لعامة الرعية، فان على من أمروه بذلك طاعتهم، وكذلك في كل ما لم يكن لله معصية.
وإذ كان ذلك كذلك، كان معلوماً بذلك صحة ما اخترنا من التأويل دون غيره.
قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: فإن اختلفتم، أيها المؤمنون، في شيء من أمر دينكم: أنتم فيما بينكم، أو أنتم وولاة أمركم، فاشتجرتم فيه، "فردوه إلى الله"، يعني بذلك: فارتادوا معرفة حكم ذلك الذي اشتجرتم -أنتم بينكم، أو أنتم وأولوا أمركم - فيه من عند الله، يعني بذلك: من كتاب الله، فاتبعوا ما وجدتم. وأما قوله: "والرسول"، فإنه يقول: فإن لم تجدوا إلى علم ذلك في كتاب الله سبيلاً، فارتادوا معرفة ذلك أيضا من عند الرسول إن كان حياً، وإن كان ميتاً فمن سنته، "إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر"، يقول: افعلوا ذلك إن كنتم تصدقون بالله، "واليوم الآخر"، يعني: بالمعاد الذي فيه الثواب والعقاب، فإنكم إن فعلتم ما أمرتم به من ذلك. فلكم من الله الجزيل من الثواب، وإن لم تفعلوا ذلك فلكم الأليم من العقاب. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال جماعة من أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن إدريس قال، أخبرنا ليث، عن مجاهد في قوله: "فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول"، قال: فإن تنازع العلماء ردوه إلى الله والرسول. قال يقول: فردوه إلى كتاب الله وسنة رسوله. ثم قرأ مجاهد هذه الآية: "ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم" [النساء:83].
حدثني المثنى قال، حدثنا سويد قال، أخبرنا ابن المبارك، عن سفيان، عن ليث، عن مجاهد في قوله: "فردوه إلى الله والرسول"، قال: كتاب، الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.
حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا الثوري ، عن ليث، عن مجاهد في قوله: "فردوه إلى الله والرسول"، قال: إلى الله، إلى كتابه، وإلى "الرسول"، إلى سنة نبيه.
حدثنا ابن حميد قال، حدثنا حكام، عن عنبسة، عن ليث، قال: سأل مسلمة ميمون بن مهران عن قوله: "فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول"، قال: "الله"، كتابه، ورسوله سنته، فكأنما ألقمه حجراً.
حدثنا أحمد بن حازم قال، حدثنا أبو نعيم قال، أخبرنا جعفر بن مروان، عن ميمون بن مهران: "فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول"، قال: الرد إلى الله، الرد إلى كتابه، والرد إلى رسوله إن كان حياً، فإن قبضه الله إليه فالرد إلى السنة. حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: "فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول"، يقول: ردوه إلى كتاب الله وسنة رسوله، "إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر".
حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: "فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول"، إن كان الرسول حياً، "وإلى الله" قال: إلى كتابه.
قال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه: "ذلك"، فرد ما تنازعتم فيه من شيء إلى الله والرسول، "خير" لكم عند الله في معادكم، وأصلح لكم في دنياكم، لأن ذلك يدعوكم إلى الألفة، وترك التنازع والفرقة، "وأحسن تأويلا"، يعن : وأحمد موئلاً ومغبة، وأجمل عاقبة.
وقد بينا فيما مضى أن التأويل التفعيل من تأول، وأن قول القائل: تأول، تفعل، من تولهم: آل هذا الأمر إلى كذا، أي: رجع- بما أغنى عن إعادته.
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل:
ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: "وأحسن تأويلا"، قال: أحسن جزاء.
حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله.
حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: "ذلك خير وأحسن تأويلا"، يقول: ذلك أحسن ثواباً، وخير عاقبة.
حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: "وأحسن تأويل"، قال: عاقبة.
حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: "ذلك خير وأحسن تأويل"، قال: وأحسن عاقبة، قال: والتأويل، التصديق.
فيه ثلاث مسائل:
الأولى- لما تقدم إلى الولاة في الآية المتقدمة وبدأ بهم فأمرهم بأداء الأمانات وأن يحكموا بين الناس بالعدل،تقدم في هذه الآية إلى الرعية فأمر بطاعته جل وعز أولاً، وهي امتثال أوامره واجتناب نواهيه، ثم بطاعة رسوله ثانياً فيما أمر به ونهى عنه ثم بطاعة الأمراء ثالثاً على قول الجمهور وأبي هريرة وابن عباس وغيرهم قال سهل بن عبد الله التستري : أطيعوا السلطان في سبعة: ضرب الدراهم والدنانير والمكاييل الأوزان، والأحكام والحج والجمعة والعيدين والجهاد. قال سهل: إذا نهى السلطان العلم أن يفتي فليس له أن يفتي فإن أفتى فهو عاص وإن كان أميراً جائراً وقال ابن خويز منداد: وأما طاعة السلطان فتجب فيما كان لله فيه طاعة، ولا تجب فيما كان لله فيه معصية ، ولذلك قلنا: إن ولاة زماننا لا تجوز طاعتهم ولا معاونتهم ولا تعظيمهم ، ويجب الغزو معهم متى غزوا، والحكم من قبلهم وتولية الإمامة والحسبة وإقامة ذلك على وجه الشريعة. وإن صلوا بنا وكانوا فسقة من جهة المعاصي جازت الصلاة معهم وإن كانوا مبتدعة لم تجز الصلاة معهم إلا أن يخافوا فيصلى معهم تقية وتعاد الصلاة .
قلت: روي عن علي بن أبي طالب رضي عنه أنه قال : حق على الإمام أن يحكم بالعدل، ويؤدي الأمانة، فإذا فعل ذلك وجب على المسلمين أن يطيعوه لأن الله تعالى أمرنا بأداء الأمانة والعدل، ثم أمر بطاعته، وقال جابر بن عبد الله ومجاهد: " وأولي الأمر " أهل القرآن والعلم وهو اختيار مالك رحمه الله ، ونحوه قول الضحاك قال: يعني الفقهاء والعلماء في الدين وحكي عن مجاهد أنهم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم خاصة . وحكي عن عكرمة أنها إشارة إلى أبي بكر وعمر رضي الله عنهما خاصة وروى سفيان بن عيينة عن الحكم بن أبان أنه سأل عكرمة عن أمهات الأولاد فقال: هن حرائر فلت بأي شيء؟ قال بالقرآن قلت: بأي شيء في القرآن قال قال الله تعالى :" أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم " وكان عمر من أولي الأمر قال: عتقت ولو بسقط وسيأتي هذا المعنى مبيناً في سور الحشر عند قوله تعالى :" وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا" [الحشر : 7] وقال ابن كبسان: هم أولو العقل والرأي الذين يدبرون أمر الناس .
قلت: وأصح هذه الأقوال الأول والثاني، أما الأول فلأن أصل الأمر منهم والحكم إليهم وروى الصحيحان عن ابن عباس قال :
نزل " يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم " في عبد الله بن حذافة بن قيس بن عدي السهمي إذ بعثه النبي صلى الله عليه وسلم في سرية "قال أبو عمر:
وكان في عبد الله بن حذافة دعابة معروفة، ومن دعابته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره على سرية فأمرهم أن يجمعوا حطباً ويوقدوا ناراً فلما أوقدوها أمرهم بالتقحم فيها فقال لهم: ألم يأمركم رسول الله صلى الله عليه وسلم بطاعتي ؟ وقال : من أطاع أميري فقد أطاعني فقالوا: ما آمنا بالله واتبعنا رسوله إلا لننجو من النار فصوب رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلهم وقال : لا طاعة لمخلوق في معصية "الخالق قال لله تعالى " ولا تقتلوا أنفسكم " [النساء:29] وهو حديث صحي الإسناد مشهور، وروى محمد بن عمرو بن علقمة عن عمر بن الحكم بن ثوبان أن أبا سعيد الخدري قال : كان عبد الله بن حذافة بن قيس السهمي من أصحاب بدر وكانت فيه دعابة وذكر الزبير قال: حدثني عبد الجبار بن سعيد بن عبد الله بن وهب عن الليث بن سعد قال : بلغني أنه حل حزام راحلة رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره حتى كاد رسول الله صلى الله عليه وسلم يقع قال ابن وهب: فقلت لليث: ليضحكه؟قال : نعم كانت فيه دعابة. قال ميمون بن مهران ومقاتل والكلبي : أولو الأمر أصحاب السرايا، وأما القول الثاني فيدل على صحته قوله تعالى :" فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول " فأمر تعالى برد المتنازع فيه إلى كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، وليس لغير العلماء معرفة كيفية الرد إلى الكتاب والسنة، ويدل هذا على صحته كون سؤال العلماء واجباً وامتثال فتواهم لازما قال سهل بن عبد الله رحمه الله: لا يزال الناس بخير ما عظموا السلطان والعلماء فإذا عظموا هذين أحل الله دنياهم وأخراهم ، وإذا استخفوا بهذين أفسد دنياهم وأخراهم وأما القول الثلاث فخاص وأخص منه القول الرابع وأما الخامس فيأباه ظاهر اللفظ وإن كان المعنى صحيحاً فإن العقل لكل فضيلة أسن ولك أدب ينبوع، وهو الذي جعله الله للدين أصلا وللدنيا عماداً فأوجب الله التكليف بكماله، وجعل الدنيا مدبرة بأحكامه، والعاقل أقرب إلى ربه تعالى من جميع المجتهدين بغير عقل. وروي هذا المعنى عن ابن عباس وزعم قوم أن المراد بأولي الأمر علي والأئمة المعصومون ولو كان كذلك ما كان لقوله :" فردوه إلى الله والرسول" معنى بل كان يقول فردوه إلى الإمام وأولي الأمر، فإن قوله عند هؤلاء هو المحكم على الكتاب والسنة وهذا قول مجهور مخالف لما عليه الجمهور وحقيقة الطاعة امتثال الأمر، كما أن المعصية ضدها وهي مخالفة الأمر والطاعة مأخوذة من أطاع إذا انقاد، والمعصية مأخوذة من عصى إذا اشتد وأولو واحدهم ذو على غير قياس كالنساء والإبل والخيل، كل واحد اسم الجمع ولا واحد له من لفظه. وقد قيل في واحد الخيل: خائل وقد تقدم .
الثانية - قوله تعالى :" فإن تنازعتم في شيء " أي تجادلتم واختلفتم فكأن كل واحد ينتزع حجة الآخر ويذهبها. والنزع الجذب. والمنازعة مجاذبة الحج ومنه الحديث:
"وأنا أقول ما لي ينازعني القرآن" وقال الأعشى :
نازعتهم قضب الريحان متكئاً وقهوة مزة راووقها خضل
الخضل النبات الناعم والخضيلة الروضة " في شيء " أي من أمر دينكم " فردوه إلى الله والرسول" أي ردوا ذلك الحكم إلى كتاب الله أو إلى رسوله بالسؤال في حياته، أو بالنظر في سنته بعد وفاته صلى الله عليه وسلم ، هذا قول مجاهد والأعمش وقتادة وهو الصحيح من لم ير هذا اختل إيمانه، لقوله تعالى :" إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر " وقيل: المعنى قولوا الله ورسوله أعلم فهذا هو الرد، وهذا كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه :الرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل والقول الأول أصح لقول عليه رضي الله عنه: ما عندنا إلا ما في كتاب الله وما في هذه الصحيفة أو فهم أعطية رجل مسلم ولو كان كما قال هذا القائل لبطل الاجتهاد الذي خص به هذه الأمة والاستنباط الذي أعطيتها، ولكن تضرب الأمثال ويطلب المثال حتى يخرج الصواب قال أبو العالية: وذلك قوله تعالى :" ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم " نعم ما كان مما استأثر الله بعلمه ولم يطلع عليه أحداً من خلقه فذلك الذي يقال فيه : الله أعلم وقد استنبط علي رضي الله عنه مدة أقل الحمل - وهو ستة أشهر- من قوله تعالى :" وحمله وفصاله ثلاثون شهرا" [الأحقاف:15] وقوله تعالى :" والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين " [البقرة:233] فإذا فصلنا الحولين من ثلاثين شهراً بقيت ستة أشهر، ومثله كثير وفي قوله تعالى :" إلى الرسول " دليل على أن سنته صلى الله عليه وسلم يعمل بها ويمتثل ما فيها "قال صلى الله عليه وسلم :
ما نهيتكم عنه فاجتنبوه وما أمرتكم به فافعلوا منه ما استطعتم فإنما أهلك من ن قبلكم كثرة مسائلهم واختلافهم على أنبيائهم " أخرجه مسلم ، وروى أبو داود "عن أبي رافع عن النبي صلى الله عله وسلم :
لا ألفين أحدكم متكئاً على أريكته يأتيه الأمر من أمري ما أمرت به أو نهيت عنه فيقول لا ندري ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه" و"عن العرباض بن سارية أنه حضر رسول الله صلى الله عله وسلم يخطب الناس وهو يقول:
أيحسب أحدكم متكئاً على أريكته قد يظن أن الله لم يحرم شيئاً إلا ما في هذا القرآن ألا وإني والله قد أمرت ووعظت ونهيت عن أشياء إنها لمثل القرآن أو أكثر "
وأخرجه الترمذي من حديث المقدام بن معدي كرب بمعناه وقال : حديث حسن غريب ، والقاطع قوله تعالى :" فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة " [النور :63] الآية وسيأتي.
الثالثة - قوله تعالى :" ذلك خير " أي ردكم ما اختلفتم فيه إلى الكتاب والسنة خير من التنازع " وأحسن تأويلا" أي مرجعاً من آل يؤول إلى كذا أي صار وقيل: من ألت الشيء إذا جمعته وأصلحته، فالتأويل جمع معاني ألفاظ أشكلت بلفظ لا إشكال فيه يقال: أول الله عليك أمرك أي جمعه. ويجوز أن يكون المعنى وأحسن من تأويلكم.
قال البخاري: حدثنا صدقة بن الفضل, حدثنا حجاج بن محمد الأعور عن ابن جريج, عن يعلى بن مسلم, عن سعيد بن جبير, عن ابن عباس "أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم" قال: نزلت في عبد الله بن حذافة بن قيس بن عدي إذ بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية, وهكذا أخرجه بقية الجماعة إلا ابن ماجة من حديث حجاج بن محمد الأعور به. وقال الترمذي: حديث حسن غريب, ولا نعرفه إلا من حديث ابن جريج. وقال الإمام أحمد: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش, عن سعد بن عبيدة, عن أبي عبد الرحمن السلمي, عن علي, قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية واستعمل عليهم رجلاً من الأنصار, فلما خرجوا وجد عليهم في شيء, قال: فقال لهم: أليس قد أمركم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تطيعوني ؟ قالوا: بلى. قال: اجمعوا لي حطباً, ثم دعا بنار فأضرمها فيه, ثم قال: عزمت عليكم لتدخلنها, قال: فهم القوم أن يدخلوها قال: فقال لهم شاب منهم: إنما فررتم إلى رسول الله من النار, فلا تعجلوا حتى تلقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم, فإن أمركم أن تدخلوها فادخلوها, قال: فرجعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبروه, فقال لهم "لو دخلتموها ما خرجتم منها أبداً, إنما الطاعة في المعروف", أخرجاه في الصحيحين من حديث الأعمش به. وقال أبو داود: حدثنا مسدد, حدثنا يحيى عن عبيد الله, حدثنا نافع عن عبد الله بن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم, قال "السمع والطاعة على المرء المسلم فيما أحب وكره, ما لم يؤمر بمعصية, فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة" وأخرجاه من حديث يحيى القطان. وعن عبادة بن الصامت قال: "بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة, في منشطنا ومكرهنا, وعسرنا ويسرنا, وأثرة علينا. وأن لا ننازع الأمر أهله, قال: "إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم فيه من الله برهان", أخرجاه, وفي الحديث الاخر عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "اسمعوا وأطيعوا, وإن أمر عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة", رواه البخاري. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أوصاني خليلي أن أسمع وأطيع, وإن كان عبداً حبشياً مجدع الأطراف, رواه مسلم. وعن أم الحصين أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب في حجة الوداع يقول: "ولو استعمل عليكم عبد يقودكم بكتاب الله, اسمعوا له وأطيعوا" رواه مسلم, وفي لفظ له "عبداً حبشياً مجدوعاً" وقال ابن جرير: حدثني علي بن مسلم الطوسي, حدثنا ابن أبي فديك, حدثني عبد الله بن محمد بن عروة عن هشام بن عروة عن أبي صالح السمان, عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "سيليكم بعدي ولاة, فيليكم البر ببره والفاجر بفجوره, فاسمعوا لهم وأطيعوا في كل ما وافق الحق وصلوا وراءهم فإن أحسنوا فلكم ولهم وإن أساؤوا فلكم وعليهم"". وعن أبي هريرة رضي الله عنه. أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء كلما هلك نبي خلفه نبي, وإنه لا نبي بعدي وسيكون خلفاء فيكثرون" قالوا: يا رسول الله, فما تأمرنا ؟ قال "أوفوا ببيعة الأول فالأول, وأعطوهم حقهم, فإن الله سائلهم عما استرعاهم", أخرجاه. وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من رأى من أميره شيئاً فكرهه فليصبر, فإنه ليس أحد يفارق الجماعة شبراً فيموت إلا مات ميتة جاهلية", أخرجاه. وعن ابن عمر أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم: يقول "من خلع يداً من طاعة لقي الله يوم القيامة لا حجة له, ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية" رواه مسلم. وروى مسلم أيضاً عن عبد الرحمن بن عبد رب الكعبة, قال: دخلت المسجد فإذا عبد الله بن عمرو بن العاص جالس في ظل الكعبة والناس حوله مجتمعون عليه, فأتيتهم فجلست إليه, فقال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فنزلنا منزلاً فمنا من يصلح خباءه, ومنا من ينتضل, ومنا من هو في جشره, إذ نادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم: الصلاة جامعة, فاجتمعنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "إنه لم يكن نبي من قبلي إلا كان حقاً عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم, وينذرهم شر ما يعلمه لهم, وإن أمتكم هذه جعل عافيتها في أولها, وسيصيب آخرها بلاء, وأمور تنكرونها, وتجيء فتن يرفق بعضها بعضاً, وتجيء الفتنة فيقول المؤمن: هذه مهلكتي, ثم تنكشف وتجيء الفتنة فيقول المؤمن: هذه هذه, فمن أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة, فلتأته منيته وهو يؤمن با لله واليوم الاخر, وليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه, ومن بايع إماماً فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه, فليطعه إن استطاع, فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الاخر", قال: فدنوت منه فقلت: أنشدك بالله, آنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فأهوى إلى أذنيه وقلبه بيديه, وقال: سمعته أذناي, ووعاه قلبي, فقلت له: هذا ابن عمك معاوية يأمرنا أن نأكل أموالنا بيننا بالباطل, ونقتل أنفسنا, والله تعالى يقول: " يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما " قال: فسكت ساعة, ثم قال: أطعه في طاعة الله, واعصه في معصية الله, والأحاديث في هذا كثيرة. وقال ابن جرير: حدثنا محمد بن الحسين, حدثنا أحمد بن الفضل, حدثنا أسباط عن السدي في قوله: "أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم" قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية عليها خالد بن الوليد وفيها عمار بن ياسر, فساروا قبل القوم الذين يريدون, فلما بلغوا قريباً منهم عرسوا وأتاهم ذو العيينتين فأخبرهم, فأصبحوا قد هربوا غير رجل فأمر أهله فجمعوا متاعهم, ثم أقبل يمشي في ظلمة الليل حتى أتى عسكر خالد, فسأل عن عمار بن ياسر فأتاه فقال: يا أبا اليقظان, إني قد أسلمت وشهدت أن لا إله إلا الله, وأن محمداً عبده ورسوله, وإن قومي لما سمعوا بكم هربوا, وإني بقيت فهل إسلامي نافعي غداً, وإلا هربت ؟ قال عمار: بل هو ينفع فأقم, فأقام, فلما أصبحوا أغار خالد فلم يجد أحداً غير الرجل, فأخذه وأخذ ماله, فبلغ عماراً الخبر, فأتى خالداً فقال: خل عن الرجل فإنه قد أسلم وإنه في أمان مني, فقال خالد: وفيم أنت تجير ؟ فاستبا وارتفعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأجاز أمان عمار ونهاه أن يجير الثانية على أمير, فاستبا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال خالد: أتترك هذا العبد الأجدع يسبني, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "يا خالد لا تسب عماراً فإنه من يسب عماراً يسبه الله, ومن يبغضه يبغضه الله, ومن يلعن عماراً يلعنه الله" فغضب عمار فقام فتبعه خالد فأخذ بثوبه فاعتذر إليه فرضي عنه فأنزل الله عز وجل قوله "أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم" وهكذا رواه ابن أبي حاتم من طريق عن السدي مرسلاً, ورواه ابن مردويه من رواية الحكم بن ظهير عن السدي عن أبي صالح عن ابن عباس فذكره بنحوه والله أعلم. وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس "وأولي الأمر منكم" يعني أهل الفقه والدين, وكذا قال مجاهد وعطاء والحسن البصري وأبو العالية "وأولي الأمر منكم" يعني العلماء والظاهر والله أعلم أنها عامة في كل أولي الأمر من الأمراء والعلماء كما تقدم. وقد قال تعالى: "لولا ينهاهم الربانيون والأحبار عن قولهم الإثم وأكلهم السحت" وقال تعالى "فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون" وفي الحديث الصحيح المتفق عليه عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال "من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصى الله, ومن أطاع أميري فقد أطاعني, ومن عصى أميري فقد عصاني", فهذه أوامر بطاعة العلماء والأمراء, ولهذا قال تعالى "أطيعوا الله" أي اتبعوا كتابه "وأطيعوا الرسول" أي خذوا بسنته "وأولي الأمر منكم" أي فيما أمروكم به من طاعة الله لا في معصية الله, فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الله كما تقدم في الحديث الصحيح "إنما الطاعة في المعروف", وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرحمن حدثنا همام حدثنا قتادة عن أبي مراية عن عمران بن حصين عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "لا طاعة في معصية الله". وقوله "فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول" قال مجاهد وغير واحد من السلف أي إلى كتاب الله وسنة رسوله. وهذا أمر من الله عز وجل بأن كل شيء تنازع الناس فيه من أصول الدين وفروعه أن يرد التنازع في ذلك إلى الكتاب والسنة كما قال تعالى "وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله" فما حكم به الكتاب والسنة وشهدا له بالصحة فهو الحق, وماذا بعد الحق إلا الضلال, ولهذا قال تعالى " إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر " أي ردوا الخصومات والجهالات إلى كتاب الله وسنة رسوله فتحاكموا إليهما فيما شجر بينكم " إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر " فدل على أن من لم يتحاكم في محل النزاع إلى الكتاب والسنة ولا يرجع إليهما في ذلك فليس مؤمناً بالله ولا باليوم الاخر, وقوله "ذلك خير" أي التحاكم إلى كتاب الله وسنة رسوله, والرجوع إليهما في فصل النزاع خير "وأحسن تأويلاً" أي وأحسن عاقبة ومآلا كما قاله السدي وغير واحد. وقال مجاهد: وأحسن جزاء وهو قريب.
لما أمر سبحانه القضاة والولاة إذا حكموا بين الناس أن يحكموا بالحق، أمر الناس بطاعتهم ها هنا، وطاعة الله عز وجل هي امتثال أوامره ونواهيه، وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم هي فيما أمر به ونهى عنه. وأولي الأمر: هم الأئمة والسلاطين والقضاة وكل من كانت له ولاية شرعية لا ولاية طاغوتية، والمراد طاعتهم فيما يأمرون به وينهون عنه ما لم تكن معصية، فلا طاعة لمخلوق في معصية الله كما ثبت ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال جابر بن عبد الله ومجاهد: إن أولي الأمر: هم أهل القرآن والعلم، وبه قال مالك والضحاك. وروي عن مجاهد أنهم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم. وقال ابن كيسان هم أهل العقل والرأي، والراجح القول الأول. قوله 59- "فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول" المنازعة المجاذبة، والنزع: الجذب، كأن كل واحد ينتزع حجة الآخر ويجذبها، والمراد الاختلاف والمجادلة، وظاهر قوله "في شيء" يتناول أمور الدين والدنيا، ولكنه لما قال "فردوه إلى الله والرسول" تبين به أن الشيء المتنازع فيه يختص بأمور الدين دون أمور الدنيا، والرد إلى الله: هو الرد إلى كتابه العزيز، والرد إلى الرسول: هو الرد إلى سنته المطهرة بعد موته، وأما في حياته فالرد إليه سؤاله، هذا معنى الرد إليهما، وقيل: معنى الرد أن يقولوا: الله أعلم، وهو قول ساقط وتفسير بارد، وليس الرد في هذه الآية إلا الرد المذكور في قوله تعالى "ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم" قوله "إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر" فيه دليل على أن هذا الرد متحتم على المتنازعين، وإنه شأن من يؤمن بالله واليوم الآخر، والإشارة بقوله "ذلك" إلى الرد المأمور به "خير" لكم "وأحسن تأويلاً" أي: مرجعاً، من الأول آل يؤول إلى كذا: أي صار إليه، والمعنى: أن ذلك الرد خير لكم وأحسن مرجعاً ترجعون إليه. ويجوز أن يكون المعنى أن الرد أحسن تأويلاً من تأويلكم الذي صرتم إليه عند التنازع.
وقد أخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن ابن عباس في قوله "أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم" قال: نزلت في عبد الله بن حذافة بن قيس بن عدي إذ بعثه النبي صلى الله عليه وسلم في سرية، وقصته معروفة. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن عطاء في الآية قال: طاعة الله والرسول اتباع الكتاب والسنة "وأولي الأمر" قال: أولي الفقه والعلم. وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي هريرة. قال "وأولي الأمر منكم" هم الأمراء، وفي لفظ هم أمراء السرايا. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد والحكيم الترمذي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن جابر بن عبد الله في قوله "وأولي الأمر منكم" قال: أهل العلم. وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد نحوه. وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير عن أبي العالية نحوه أيضاً. وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله "فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول" قال: إلى كتاب الله وسنة رسوله. ثم قرأ "ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم". وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ميمون بن مهران في الآية قال: الرد إلى الله الرد إلى كتابه، والرد إلى رسوله ما دام حياً، فإذا قبض فإلى سنته. وأخرج ابن جرير عن قتادة والسدي مثله. وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله "ذلك خير وأحسن تأويلاً" يقول: ذلك أحسن ثواباً وخير عاقبة. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله "وأحسن تأويلاً" قال: وأحسن جزاءً. وقد وردت أحاديث كثيرة في طاعة الأمراء ثابتة في الصحيحين وغيرهما مقيدة بأن يكون ذلك في المعروف، وأنه لا طاعة في معصية الله.
59-قوله تعالى:" يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم"، اختلفوا في "أولي الأمر"، قال ابن عباس وجابر رضي الله عنهم : هم الفقهاء والعلماء الذي يعلمون الناس معالم دينهم ، وهو قول الحسن والضحاك ومجاهد، ودليله قوله تعالى:"ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم"(النساء-83).
وقال أبو هريرة: هم الأمراء والولاة.
وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : حق على الإمام أن يحكم بما أنزل الله ويؤدي الأمانة فإذا فعل ذلك فحق علي الرعية أن يسمعوا ويطيعوا.
أخبرنا أبو علي حسان بن سعد المنيعي أنا أبو طاهر محمد بن محمد بن محمش الزيادي أنا أبو بكر محمد بن الحسين القطان أنا أحمد بن يوسف السلمي أناعبد الرزاق أنا معمر عن همام بن منبه أنا أبو هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" من أطاعني فقد أطاع الله ، ومن عصاني فقد عصى الله ، ومن يطع الأمير فقد أطاعني ، ومن يعص الأمير فقد عصاني".
أخبرنا عبد الواحد بن احمد المليحي أنا أحمد بن عبد الله النعيمي أخبرنا محمد بن يوسف أنا محمد ابن إسماعيلأنا مسدد أنا يحيى بن سعيد عن عبيد الله حدثني نافع عن عبد الله رضي الله عنهم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"السمع والطاعة على المرء المسلم فيما أحب وكره، ما لم يؤمر بمعصية ، فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة".
[أخبرنا أبو الحسن عبد الرحمن محمد الدراوردي] أنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن موسى بن الصلت أنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي أنا أبو مصعب عن مالك بن أنس عن يحيى بن سعيد أخبرنا عبادة بن الوليد بن عبادة أن أباه أخبره عن عبادة بن الصامت قال: " بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في اليسر والعسر والمنشط والمكره ، وعلى أثرة علينا وعلى أن لا ننازع الأمر أهله، وعلى أن نقول بالحق أينما كنا لا نخاف في الله لومة لائم".
أخبرنا أبو عبد الله عبد الرحمن بن عبيد الله بن أحمد القفال أنا أبو منصور أحمد بن الفضل البروجردي أنا أبو بكر بن محمد بن همدان الصيرفي أنا محمد بن يوسف الكديمي قال أخبرنا أبو داود الطيالسي عن شعبة عن أبي التياح عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي ذر"اسمع وأطع ولو لعبد حبشي كأن رأسه زبيبة".
أخبرنا أبو عثمان سعيد بن إسمعيل الضبي أنا أبو محمد بعد الجبار بن محمد الجراحي أنا أبو العباس أنا محمد بن أحمد المحبوبي أناأبو عيسى الترمذي أنا موسى بن عبد الرحمن الكندي أنا زيد بن الحباب أنا معاوية بن صالح حدثني سليم بن عامر قال: سمعت أبا أمامة رضي الله عنه يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب في حجة الوداع فقال:" اتقوا الله وصلوا خمسكم وصوموا شهركم وأدوا زكاة أموالكم وأطيعوا ذا أمركم تدخلوا جنة ربكم".
وقيل: المراد امراء السرايا، أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي أنا أحمد بن عبد الله النعيمي أنا محمد ابن يوسف أنا محمد بن إسماعيل أنا صدقة بن الفضل أنا حجاج بن محمد عن يعلى بن مسلم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله تعالى:" أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم " قال: نزلت في عبيد الله بن حذافة بن قيس بن عدي إذ بعثه النبي صلى الله عليه وسلم في سرية.
وقال عكرمة: أراد با ولي الأمر أبا بكر وعمر رضي الله عنهما . حدثنا أبو المظفر محمد بن أحمد التيمي أانا أبو محمد عبد الرحمن بن عثمان بن القاسم أخبرنا خيثمة بن سليمان بن حيدرة الأطرابلسي أنا عمرو ابن أبي عرزة بالكوفة أخبرنا ثابت بن موسى العابد عن سفيان بن عيينة عن عبد الملك بن عمير عن ربعي عن حذيفة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" إني لا أدري ما بقائي فيكم فاقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر" رضي الله عنهما.
وقال عطاء: هم المهاجرون والأنصار والتابعون لهم بإحسان بدليل قوله تعالى"والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار" الآية: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن محمود أنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الله الخلال أنا عبد الله بن المبارك عن إسماعيل المكي عن الحسن عن أنس بن مالك رضي الله عنهم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"مثل أصحابي في أمتي كالملح في الطعام لا يصلح الطعام إلا بالملح" قال: قال الحسن: قد ذهب ملحناً فكيف نصلح.
قوله عز وجل:" فإن تنازعتم"، أي: اختلفتم،"في شيء" من أمر دينكم ، والتنازع ، اختلاف الآراء وأصله من النزع فكأن المتنازعين يتجاذبان ويتمانعان،" فردوه إلى الله والرسول"،أي: إلى كتاب الله وإلى رسوله مادام حيابً وبعد وفاته إلى سنتهن والرد إلى الكتاب والسنة واجب إن وجد فيهما،/فإن لم يوجد فسبيله الاجتهاد.وقيل: الرد إلى الله تعالى والرسول أن يقول لما لايعلم: الله ورسوله أعلم."إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك"،أي: الرد إلى الله والرسول ،"خير وأحسن تأويلاً" أي:أحسن مآلاً وعاقبة.
59"يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم" يريد بهم أمراء المسلمين في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وبهده، ويندرج فيهم الخلفاء والقضاة وأمراء السرية. أمر الناس بطاعتهم بعدما أمرهم بالعدل تنبيهاً على أن وجوب طاعتهم ما داموا على الحق. وقيل علماء الشرع لقوله تعالى: " ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ". "فإن تنازعتم" أنت وأولي الأمر منكم. "في شيء" من أمور الدين، وهو يؤيد الوجه الأول إذ ليس للمقلد أن ينازع المجتهد في حكمه بخلاف المرؤوس إلا أن يقال الخطاب لأولي الأمر على طريقة الالتفات. "فردوه" فراجعوا فيه. "إلى الله" إلى كتابه. "والرسول" بالسؤال عنه في زمانه، والمراجعة إلى سنته بعده. واستدل به منكروا القياس وقالوا: إنه تعالى أوجب رد المختلف إلى الكتاب والسنة دون القياس. وأجيب بأن رد المختلف إلى المنصوص عليه إنما يكون بالتمثيل والبناء عليه وهو القياس، ويؤيد ذلك الأمر به بعد الأمر بطاعة الله وطاعة رسوله فإنه يدل على أن الأحكام ثلاثة مثبت بالكتاب ومثبت بالسنة ومثبت بالرد إليهما على وجه القياس. "إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر" فإن الإيمان يوجب ذلك. "ذلك" أي الرد. "خير" لكم. "وأحسن تأويلاً" عاقبة أو أحسن تأويلاً من تأويلكم بلا رد.
59. O ye who believe! Obey Allah, and obey the messenger and those of you who are in authority; and if ye have a dispute concerning any matter, refer it to Allah and the messenger if ye are (in truth) believers in Allah and the Last Day. That is better and more seemly in the end.
59 - O ye who believe obey God, and obey the apostle, and those charged with authority among you. if ye differ in anything among yourselves, refer it to God and his apostle, if ye do believe in God and the last day: that is best, and most suitable for final determination.