59 - (أفمن هذا الحديث) القرآن (تعجبون) تكذيبا
يقول تعالى ذكره لمشركي قريش : أفمن هذا القرآن أيها الناس تعجبون أن نزل على محمد صلى الله عليه وسلم وتضحكون منه استهزاء به ولا تبكون مما فيه من الوعيد لأهل معاصي الله وأنتم من أهل معاصيه " وأنتم سامدون " يراد به دع عنا لهوك يقال منه سمد سمودا .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل وإن اختلفت ألفاظهم بالعبارة عنه فقال بعضهم غافلون وقال بعضهم مغنون وقال بعضهم : مبرطمون .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال : ثنا محمد بن ثور عن معمر عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس قوله " سامدون " قال : هو الغناء كانوا إذا سمعوا القرآن تغنوا ولعبوا وهي لغة أهل اليمن قال اليماني : أسمد .
حدثني علي قال : ثنا أبو صالح قال : ثني معاوية عن علي عن ابن عباس قوله " سامدون " يقول : لاهون .
حدثني محمد بن سعد قال : ثني أبي قال : ثني عمي قال : ثني أبي عن أبيه عن ابن عباس قوله " وأنتم سامدون " يقول : لاهون .
حدثنا ابن بشار قال ثنا عبد الرحمن بن مهدي قال : ثنا سفيان عن أبيه عن عكرمة عن ابن عباس قال : هي يمانية اسمد تغن لنا .
حدثنا ابو كريب قال : ثنا الأشجعي عن سفيان عن أبيه عن عكرمة عن ابن عباس قال : هو الغناء وهي يمانية يقولون اسمد لنا تغن لنا .
قال : ثنا عبيد الله الأشجعي عن سفيان عن حكيم بن الديلم عن الضحاك عن ابن عباس " وأنتم سامدون " قال : كانوا يمرون على النبي صلى الله عليه وسلم شامخين ألم تروا إلى الفحل في الإبل عطناً شامخاً .
حدثنا ابن بشار قال : ثنا ابن أبي عدي عن سعيد عن قتادة عن الحسن في قوله " وأنتم سامدون " قال : غافلون .
حدثنا أبو كريب قال : ثنا ابن عيينه عن ابن أبي نجيح عن مجاهد " وأنتم سامدون " قال : كانوا يمرون على النبي صلى الله عليه وسلم غضابا مبرطمين وقال عكرمة هو الغناء بالحميرية .
قال : ثنا الأشجعي ووكيع عن سفيان عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال هي البرطمة .
حدثنا ابن بشار قال : ثنا عبد الرحمن قال : ثنا سفيان عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قوله " وأنتم سامدون " قال : البرطمة .
حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسىوحدثني الحارث قال: ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء جميعا عن أبي نجيح عن مجاهد قوله "وأنتم سامدون" قال: البرطمة .
حدثني مجمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى عن ابن أبي نجيح عن عكرمة عن ابن عباس قال : السامدون المغنون بالحميرية .
حدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال : كان عكرمة يقول : السامدون يغنون بالحميرية ليس فيه ابن عباس .
حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد عن قتادة قوله " سامدون " أي غافلون .
حدثنا ابن عبد الأعلى قال : ثنا ابن ثور عن معمر عن قتادة في قوله " سامدون " قال : غافلون .
حدثت عن الحسين قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد قال سمعت الضحاك يقول : في قوله " وأنتم سامدون " السمود اللهو واللعب .
حدثنا حميد بن مسعدة قال : ثنا يزيد بن زريع قال : ثنا سفيان بن سعيد عن فطر عن أبي خالد الوالبي عن علي رضي الله عنه قال رآهم قياما ينتظرون الإمام فقال ما لكم سامدون .
حدثني ابن سنان القزاز قال : ثنا أبو عاصم عن عمران بن زائدة بن نشيط عن أبيه عن أبي خالد قال : خرج علينا علي رضي الله عنه ونحن قيام فقال ما لي أراكم سامدين .
قال ثنا أبو عاصم قال : أخبرنا سفيان عن فطر عن زائدة عن أبي خالد بمثله .
حدثنا ابن بشار قال : ثنا ابن أبي عدي عن سعيد عن أبي معشر عن إبراهيم في قوله " وأنتم سامدون " قال قيام الليل قبل أن يجيء الإمام .
حدثنا ابن بشار قال : ثنا عبد الرحمن قال : سفيان عن منصور عن عمران الخياط عن إبراهيم في القوم ينتظرون الصلاة قياما قال كان يقال ذاك السمود .
حدثنا ابن حميد قال : ثنا مهران عن أبي جعفر عن ليث و العزرمي ، عن مجاهد "وأنتم سامدون "قال : البرطمة.
حدثنا ابن حميد قال : ثنا مهران عن سفيان عن أبيه عن عكرمة عن ابن عباس " وأنتم سامدون " قال : الغناء باليمانية اسمد لنا .
حدثنا يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله " وأنتم سامدون " قال السامد : الغافل .
حدثنا ابن حميد قال : ثنا جرير عن منصور عن إبراهيم قال : كانوا يكرهون أن يقوموا إذا أقام المؤذن للصلاة وليس عندهم الإمام وكانوا يكرهون أن ينتظروه قياما وكان يقال : ذاك السمود أو من السمود .
قوله تعالى " أفمن هذا الحديث تعجبون " يعني القرآن وهذا استفهام توبيخ " تعجبون " تكذيبا به . "وتضحكون " استهزاء " ولا تبكون " انزجارا وخوفا من الوعيد و"روي أن النبي صلى الله عليه وسلم ما رؤي بعد نزول هذه الآية ضاحكا إلا تبسما" و"قال أبو هريرة : لما نزلت "أفمن هذا الحديث تعجبون " قال أهل الصفة : " إنا لله وإنا إليه راجعون " ثم بكوا حتى جرت دموعهم على خدودهم فلما سمع النبي صلى الله عليه وسلم بكاءهم بكى معهم فبكينا لبكائه فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا يلج النار من بكى من خشية الله ولا يدخل الجنة مصر على معصية الله ولو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون فيغفر لهم ويرحمهم إنه هو الغفور الرحيم "و"قال أبو حازم : نزل جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم وعنده رجل يبكي فقال له : من هذا قال : قال هذا فلان فقال جبريل : إنا نزن أعمال بني آدم كلها إلا البكاء فإن الله تعالى ليطفئ بالدمعة الواحدة بحورا من جهنم "
"هذا نذير" يعني محمداً صلى الله عليه وسلم "من النذر الأولى" أي من جنسهم أرسل كما أرسلوا كما قال تعالى: "قل ما كنت بدعا من الرسل" " أزفت الآزفة " أي اقتربت القريبة وهي القيامة "ليس لها من دون الله كاشفة" أي لا يدفعها إذاً من دون الله أحد ولا يطلع على علمها سواه, والنذير الحذر لما يعاين من الشر الذي يخشى وقوعه فيمن أنذرهم كما قال: " إلا نذير لكم بين يدي عذاب شديد " وفي الحديث: "أنا النذير العريان" أي الذي أعجله شدة ما عاين من الشر عن أن يلبس عليه شيئاً, بل بادر إلى إنذار قومه قبل ذلك فجاءهم عرياناً مسرعاً, وهو مناسب لقوله: " أزفت الآزفة " أي اقتربت القريبة يعني يوم القيامة. كما قال في أول السورة التي بعدها: "اقتربت الساعة" وقال الإمام أحمد: حدثنا أنس بن عياض, حدثني أبو حاتم لا أعلم إلا عن سهل بن سعد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إياكم ومحقرات الذنوب, فإنما مثل محقرات الذنوب كمثل قوم نزلوا ببطن واد, فجاء ذا بعود وجاء ذا بعود حتى أنضجوا خبزتهم, وإن محقرات الذنوب متى يؤخذ بها صاحبها تهلكه" وقال أبو حازم: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أبو نضرة: لا أعلم إلا عن سهل بن سعد قال: "مثلي ومثل الساعة كهاتين" وفرق بين أصبعيه الوسطى والتي تلي الإبهام ثم قال: "مثلي ومثل الساعة كمثل فرسي رهان" ثم قال: "مثلي ومثل الساعة كمثل رجل بعثه قومه طليعة, فلما خشي أن يسبق ألاح بثوبه أتيتم أتيتم" ثم يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنا ذلك" وله شواهد من وجوه أخر من صحاح وحسان. ثم قال تعالى منكراً على المشركين في استماعهم القرآن وإعراضهم عنه وتلهيهم "تعجبون" من أن يكون صحيحاً "وتضحكون" منه استهزاء وسخرية "ولا تبكون" أي كما يفعل الموقنون به كما أخبر عنهم "ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعاً".
وقوله تعالى: "وأنتم سامدون" قال سفيان الثوري عن أبيه عن ابن عباس قال: الغناء هي يمانية أسمد لنا غن لنا, وكذا قال عكرمة, وفي رواية عن ابن عباس "سامدون" معرضون, وكذا قال مجاهد وعكرمة, وقال الحسن غافلون, وهو رواية عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب, وفي رواية عن ابن عباس تستكبرون, وبه يقول السدي, ثم قال تعالى آمراً لعباده بالسجود له والعبادة المتابعة لرسوله صلى الله عليه وسلم والتوحيد والإخلاص "فاسجدوا لله واعبدوا" أي فاخضعوا له وأخلصوا ووحدوه. قال البخاري: حدثنا أبو معمر, حدثنا عبد الوارث, حدثنا أيوب عن عكرمة عن ابن عباس قال: سجد النبي صلى الله عليه وسلم بالنجم وسجد معه المسلمون والمشركون والجن والإنس. انفرد به دون مسلم, وقال الإمام أحمد: حدثنا إبراهيم بن خالد, حدثنا رباح عن معمر عن ابن طاوس عن عكرمة بن خالد عن جعفر بن المطلب بن أبي وداعة عن أبيه قال: قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة سورة النجم فسجد وسجد من عنده فرفعت رأسي فأبيت أن أسجد, ولم يكن أسلم يومئذ المطلب فكان بعد ذلك لا يسمع أحداً يقرؤها إلا سجد معه. وقد رواه النسائي في الصلاة عن عبد الملك بن عبد الحميد عن أحمد بن حنبل به.
آخر تفسير سورة النجم.
ثم وبخهم الله سبحانه فقال: 59- "أفمن هذا الحديث تعجبون" المراد بالحديث القرآن: أي كيف تعجبون منه تكذيباً.
59. " أفمن هذا الحديث "، يعني القرآن، " تعجبون "
59-" أفمن هذا الحديث " يعني القرآن " تعجبون " إنكاراً .
59. Marvel ye then at this statement,
59 - Do ye then wonder at this recital?