59 - (أأنتم) بتحقيق الهمزتين وإبدال الثانية ألفا وتسهيلها وإدخال ألف بين المسهلة والأخرى وتركه في المواضع الأربعة (تخلقونه) أي المني بشراً (أم نحن الخالقون)
"أأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون"
" أأنتم تخلقونه " أي تصورونه منه الإنسان " أم نحن الخالقون " المقدرون المصورون . وهذا احتجاج علهيم وبيان للآية الأولى ، أي إذا أقررتم بأنا خالقوه لا غيرنا فاعترفوا بالعبث . وقرأ أبو السمال و محمد بن السميقع و أشهب العقيلي : (( تمنون )) بفتح التاء وهما لغتان أمنى ومنى ، وأمذى ومذى ، يمني ويمني ويمذي ويمذي . الماوردي : ويحتمل أن يختلف معناهما عندي ، فيكون أمنى إذا أنزل عن جماع ، ومنى إذا أنزل عن الاحتلام . وفي تسمية المني منيا وجهان : أحدجهما لإمنائه وهو إراقته . الثاني لتقديره ، ومنه المنا الذي يوزن به لأنه مقدار لذلك ، كذلك المني مقدار صحيح لتصوير الخلقة .
يقول تعالى مقرراً للمعاد, وراداً على المكذبين به من أهل الزيغ, والإلحاد من الذين قالوا " أإذا متنا وكنا ترابا وعظاما أإنا لمبعوثون " وقولهم ذلك صدر منهم على وجه التكذيب والاستبعاد. فقال تعالى: "نحن خلقناكم" أي نحن ابتدأنا خلقكم بعد أن لم تكونوا شيئاً مذكوراً, أفليس الذي قدر على البداءة بقادر على الإعادة بطريق الأولى والأحرى ؟ ولهذا قال: "فلولا تصدقون" أي فهلا تصدقون بالبعث! ثم قال مستدلاً عليهم بقوله: " أفرأيتم ما تمنون * أأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون " أي أنتم تقرونه في الأرحام وتخلقونه فيها أم الله الخالق لذلك ؟ ثم قال تعالى: "نحن قدرنا بينكم الموت" أي صرفناه بينكم, وقال الضحاك: ساوى فيه بين أهل السماء والأرض "وما نحن بمسبوقين" أي وما نحن بعاجزين "على أن نبدل أمثالكم" أي نغير خلقكم يوم القيامة.
" وننشئكم في ما لا تعلمون " أي من الصفات والأحوال. ثم قال تعالى: "ولقد علمتم النشأة الأولى فلولا تذكرون" أي قد علمتم أن الله أنشأكم بعد أن لم تكونوا شيئاً مذكوراً, فخلقكم وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة, فهلا تتذكرون وتعرفون أن الذي قدر على هذه النشأة وهي البداءة, قادر على النشأة الأخرى وهي الإعادة بطريق الأولى والأحرى, كما قال تعالى: "وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه" وقال تعالى: " أو لا يذكر الإنسان أنا خلقناه من قبل ولم يك شيئا " " أولم ير الإنسان أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبين * وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم * قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم " وقال تعالى: " أيحسب الإنسان أن يترك سدى * ألم يك نطفة من مني يمنى * ثم كان علقة فخلق فسوى * فجعل منه الزوجين الذكر والأنثى * أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى ".
ومفعولها الأول ما تمنون، والثاني الجملة الاستفهامية، وهي 59- " أأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون " أي تقدرونه وتصورونه بشراً أم نحن المقدرون المصورون له، وأم هي المتصلة، وقيل هي المنقطعة، والأول أولى. قرأ الجمهور "تمنون" بضم الفوقية من أمنى يمني. وهما لغتان، وقيل معناهما مختلف، يقال أمني إذا أنزل عن جماع، ومعنى إذا أنزل عن احتلام، وسمي المني منياً لأنه يمني: أي يراق.
59- "أأنتم تخلقونه"، يعني أأنتم تخلقون ما تمنون بشراً، "أم نحن الخالقون".
59-" أأنتم تخلقونه " تجعلون بشراً سوياً . " أم نحن الخالقون " .
59. Do ye create it or are We the creator?
59 - Is it ye who create it, or are We the Creators?