6 - (إن الإنسان) الكافر (لربه لكنود) لكفور يجحد نعمته تعالى
وقوله : " إن الإنسان لربه لكنود " يقول : إن الإنسان لكفور لنعم ربه . والأرض الكنود : التي لا تنبت شيئاً ، قال الأعشى :
أحدث لها تحدث لوصلك إنها كند لوصل الزائر المعتاد
وقيل : إنما سميت كندة لقطعها أباها .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني عبيد الله بن يوسف الجبيري ، قال : ثنا محمد بن كثير ، قال : ثنا مسلم ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ، قوله " إن الإنسان لربه لكنود " قال : لكفور .
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عي ،قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس " إن الإنسان لربه لكنود " قال : لربه لكفور .
حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا وكيع ، عن سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد "إن الإنسان لربه لكنود " قال : لكفور .
حدثنا ابن بشار قال ثنا عبد الرحمن قال ثنا سفيان عن منصور عن مجاهد مثله .
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد ، مثله .
حدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ،مثله .
حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا وكيع ، عن مهدي بن ميمون ، عن شعيب بن الحبحاب ، عن الحسن البصري " إن الإنسان لربه لكنود " قال : هو الكفرو الذي يعد المصائب ، وينسى نعم ربه .
حدثنا وكيع ، عن أبي جعفر ، عن الربيع ، قال : الكنود : الكفور .
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، قال : قال الحسن : " إن الإنسان لربه لكنود " يقول : لوامم لربه يعد المصائب .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن الحسن " لكنود " قال : لكفور .
حدثنا بشر قال ثنا يزيد قال ثنا سعيد عن قتادة "إن الإنسان لربه لكنود" قال : لكفور .
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سعيد ، عن قتادة ، مثله .
حدثنا يحيى بن حبيب بن عربي ، قال : ثنا خالد بن الحارث ،قال : ثنا شعبة ، عن سماك أنه قال : إنما سميت كندة ، أنها قطعت أباها " إن الإنسان لربه لكنود "قال : لكفور .
"حدثنا ابو كريب ، قال: ثنا عبيد الله ، عن إسرائل ، عن جعفر بن الزبير ، عن القاسم ، عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الإنسان لربه لكنود "قال : لكفرو ، الذي يأكل وحده ، ويضرب عبده ، ويمنع رفده ".
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : " إن الإنسان لربه لكنود " قال : الكنود : الكفور ، وقرأ " إن الإنسان لكفور " [ الحج : 66] .
حدثنا الحسن بن علي بن عياش ، قال : ثنا أبو المغيرة عبد القدوس ، قال :ثنا حريز بن عثمان قال : ثني حمزة بن هانئ ، عن أبي أمامة أنه كان يقول : الكنود : الذي ينزل وحده ، ويضرب عبده ، ويمنع رفده .
حدثني محمد بن إسماعيل الصواري ، قال : ثنا محمد بن سوار ، قال : أخبرنا أبو اليقضان ، عن سفيان ، عن هشام ، عن الحسن ، في قوله " إن الإنسان لربه لكنود "قال : لوام لربه ، يعد المصائب وينسى النعم .
قوله تعالى:" إن الإنسان لربه لكنود"
هذا جواب القسم، أي طبع الإنسان على كفران النعمة. قال ابن عباس: "لكنود" لكفور جحود لنعم الله. وكذلك قال الحسن. وقال يذكر المصائب وينسى النعم. أخذه الشاعر فنظمه:
يا أيها الظالم في فعله والظلم مردود على من ظلم
إلى متى أنت وحتى متى تشكو المصيبات وتنسى النعم!
"وروى أبو أمامة الباهلي:
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :(الكنود، هو الذي يأكل وحده، ويمنع رفده، ويضرب عبده)."و " روى ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ألا أنبئكم بشراركم؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال:(من نزل وحده، ومنع رفده، وجلد عبده) " . خرجهما الترمذي الحكيم في نوادر الأصول. وقد روي عن ابن عباس أيضاً أنه قال: الكنود بلسان كندة وحضرموت: العاصي، وبلسان ربيعة ومضر: الكفور. وبلسانه كنانة: البخيل السيء الملكة، وقاله مقاتل. وقال الشاعر:
كنود لنعماء الرجال ومن يكن كنوداً لنعماء الرجل يبعد
أي كفور. ثم قيل: هو الذي يكفر اليسير، ولا يشكر الكثير. وقيل : الجاحد للحق. وقيل : إنما سميت كندة كندة، لأنها جحدت أباها. وقال إبراهيم بن هرمة الشاعر:
دع البخلاء إن شمخوا وصدوا وذكرى بخل غانية كنود
وقيل: الكنود: من كند إذا قطع، كأنه يقطع ما ينبغي أن يواصله من الشكر. ويقال: كند الحبل: إذا قطعه. قال الأعشى:
أميطي تميطي بصلب الفؤاد وصول حبال وكنادها
فهذا يدل على القطع. ويقال: كند يكند كنوداً: أي كفر النعمة وجحدها، فهو كنود. وامرأة كنود أيضاً، وكنذ مثله. قال الأعشى:
أحدث لها تحدث لوصلك إنها كند لوصل الزائر المعتاد
أي كفور للمواصلة. وقال ابن عباس: الإنسان هنا الكافر، يقول إنه لكفور، ومنه الأرض الكنود التي لا تنبت شيئاً. وقال الضحاك: نزلت في الوليد بن المغيرة. قال المبرد: الكنود: المانع لما عليه.وأنشد لكثير:
أحدث لها تحدث لوصلك إنها كند لوصل الزائر المعتاد
وقال أبو بكر الواسطي: الكنود: الذي ينفق نعم الله في معاصي الله. وقال أبو بكر الوراق: الكنود:الذي يرى النعمة من نفسه وأعوانه. وقال الترمذي: الذي يرى النعمة ولا يرى المنعم. وقال ذو النون المصري: الهلوع. والكنود: هو الذي إذا مسه الشر جزوع، وإذا مسه الخير منوع. وقيل هو الحقود الحسود. وقيل: هو الجهول لقدره. وفي الحكمة: من جهل قدره. هتك ستره.
قلت: هذه الأقوال كلها ترجع إلى معنى الكفران والجحود. وقد فسر النبي صلى الله عليه وسلم معنى الكنود بخصال مذمومة، وأحوال غير محمودة، فإن صح فهو أعلى ما يقال.
يقسم تعالى بالخيل إذا أجريت في سبيله فعدت وضبحت وهو الصوت الذي يسمع من الفرس حين تعدو "فالموريات قدحاً" يعني اصطكاك نعالها للصخر فتقدح منه النار "فالمغيرات صبحاً" يعني الإغارة وقت الصباح كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغير صباحاً ويستمع الأذان فإن سمع أذاناً وإلا أغار. وقوله تعالى: "فأثرن به نقعاً" يعني غباراً في مكان معترك الخيول "فوسطن به جمعاً" أي توسطن ذلك المكان كلهن جمع. قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو سعيد الأشج , حدثنا عبدة عن الأعمش , عن إبراهيم عن عبد الله "والعاديات ضبحاً" قال: الإبل, وقال علي : هي الإبل. وقال ابن عباس : هي الخيل, فبلغ علياً قول ابن عباس فقال: ما كانت لنا خيل يوم بدر. قال ابن عباس : إنما كان ذلك في سرية بعثت.
قال ابن أبي حاتم وابن جرير : وحدثنا يونس , أخبرنا ابن وهب , أخبرني أبو صخر عن أبي معاوية البجلي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس حدثه قال: بينا أنا في الحجر جالساً جاءني رجل فسألني عن "العاديات ضبحاً" فقلت له: الخيل حين تغير في سبيل الله, ثم تأوي إلى الليل فيصنعون طعامهم ويورون نارهم فانفتل عني فذهب إلى علي رضي الله عنه وهو عند سقاية زمزم فسأله عن "العاديات ضبحاً" فقال: سألت عنها أحداً قبلي ؟ قال: نعم, سألت ابن عباس فقال الخيل حين تغير في سبيل الله, قال: اذهب فادعه لي, فلما وقف على رأسه قال: أتفتي الناس بما لا علم لك, والله لئن كان أول غزوة في الإسلام بدر وما كان معنا إلا فرسان فرس للزبير وفرس للمقداد , فكيف تكون العاديات ضبحاً ؟ إنما العاديات ضبحاً من عرفة إلى المزدلفة ومن المزدلفة إلى منى, قال ابن عباس : فنزعت عن قولي ورجعت إلى الذي قال علي رضي الله عنه, وبهذا الإسناد عن ابن عباس قال: قال علي : إنما العاديات ضبحاً من عرفة إلى المزدلفة فإذا أووا إلى المزدلفة أوروا النيران, وقال العوفي وغيره عن ابن عباس : هي الخيل.
وقد قال بقول علي إنها الإبل جماعة منهم إبراهيم وعبيد بن عمير , وقال بقول ابن عباس آخرون منهم مجاهد وعكرمة وعطاء وقتادة والضحاك واختاره ابن جرير , وقال ابن عباس وعطاء : ما ضبحت دابة قط إلا فرس أو كلب. وقال ابن جريج عن عطاء : سمعت ابن عباس يصف الضبح أح أح, وقال أكثر هؤلاء في قوله: "فالموريات قدحاً" يعني بحوافرها, وقيل أسعرن الحرب بين ركبانهن, قاله قتادة وعن ابن عباس ومجاهد "فالموريات قدحاً" يعني مكر الرجال وقيل هو إيقاد النار إذا رجعوا إلى منازلهم من الليل, وقيل المراد بذلك نيران القبائل, وقال: من فسرها بالخيل هو إيقاد النار بالمزدلفة. قال ابن جرير : والصواب الأول أنها الخيل حين تقدح بحوافرها.
وقوله تعالى: "فالمغيرات صبحاً" قال ابن عباس ومجاهد وقتادة : يعني إغارة الخيل صبحاً في سبيل الله, وقال من فسرها بالإبل هو الدفع صبحاً من المزدلفة إلى منى. وقالوا كلهم في قوله: "فأثرن به نقعاً" هو المكان الذي حلت فيه, أثارت به الغبار إما في حج أو غزو وقوله تعالى: "فوسطن به جمعاً" قال العوفي عن ابن عباس وعطاء وعكرمة وقتادة والضحاك : يعني جمع الكفار من العدو, ويحتمل أن يكون فوسطن بذلك المكان جميعهن ويكون جمعاً منصوباً على الحال المؤكدة, وقد روى أبو بكر البزار ههنا حديثاً غريباً جداً, فقال: حدثنا أحمد بن عبدة , حدثنا حفص بن جميع , حدثنا سماك عن عكرمة عن ابن عباس قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خيلاً فأشهرت شهراً لا يأتيه منها خبر, فنزلت "والعاديات ضبحاً" ضبحت بأرجلها "فالموريات قدحاً" قدحت بحوافرها الحجارة فأورت ناراً "فالمغيرات صبحاً" صبحت القوم بغارة "فأثرن به نقعاً" أثارت بحوافرها التراب "فوسطن به جمعاً" قال: صبحت القوم جميعاً. وقوله تعالى: "إن الإنسان لربه لكنود" هذا هو المقسم عليه بمعنى إنه بنعم ربه لكفور جحود قال ابن عباس ومجاهد وإبراهيم النخعي وأبو الجوزاء وأبو العالية وأبو الضحى وسعيد بن جبير ومحمد بن قيس, والضحاك والحسن وقتادة والربيع بن أنس وابن زيد : الكنود الكفور, قال الحسن : الكنود هو الذي يعد المصائب وينسى نعم الله عليه.
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو كريب , حدثنا عبيد الله عن إسرائيل عن جعفر بن الزبير عن القاسم عن أبي أمامة قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الإنسان لربه لكنود" ـ قال ـ الكنود الذي يأكل وحده ويضرب عبده ويمنع رفده" رواه ابن أبي حاتم من طريق جعفر بن الزبير , وهو متروك فهذا إسناد ضعيف, وقد رواه ابن جرير أيضاً من حديث حريز بن عثمان عن حمزة بن هانى عن أبي أمامة موقوفاً. وقوله تعالى: "وإنه على ذلك لشهيد" قال قتادة وسفيان الثوري : وإن الله على ذلك لشهيد ويحتمل أن يعود الضمير على الإنسان, قاله محمد بن كعب القرظي فيكون تقديره وإن الإنسان على كونه كنوداً لشهيد أي بلسان حاله أي ظاهر ذلك عليه في أقواله وأفعاله كما قال تعالى: "ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله شاهدين على أنفسهم بالكفر".
قوله تعالى: "وإنه لحب الخير لشديد" أي وإنه لحب الخير وهو المال لشديد, وفيه مذهبان (أحدهما) أن المعنى وإنه لشديد المحبة للمال (والثاني) وإنه لحريص بخيل من محبة المال وكلاهما صحيح. ثم قال تبارك وتعالى مزهداً في الدنيا ومرغباً في الاخرة ومنبهاً على ما هو كائن بعد هذه الحال وما يستقبله الإنسان من الأهوال: " أفلا يعلم إذا بعثر ما في القبور " أي أخرج ما فيها من الأموات "وحصل ما في الصدور" قال ابن عباس وغيره: يعني أبرز وأظهر ما كانوا يسرون في نفوسهم "إن ربهم بهم يومئذ لخبير" أي لعالم بجميع ما كانوا يصنعون ويعملون ومجازيهم عليه أوفر الجزاء ولا يظلم مثقال ذرة.
6- "إن الإنسان لربه لكنود" هذا جواب القسم، والمراد بالإنسان بعض أفراده، وهو الكافر، والكنود: الكفور للنعمة، وقوه: لربه متعلق بكنود، قدم لرعاية الفواصل، ومنه قول الشاعر:
كنود لنعماء الرجال ومن يكن كنوداً لنعماء الرجال يبعد
أي كفور لنعماء الرجال، وقيل هو الجاحد للحق، قيل إنها إنما سميت كندة لأنها جحدت أباها. وقيل الكنود مأخوذ من الكند، وهو القطع، كأنه قطع ما ينبغي أن يواصله من الشكر. يقال كند الحبل: إذا قطعه، ومنه قول الأعشى:
وصول حبال وكنادها
وقيل الكنود البخيل، وأنشد أبو زيد:
إن نفسي لم تطب منك نفساً غير أني أمسي بدين كنود
وقيل الكنود الحسود، وقيل الجهول لقدره، وتفسير الكنود بالكفور للنعمة أولى بالمقام، والجاحد للنعمة كافر لها، ولا يناسب المقام سائر ما قيل.
6- "إن الإنسان لربه لكنود"، قال ابن عباس، ومجاهد، وقتادة: "لكنود": لكفور جحود لنعم الله تعالى. قال الكلبي: هو بلسان مضر وربيعة الكفور، وبلسان كندة وحضرموت العاصي.
وقال الحسن: هو الذي يعد المصائب وينسى النعم. وقال عطاء: هو الذي لا يعطي في النائبة مع قومه.
وقال أبو عبيدة: هو قليل الخير، والأرض الكنود: التي لا تنبت شيئاً.
وقال الفضيل بن عياض: الكنود الذي أنسته الخصلة الواحدة من الإساءة الخصال الكثيرة من الإحسان، و الشكور: الذي أنسته الخصلة الواحدة من الإحسان الخصال الكثيرة من الإساءة.
6-" إن الإنسان لربه لكنود " لكفور من كند كنوداً ، أو لعاص بلغة كندة ، أو لبخيل بلغة بني مالك وهو جواب القسم .
6. Lo! man is an ingrate unto his Lord
6 - Truly Man is, to his Lord, Ungrateful;