6 - (وكذلك) كما رأيت (يجتبيك) يختارك (ربك ويعلمك من تأويل الأحاديث) تعبير الرؤيا (ويتم نعمته عليك) بالنبوة (وعلى آل يعقوب) أولاده (كما أتمها) بالنبوة (على أبويك من قبل إبراهيم وإسحاق إن ربك عليم) بخلقه (حكيم) في صنعه بهم
قال ابو جعفر : يقول تعالى ذكره ، مخبراً عن قيل يعقوب لابنه يوسف ، لما قص عليه رؤياه : "وكذلك يجتبيك ربك" ، وهكذا يجتبيك ربك . يقول : كما أراك ربك الكواكب والشمس والقمر لك سجوداً ، فكذلك يصطفيك ربك ، كما :
حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا عمرو العنقزي ، عن أبي بكر الهذلي ، عن عكرمة : "وكذلك يجتبيك ربك" ، قال : يصطفيك .
حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله : "وكذلك يجتبيك ربك ويعلمك من تأويل الأحاديث" ، فاجتباه واصطفاه وعلمه من عبر الأحاديث ، وهو "تأويل الأحاديث" .
وقوله : "ويعلمك من تأويل الأحاديث" ، يقول : ويعلمك ربك من علم ما يؤول إليه أحاديث الناس ، عما يرونه في منامهم . وذلك تعبير الرؤيا .
حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد : "ويعلمك من تأويل الأحاديث" ، قال عبارة الرؤيا .
حدثني يونس قال ، أخبرنا ابن وهب قال ، قال ابن زيد في قوله : "ويعلمك من تأويل الأحاديث" ، قال : تأويل الكلام ، العلم والكلام . وكان يوسف أعبر الناس ، وقرأ : ( ولما بلغ أشده آتيناه حكما وعلما ) .
وقوله : "ويتم نعمته عليك" ، باجتبائه إياك ، واختياره ، وتعليمه إياك تأويل الأحاديث ، "وعلى آل يعقوب" ، يقول : وعلى أهل دين يعقوب ، وملته من ذريته وغيرهم ، "كما أتمها على أبويك من قبل إبراهيم وإسحاق" ، باتخاذه هذا خليلاً وتنجيته من النار ، وفدية هذا بذبح عظيم ، كالذي :
حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج قال ، أخبرنا أبو إسحاق ، عن عكرمة في قوله : "ويتم نعمته عليك وعلى آل يعقوب كما أتمها على أبويك من قبل إبراهيم وإسحاق" ، قال : فنعمته على إبراهيم أن نجاه من النار ، وعلى إسحاق أن نجاه من الذبح .
وقوله : "إن ربك عليم حكيم" ، يقول : "إن ربك عليم" ، بمواضع افضل ، ومن هو أهل للاجتباء والنعمة ، "حكيم" ، في تدبيره خلقه .
قوله تعالى: " وكذلك يجتبيك ربك " الكاف في موضع نصب، لأنها نعت لمصدر محذوف، وكذلك الكاف في قوله: " كما أتمها على أبويك من قبل " و ( ما) كافة. وقيل: ( وكذلك) أي كما أكرمك بالرؤيا فكذلك يجتبيك، ويحسن إليك بتحقيق الرؤيا. قال مقاتل: بالسجود لك. الحسن: بالنبوة. والاجتباء اختيار معالي الأمور للمجتبى، وأصله من جبيت الشيء أي حصلته، ومنه جبيت الماء في الحوض، قاله النحاس . وهذا ثناء الله تعالى على يوسف عليه السلام، وتعديد فيما عدده عليه من النعم التي آتاه الله تعالى، من التمكين في الأرض، وتعليم تأويل الأحاديث، وأجمعوا أن ذلك في تأويل الرؤيا. قال عبد الله بن شداد بن الهاد: كان تفسير رؤيا يوسف صلى الله عليه وسلم بعد أربعين سنة، وذلك منتهى الرؤيا. وعنى بالأحاديث ما يراه الناس في المنام، وهي معجزة له، فإنه لم يلحقه فيها خطأ. وكان يوسف عليه السلام أعلم الناس بتأويلها، وكان نبينا صلى الله عليه وسلم نحو ذلك، وكان الصديق رضي الله عنه من أعبر الناس لها، وحصل لابن سيرين فيها التقدم العظيم، والطبع والإحسان، ونحوه أو قريب منه كان سعيد بن المسيب فيما ذكروا. وقد قيل في تأويل قوله: " ويعلمك من تأويل الأحاديث " أي أحاديث الأمم والكتب ودلائل التوحيد، فهو إشارة إلى النبوة، وهو المقصود بقوله: " ويتم نعمته عليك " أي بالنبوة. وقيل: بإخراج إخوتك إليك، وقيل: بإنجائك من كل مكروه. " كما أتمها على أبويك من قبل إبراهيم " بالخلة، وإنجائه من النار. " وإسحاق " بالنبوة. وقيل: من الذبح، قاله عكرمة. وأعلمه الله تعالى بقوله: " وعلى آل يعقوب " أنه سيعطي بني يعقوب كلهم النبوة، قاله جماعة من المفسرين. " إن ربك عليم " بما يعطيك. " حكيم " في فعله بك.
يقول تعالى مخبراً عن قول يعقوب لولده يوسف: إنه كما اختارك ربك وأراك هذه الكواكب مع الشمس والقمر ساجدة لك "كذلك يجتبيك ربك" أي يختارك ويصطفيك لنبوته "ويعلمك من تأويل الأحاديث" قال مجاهد وغير واحد: يعني تعبير الرؤيا "ويتم نعمته عليك" أي بإرسالك والإيحاء إليك, ولهذا قال: "كما أتمها على أبويك من قبل إبراهيم" وهو الخليل "وإسحاق" ولده وهو الذبيح في قول, وليس بالرجيح "إن ربك عليم حكيم" أي هو أعلم حيث يجعل رسالته, كما قال في الاية الأخرى.
6- قوله "وكذلك يجتبيك ربك" أي مثل ذلك الاجتباء البديع الذي رأيته في النوم من سجود الكواكب والشمس والقمر يجتبيك ربك، ويحقق فيك تأويل تلك الرؤيا، فيجعلك نبياً ويصطفيك على سائر العباد، ويسخرهم لك كما تسخرت لك تلك الأجرام التي رأيتها في منامك فصارت ساجدة لك، قال النحاس: والاجتباء أصله من جبيت الشيء حصلته، ومنه جبيت الماء في الحوض جمعته، ومعنى الاجتباء: الاصطفاء، وهذا يتضمن الثناء على يوسف وتعديد نعم الله عليه، ومنها "ويعلمك من تأويل الأحاديث" أي تأويل الرؤيا. قال القرطبي: وأجمعوا أن ذلك في تأويل الرؤيا، وقد كان يوسف عليه السلام أعلم الناس بتأويلها، وقيل المراد: ويعلمك من تأويل أحاديث الأمم والكتب، وقيل المراد به إحواج إخوته إليه، وقيل إنجاؤه من كل مكروه، وقيل إنجاؤه من القتل خاصة "ويتم نعمته عليك" فيجمع لك بين النبوة والملك كما تدل عليه هذه الرؤيا التي أراك الله، أو يجمع لك بين خيري الدنيا والآخرة "وعلى آل يعقوب" وهم قرابته من إخوته وأولاده ومن بعدهم، وذلك أن الله سبحانه أعطاهم النبوة كما قاله جماعة من المفسرين، ولا يبعد أن يكون إشارة إلى ما حصل لهم بعد دخولهم مصر من النعم التي من جملتها كون الملك فيهم مع كونهم أنبياء "كما أتمها على أبويك"، أي إتماماً مثل إتمامها على أبويك: وهي نعمة النبوة عليهما، مع كون إبراهيم اتخذه الله خليلاً، ومع كون اسحاق نجاه الله سبحانه من الذبح وصار لهما الذرية الطيبة: وهم يعقوب، ويوسف، وسائر الأسباط، ومعنى "من قبل" من قبل هذا الوقت الذي أنت فيه، أو من قبلك، وإبراهيم وإسحاق عطف بيان لأبويك، وعبر عنهما بالأبوين مع كون أحدهما جداً: وهو إبراهيم، لأن الجد أب " إن ربك عليم " بكل شيء " حكيم " في كل أفعاله، والجملة مستأنفة مقررة لمضمون ما قبلها تعليلاً له: أي فعل ذلك لأنه عليم حكيم، وكان هذا كلام من يعقوب مع ولده يوسف تعبيراً لرؤياه على طريق الإجمال، أو علم ذلك من طريق الوحي، أو عرفه بطريق الفراسة وما تقتضيه المخايل اليوسفية.
وقد أخرج ابن جرير عن مجاهد في قوله: "تلك آيات الكتاب المبين" قال: بين الله حلاله وحرامه. وأخرج ابن جرير عن معاذ قال: بين الله [الحروف] التي سقطت عن ألسن الأعاجم، وهي ستة أحرف. وأخرج الحاكم عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تلا قرآناً عربياً ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألهم إسماعيل هذا اللسان العربي إلهاماً". وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد قال: نزل القرآن بلسان قريش، وهو كلامهم. وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال: قالوا يا رسول الله لو قصصت علينا، فنزلت "نحن نقص عليك أحسن القصص". وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود مثله، وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن قتادة في قوله: "نحن نقص عليك أحسن القصص" قال: من الكتب الماضية وأمور الله السالفة في الأمم، "وإن كنت من قبله" أي من قبل هذا القرآن "لمن الغافلين". وأخرج أبو الشيخ عن الضحاك "نحن نقص عليك أحسن القصص" قال: القرآن. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والحاكم وابن مردويه عن ابن عباس. في قوله:"إني رأيت أحد عشر كوكباً" قال: رؤيا الأنبياء وحي. وأخرج سعيد بن منصور والبزار وأبو يعلى وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والعقيلي وابن حبان في الضعفاء وأبو الشيخ والحاكم وصححه وابن مردويه وأبو نعيم والبيهقي عن جابر بن عبد الله قال: "جاء بستاني اليهودي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد أخبرني عن الكواكب التي رآها يوسف ساجدة له ما أسماؤها؟ فسكت النبي صلى الله عليه وسلم فلم يجبه بشيء، فنزل عليه جبريل فأخبره بأسمائها، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى البستاني اليهودي فقال: هل أنت مؤمن إن أخبرتك بأسمائها؟ قال نعم، قال: خرثان، والطارق، والذيال، وذوالكتفان، وقابس، ووثاب، وعمودان، والفيلق، والمصبح، والضروح، وذو الفرغ، والضياء والنور: رآها في أفق السماء ساجدة له، فلما قص يوسف على يعقوب قال: هذا أمر مشتت يجمعه الله من بعد، فقال اليهودي: إي والله إنها لأسماؤها" هكذا ساقه السيوطي في الدر المنثور، وأما ابن كثير فجعل قوله: فلما قص إلخ رواية منفردة وقال: تفرد بها الحكم بن ظهيرة الفزاري: وقد ضعفوه وتركه الأكثرون. وقال الجوزجاني: ساقط. وقال ابن الجوزي: هو موضوع. وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله: "أحد عشر كوكباً" قال: إخوته، والشمس قال: أمه، والقمر قال: أبوه، وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وأبو الشيخ عن قتادة نحوه. وأخرج ابن جرير عن ابن زيد نحوه أيضاً. وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن ابن عباس "وكذلك يجتبيك ربك" قال: يصطفيك. وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة مثله، وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد "ويعلمك من تأويل الأحاديث" قال: عبارة الرؤيا. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن زيد "ويعلمك من تأويل الأحاديث" قال: تأويل العلم والحلم، وكان يوسف من أعبر الناس. وأخرج ابن جرير عن عكرمة "كما أتمها على أبويك" قال: فنعمته على إبراهيم: أن نجاه من النار، وعلى إسحاق: أن نجاه من الذبح.
قوله عز وجل: "وكذلك يجتبيك ربك"، يصطفيك ربك يقوله يعقوب ليوسف، أي: كما رفع منزلتك بهذه الرؤيا، فكذلك يصطفيك ربك، "ويعلمك من تأويل الأحاديث"، يريد تعبير الرؤيا، سمي تأويلا لأنه يؤول أمره إلى ما رأى في منامه، والتأويل ما يؤول إلى عاقبة الأمر، "ويتم نعمته عليك"، يعني: بالنبوة، "وعلى آل يعقوب"، أي: على أولاده فإن أولاده كلهم كانوا أنبياء، "كما أتمها على أبويك من قبل إبراهيم وإسحاق"، فجعلهما نبيين، "إن ربك عليم حكيم".
وقيل: المراد من إتمام النعمة على إبراهيم الخلة.
وقيل: إنجاؤه من النار، وعلى إسحاق إنجاؤه من الذبح.
وقيل: بإخراج يعقوب/ والأسباط من صلبه.
قال ابن عباس رضي الله عنهما: كان بين رؤيا يوسف هذه وبين تحقيقها بمصير أبويه وإخوته إليه أربعون سنة، وهو قول أكثر أهل التفسير.
وقال الحسن البصري: كان بينهما ثمانون سنة. فلما بلغت هذه الرؤيا إخوة يوسف حسدوه وقالوا: ما رضي أن يسجد له إخوته حتى يسجد له أبواه فبغوه.
6."وكذلك"أي وكما اجتباك لمثل هذه الرؤيا الدالة على شرف وعز وكمال نفس . "يجتبيك ربك"للنبوة والملك أو لأمور عظام ، والاجتباء من جبيت الشيء إذا حصلته لنفسك."ويعلمك "كلام مبتدأ خارج عن التشبيه كأنه قيل وهو يعلمك."من تأويل الأحاديث"من تعبير الرؤيا لأنها أحاديث الملك إن كانت صادقة ، وأحاديث النفس أن الشيطان إن كانت كاذبة،. أو من تأويل غوامض كتب الله تعالى وسنن الأنبياء وكلمات الحكماء ،وهو اسم جمع الحديث كأباطيل اسم جمع للباطل . "ويتم نعمته عليك"بالنبوة أو بأن يصل نعمة الدنيا بنعمة الآخرة ."وعلى آل يعقوب"يريد به سائر بنيه ، ولعله استدل على نبوتهم بضوء الكواكب أو نسله."كما أتمها على أبويك"بالرسالة وقيل على إبراهيم بالخلة و الإنجاء من النار وعلى إسحاق بإنقاذه من الذبح وفدائه بذبح عظيم ." من قبل"أي من قبلك أو من قبل هذا الوقت."إبراهيم وإسحاق" عطف بيان لأبويك."إن ربك عليم" بمن يستحق الاجتباء. "حكيم" يفعل الأشياء على ما ينبغي .
6. Thus thy Lord will prefer thee and will teach thee the interpretation of events, and will perfect his grace upon thee and upon the family of Jacob as he perfected it upon thy forefathers, Abraham and Isaac. Lo! thy Lord is Knower, Wise.
6 - Thus will thy Lord choose thee and teach thee the interpretation of stories (and events) and perfect his favour to thee and to the posterity of Jacob even as he perfected it to thy fathers Abraham and Isaac aforetime for God is full of knowledge and wisdom.