6 - (والذين يرمون أزواجهم) بالزنا (ولم يكن لهم شهداء) عليه (إلا أنفسهم) وقع ذلك لجماعة من الصحابة (فشهادة أحدهم) مبتدأ (أربع شهادات) نصب على المصدر (بالله إنه لمن الصادقين) فيما رمى به زوجته من الزنى
قوله تعالى والذين يرمون أزواجهم الآية واخرج البخاري من طريق عكرمة عن ابن عباس أن هلال بن أمية قذف امرأته عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال له النبي صلى الله عليه وسلم البينة أو حد في ظهرك فقال يا رسول الله إذا رأى أحدنا مع امرأته رجلا ينطلق يلتمس البينة فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يقول البينة أو حد في ظهرك فقال هلال والذي بعثك بالحق إني لصادق ولينزلن الله ما يبرئ ظهري من الحد فنزل جبريل فأنزل الله عليه والذين يرمون أزواجهم فقرأ حتى بلغ إن كان من الصادقين وأخرجه أحمد بلفظ لما نزلت والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا قال سعد بن عبادة وهو سيد الأنصار أهكذا نزلت يا رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم معشر الأنصار ألا تسمعون ما يقول سيدكم قالوا يا رسول الله لا تلمه فإنه رجل غيور والله ما تزوج إمرأة قط فاجترأ رجل منا أن يتزوجها من شدة غيرته فقال سعد والله يا رسول الله إني لأعلم أنها حق وأنها من الله ولكني تعجبت أني لو وجدت لكاع قد تفخذها رجل لم يكن لي أن أنحيه ولا أحركه حتى آتي بأربعة شهداء فوالله لا أتي بهن حتى يقضي حاجته قال فما لبثوا إلا يسيرا حتى جاء هلال بن أمية وهو أحد الثلاثة الذين تيب عليهم فجاء من أرضه عشاء فوجد عند أهله رجلا فرأى بعينه وسمع بأذنه فلم يهجه حتى أصبح فغدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال له إني جئت أهلي عشاء فوجدت عندها رجلا فرأيت بعيني وسمعت بأذني فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم ما جاء به واشتد عليه واجتمعت الأنصار فقالوا قد ابتلينا بما قال سعد بن عبادة الآن يضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم ويبطل شهادته في الناس فقال هلال والله اني لأرجو أن يجعل الله لي منها مخرجا فوالله إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد أن يأمر بضربه أنزل الله عليه الوحي فأمسكوا عنه حتى فرغ من الوحي فنزلت والذين يرمون أزواجهم الآية وأخرج أبو يعلى مثله من حديث أنس
وأخرج الشيخان وغيرهما عن سهل بن سعد قال جاء عويمر إلى عاصم ابن عدي فقال اسأل لي رسول الله صلى الله عليه وسلم أرأيت رجلا وجد مع امرأته رجلا فقتله أيقتل به أم كيف يصنع فسأل عاصم رسول الله صلى الله عليه وسلم فعاب رسول الله صلى الله عليه وسلم السائل فلقيه عويمر فقال ما صنعت قال ما صنعت إنك لم تأتني بخير سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعاب السائل فقال عويمر فوالله لآتين رسول الله صلى الله عليه وسلم فلأسألنه فسأله فقال إنه أنزل فيك وفي صاحبتك الحديث قال الحافظ ابن حجر اختلف الأئمة في هذه المواضع فمنهم من رجح أنها نزلت في شأن عويمر ومنهم من رجح أنها نزلت في شأن هلال ومنهم من جمع بينهما بأن اول من وقع له ذلك هلال وصادف مجيء عويمر أيضا فنزلت في شأنهما معا وإلى هذا جنح النووي وتبعه الخطيب فقال لعلهما اتفق لهما ذلك في وقت واحد قال الحافظ ابن حجر ويحتمل أن النزول سيق بسبب هلال فلما جاء عويمر ولم يكن له علم بما وقع لهلال أعلمه النبي صلى الله عليه وسلم بالحكم ولهذا قال في قصة هلال فنزل جبريل وفي قصة عويمر قد أنزل الله فيك فيؤول قوله قد أنزل الله فيك أي فيمن وقع له مثل ما وقع لك وبهذا أجاب ابن الصباغ في الشامل وجنح القرطبي إلى تجويز نزول الآية مرتين
وأخرج البزار من طريق زيد بن مطيع عن حذيفة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر لو رأيت مع أم رومان رجلا ما كنت فاعلا به قال كنت فاعلا به شرا قال وأنت يا عمر قال كنت أقول لعن الله الأعجز وإنه لخبيث فنزلت قال الحافظ ابن حجر لا مانع من تعدد الأسباب
يقول تعالى ذكره " والذين يرمون " من الرجال " أزواجهم " بالفاحشة ، فيقذفونهن بالزنا ، " ولم يكن لهم شهداء " يشهدون لهم بصحة ما رموهن به من الفاحشة " فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين " .
واختلفت القراء في قراءة ذلك ، فقرأته عامة قراء المدينة والبصرة أربع شهادات نصبا ، ولنصبهم ذلك وجهان : أحدهما : أن تكون الشهادة في قوله " فشهادة أحدهم " مرفوعة بمضمر قبلها ، وتكون الأربع منصوبا بمعنى الشهادة ، فيكون تاويل الكلام حينئذ : فعلى أحدهم أن يشهد أربع شهادات بالله . والوجه الثاني : أن تكون الشهادة مرفوعة بقوله " إنه لمن الصادقين " والأربع منصوبة بوقوع الشهادة عليها ، كما يقال : شهادتي ألف مرة إنك لرجل سوء . وذلك أن العرب ترفع الأيمان بأجوبتها ، فتقول : حلف صادق لأقومن ، وشهادة عمرو ليقعدن . وقرأ ذلك عامة قراء الكوفيين : " أربع شهادات " ، برفع الأربع ، ويجعلونها للشهادة مرافعة ، وكأنهم وجهوا تأويل تأويل الكلام : فالذي يلزم من الشهادة ، أربع شهادات بالله إنه لمن
الصادقين .
وأولى القراءتين في ذلك عندي بالصواب : قراءة من قرأ : فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين بنصب أربع ، بوقوع الشهادة عليها ، والشهادة مرفوعة حينئذ على ما وصفت من الوجهين . قبل . وأحب وجهيهما إلي : أ تكون به مرفوعة بالجواب ، وذلك قوله " إنه لمن الصادقين " وذلك أن معنى الكلام : والذين يرمون أزواجهم ، ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم ، فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين ، تقوم مقام الشهداء الأربعة ، في دفع الحد عنه . فترك ذكر تقوم مقام الشهداء الربعة ، اكتفاء بمعرفة السامعين بما ذكر من الكلام ، فصار مرافع الشهادة ما وصفت . ويعني بقوله " فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله " : فحلف أحدهم أربع أيمان بالله ، من قول القائل : أشهد بالله إنه لمن الصادقين ، فيما رمى زوجته به من الفاحشة . " والخامسة " يقول : والشهادة الخامسة . " أن لعنة الله عليه " يقول : إن لعنة الله له واجبة ، وعليه حالة ، إن كان فيما رماها به من الفاحشة من الكاذبين .
وبنحو الذي قلنا في ذلك جاءت الآثار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقالت به جماعة من أهل التأويل :
ذكر الرواية بذلك ، وذكر السبب الذي أنزلت فيه هذه الآية .
حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : ثنا ابن علية ، قال : ثنا أيوب ، عن عكرمة ، قال : لما نزلت " والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة " " قال سعد بن عبادة : الله إن أنا رأيت لكاع متفخذها رجل ، فقلت بما رأيت ، إن في ظهري لثمانين ، إلى ما أجمع أربعة قد ذهب ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا معشر الأنصار ، ألا تسمعون إلى ما يقول سيدكم ؟ قالوا : يا رسول الله لا تلمه ، وذكروا من غيرته ، فما تزوج امرأة قط إلا بكرا ، ولا طلق امرأة قط فرجع فيها أحد منا . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فإن الله يأبى إلا ذاك ، فقال : صدق الله ورسوله . قال : فلم يلبثوا أن جاء ابن عم له ، فرمى امرأته ، فشق ذلك على المسلمين ، فقال : لا والله لا يجعل في ظهري ثمانين أبدا ، لقد نظرت حتى أيقنت ، ولقد استسمعت حتى استشفيت . قال : فأنزل الله القرآن باللعان ، فقيل له : احلف ، فحلف ، قال : قفوه عند الخامسة ، فإنها موجبة ، فقال : لا يدخله الله النار بهذا أبدا ، كما درأ عنه جلد ثمانين ، لقد نظرت حتى أيقنت ، ولقد استسمعت حتى استشفيت ، فحلف ، ثم قيل : احلفي ، فحلفت ، ثم قال :قفوها عند الخامسة ، فإنها موجبة ، فقيل لها : إنها موجبة ، فتلكأت ساعة ، ثم قالت : لا أخزي قومي ، فحلفت . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن جاءت به كذا وكذا ، فهو لزوجها ، وإن جاءت به كذا وكذا ، فهو للذي قيل فيه ما قيل . قال : فجاءت به غلاما كأنه جمل أورق ، فكان بعد أميرا بمصر ، لا يعرف نسبه ، أو لا يدري من أبوه " .
حدثنا خلاد بن أسلم ، قال : أخبرنا النضر بن شميل ، قال : أخبرنا عبدا ، قال : سمعت عكرمة ، " عن ابن عباس ،قال : لما نزلت هذه الآية " والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون " قال سعد بن عبادة : لهكذا أنزلت يا رسول الله ؟ لو أتيت لكاع قد تفخذها رجل ، لم يكن لي أن أهيجه ولا أحركه ، حتى آتي بأربعة شهداء ؟ فوالله ما كنت لآتي بأربعة شهداء ، حتى يفرغ من حاجته ! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا معشر الأنصار ، أما تسمعون إلى ما يقول سيدكم ؟ قالوا : لا تلمه فإنه رجل غيور ، ما تزوج فينا قط إلا عذراء ، ولا طلق امرأة له ، فاجترأ رجل منا أن يتزوجها ، قال سعد : يا رسول الله ، بأبي وأمي ، والله إني لأعرف أنها من الله ، وأنها حق ، ولكن عجبت لو وجدت لكاع قد تفخذها رجل ، لم يكن لي أن أهيجه ولا أحركه ، حتى آتي بأربعة شهداء ، والله لا آتي بأربعة شهداء ، حتى يفرغ من حاجته . فوالله ما لبثوا إلا يسيرا حتى جاء هلال بن أمية من حديقة له ، ، فرأى بعينيه ، وسمع بأذنيه ، فأمسك حتى أصبح ، فلما أصبح غدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو جالس مع أصحابه ، فقال : يا رسول الله ، إني جئت أهلي عشاء ، فوجدت رجلا مع أهلي ، رايت بعيني وسمعت بأذني ، فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أتاه به ، وثقل عليه جدا ، حتى عرف ذلك في وجهه ، فقال هلال : والله يا رسول الله إني لأرى الكراهة في وجهك مما أيتتك به ، والله يعلم أني صادق ، وما قلت إلا حقا ، فإني لأرجو أن يجعل الله فرجا . قال : واجتمعت الأنصار ، فقالوا : ابتلينا بما قال سعد ، أيجلد هلال بن أمية ، وتبطل شهادته في المسلمين ؟ فهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بضربه ، فإنه لكذلك ، يريد أن يأمر بضربه ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس مع أصحابه ، إذ نزل عليه الوحي ، فأمسك أصحابه على كلامه ، حين عرفوا أن الوحي قد نزل ، حتى فرغ ، فأنزل الله " والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم " .. إلى " أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين " فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أبشر يا هلال ، فإن الله قد جعل فرجا ، فقال : قد كنت أرجو ذلك من الله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أرسلوا إليها ، فجاءت ، فلما اجتمعا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم قيل لها ، فكذبت ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله يعلم أن أحدكما كاذب ، فهل منكما تائب ؟ فقال هلال : يا رسول الله ، بأبي و أمي لقد صدقت ، وما قلت إلا حقا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لاعنوا بينهما ، قيل لهلال : يا هلال أشهد ، فشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين ، فقيل له عند الخامسة : يا هلال اتق الله ، فإن عذاب الله أشد من عذاب الناس ، و إنها الموجبة ، التي توجب عليك العذاب ، فقال هلال : و الله لا يعذبني الله عليها ، كما لم يجلدني عليها رسول الله ، فشهد الخامسة : " أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين " ، ثم قيل لها : اشهدي ، فشهدت أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين ، فقيل لها عند الخامسة : اتقي الله ، فإن عذاب الله أشد من عذاب الناس ، و إن هذه الموجبة ، التي توجب عليك العذاب ، فتلكأت ساعة ،ثم قالت : والله لا أفضح قومي ، فشهدت الخامسة : " أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين " ففرق بينهما رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقضى أن الولد لها ، ولا يدعى لأب ، ولا يرمى ولدها " .
حدثني أحمد بن محمد الطوسي ، قال : ثنا أبو أحمد الحسين بن محمد ، قال : ثنا جرير بن حازم ، عن أيوب ، عن عكرمة ، " عن ابن عباس ، قال : لما قذف هلال بن أمية امرأته ، قيل له : ولله ليجلدنك رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمانين جلدة ، قال : الله أعدل من ذلك أن يضربني ضربة و قد علم أني قد رأيت حتى استيقنت ، و سمعت حتى استثبت ، لا والله لا يضربني أبدا ، فنزلت آية الملاعنة ، فدعا بهما رسول الله صلى الله عليه وسلم حين نزلت الآية ، فقال : الله يعلم أن أحدكما كاذب ، فهل منكما تائب ؟ فقال هلال : والله إني لصادق ، فقال له : احلف بالله الذي لا إله إلا هو : إني لصادق ، يقول ذلك أربع مرات ، فإن كنت كاذبا فعلي لعنة الله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قفوه عند الخامسة ، فإنها موجبة ، فحلف . ثم قالت أربعا : والله الذي لا إله إلا هو : إنه لمن الكاذبين ، فإن كان صادقا فعليها غضب الله ، و قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قفوها عند الخامسة ، فإنها موجبة ، فترددت وهمت بالاعتراف ، ثم قالت لا أفضح قومي " .
حدثنا أبو كريب ، و أبو هشام الرفاعي ، قالا : ثنا عبدة ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، " عن عبد الله ، قال : كنا ليلة الجمعة في المسجد ، فدخل رجل فقال : لو أن رجلا وجد مع امرأته رجلا فقتله قتلتموه ، و إن تكلم جلدتموه ! فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأنزل الله آية اللعان ، ثم جاء الرجل بعد ، فقذف امرأته ، فلاعن رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما ، فقال : عسى أن تجيء به أسود جعدا ، فجاءت به أسود جعدا " .
حدثنا ابن وكيع ، قال ، ثنا جرير بن عبد الحميد ، عن عبد الملك بن أبي سليمان ، " عن سعيد بن جبير ، قال : سألت ابن عمر ، فقلت : يا أبا عبد الرحمن ، أيفرق بين المتلاعنين ؟ فقال : نعم ، سبحان الله ! إن أول من سأل عن ذلك فلان ، أتى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله ، فقال : أرأيت لو أن أحدنا رأى صاحبته على فاحشة ، كيف يصنع ؟ فلم يجبه في ذلك شيئا . قال: فأتاه بعد ذلك فقال : إن الذي سألت عنه قد ابتليت به . فأنزل الله هذه الآية في سورة النور ،فدعا الرجل فوعظه و ذكره ، و أخبره أن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة ، قال : والذي بعثك بالحق ، لقد رأيت وما كذبت عليها ، قال : و دعا المرأة فوعظها ، وأخبرها أن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة ، فقالت : والذي بعثك بالحق إنه لكاذب وما رأى شيئا ، قال : فبدأ الرجل ، فشهد أربع شهادات بالله : إنه لمن الصادقين ، و الخامسة : أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين ، ثم إن المرأة شهدت أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين ، و الخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين ، و فرق بينهما " .
حدثنا ابن المثنى ، قال : ثنا ابن أبي عدي ، عن داود ، " عن عامر ، قال : لما أنزل " والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة " قال عاصم بن عدي : إن أنا رأيت فتكلمت جلدت ثمانين ، و إن سكت ، سكت على الغيظ ! قال فكأن ذلك شق على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : فأنزلت هذه الآية : " والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم " قال : فما لبثوا إلا جمعة ، حتى كان بين رجل من قومه وبين امرأته ، فلاعن رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما " .
حدثني علي ، قال : ثنا عبد الله ، قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله " والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم " الآية ... والخامسة :أن يقال له : إن عليك لعنة الله إن كنت من الكاذبين ،و إن أقرت المرأة بقوله رجمت وإن أنكرت شهدت أربع شهادات بالله إله لمن الكاذبين ، و الخامسة أن يقال لها : غضب الله عليك إن كان من الصادقين ، فيدرأ عنها العذاب ، ويفرق بينهما ، فلا يجتمعان أبدا ، و يلحق الولد بأمه .
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن عكرمة ، قوله " والذين يرمون أزواجهم " قال هلال بن أمية : و الذي رميت به شريك بن سحماء ، والذي استفتى عاصم ابن عدي .
قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، قال : أخبرني الزهري عن الملاعنة و السنة فيها ، عن حديث سهل بن سعد ، " أن رجلا من الأنصار جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : أرأيت رجلا وجد مع امرأته رجلا ، أيقتله فتقتلونه ؟ أم كيف يفعل ؟ فأنزل الله في شأنه ما ذكر من أمر المتلاعنين ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قد قضى الله فيك و في امرأتك ، فتلاعنا و أنا شاهد ، ثم فارقها عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكانت السنة بعدها أن يفرق بين المتلاعنين ،و كانت حاملة ، فأنكره ، فكان ابنها يدعى إلى أمه ، ثم جرت السنة أن ابنها يرثها ، و ترث ما فرض الله لها " .
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه عن ابن عباس ، قوله " والذين يرمون أزواجهم " ... إلى قوله " إن كان من الكاذبين " قال : إذا شهد الرجل خمس شهادات فقد برئ كل واحد من الآخر ، و عدتها إن كانت حاملا أن تضع حملها ، ولا يجلد واحد منهما ، وإن لم تحلف أقيم عليها الحد والرجم .
فيه ثلاثون مسألة:
الأولى: قوله تعالى: " ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم " " أنفسهم " بالرفع على البدل. ويجوز النصب على الاستثناء، وعلى خبر " يكن ". " فشهادة أحدهم أربع شهادات " بالرفع قراءة الكوفيين على الابتداء والخبر، أي فشهادة أحدهم التي تزيل عنه حد القذف أربع شهادات. وقرأ أهل المدينة وأبو عمرو " أربع " بالنصب، لأن معنى " فشهادة " أن يشهد، والتقدير: فعليهم أن يشهد أحدهم أربع شهادات، أو فالأمر أن يشهد أحدهم أربع شهادات، ولا خلاف في الثاني أنه منصوب بالشهادة.
هذه الاية الكريمة فيها فرج للأزواج وزيادة مخرج إذا قذف أحدهم زوجته, وتعسر عليه إقامة البينة أن يلاعنها كما أمر الله عز وجل وهو أن يحضرها إلى الإمام فيدعي عليها بما رماها به, فيحلفه الحاكم أربع شهادات بالله في مقابلة أربعة شهداء إنه لمن الصادقين أي فيما رماها به من الزنا "والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين" فإذا قال ذلك, بانت منه بنفس هذا اللعان عند الشافعي وطائفة كثيرة من العلماء, وحرمت عليه أبداً, ويعطيها مهرها ويتوجب عليها حد الزنا,ولا يدرأ عنهاالعذاب إلا أن تلاعن فتشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين, أي فيما رماها به "والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين" ولهذا قال "ويدرأ عنها العذاب" يعني الحد "أن تشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين * والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين" فخصها بالغضب, كما أن الغالب أن الرجل لا يتجشم فضيحة أهله ورميها بالزنا إلا وهو صادق معذور, وهي تعلم صدقه فيما رماها به, ولهذا كانت الخامسة في حقها أن غضب الله عليها, والمغضوب عليه هو الذي يعلم الحق ثم يحيد عنه.
ثم ذكر تعالى رأفته بخلقه ولطفه بهم فيما شرع لهم من الفرج والمخرج من شدة ما يكون بهم من الضيق, فقال تعالى: "ولولا فضل الله عليكم ورحمته" أي لحرجتم ولشق عليكم كثير من أموركم "وأن الله تواب" أي على عباده, وإن كان ذلك بعد الحلف والأيمان المغلظة "حكيم" فيما يشرعه ويأمر به وفيما ينهى عنه, وقد وردت الأحاديث بمقتضى العمل بهذه الاية وذكر سبب نزولها وفيمن نزلت فيه من الصحابة.
فقال الإمام أحمد : حدثنا يزيد , أخبرنا عباد بن منصور عن عكرمة عن ابن عباس قال: لما نزلت "والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبداً" قال سعد بن عبادة وهو سيد الأنصار رضي الله عنه: أهكذا أنزلت يا رسول الله ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " يا معشر الأنصار ألا تسمعون ما يقول سيدكم ؟ فقالوا: يا رسول الله لا تلمه فإنه رجل غيور, والله ما تزوج امرأة قط إلا بكراً, وما طلق امرأة له قط فاجترأ رجل منا أن يتزوجها من شدة غيرته. فقال سعد : والله يا رسول الله إني لأعلم أنها حق وأنها من الله, ولكني قد تعجبت أني لو وجدت لكاعاً قد تفخذها رجل لم يكن لي أن أهيجه ولا أحركه حتى آتي بأربعة شهداء, فو الله لا آتي بهم حتى يقضي حاجته ـ قال: فما لبثوا إلا يسيراً ـ حتى جاء هلال بن أمية وهو أحد الثلاثة الذين تيب عليهم, فجاء من أرضه عشاء, فوجد عند أهله رجلاً, فرأى بعينيه وسمع بأذنيه فلم يهيجه حتى أصبح, فغدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إني جئت على أهلي عشاء فوجدت عندها رجلاً, فرأيت بعيني وسمعت بأذني, فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم ما جاء به واشتد عليه, واجتمعت عليه الأنصار وقالوا: قد ابتلينا بما قال سعد بن عبادة الان, يضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم هلال بن أمية ويبطل شهادته في الناس, فقال هلال : والله إني لأرجو أن يجعل الله لي منها مخرجاً. وقال هلال يا رسول الله فإني قد أرى ما اشتد عليك مما جئت به, والله يعلم إني لصادق. فو الله إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد أن يأمر بضربه إذ أنزل الله على رسوله صلى الله عليه وسلم الوحي, وكان إذا أنزل عليه الوحي عرفوا ذلك في تربد وجهه, يعني فأمسكوا عنه حتى فرغ من الوحي, فنزلت " والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله " الاية, " فسري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أبشر يا هلال فقد جعل الله لك فرجاً ومخرجاً فقال هلال : قد كنت أرجو ذلك من ربي عز وجل, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسلوا إليها فأرسلوا إليها فجاءت, فتلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهما, فذكرهما وأخبرهما أن عذاب الاخرة أشد من عذاب الدنيا, فقال هلال : والله يا رسول الله لقد صدقت عليها, فقالت: كذب, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لاعنوا بينهما فقيل لهلال : اشهد, فشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين, فلما كانت الخامسة قيل له: يا هلال اتق الله, فإن عذاب الدنيا أهون من عذاب الاخرة, وإن هذه الموجبة التي توجب عليك العذاب, فقال: والله لا يعذبني الله عليها كما لم يجلدني عليها, فشهد في الخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين, ثم قيل للمرأة: اشهدي أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين, وقيل لها عند الخامسة: اتقي الله, فإن عذاب الدنيا أهون من عذاب الاخرة, وإن هذه الموجبة التي توجب عليك العذاب فتلكأت ساعة وهمت بالاعتراف, ثم قالت: والله لا أفضح قومي, فشهدت في الخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين, ففرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما, وقضى أن لا يدعى ولدها لأب, ولا يرمى ولدها, ومن رماها أو رمى ولدها فعليه الحد, وقضى أن لا بيت لها عليه ولا قوت لها من أجل أن يفترقا من غير طلاق ولا متوفى عنها, وقال إن جاءت به أصيهب أريشح حمش الساقين, فهو لهلال , وإن جاءت به أورق جعداً جمالياً خدلج الساقين سابغ الأليتين, فهو الذي رميت به فجاءت به أورق جعداً جمالياً خدلج الساقين سابغ الأليتين, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لولا الأيمان لكان لي ولها شأن " قال عكرمة : فكان بعد ذلك أميراً على مصر, وكان يدعى لأمه ولا يدعى لأب . ورواه أبو داود عن الحسن بن علي عن يزيد بن هارون به نحوه مختصراً.
ولهذا الحديث شواهد كثيرة في الصحاح وغيرها من وجوه كثيرة, فمنها ما قال البخاري : حدثني محمد بن بشار , حدثنا ابن أبي عدي عن هشام بن حسان , حدثني عكرمة عن ابن عباس أن هلال بن أمية قذف امرأته عند النبي صلى الله عليه وسلم بشريك بن سحماء, فقال النبي صلى الله عليه وسلم "البينة أوحد في ظهرك فقال: يا رسول الله إذا رأى أحدنا على امرأته رجلاً ينطلق يلتمس البينة ؟ فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يقول البينة وإلا حد في ظهرك فقال هلال : والذي بعثك بالحق إني لصادق ولينزلن الله ما يبرىء ظهري من الحد, فنزل جبريل وأنزل عليه " والذين يرمون أزواجهم " إلى قوله " إن كان من الصادقين " فانصرف النبي صلى الله عليه وسلم, فأرسل إليهما, فجاء هلال فشهد والنبي صلى الله عليه وسلم يقول إن الله يعلم أن أحدكما كاذب, فهل منكما تائب ؟ ثم قامت فشهدت, فلما كان في الخامسة وقفوها وقالوا: إنها موجبة, قال ابن عباس : فتلكأت ونكصت حتى ظننا أنها ترجع, ثم قالت: لا أفضح قومي سائر اليوم فمضت, فقال النبي صلى الله عليه وسلم أبصروها فان جاءت به أكحل العينين سابغ الأليتين خدلج الساقين, فهو لشريك ابن سحماء فجاءت به كذلك, فقال النبي صلى الله عليه وسلم لولا ما مضى من كتاب الله لكان لي و لها شأن" انفرد به البخاري من هذا الوجه, وقد رواه من غير وجه عن ابن عباس وغيره.
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أحمد بن منصور الزيادي , حدثنا يونس بن محمد , حدثنا صالح وهو ابن عمر , حدثنا عاصم يعني ابن كليب عن أبيه , حدثني ابن عباس قال: جاء رجل الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فرمى امرأته برجل, فكره ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم , فلم يزل يردده حتى أنزل الله تعالى "والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء" فقرأ حتى فرغ من الايتين, فأرسل إليهما فدعاهما فقال: "إن الله تعالى قد أنزل فيكما فدعا الرجل فقرأ عليه, فشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين, ثم أمر به فأمسك على فيه فوعظه, فقال له كل شيء أهون عليه من لعنة الله ثم أرسله فقال لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين ثم دعاها فقرأ عليها, فشهدت أربع شهادات بالله إنه من الكاذبين, ثم أمر فأمسك على فيها فوعظها وقال: ويحك كل شيء أهون من غضب الله ثم أرسلها فقالت: غضب الله عليها إن كان من الصادقين. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما والله لأقضين بينكما قضاء فصلا قال: فولدت فما رأيت مولوداً بالمدينة أكثر غاشيةً منه, فقال إن جاءت به لكذا وكذا فهو كذا, وإن جاءت به لكذا وكذا فهو كذا فجاءت به يشبه الذي قذفت به " .
وقال الإمام أحمد : حدثنا يحيى بن سعيد , حدثنا عبد الملك بن أبي سليمان قال: سمعت سعيد بن جبير قال: " سئلت عن المتلاعنين أيفرق بينهما في إمارة ابن الزبير , فما دريت ما أقول, فقمت من مكاني إلى منزل ابن عمر فقلت: يا أبا عبد الرحمن , المتلاعنان أيفرق بينهما ؟ فقال: سبحان الله إن أول من سأل عن ذلك فلان بن فلان, فقال: يا رسول الله أرأيت الرجل يرى امرأته على فاحشة فإن تكلم تكلم بأمر عظيم وإن سكت سكت على مثل ذلك فسكت فلم يجبه, فلما كان بعد ذلك أتاه فقال: الذي سألتك عنه قد ابتليت به, فأنزل الله تعالى هذه الايات في سورة النور "والذين يرمون أزواجهم" حتى بلغ " أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين " فبدأ بالرجل فوعظه وذكره, وأخبره أن عذاب الدنيا أهون من عذاب الاخرة فقال: والذي بعثك بالحق ما كذبتك, ثم ثنى بالمرأة فوعظها وذكرها, وأخبرها أن عذاب الدنيا أهون من عذاب الاخرة. فقالت المرأة: والذي بعثك بالحق إنه لكاذب, قال: فبدأ بالرجل, فشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين, والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين, ثم ثنى بالمرأة, فشهدت أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين, والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين, ثم فرق بينهما " , رواه النسائي في التفسير من حديث عبد الملك بن أبي سليمان به, وأخرجاه في الصحيحين من حديث سعيد بن جبير عن ابن عباس .
وقال الإمام أحمد : حدثنا يحيى بن حماد , حدثنا أبو عوانة عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال: كنا جلوساً عشية الجمعة في المسجد, فقال رجل من الأنصار: أحدنا إذا رأى مع امرأته رجلاً إن قتله قتلتموه, وإن تكلم جلدتموه, وإن سكت سكت على غيظ, والله لئن أصبحت صالحاً لأسألن رسول الله صلى الله عليه وسلم, قال: فسأله, فقال: " يا رسول الله إن أحدنا إذا رأى مع امرأته رجلاً فقتل قتلتموه, وإن تكلم جلدتموه, وإن سكت سكت على غيظ, اللهم احكم, قال: فأنزلت آية اللعان, فكان ذلك الرجل أول من ابتلي به. انفرد بإخراجه مسلم , فرواه من طرق عن سليمان بن مهران الأعمش به.
وقال الإمام أحمد أيضاً: حدثنا أبو كامل , حدثنا إبراهيم بن سعد , حدثنا ابن شهاب عن سهل بن سعد قال : جاء عويمر إلى عاصم بن عدي فقال له: " سل رسول الله صلى الله عليه وسلم أرأيت رجلاً وجد رجلاً مع امرأته فقتله أيقتل به, أم كيف يصنع ؟ فسأل عاصم رسول الله صلى الله عليه وسلم فعاب رسول الله صلى الله عليه وسلم المسائل, قال: فلقيه عويمر فقال: ما صنعت ؟ قال: ما صنعت إنك لم تأتني بخير, سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعاب المسائل, فقال عويمر : والله لاتين رسول الله صلى الله عليه وسلم فلأسألنه. فأتاه فوجده قد أنزل عليه فيهما قال: فدعا بهما فلاعن بينهما. قال عويمر : لئن انطلقت بها يا رسول الله لقد كذبت عليها. قال: ففارقها قبل أن يأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم فصارت سنة المتلاعنين, وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أبصروها فإن جاءت به أسحم أدعج العينين, عظيم الأليتين, فلا أراه إلا قد صدق, وإن جاءت به أحيمر كأنه وحرة, فلا أراه إلا كاذباً فجاءت به على النعت المكروه " . أخرجاه في الصحيحين وبقية الجماعة إلا الترمذي من طرق عن الزهري به.
ورواه البخاري أيضاً من طرق عن الزهري به فقال: حدثنا سليمان بن داود أبو الربيع , حدثنا فليح عن الزهري عن سهل بن سعد أن رجلاً " أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أرأيت رجلاً رأى مع امرأته رجلاً أيقتله فتقتلونه, أم كيف يفعل؟ فأنزل الله تعالى فيهما ما ذكر في القرآن من التلاعن, فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : قد قضى فيك وفي امرأتك قال: فتلاعنا, وأنا شاهد عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ففارقها فكانت سنة أن يفرق بين المتلاعنين, وكانت حاملاً فأنكر حملها, وكان ابنها يدعى اليها ثم جرت السنة في الميراث أن يرثها وترث منه ما فرض الله لها " .
وقال الحافظ أبو بكر البزار : حدثنا إسحاق بن الضيف , حدثنا النضر بن شميل , حدثنا يونس بن أبي إسحاق عن أبيه عن زيد بن بتيع عن حذيفة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر " لو رأيت مع أم رومان رجلاً ما كنت فاعلاً به ؟ قال: كنت والله فاعلاً به شراً, قال : فأنت يا عمر ؟ قال: كنت والله فاعلاً, كنت أقول: لعن الله الأعجز فإنه خبيث. قال: فنزلت "والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم" " ثم قال: لا نعلم أحداً أسنده إلا النضر بن شميل عن يونس بن إسحاق , ثم رواه من حديث الثوري عن ابن أبي إسحاق عن زيد بن بتيع مرسلاً, فالله أعلم.
وقال الحافظ أبو يعلى : حدثنا مسلم بن أبي مسلم الجرمي , حدثنا مخلد بن الحسين عن هشام عن ابن سيرين عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : لأول لعان كان في الإسلام أن شريك بن سحماء قذفه هلال بن أمية بامرأته, فرفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أربعة شهود, وإلا فحد في ظهرك فقال: يا رسول الله إن الله يعلم إني لصادق, ولينزلن الله عليك ما يبرىء به ظهري من الجلد, فأنزل الله آية اللعان "والذين يرمون أزواجهم" إلى آخر الاية, قال: فدعاه النبي صلى الله عليه وسلم فقال اشهد بالله إنك لمن الصادقين فيما رميتها به من الزنا فشهد بذلك أربع شهادات, ثم قال له في الخامسة ولعنة الله عليك إن كنت من الكاذبين فيما رميتها به من الزنا ففعل, ثم دعاها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال قومي فاشهدي بالله إنه لمن الكاذبين فيما رماك به من الزنا فشهدت بذلك أربع شهادات, ثم قال لها في الخامسة وغضب الله عليك إن كان من الصادقين فيما رماك به من الزنا قال: فلما كانت الرابعة أو الخامسة, سكتت سكتة حتى ظنوا أنها ستعترف, ثم قالت: لا أفضح قومي سائر اليوم, فمضت على القول, ففرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما, وقال انظروا فإن جاءت به جعداً حمش الساقين, فهو لشريك بن سحماء, وإن جاءت به أبيض سبطا قصير العينين, فهو لهلال بن أمية فجاءت به جعداً حمش الساقين, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لولا ما نزل فيهما من كتاب الله لكان لي ولها شأن " .
6- فقال: "والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم" أي لم يكن لهم شهداء يشهدون بما رموهن من الزنا إلا أنفسهم بالرفع على البدل من شهداء. قيل ويجوز النصب على خبر يكن. قال الزجاج: أو على الاستثناء على الوجه المرجوح "فشهادة أحدهم أربع شهادات" قرأ الكوفيون برفع "أربع" على أنها خبر لقوله: "فشهادة أحدهم" أي فشهادة أحدهم التي تزيل عنه حد القذف أربع شهادات. وقرأ أهل المدينة وأبو عمرو أربع بالنصب على المصدر، ويكون "فشهادة أحدهم" خبر مبتدأ محذوف: أي فالواجب شهادة أحدهم، أو مبتدأ محذوف الخبر: أي فشهادة أحدهم واجبة. وقيل إن "أربع" منصوب بتقدير: فعليهم أن يشهد أحدهم أربع شهادات وقوله: "بالله" متعلق بشهادة أو بشهادات، وجملة "إنه لمن الصادقين" هي المشهود به، وأصله على أنه فحذف الجار وكسرت إن، وعلق العامل منها.
قوله عز وجل: 6- "والذين يرمون أزواجهم"، أي: يقذفون نساءهم، "ولم يكن لهم شهداء"، يشهدوان على صحة ما قالوا، "إلا أنفسهم"، أي: غير أنفسهم، "فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين"، قرأ حمزة والكسائي وحفص: أربع شهادات برفع العين على خبر الابتداء، أي: فشهادة أحدهم التي تدرأ الحد أربع شهادات، وقرأ الآخرون بالنصب، أي: فشهادة أحدهم أن يشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين.
6 -" والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم " نزلت في هلال بن أمية رأى رجلاً على فراشه ، وأنفسهم بدل من شهداء أو صفة لهم على أن إلا بمعنى غير . " فشهادة أحدهم أربع شهادات " فالواجب شهادة أحدهم أو فعليهم شهادة أحدهم ، و " أربع " نصب على المصدر وقد رفعه حمزة و الكسائي و حفص على أنه خبر (( شهادة )) " بالله " متعلق بشهادات لأنها أقرب وقيل بشاهدة لتقدمها . " إنه لمن الصادقين " أي فيما رماها به من الزنا ، وأصله على أنه فحذف الجار وكسرت إن وعلق العامل عنه باللام تأكيداً .
6. As for those who accuse their wives but have no witnesses except themselves; let the testimony of one of them be four testimonies, (swearing) by Allah that he is of those who speak the truth;
6 - And for those who launch a charge against their spouses, and have (in support) no evidence but their own, their solitary evidence (can be received) if they bear witness four times (with an oath) by God that they are solemnly telling the truth;