6 - (وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر) شديدة الصوت (عاتية) قوية شديدة على عاد مع قوتهم وشدتهم
وقوله : " وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية " يقول تعالى ذكره : وأما عاد قوم هود فأهلكهم الله بريح صرصر ، وهي الشديدة العصوف مع شدة بردها " عاتية " يقول : عتت على خزانها في الهبوب ، فتجاوزت في الشدة والعصوف مقدارها المعروف في الهبوب والبرد .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه عن ابن عباس ، قوله " وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية " يقول : بريح مهلكة باردة ، عتت عليهم بغير رحمة ولا بركة ، دائمة لا تفتر .
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة " وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية " والصرصر الباردة عتت عليهم حتى نقبت عن أفئتدتهم .
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن موسى بن المسيب ، عن شهر بن حوشب ، عن ابن عباس ، قال : ما أرسل الله من ريح قط إلا بمكيال ولا أنزل قطرة قط إلا بمثقال ، إلا يوم نوح ويوم عاد ، فإن الماء يوم نوح طغى على خزانه ، فلم يكن لهم عليه سبيل ، ثم قرأ " إنا لما طغى الماء حملناكم في الجارية " [ الحاقة : 11 ] ، وإن الريح عتت على خزانها فلم يكن لهم عليها سبيل ، ثم قرأ " بريح صرصر عاتية " .
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، قال : ثنا أبو سنان ، عن غير واحد ، عن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ، قال : لم تنزل قطرة من ماء إلا بكيل على يدي ملك ، فلما كان يوم نوح أذن للماء دون الخزان ، فطغى الماء على الجبال فخرج ، فذلك قول الله " إنا لما طغى الماء حملناكم في الجارية " ولم ينزل من الريح شيء إلا بكيل على يدي ملك إلا يوم عاد ، فإنه أذن لهم دون الخزان ، فخرجت ، وذلك قول الله " بريح صرصر عاتية " عتت على الخزان .
حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله " بريح صرصر عاتية " قال : الصرصر : الشديدة والعاتية : القاهرة التي عتت عليهم فقهرتهم .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله " صرصر " قال : شديدة .
حدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : ثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله " بريح صرصر " يعني : باردة عاتية ، عتت عليهم بلا رحمة ولا بركة .
قوله تعالى: "وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر" أي باردة تخرق ببردها كإحراق النار، مأخوذ من الصر وهو البرد، قاله الضحاك. وقيل: إنها الشديد الصوت. وقال مجاهد: الشديد السموم. "عاتية" أي عتت على خزنها فلم تطعهم، ولم يطيقوها من شدة هبوبها، غضبت لغضب الله. وقيل: عتت على عاد فقهرتهم. وروى سفيان الثوري عن موسى بن المسيب عن شهر بن حوشب عن ابن عباس قال":قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أرسل الله من نسمة من ريح إلا بمكيال ولا قطرة من ماء إلا بمكيال إلا يوم عاد ويوم نوح فإن الماء يوم نوح طغى على الخزان فلم يكن لهم عليه سبيلا - ثم قرأ - "إنا لما طغى الماء حملناكم في الجارية" الحاقة:11 والريح لما كان يوم عاد عتت على الخزان فلم يكن لهم عليها سبيل - ثم قرأ - "بريح صرصر عاتية". "
الحاقة من أسماء يوم القيامة لأن فيها يتحقق الوعد والوعيد ولهذا عظم الله أمرها فقال: "وما أدراك ما الحاقة" ثم ذكر تعالى إهلاكه الأمم المكذبين بها فقال تعالى: "فأما ثمود فأهلكوا بالطاغية" وهي الصيحة التي أسكتتهم والزلزلة التي أسكنتهم, هكذا قال قتادة الطاغية الصيحة, وهو اختيار ابن جرير , وقال مجاهد : الطاغية الذنوب, وكذا قال الربيع بن أنس وابن زيد إنها الطغيان وقرأ ابن زيد "كذبت ثمود بطغواها" وقال السدي فأهلكوا بالطاغية قال يعني عاقر الناقة "وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر" أي باردة قال قتادة والسدي والربيع بن أنس والثوري "عاتية" أي شديدة الهبوب, قال قتادة . عتت عليهم حتى نقبت عن أفئدتهم. وقال الضحاك : "صرصر" باردة "عاتية" عتت عليهم بغير رحمة ولا بركة, وقال علي وغيره: عتت على الخزنة فخرجت بغير حساب.
"سخرها عليهم" أي سلطها عليهم "سبع ليال وثمانية أيام حسوماً" أي كوامل متتابعات مشائيم, قال ابن مسعود وابن عباس ومجاهد وعكرمة والثوري وغيرهم: حسوماً متتابعات, وعن عكرمة والربيع بن خثيم مشائيم عليهم كقوله تعالى: "في أيام نحسات" قال الربيع : وكان أولها الجمعة وقال غيره الأربعاء, ويقال إنها التي تسميها الناس الأعجاز, وكأن الناس أخذوا ذلك من قوله تعالى: "فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية" وقيل لأنها تكون في عجز الشتاء, ويقال أيام العجوز لأن عجوزاً من قوم عاد دخلت سرباً فقتلها الريح في اليوم الثامن, حكاه البغوي والله أعلم.
قال ابن عباس : "خاوية" خربة, وقال غيره: بالية أي جعلت الريح تضرب بأحدهم الأرض فيخر ميتاً على أم رأسه, فينشدخ رأسه وتبقى جثته هامدة كأنها قائمة النخلة إذا خرت بلا أغصان. وقد ثبت في الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "نصرت بالصبا وأهلكت عاد بالدبور" وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي حدثنا محمد بن يحيى بن الضريس العبدي حدثنا ابن فضيل عن مسلم عن مجاهد عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما فتح الله على عاد من الريح التي هلكوا بها إلا مثل موضع الخاتم, فمرت بأهل البادية فحملتهم ومواشيهم وأموالهم فجعلتهم بين السماء والأرض, فلما رأى ذلك أهل الحاضرة من عاد الريح وما فيها قالوا هذا عارض ممطرنا, فألقت أهل البادية ومواشيهم على أهل الحاضرة" وقال الثوري عن ليث عن مجاهد : الريح لها جناحان وذنب "فهل ترى لهم من باقية" أي هل تحس منهم من أحد من بقاياهم أو ممن ينتسب إليهم بل بادوا عن آخرهم ولم يجعل الله لهم خلفاً.
ثم قال تعالى: "وجاء فرعون ومن قبله" قرىء بكسر القاف أي ومن عنده ممن في زمانه من أتباعه من كفار القبط, وقرأ آخرون بفتحها أي ومن قبله من الأمم المشبهين له. وقوله تعالى: "والمؤتفكات" وهم الأمم المكذبون بالرسل "بالخاطئة" وهي التكذيب بما أنزل الله قال الربيع "بالخاطئة" أي بالمعصية, وقال مجاهد : بالخطايا, ولهذا قال تعالى: "فعصوا رسول ربهم" وهذا جنس أي كل كذب رسول الله إليهم كما قال تعالى "كل كذب الرسل فحق وعيد" ومن كذب برسول فقد كذب بالجميع كما قال تعالى: "كذبت قوم نوح المرسلين" "كذبت عاد المرسلين" "كذبت ثمود المرسلين" وإنما جاء إلى كل أمة رسول واحد ولهذا قال ههنا: "فعصوا رسول ربهم فأخذهم أخذة رابية" أي عظيمة شديدة أليمة, قال مجاهد : رابية شديدة, وقال السدي : مهلكة.
ثم قال تعالى: " إنا لما طغى الماء " أي زاد على الحد بإذن الله وارتفع على الوجود, وقال ابن عباس وغيره: طغى الماء كثر, وذلك بسبب دعوة نوح عليه السلام على قومه حين كذبوه وخالفوه, فعبدوا غير الله فاستجاب الله له وعم أهل الأرض بالطوفان إلا من كان مع نوح في السفينة فالناس كلهم من سلالة نوح وذريته. وقال ابن جرير : حدثنا ابن حميد , حدثنا مهران عن أبي سنان سعيد بن سنان عن غير واحد عن علي بن أبي طالب قال: لم تنزل قطرة من ماء إلا بكيل على يدي ملك, فلما كان يوم نوح أذن للماء دون الخزان فطغى الماء على الخزان, فخرج فذلك قوله تعالى: "إنا لما طغى الماء" أي زاد على الحد بإذن الله "حملناكم في الجارية" ولم ينزل شيء من الريح إلا بكيل على يدي ملك إلا يوم عاد فإنه أذن لها دون الخزان فخرجت, فذلك قوله تعالى: "بريح صرصر عاتية" أي عتت على الخزان, ولهذا قال تعالى ممتناً على الناس: "إنا لما طغى الماء حملناكم في الجارية" وهي السفينة الجارية على وجه الماء "لنجعلها لكم تذكرة" عاد الضمير على الجنس لدلالة المعنى عليه أي وأبقينا لكم من جنسها ما تركبون على تيار الماء في البحار كما قال: "وجعل لكم من الفلك والأنعام ما تركبون * لتستووا على ظهوره ثم تذكروا نعمة ربكم إذا استويتم عليه".
وقال تعالى: " وآية لهم أنا حملنا ذريتهم في الفلك المشحون * وخلقنا لهم من مثله ما يركبون " وقال قتادة : أبقى الله السفينة حتى أدركها أوائل هذه الأمة, والأول أظهر ولهذا قال تعالى: "وتعيها أذن واعية" أي وتفهم هذه النعمة وتذكرها أذن واعية, قال ابن عباس : حافظة سامعة. وقال قتادة : "أذن واعية" عقلت عن الله فانتفعت بما سمعت من كتاب الله, وقال الضحاك "وتعيها أذن واعية" سمعتها أذن ووعت أي من له سمع صحيح وعقل رجيح, وهذا عام في كل من فهم ووعى. وقد قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو زرعة الدمشقي , حدثنا العباس بن الوليد بن صبيح الدمشقي , حدثنا زيد بن يحيى , حدثنا علي بن حوشب : سمعت مكحولاً يقول: لما نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم "وتعيها أذن واعية" قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سألت ربي أن يجعلها أذن علي" قال مكحول : فكان علي يقول: ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً قط فنسيته, وهكذا رواه ابن جرير عن علي بن سهل عن الوليد بن مسلم عن علي بن حوشب عن مكحول به وهو حديث مرسل.
وقد قال ابن أبي حاتم أيضاً: حدثنا جعفر بن محمد بن عامر , حدثنا بشر بن آدم , حدثنا عبد الله بن الزبير أبو محمد يعني والد أبي أحمد الزبيري , حدثني صالح بن الهيثم : سمعت بريدة الأسلمي يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي "إني أمرت أن أدنيك ولا أقصيك وأن أعلمك وأن تعي وحق لك أن تعي" قال: فنزلت هذه الاية "وتعيها أذن واعية" ورواه ابن جرير عن محمد بن خلف عن بشر بن آدم به. ثم رواه ابن جرير من طريق آخر عن أبي داود الأعمى عن بريدة به ولا يصح أيضاً.
6- "وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر" عاد هم قوم هود، وقد تقدم بيان هذا، وذكر منازلهم، وأين كانت في غير موضع، والريح الصرصر هي الشديدة البرد، مأخوذ من الصر وهو البرد، وقيل هي الشديدة الصوت. وقال مجاهد: الشديدة السموم، والعاتية التي عتت عن الطاعة فكأنها عتت على خزانها، فلم تطعهم ولم يقدروا على ردها لشدة هبوبها، أو عتت على عاد، فلم يقدروا على ردها. بل أهلكتهم.
6- "وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية"، عتت على خزانها فلم تطعهم ولم يكن لهم عليها سبيل، وجاوزت المقدار فلم يعرفوا كم خرج منها.
6-" وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر " بالواقعة أي شديدة الصوت أو البرد من الصر أو الصر . " عاتية " شديدة العصف كأنها عتت على خزانها فلم يستطيعوا ضبطها ، أو على " عاد " فلم يقدروا على ردها .
6. And as for Aad, they were destroyed by a fierce roaring wind,
6 - And the Ad, they were destroyed by a furious Wind, exceedingly violent;