60 - (فإن لم تأتوني به فلا كيل لكم عندي) أي ميرة (ولا تقربون) نهي أو عطف على محل فلا كيل أي تحرموا ولا تقربوا
قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره ، مخبراً عن قيل يوسف لإخوته : "فإن لم تأتوني به" ، بأخيكم من أبيكم ، "فلا كيل لكم عندي" ، يقول : فليس لكم عندي طعام أكيله لكم ، "ولا تقربون" ، يقول : ولا تقربوا بلادي .
وقوله : "ولا تقربون" ، في موضع جزم بالنهي ، و النون في موضع نصب ، وكسرت لما حذفت ياؤها ، والكلام : ولا تقربوني .
قوله تعالى: " فإن لم تأتوني به فلا كيل لكم عندي " أي فلا أبيعكم شيئاً فيما بعد، لأنه قد وفاهم كيلهم في هذه الحال. " ولا تقربون " أي لا أنزلكم عندي منزلة القريب، ولم يرد أنهم يبعدون منه ولا يعودون إليه، لأنه على العود حثهم. قال السدي : وطلب منهم رهينة حتى يرجعوا، فارتهن شمعون عنده، قال الكلبي : إنما اختار شمعون منهم لأنه كان يوم الجب أجملهم قولاً، وأحسنهم رأياً. و ( تقربون) في موضع جزم بالنهي، فلذلك حذفت منه النون وحذفت الياء، لأنه رأس آية، ولو كان خبراً لكان ( تقربون) بفتح النون.
ذكر السدي ومحمد بن إسحاق وغيرهما من المفسرين أن السبب الذي أقدم إخوة يوسف بلاد مصر, أن يوسف عليه السلام لما باشر الوزارة بمصر ومضت السبع السنين المخصبة, ثم تلتها السبع السنين المجدبة, وعم القحط بلاد مصر بكمالها, ووصل إلى بلاد كنعان وهي التي فيها يعقوب عليه السلام وأولاده, وحينئذ احتاط يوسف عليه السلام للناس في غلاتهم, وجمعها أحسن جمع, فحصل من ذلك مبلغ عظيم وهدايا متعددة هائلة, وورد عليه الناس من سائر الأقاليم والمعاملات, يمتارون لأنفسهم وعيالهم, فكان لا يعطي الرجل أكثر من حمل بعير في السنة, وكان عليه السلام, لا يشبع نفسه, ولا يأكل هو والملك وجنودهما إلا أكلة واحدة في وسط النهار, حتى يتكفا الناس بما في أيديهم مدة السبع سنين, وكان رحمة من الله على أهل مصر.
وما ذكره بعض المفسرين من أنه باعهم في السنة الأولى بالأموال, وفي الثانية بالمتاع, وفي الثالثة بكذا, وفي الرابعة بكذا, حتى باعهم بأنفسهم وأولادهم بعد ما تملك عليهم جميع ما يملكون, ثم أعتقهم ورد عليهم أموالهم كلها, الله أعلم بصحة ذلك, وهو من الإسرائيليات التي لا تصدق ولا تكذب, والغرض أنه كان في جملة من ورد للميرة إخوة يوسف عن أمر أبيهم لهم في ذلك, فإنه بلغهم أن عزيز مصر يعطي الناس الطعام بثمنه, فأخذوا معهم بضاعة يعتاضون بها طعاماً, وركبوا عشرة نفر, واحتبس يعقوب عليه السلام عنده ابنه بنيامين شقيق يوسف عليه السلام, وكان أحب ولده إليه بعد يوسف, فلما دخلوا على يوسف وهو جالس في أبهته ورياسته وسيادته, عرفهم حين نظر إليهم, وهم له منكرون أي لا يعرفونه, لأنهم فارقوه وهو صغير حدث, وباعوه للسيارة ولم يدروا أين يذهبون به, ولا كانوا يستشعرون في أنفسهم أن يصير إلى ما صار إليه, فلهذا لم يعرفوه, وأما هو فعرفهم. فذكر السدي وغيره أنه شرع يخاطبهم, فقال لهم كالمنكر عليهم: ما أقدمكم بلادي ؟ فقالوا: أيها العزيز إنا قدمنا للميرة, قال: فلعلكم عيون ؟ قالوا: معاذ الله. قال: فمن أين أنتم ؟ قالوا من بلاد كنعان, وأبونا يعقوب نبي الله. قال: وله أولاد غيركم ؟ قالوا: نعم كنا اثني عشر, فذهب أصغرنا, هلك في البرية وكان أحبنا إلى أبيه, وبقي شقيقه فاحتبسه أبوه ليتسلى به عنه, فأمر بإنزالهم وإكرامهم "ولما جهزهم بجهازهم" أي أوفى لهم كيلهم, وحمل لهم أحمالهم, قال: ائتوني بأخيكم هذا الذي ذكرتم لأعلم صدقكم فيما ذكرتم " ألا ترون أني أوفي الكيل وأنا خير المنزلين " يرغبهم في الرجوع إليه, ثم رهبهم فقال: "فإن لم تأتوني به فلا كيل لكم عندي" الاية, أي إن لم تقدموا به معكم في المرة الثانية فليس لكم عندي ميرة, "ولا تقربون * قالوا سنراود عنه أباه وإنا لفاعلون" أي سنحرص على مجيئه إليك بكل ممكن, ولا نبقي مجهوداً لتعلم صدقنا فيما قلناه, وذكر السدي أنه أخذ منهم رهائن حتى يقدموا به معهم, وفي هذا نظر لأنه أحسن إليهم ورغبهم كثيراً, وهذا لحرصه على رجوعهم, "وقال لفتيانه" أي غلمانه "اجعلوا بضاعتهم" أي التي قدموا بها ليمتاروا عوضاً عنها "في رحالهم" أي في أمتعتهم من حيث لا يشعرون, "لعلهم يرجعون" بها, قيل: خشي يوسف عليه السلام أن لا يكون عندهم بضاعة أخرى يرجعون للميرة بها. وقيل: تذمم أن يأخذ من أبيه وإخوته عوضاً عن الطعام, وقيل أراد أن يردهم إذا وجدوها في متاعهم تحرجاً وتورعاً, لأنه يعلم ذلك منهم والله أعلم.
ثم توعدهم إذا لم يأتوه به فقال: 60- "فإن لم تأتوني به فلا كيل لكم عندي ولا تقربون" أي فلا أبيعكم شيئاً فيما بعد، وأما في الحال فقد أوفاهم كيلهم، ومعنى لا تقربون: لا تدخلون بلادي فضلاً عن أن أحسن إليكم وقيل معناه: لا أنزلكم عندي كما أنزلتكم هذه المرة، ولم يرد أنهم لا يقربون بلاده، وتقربون مجزوم إما على أن لا ناهية أو على أنها نافية، وهو معطوف على محل الجزاء داخل في حكمه كأنه قال: فإن لم تأتوني تحرموا ولا تقربوا فلما سمعوا منه ذلك وعدوه بما طلبه منهم.
60-"فإن لم تأتوني به فلا كيل لكم عندي"، أي: ليس لكم عندي طعام أكيله لكم "ولا تقربون"، أي: لا تقربوا داري وبلادي بعد ذلك وهو جزم على النهي.
60."فإن لم تأتوني به فلا كيل لكم عندي ولا تقربون"أي ولا تقربوني ولا تدخلوا دياري ، وهو إما نهي أن نفي معطوف على الجزاء .
60. And if ye bring him not unto me, then there shall be no measure for you with me, nor shall ye draw near.
60 - Now if ye bring him not to me, ye shall have no measure (of corn) from me, nor shall ye (even) come near me.