60 - (فويل) شدة عذاب (للذين كفروا من) في (يومهم الذي يوعدون) أي يوم القيامة
يقول تعالى ذكره : فالوادي السائل في جهنم من قيح وصديد للذين كفروا بالله وجحدوا وحدانيته من يومهم الذي يوعدون فيه نزول عذاب الله إذا نزل بهم ماذا يلقون فيه من البلاء والجهد .
قوله تعالى " فويل للذين كفروا من يومهم الذي يوعدون " تم تفسير سورة الذاريات والحمد لله .
يقول تعالى مسلياً لنبيه صلى الله عليه وسلم وكما قال لك هؤلاء المشركون قال المكذبون الأولون لرسلهم: "كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون" قال الله عز وجل: "أتواصوا به ؟" أي أوصى بعضهم بعضاً بهذه المقالة "بل هم قوم طاغون" أي لكن هم قوم طغاة تشابهت قلوبهم, فقال متأخرهم كما قال متقدمهم. قال الله تعالى: "فتول عنهم" أي فأعرض عنهم يامحمد "فما أنت بملوم" يعني فما نلومك على ذلك "وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين" أي إنما تنتفع بها القلوب المؤمنة, ثم قال جل جلاله: "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون" أي إنما خلقتهم لامرهم بعبادتي لا لا حتياجي إليهم. وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس "إلا ليعبدون" أي إلا ليقروا بعبادتي طوعاً أو كرهاً. وهذا اختيار ابن جرير وقال ابن جريج: إلا ليعرفون, وقال الربيع بن أنس "إلا ليعبدون" أي إلا للعبادة, وقال السدي: من العبادة ما ينفع ومنها ما لا ينفع "ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن الله" هذا منهم عبادة وليس ينفعهم مع الشرك, وقال الضحاك: المراد بذلك المؤمنون.
وقوله تعالى: "ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون * إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين" قال الإمام أحمد: حدثنا يحيى بن آدم وأبو سعيد قالا: حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن يزيد, عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين " ورواه أبو داود والترمذي والنسائي من حديث إسرائيل, وقال الترمذي: حسن صحيح. ومعنى الاية أنه تبارك وتعالى خلق العباد ليعبدوه وحده لا شريك له فمن أطاعه جازاه أتم الجزاء, ومن عصاه عذبه أشد العذاب. وأخبر أنه غير محتاج إليهم بل هم الفقراء إليه في جميع أحوالهم. فهو خالقهم ورازقهم. قال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن عبد الله, حدثنا عمران ـ يعني ابن زائدة بن نشيط عن أبيه عن أبي خالد ـ هو الوالبي ـ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى ـ "ياابن آدم تفرغ لعبادتي أملأ صدرك غنى وأسد فقرك, وإلا تفعل ملأت صدرك شغلاً ولم أسد فقرك" ورواه الترمذي وابن ماجه من حديث عمران بن زائدة, وقال الترمذي: حسن غريب.
وقد روى الإمام أحمد عن وكيع وأبي معاوية عن الأعمش عن سلام بن شرحبيل: سمعت حبة وسواء ابني خالد يقولان: أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يعمل عملاً أو يبني بناء, قال أبو معاوية: يصلح شيئاً, فأعناه عليه فلما فرغ دعا لنا وقال: "لا تيأسا من الرزق ما تهزهزت رؤوسكما فإن الإنسان تلده أمه أحمر ليس عليه قشرة ثم يعطيه الله ويرزقه". وقد ورد في بعض الكتب الإلهية: يقول الله تعالى: ابن آدم خلقتك لعبادتي فلا تلعب, وتكفلت برزقك فلا تتعب فاطلبني تجدني فإن وجدتني وجدت كل شيء وإن فتك فاتك كل شيء, وأنا أحب إليك من كل شيء. وقوله تعالى: "فإن للذين ظلموا ذنوباً" أي نصيباً من العذاب "مثل ذنوب أصحابهم فلا يستعجلون" أي فلا يستعجلون ذلك فإنه واقع لا محالة "فويل للذين كفروا من يومهم الذي يوعدون" يعني يوم القيامة. آخر تفسير سورة الذاريات ولله الحمد والمنة .
60- "فويل للذين كفروا من يومهم الذي يوعدون" قيل هو يوم القيامة وقيل يوم بدر، والفاء لترتيب ما بعدها على ما قبلها.
وقد أخرج ابن جرير وابن المنذر في قوله: "فتولى بركنه" عن ابن عباس قال: بقومه. وأخرج الفريابي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه عنه في قوله: "الريح العقيم" قال: الشديدة التي لا تلقح شيئاً. وأخرج ابن جرير عنه أيضاً قال: لا تلقح الشجر ولا تثير السحاب، وفي قوله: "إلا جعلته كالرميم" قال: كالشيء الهالك. وأخرج الفريابي وابن المنذر عن علي بن أبي طالب قال: الريح العقيم النكباء. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس في قوله: "والسماء بنيناها بأيد" قال: بقوة. وأخرج أبو داود في ناسخه وابن المنذر عنه في قوله: "فتول عنهم فما أنت بملوم" قال: أمره الله أن يتولى عنهم ليعذبهم، وعذر محمداً صلى الله عليه وسلم، ثم قال: "وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين" فنسختها. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عنه في قوله: "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون" قال: ليقروا بالعبودية طوعاً أو كرهاً. وأخرج ابن المنذر عنه في الآية قال: على ما خلقتهم عليه من طاعتي ومعصيتي وشقوتي وسعادتي. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عنه أيضاً في قوله: "المتين" يقول: الشديد. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عنه أيضاً في قوله: "ذنوباً" قال: دلواً.
60. يدل عليه قوله عز وجل: " فويل للذين كفروا من يومهم الذي يوعدون "، يعني: يوم القيامة، وقيل: يوم بدر.
60-" فويل للذين كفروا من يومهم الذي يوعدون " من يوم القيامة أو يوم بدر عن النبي صلى الله عليه وسلم " من قرأ سورة والذاريات أعطاه الله عشر حسنات بعدد كل ريح هبت وجرت في الدنيا " .
60. And woe unto those who disbelieve, from (that) their day which they are promised.
60 - Woe, then, to the Unbelievers, on account of that Day of theirs which they have been promised!