60 - (وأعدوا لهم) لقتالهم (ما استطعتم من قوة) قال صلى الله عليه وسلم : " هي الرمي " رواه مسلم (ومن رباط الخيل) مصدر بمعنى حبسها في سبيل الله (ترهبون) تخوفون (به عدو الله وعدوكم) أي كفار مكة (وآخرين من دونهم) أي غيرهم وهم المنافقون أو اليهود (لا تعلمونهم الله يعلمهم وما تنفقوا من شيء في سبيل الله يوف إليكم) جزاؤه (وأنتم لا تظلمون) تنقصون منه شيئاً
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: " وأعدوا "، لهؤلاء الذين كفروا بربهم، الذين بينكم وبينهم عهد، إذا خفتم خيانتهم وغدرهم، أيها المؤمنون بالله ورسوله، " ما استطعتم من قوة "، يقول: ما أطقتم أن تعدوه من الآلات التي تكون قوة لكم عليهم، من السلاح والخيل، " ترهبون به عدو الله وعدوكم "، يقول: تخيفون بإعدادكم ذلك عدو الله وعدوكم من المشركين.
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن إدريس قال، سمعت أسامة بن زيد، عن صالح بن كيسان، عن رجل من جهينة، يرفع الحديث الى رسول الله صلى الله عليه وسلم: " وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة "، ألا إن الرمي هو القوة، ألا إن الرمي هو القوة.
حدثنا أبو كريب قال، حدثنا سعيد بن شرحبيل قال، حدثنا ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، وعبد الكريم بن الحارث، عن أبي علي الهمداني: " أنه سمع عقبة بن عامر على المنبر يقول: قال الله: " وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل "، ألا وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر: قال الله: " وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة "، ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي، ثلاثاً ".
حدثنا أبو كريب قال، حدثنا محبوب، وجعفر بن عون، ووكيع، وأبو أسامة، وأبو نعيم، عن أسامة بن زيد، عن صالح بن كيسان، عن رجل، عن عقبة بن عامر الجهني قال: " قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر: " وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل "، فقال: ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي، ثلاث مرات ".
حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن أسامة بن زيد، عن صالح بن كيسان، عن رجل، عن عقبة بن عامر: أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الآية على المنبر، فذكر نحوه.
حدثنا أحمد بن إسحق قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا أسامة بن زيد، عن صالح بن كيسان، عن عقبة بن عامر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، نحوه.
حدثنا ابن حميد قال، حدثنا يحيى بن واضح قال، حدثنا موسى بن عبيدة، عن أخيه، محمد بن عبيدة، عن أخيه عبد الله بن عبيدة، عن عقبة بن عامر، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: " " وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة "، ألا إن القوة الرمي ".
حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن سفيان، عن شعبة بن دينار، عن عكرمة في قوله: " وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة "، قال: الحصون، " ومن رباط الخيل "، قال: الإناث.
حدثنا علي بن سهل قال، حدثنا ضمرة بن ربيعة، عن رجاء بن أبي سلمة قال: لقي رجل مجاهداً بمكة، ومع مجاهد جوالق، قال: فقال مجاهد: هذا من القوة! و مجاهد يتجهز للغزو.
حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي : " وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة "، من سلاح.
وأما قوله: " ترهبون به عدو الله وعدوكم ".
فقال ابن وكيع:
حدثنا أبي، عن إسرائيل، عن عثمان بن المغيرة الثقفي، عن مجاهد ، عن ابن عباس: " ترهبون به عدو الله وعدوكم "، قال:تخزون به عدو الله وعدوكم.
حدثنا أحمد بن إسحق قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا إسرائيل، عن عثمان، عن مجاهد ، عن ابن عباس، مثله.
حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا إسرائيل، عن خصيف، عن عكرمة وسعيد بن جبير، عن ابن عباس: " ترهبون به عدو الله وعدوكم "، تخزون به عدو الله وعدوكم. وكذا كان يقرؤها: ((تخزون)).
حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال: حدثنا إسرائيل، عن عثمان بن المغيرة، وخصيف، عن مجاهد عن ابن عباس: " ترهبون به "، تخزون به.
حدثنا أحمد بن إسحق قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا إسرائيل، عن خصيف، عن عكرمة، عن ابن عباس، مثله.
يقال منه: ((أرهبت العدو، ورهبته، فأنا أرهبه وأرهبه، إرهاباً وترهيباً، وهو الرهب والرهب))، ومنه قول طفيل الغنوي:
ويل أم حي دفعتم في نحورهم بني كلاب غداة الرعب والرهب
القول في تأويل قوله: " وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم ".
قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في هؤلاء ((الآخرين))، من هم، وما هم؟
فقال بعضهم: هم بنو قريظة.
ذكر من قال ذلك:
حدثت عن عمار بن الحسين قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد : " وآخرين من دونهم "، بمعنى: من بني قريظة.
حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد : " وآخرين من دونهم "، قال: قريظة.
وقال آخرون: من فارس.
ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي : " وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم "، هؤلاء أهل فارس.
وقال آخرون: هم كل عدو للمسلمين، غير الذين أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يشرد بهم من خلفهم. قالوا: وهم المنافقون.
ذكر من قال ذلك:
حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قول الله: " فإما تثقفنهم في الحرب فشرد بهم من خلفهم "، قال: أخفهم بهم، لما تصنع بهؤلاء. وقرأ: " وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم ".
حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: " وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم "، قال: هؤلاء المنافقون، لا تعلمونهم لأنهم معكم، يقولون: لا إله إلا الله، ويغزون معكم.
وقال آخرون:هم قوم من الجن.
قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك أن يقال: إن الله أمر المؤمنين بإعداد الجهاد وآلة الحرب وما يتقوون به على جهاد عدون وعدوهم من المشركين، من السلاح والرمي وغير ذلك، ورباط الخيل، ولا وجه لأن يقال: عني بـ((القوة))، معنى دون معنى من معاني ((القوة))، وقد عم الله الأمر بها.
فإن قال قائل: فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بين أن ذلك مراد به الخصوص بقوله: " ألا إن القوة الرمي "؟
قيل له: إن الخبر، وإن كان قد جاء بذلك، فليس في الخبر ما يدل على أنه مراد بها الرمي خاصة، دون سائر معاني القوة عليهم، فإن الرمي أحد معاني القوة، لأنه إنما قيل في الخبر: " ألا إن القوة الرمي "، ولم يقل: ((دون غيرها))، ومن ((القوة)) أيضاً السيف والرمح والحربة، وكل ما كان معونة على قتال المشركين، كمعونة الرمي أو أبلغ من الرمي فيهم وفي النكاية منهم. هذا مع وهاء سند الخبر بذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأما قوله: " وآخرين من دونهم لا تعلمونهم "، فإن قول من قال: عني به الجن، أقرب وأشبه بالصواب، لأنه جل ثناؤه قد أدخل بقوله: " ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم "، الأمر بارتباط الخير لإرهاب كل عدو لله وللمؤمنين يعلمونهم. ولا شك أن المؤمنين كانوا عالمين بعداوة قريظة وفارس لهم، لعلمهم بأنهم مشركون، وأنهم لهم حرب. ولا معنى لأن يقال، وهم يعلمونهم لهم أعداء: " وآخرين من دونهم لا تعلمونهم "، ولكن معنى ذلك إن شاء الله: ترهبون بارتباطكم، أيها المؤمنون، الخيل عدو الله وأعداءكم من بني آدم الذين قد علمتم عداوتهم لكم، لكفرهم بالله ورسوله، وترهبون بذلك جنساً آخر من غير بني آدم، لا تعلمون أماكنهم وأحوالهم، الله يعلمهم دونكم، لأن بني آدم لا يرونهم. وقيل: إن صهيل الخيل يرهب الجن، وأن الجن لا تقرب داراً فيما فرس.
فإن قال قائل: فإن المؤمنين كانوا يعلمون ما عليه المنافقون، فما تنكر أن يكون عني بذلك المنافقون؟
قيل: فإن المنافقين لم يكن تروعهم خيل المسلمين ولا سلاحهم، وإنما كان يروعهم أن يظهر المسلمون على سرائرهم التي كانوا يستسرون من الكفر، وإنما أمر المؤمنون بإعداد القوة لإرهاب العدو، فأما من لم يرهبه ذلك، فغير داخل في معنى من أمر بإعداد ذلك له المؤمنون. وقيل: " لا تعلمونهم "، فاكتفي لـ((العلم))، بمنصوب واحد في هذا الموضع، لأنه أريد: لا تعرفونهم، كما قال الشاعر:
فإن الله يعلمني ووهباً وأنا سوف يلقاه كلانا
القول في تأويل قوله: " وما تنفقوا من شيء في سبيل الله يوف إليكم وأنتم لا تظلمون "
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: وما أنفقتم، أيها المؤمنون، من نفقة في شراء آلة حرب من سلاح أو حراب أو كراع أو غير ذلك من النفقات، في جهاد أعداء الله المشركين يخلفه الله عليكم في الدنيا، ويدخل لكم أجوركم على ذلك عنده حتى يوفيكموها يوم القيامة، " وأنتم لا تظلمون "، يقول: يفعل ذلك بكم ربكم، فلا يضيع أجوركم عليه.
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحق ، " وما تنفقوا من شيء في سبيل الله يوف إليكم وأنتم لا تظلمون "، أي: لا يضيع لكم عند الله أجره في الآخرة، وعاجل خلفه في الدنيا.
فيه ست مسائل:
الأولى- قوله تعالى: "وأعدوا لهم" أمر الله -سبحانه- المؤمنين بإعداد القوة للأعداء بعد أن أكد تقدمة التقوى. فإن الله سبحانه لو شاء لهزمهم بالكلام والتفل في وجوههم وبحفنة من تراب، كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولكنه أراد أن يبتلي بعض الناس ببعض بعلمه السابق وقضائه النافذ. وكلما تعده لصديقك من خير أو لعدوك من شر فهو داخل في عدتك. قال ابن عباس: القوة ههنا السلاح والقسي. وفي صحيح مسلم عن عقبة بن عامر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر يقول:
"وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة. ألا إن القوة الرمي ألا إن القوة الرمي ألا إن القوة الرمي". وهذا نص رواه عن عقبة أبو علي ثمامة بن شفي الهمداني، وليس له في الصحيح غيره. وحديث آخر في الرمي عن عقبة أيضاً قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
"ستفتح عليكم أرضون ويكفيكم الله فلا يعجز أحدكم أن يلهو بأسهمه". وقال صلى الله عليه وسلم:
"كل شيء يلهو به الرجل باطل إلا رميه بقوسه وتأديبه فرسه وملاعبته أهله فإنه من الحق". ومعنى هذا والله أعلم: أن كل ما يتلهى به الرجل مما لا يفيده في العاجل ولا في الآجل فائدة فهو باطل، والإعراض عنه أولى. وهذه الأمور الثلاثة فإنه وإن كان يفعلها على أنه يتلهى بها وينشط، فإنها حق لاتصالها بما قد يفيد، فإن الرمي بالقوس وتأديب الفرس جميعاً من معاون القتال. وملاعبة الأهل قد تؤدي إلى ما يكون عنه ولد يوحد الله ويعبده، فلهذا كانت هذه الثلاثة من الحق. وفي سنن أبي داود والترمذي والنسائي عن عقبة بن عامر عن النبي صلى الله عليه وسلم:
"إن الله يدخل ثلاثة نفر الجنة بسهم واحد صانعه يحتسب في صنعته الخير والرامي ومنبله". وفضل الرمي عظيم ومنفعته عظيمة للمسلمين، ونكايته شديدة على الكافرين. قال صلى الله عليه وسلم:
"يا بني إسماعيل ارموا فإن أباكم كان رامياً". وتعلم الفروسية واستعمال الأسلحة فرض كفاية. وقد يتعين.
الثانية- قوله تعالى: "ومن رباط الخيل" وقرأ الحسن وعمرو بن دينار وأبو حيوة ومن ربط الخيل بضم الراء والباء، جمع رباط، ككتاب وكتب قال أبو حاتم عن ابن زيد: الرباط من الخيل الخمس فما فوقها، وجماعته ربط. وهي التي ترتبط، يقال منه: ربط يربط ربطاً. وارتبط يرتبط ارتباطاً. ومربط الخيل ومرابطها وهي ارتباطها بإزاء العدو. قال الشاعر:
أمر الإله بربطها لعدوه في الحرب إن الله خير موفق
وقال مكحول بن عبد الله:
تلوم على ربط الجياد وحبسها وأوصى بها الله النبي محمداً
ورباط الخيل فضل عظيم ومنزلة شريفة. وكان لعروة البارقي سبعون فرساً معدة للجهاد. والمستحب منها الإناث، قاله عكرمة وجماعة. وهو صحيح، فإن الأنثى بطنها كنز وظهرها عز وفرس جبريل كان أنثى. وروى الأئمة عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"الخيل ثلاثة: لرجل أجر، ولرجل ستر، ولرجل وزر" الحديث. ولم يخص ذكراً من أنثى. وأجودها أعظمها أجراً وأكثرها نفعاً. وقد "سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الرقاب أفضل؟ فقال: أغلاها ثمناً وأنفسها عند أهلها". وروى النسائي عن أبي وهب الجشمي -وكانت له صحبة- قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"تسموا بأسماء الأنبياء وأحب الأسماء إلى الله عز وجل عبد الله وعبد الرحمن، وارتبطوا الخيل وامسحوا بنواصيها وأكفالها، وقلدوها ولا تقلدوها الأتار، وعليكم بكل كميت أغر محجل أو أشقر أغر محجل أو أدهم أغر محجل". وروى الترمذي عن أبي قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"خير الخيل الأدهم الأقرح الأرثم ثم الأقرح المحجل طلق اليمين فإن لم يكن أدهم فكميت على هذه الشية". ورواه الدارمي عن أبي قتادة أيضاً، "أن رجلاً قال: يا رسول الله، إني أريد أن أشتري فرساً، فأيها أشتري؟ قال: اشتر أدهم أرثم محجلاً طلق اليد اليمنى، أو من الكميت على هذه الشية تغنم وتسلم".
وكان صلى الله عليه وسلم يكره الشكال من الخيل. والشكال: أن يكون الفرس في رجله اليمنى بياض وفي يده اليسرى، أو في يده اليمنى ورجله اليسرى. خرجه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه. ويذكر أن الفرس الذي قتل عليه الحسين بن علي رضي الله عنهما كان أشكل.
الثالثة- فإن قيل: إن قوله "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة" كان يكفي، فلم خص الرمي والخيل بالذكر؟ قيل له: إن الخيل لما كانت أصل الحروب وأوزارها التي عقد الخير في نواصيها، وهي أقوى القوة وأشد العدة وحصون الفرسان، وبها يجال في الميدان، وخصها بالذكر تشريفاً، وأقسم بغبارها تكريماً. فقال: "والعاديات ضبحا" [العاديات:1] الآية. ولما كانت السهام من أنجع ما يتعاطى في الحروب والنكاية في العدو وأقربها تناولاً للأرواح، خصها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالذكر لها والتنبيه عليها. ونظير هذا في التزيل، "وجبريل وميكال" [البقرة:98] ومثله كثير.
الرابعة- وقد استدل بعض علمائنا بهذه الآية على جواز وقف الخيل والسلاح، واتخاذ الخزائن والخزان لها عدة للأعداء. وقد اختلف العلماء في جواز وقف الحيوان كالخيل والإبل على قولين: المنع، وبه قال أبو حنيفة. والصحة، وبه قال الشافعي رضي الله عنه. وهو أصح، لهذه الآية، ولحديث ابن عمر في الفرس الذي حمل عليه في سبيل الله وقوله عليه السلام في حق خالد:
"وأما خالد فإنكم تظلمون خالداً فإنه قد احتبس أدراعه وأعتاده في سبيل الله" الحديث. وما روي "أن امرأة جعلت بعيراً في سبيل الله، فأراد زوجها الحج، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ادفعيه إليه ليحج عليه فإن الحج من سبيل الله". ولأنه مال ينتفع به في وجه قربة، فجاز أن يوقف كالرباع. وقد ذكر السهيلي في هذه الآية تسمية خيل النبي صلى الله عليه وسلم، وآلة حربه. من أرادها وجدها في كتاب الأعلام.
الخامسة- قوله تعالى: "ترهبون به عدو الله وعدوكم" يعني تخيفون به عدو الله وعدوكم من اليهود وقريش وكفار العرب. "وآخرين من دونهم" يعني فارس والروم، قاله السدي. وقيل: الجن. وهو اختيار الطبري. وقيل: المراد بذلك كل من لا تعرف عداوته. قال السهيلي: قيل هم قريظة. وقيل: هم من الجن. وقيل غير ذلك. ولا ينبغي أن يقال فيهم شيء، لأن الله سبحانه قال: "وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم"، فكيف يدعي أحد علما بهم، إلا أن يصح حديث جاء في ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو قوله في هذه الآية:
هم الجن. ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الشيطان لا يخبل أحداً في دار فيها فرس عتيق" وإنما سمي عتيقاً لأنه قد تخلص من الهجانة. وهذا الحديث أسنده الحارث بن أبي أسامة عن ابن المليكي عن أبيه عن جده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وروى: أن الجن لا تقرب داراً فيها فرس، وأنها تنفر من صهيل الخيل.
السادسة- قوله تعالى: "وما تنفقوا من شيء" أي تتصدقوا. وقيل: تنفقوه على أنفسكم أو خيلكم. "في سبيل الله يوف إليكم" في الآخرة، الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، إلى أضعاف كثيرة. "وأنتم لا تظلمون".
يقول تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: "ولا تحسبن" يا محمد "الذين كفروا سبقوا" أي فاتونا, فلا نقدر عليهم بل هم تحت قهر قدرتنا, وفي قبضة مشيئتنا, فلا يعجزوننا, كقوله تعالى: "أم حسب الذين يعملون السيئات أن يسبقونا ساء ما يحكمون" أي يظنون, وقوله تعالى: " لا تحسبن الذين كفروا معجزين في الأرض ومأواهم النار ولبئس المصير " وقوله تعالى: " لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد * متاع قليل ثم مأواهم جهنم وبئس المهاد " ثم أمر تعالى, بإعداد آلات الحرب لمقاتلتهم حسب الطاقة والإمكان والاستطاعة, فقال: "وأعدوا لهم ما استطعتم" أي مهما أمكنكم "من قوة ومن رباط الخيل" قال الإمام أحمد: حدثنا هارون بن معروف, حدثنا ابن وهب, أخبرني عمرو بن الحارث, عن أبي علي ثمامة بن شفي, أخي عقبة بن عامر, أنه سمع عقبة بن عامر يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو على المنبر: "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة" ألا إن القوة الرمي ألا إن القوة الرمي" رواه مسلم, عن هارون بن معروف, وأبو داود عن سعيد بن منصور, وابن ماجه عن يونس بن عبد الأعلى, ثلاثتهم عن عبد الله بن وهب به. ولهذا الحديث طرق أخر, عن عقبة بن عامر, منها ما رواه الترمذي من حديث صالح بن كيسان, عن رجل عنه, وروى الإمام أحمد وأهل السنن عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ارموا واركبوا وأن ترموا خير من أن تركبوا".
وقال الإمام مالك عن زيد بن أسلم, عن أبي صالح السمان, عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الخيل لثلاثة, لرجل أجر, ولرجل ستر, وعلى رجل وزر, فأما الذي له أجر, فرجل ربطها في سبيل الله فأطال لها في مرج أو روضة, فما أصابت في طيلها ذلك من المرج أو الروضة, كانت له حسنات ولو أنها قطعت طيلها, فاستنت شرفاً أو شرفين كانت آثارها وأرواثها حسنات له, ولو أنها مرت بنهر فشربت منه ولم يرد أن يسقي به, كان ذلك حسنات له, فهي لذلك الرجل أجر, ورجل ربطها تغنياً وتعففاً, ولم ينس حق الله في رقابها ولا ظهورها فهي له ستر, ورجل ربطها فخراً ورياء ونواء, فهي على ذلك وزر" وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحمر, فقال "ما أنزل الله علي فيها شيئاً إلا هذه الاية الجامعة الفاذة " فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره * ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره " رواه البخاري وهذا لفظه, ومسلم كلاهما من حديث مالك, وقال الإمام أحمد: حدثنا حجاج, أخبرنا شريك, عن الركين بن الربيع, عن القاسم بن حسان, عن عبد الله بن مسعود, عن النبي صلى الله عليه وسلم, قال: "الخيل ثلاثة: ففرس للرحمن, وفرس للشيطان, وفرس للإنسان, فأما فرس الرحمن فالذي يربط في سبيل الله, فعلفه وروثه وبوله ـ وذكر ما شاء الله ـ وأما فرس الشيطان, فالذي يقامر أو يراهن عليها, وأما فرس الإنسان, فالفرس يربطها الإنسان يلتمس بطنها, فهي له ستر من الفقر" وقد ذهب أكثر العلماء, إلى أن الرمي أفضل من ركوب الخيل, وذهب الإمام مالك, إلى أن الركوب أفضل من الرمي, وقول الجمهور أقوى للحديث, والله أعلم.
وقال الإمام أحمد: حدثنا حجاج وهشام, قالا: حدثنا ليث, حدثني يزيد بن أبي حبيب, عن ابن شماسة, أن معاوية بن خديج, مر على أبي ذر وهو قائم عند فرس له, فسأله ما تعاني من فرسك هذا ؟ فقال: إني أظن أن هذا الفرس قد استجيب له دعوته, قال: وما دعاء بهيمة من البهائم ؟ قال: والذي نفسي بيده, ما من فرس إلا وهو يدعو كل سحر, فيقول: اللهم أنت خولتني عبداً من عبادك, وجعلت رزقي بيده, فاجعلني أحب إليه من أهله وماله وولده. قال: وحدثنا يحيى بن سعيد, عن عبد الحميد بن أبي جعفر, حدثني يزيد بن أبي حبيب عن سويد بن قيس, عن معاوية بن خديج عن أبي ذر رضي الله عنه, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنه ليس من فرس عربي إلا يؤذن له مع كل فجر, يدعو بدعوتين: يقول: اللهم إنك خولتني من خولتني من بني آدم, فاجعلني من أحب أهله وماله إليه ـ أو ـ أحب أهله وماله إليه", رواه النسائي, عن عمرو بن علي الفلاس, عن يحيى القطان به. وقال أبوالقاسم الطبراني: حدثنا الحسين بن إسحاق التستري, حدثنا هشام بن عمار, حدثنا يحيى بن حمزة, حدثنا المطعم بن المقدام الصنعاني, عن الحسن بن أبي الحسن, أنه قال لابن الحنظلية يعني سهلاً: حدثنا حديثاً سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم, فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة, وأهلها معانون عليها, ومن ربط فرساً في سبيل الله, كانت النفقة عليه كالماد يده بالصدقة لا يقبضها", والأحاديث الواردة في فضل ارتباط الخيل كثيرة. وفي صحيح البخاري, عن عروة بن أبي الجعد البارقي, أن رسول الله صلى الله عليه وسلم, قال: "الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة, الأجر والمغنم" وقوله: "ترهبون" أي تخوفون "به عدو الله وعدوكم" أي من الكفار "وآخرين من دونهم" قال مجاهد يعني بني قريظة, وقال السدي: فارس, وقال سفيان الثوري: قال ابن يمان: هم الشياطين التي في الدور, وقد ورد حديث بمثل ذلك.
قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو عتبة أحمد بن الفرج الحمصي, حدثنا أبو حيوة يعني شريح بن يزيد المقري, حدثنا سعيد بن سنان, عن ابن غريب, يعني يزيد بن عبد الله بن غريب, عن أبيه عن جده, أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في قول الله تعالى: "وآخرين من دونهم لا تعلمونهم" قال هم الجن, ورواه الطبراني عن إبراهيم بن دحيم, عن أبيه عن محمد بن شعيب عن سنان بن سعيد بن سنان, عن يزيد بن عبد الله بن غريب به, وزاد, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يخبل بيت فيه عتيق من الخيل", وهذا الحديث منكر لا يصح إسناده ولا متنه, وقال مقاتل بن حيان وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم: هم المنافقون, وهذا أشبه الأقوال, ويشهد له قوله تعالى: "وممن حولكم من الأعراب منافقون ومن أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم" وقوله "وما تنفقوا من شيء في سبيل الله يوف إليكم وأنتم لا تظلمون" أي مهما أنفقتم في الجهاد, فإنه يوفى إليكم على التمام والكمال, ولهذا جاء في الحديث الذي رواه أبو داود: أن الدرهم يضاعف ثوابه في سبيل الله إلى سبعمائة ضعف, كما تقدم في قوله تعالى: "مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم" وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أحمد بن القاسم بن عطية, حدثنا أحمد بن عبد الرحمن الدشتكي, حدثنا أبي عن أبيه, حدثنا الأشعث بن إسحاق, عن جعفر عن سعيد بن جبير, عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم, أنه كان يأمر أن لا يتصدق إلا على أهل الإسلام, حتى نزلت "وما تنفقوا من شيء في سبيل الله يوف إليكم" فأمر بالصدقة بعدها, على كل من سألك من كل دين, وهذا أيضاً غريب .
ثم أمر سبحانه بإعداد القوة للأعداء، والقوة كل ما يتقوى به في الحرب، ومن ذلك السلاح والقسي. وقد ثبت في صحيح مسلم وغيره من حديث عقبة بن عامر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر يقول: "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ألا إن القوة الرمي، قالها ثلاث مرات". وقيل هي الحصون، والمصير إلى التفسير الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم متعين. قوله: 60- "ومن رباط الخيل". قرأ الحسن وعمرو بن دينار وأبو حيوة (ومن ربط الخيل) بضم الراء والباء ككتب: جمع كتاب. قال أبو حاتم: الرباط من الخيل الخمس فما فوقها، وهي الخيل التي ترتبط بإزار العدو، ومنه قول الشاعر:
أمر الإله بربطها لعدوه في الحرب إن الله خير موفق
قال في الكشاف: والرباط اسم للخيل التي تربط في سبيل الله، ويجوز أن يسمى بالرباط الذي هو بمعنى المرابطة، ويجوز أن يكون جمع ربيط كفصيل وفصال انتهى. ومن فسر القوة بكل ما يتقوى به في الحرب جعل عطف الخيل من عطف الخاص على العام، وجملة "ترهبون به عدو الله وعدوكم" في محل نصب على الحال والترهيب والتخويف، والضمير في به عائد إلى ما في ما استطعتم أو إلى المصدر المفهوم من وأعدوا وهو الإعداد. والمراد بعدو الله وعدوهم هم المشركون من أهل مكة وغيرهم من مشركي العرب. قوله: "وآخرين من دونهم" معطوف على عدو الله وعدوكم، ومعنى من دونهم: من غيرهم، قيل هم اليهود، وقيل فارس والروم، وقيل الجن، ورجحه ابن جرير. وقيل المراد بالآخرين من غيرهم كل من لا تعرف عداوته قاله السهيلي. وقيل هم بنو قريظة خاصة، وقيل غير ذلك، والأولى الوقف في تعيينهم لقوله: "لا تعلمونهم الله يعلمهم". قوله: "وما تنفقوا من شيء في سبيل الله" أي في الجهاد وإن كان يسيراً حقاً "يوف إليكم" جزاؤه في الآخرة، فالحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة كما قررناه سابقاً "وأنتم لا تظلمون" في شيء من هذه النفقة التي تنفقونها في سبيل الله: أي من ثوابها بل يصير ذلك إليكم وافياً وافراً كاملاً: "وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجراً عظيماً" "أني لا أضيع عمل عامل منكم".
وقد أخرج أبو الشيخ عن سعيد بن جبير قال: نزلت "إن شر الدواب عند الله" الآية في ستة رهط من اليهود فيهم ابن تابوت. وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله: "الذين عاهدت منهم ثم ينقضون عهدهم" قال: قريظة يوم الخندق مالأوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أعداءه. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: "فشرد بهم من خلفهم" قال: نكل بهم من بعدهم. وأخرج ابن جرير عنه في الآية قال: نكل بهم من وراءهم. وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن سعيد بن جبير في الآية قال: أنذر بهم. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة قال: عظ بهم من سواهم من الناس. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد قال: أخفهم بهم. وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله: "لعلهم يذكرون" يقولون: لعلهم يحذرون أن ينكثوا فيصنع بهم مثل ذلك. وأخرج أبو الشيخ عن ابن شهاب قال: دخل جبريل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: قد وضعت السلاح وما زلنا في طلب القوم فاخرج فإن الله قد أذن لك في قريظة، وأنزل فيهم "وإما تخافن من قوم خيانة" الآية. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله: "إنهم لا يعجزون" قال: لا يفوتونا. وأخرج أبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عباس في قوله: "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة" قال: الرمي والسيوف والسلاح. وأخرج ابن إسحاق وابن أبي حاتم عن عباد بن عبد الله بن الزبير في قوله: "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة" قال: أمرهم بإعداد الخيل. وأخرج أبو الشيخ والبيهقي في الشعب عن عكرمة في الآية قال: القوة ذكور الخيل، والرباط الإناث. وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد مثله. وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي حاتم عن سعيد بن المسيب في الآية قال: القوة الفرس إلى السهم فما دونه. وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عكرمة قال: القوة الحصون، و "من رباط الخيل" قال: الإناث. وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله: "ترهبون به عدو الله وعدوكم" قال: تخزون به عدو الله وعدوكم. وقد ورد في استحباب الرمي وما فيه من الأجر أحاديث كثيرة. وكذلك ورد في استحباب اتخاذ الخيل وإعدادها وكثرة ثواب صاحبها أحاديث لا يتسع المقام لبسطها. وقد أفرد ذلك جماعة من العلماء بمصنفات.
60 - قوله تعالى : " وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة " ، الإعداد : اتخاذ الشيء لوقت الحاجة . " من قوة " ، أي : من الآلات التي تكون لكم قوة عليهم من الخيل و السلاح .
أخبرنا إسماعيل بن عبد القاهر أنبأنا عبد الغافر بن محمد ، أنا محمد بن عيسى الجلودي ، ثنا إبراهيم بن محمد بن سفيان ، عن مسلم بن الحجاج ثنا هارون بن معروف ثنا ابن وهب أخبرني عمرو بن الحارث ، عن أبي علي ، ثمامة بن شفي أنه سمع عقبة بن عامر يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول، وهو على المنبر : " وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ألا إن القوة الرمي ، ألا إن القوة الرمي ، ألا إن القوة الرمي " .
وبهذا الإسناد قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " ستفتح عليكم الروم ويكفيكم الله عز وجل فلا يعجز أحدكم أن يلهو بأسهمه " .
أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أنا محمد بن يوسف ، ثنا محمد بن إسماعيل ، ثنا أبو نعيم ، ثنا عبد الرحمن بن الغسيل ، عن حمزة بن أبي أسيد عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر حين صففنا لقريش وصفوا لنا : " إذا أكثبوكم فعليكم بالنبل " .
أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أنبأنا أبو منصور محمد بن محمد بن سمعان ، ثنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن عبد الجبار الرياني ، ثنا حميد بن زنجويه ، ثنا عبد الصمد بن عبد الوارث ، ثنا هشام الدستوائي عن قتادة عن سالم بن أبي الجعد عن معدان بن أبي طلحة عن أبي نجيح السلمي قال : حاصرنا مع النبي صلى الله عليه وسلم الطائف فسمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " من بلغ بسهم في سبيل الله فهو له درجة في الجنة " ، قال :فبلغت يومئذ ستة عشر سهماً . وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :" من رمى بسهم في سبيل الله فهو عدل محرر " .
أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي ، أنا أبو الحسين علي بن محمد بن بشران ، أنا إسماعيل بن محمد الصفار ، ثنا أحمد بن منصور الرمادي ، ثنا عبد الرزاق ، أنا معمر ، عن يحيى بن كثير ، عن زيد بن سلام ، عن عبد الله بن زيد الأزرق عن عقبة بن عامر الجهني عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله يدخل بالسهم الواحد الجنة ثلاثة :صانعه ، والممد به ، والرامي به في سبيل الله " .
وروي عن خالد بن زيد عن عقبة بن عامر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله يدخل بالسهم الواحد ثلاثة نفر في الجنة :صانعه يحتسب في صنعته الخير ، والرامي به ومنبله ، وارموا واركبوا ، وإن ترموا أحب إلي من أن تركبوا ، كل شيء يلهو به الرجل باطل إلا رميه بقوسه وتأديبه فرسه وملاعبته امرأته فإنهن من الحق . ومن ترك الرمي بعدما علمه رغبة عنه فأنه نعمة تركها أو قال كفرها " .
قوله : " ومن رباط الخيل " ، يعني : ربطها واقتناؤها للغزو . قال عكرمة : القوة الحصون ومن رباط الخيل الإناث . وروي عن خالد بن الوليد أنه كان لا يركب في القتال إلا الإناث لقلة صهيلها . وعن أبي محيريز قال : كان الصحابة رضي الله عنهم يستحبون ذكور الخيل عن الصفوف وإناث الخيل عند البيات والغارات .
أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أنبأنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أنبأنا محمد بن يوسف ،ثنا محمد بن إسماعيل ، ثنا أبو نعيم ، ثنا زكريا عن عامر ، ثنا عروة البارقي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة ، الأجر والمغنم " .
أخبرنا عبد الواحد المليحي أنبأنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أنا محمد بن يوسف ، ثنا محمد بن إسماعيل ، ثنا علي بن حفص ، ثنا ابن المبارك ، ثنا طلحة بن أبي سعيد قال : سمعت سعيداً المقبري يحدث أنه سمع أبا هريرة يقول :قال النبي صلى الله عليه وسلم : " من احتبس فرساً في سبيل الله إيماناً بالله وتصديقاً بوعده ، فأن شبعه ،وريه ، وروثه ، وبوله في ميزانه يوم القيامة " .
أخبرنا أبو الحسن السرخسي ، أنا زاهر بن أحمد ، أنبأنا أبو إسحاق الهاشمي ، أنبأنا أبو مصعب ، عن مالك ، عن زيد بن أسلم ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " الخيل ثلاثة : لرجل أجر ، ولرجل ستر ،وهي لرجل وزر ، فأما التي هي له أجر فرجل ربطها في سبيل الله ، فأطال لها في مرج أو روضة فما أصابت في طيلها من ذلك المرج أو الروضة كان له حسنات ، ولو أنها قطعت طيلها ذلك فاستنت شرفاً أو شرفين ، كانت آثارها وأوراثها حسنات له ، ولو أنها مرت بنهر فشربت منه ، ولم يرد أن يسقيها كان ذلك له حسنات ، فهي لذلك الرجل أجر ، وأما التي هي له ستر : فرجل ربطها تغنياً وتعففاً ، ثم لم ينس حق الله في ظهورها ولا رقابها ، فيه له ستر ، وأما التي هي له وزر : فرجل ربطها فخراً ورياءً ، ونواءً لأهل الإسلام ، فهي على ذلك وزر " و"سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحمر فقال : ما أنزل علي فيها شيء إلا هذه الآية الجامعة الفاذة : " فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره * ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره " " . " ترهبون به " ، تخوفون " عدو الله ، وعدوكم وآخرين " ، أي : وترهبون آخرين ، " من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم " ، قال مجاهد و مقاتل و قتادة : هم بنو قريظة . وقال السدي : هم أهل فارس . وقال الحسن و ابن زيد : هم المنافقون ، لا تعلمونهم ، لأنهم معكم يقولون : لا إله إلا الله . وقيل : هم كفار الجن .
" وما تنفقوا من شيء في سبيل الله يوف إليكم" ، يوف لكم أجره ،" وأنتم لا تظلمون " ، لا تنقص أجوركم .
60." وأعدوا " أيها المؤمنون " لهم " لناقضي العهد أو الكفار . " ما استطعتم من قوة " من كل ما يتقوى به في الحرب . وعن عقبة بن عامر سمعته عليه الصلاة السلام يقول على المنبر " ألا إن القوة الرمي قالها ثلاثاً " ولعله عليه الصلاة والسلام خصه بالذكر لأنه أقواه . " ومن رباط الخيل " اسم للخيل التي تربط في سبيل الله، فعال بمعنى مفعول أو مصدر سمي به يقال ربط ربطاً ورباطاً ورابط مرابطة ورباطاً ن او جمع ربيط كفصيل وفصال . وقرئ ( ربط الخيل) بضم الباء وسكونها جمع رباط عطفها على القوة كعطف جبريل و ميكائيل على الملائكة . " ترهبون به " تخوفون به ، وعن يعقوب " ترهبون" بالتشديد والضمير ل" ما استطعتم " أو للإعداد ." عدو الله وعدوكم" يعني كفار مكة ." وآخرين من دونهم " من غيرهم من الكفرة .قيل هم اليهود وقيل المنافقون وقيل الفرس ." لا تعلمونهم " لا تعريفونهم بأعيانهم " الله يعلمهم" يعرفهم ." وما تنفقوا من شيء في سبيل الله يوف إليكم " جزاؤه ."وأنتم لا تظلمون "بتضييع العمل أو نقص الثواب .
60. Make ready for them all thou canst of (armed) force and of horses tethered, that thereby ye may dismay the enemy of Allah and your enemy, and others beside them whom ye know not. Allah knoweth them. Whatsoever ye spend in the way of Allah it will be repaid to you in full, and ye will not be wronged.
60 - Against the make ready your strength to the utmost of your power, including steeds of war, to strike terror into (the hearts of) the enemies, of God and your enemies, and others besides, whom ye may not know, but whom God doth know. whatever ye shall spend in the cause of God, shall be repaid unto you, and ye shall not be treated unjustly.